Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شاب يمني ينقذ أسرة من الغرق جراء الفيضانات

الفخري لـ"اندبندنت عربية": أشعر باعتزاز للموقف العفوي وأنتظر باقي التكريمات

وصف الناشطون فعل الشاب بالبطولي، الذي أنقذ أرواح أسرة كاملة غاب عنهم والدهم (اندبندنت عربية)

ملخص

تمكن الشاب اليمني عبدالمجيد الفخري من إنقاذ أسرة بالكامل بما في ذلك طفل وأمه من الغرق في سيول اجتاحت منطقة جبلة بمحافظة إب 

على رغم تعدد المأساة المركبة التي يعيشها اليمن فإنها تكشف عن وجوه أخرى مشرقة سرعان ما تصبح عناوين لافتة عن الإيثار والبطولة التي تخفف عن الناس ما هم فيه من جور وخوف وأسى.

عبدالمجيد الفخري شاب رسم الفرحة على وجوه أسرة يمنية حاصرها السيل إحاطة السوار بمعصم اليمنيين، ليقول إن الأرض لم تصر يباباً وإن السيول ما زالت تنبت من يقف في وجه المآسي والخطوب، إذ نال الفخري إعجاباً وتقديراً واسعين بعد أن أنقذ أسرة بأكملها من الموت المحقق بعد أن حاصرتها السيول الجارفة التي ضربت محافظة إب (وسط اليمن)، الخميس الماضي، وهو الموقف الذي لقي تفاعلاً جماهيرياً ورسمياً وسط مطالبات حثيثة بتكريمه تقديراً لتضحيته وموقفه الشجاع.

والخميس تمكن الشاب اليمني عبدالمجيد الفخري من إنقاذ أسرة بالكامل بما في ذلك طفل وأمه من الغرق في سيول اجتاحت منطقة جبلة بمحافظة إب، بعد أن وثقت كاميرات الهواتف المحمولة لحظات تظهر الشاب الأسمر وهو يهب بالحبال التي احتزم بها خصره من سقف أحد المنازل المحاصرة، يخوض حرباً شرسة مع مياه السيول الجارفة التي كانت تتدفق بقوة وسرعة إلى داخل المنزل الذي يقع في منحدر، منتشلاً أفراد الأسرة المكونة من الأم وأطفالها إلى بر الأمان.

وجازف الشاب الفخري ابن مدينة جبلة بحياته رفقة شخص آخر تمكن من الصعود إلى سطح المنزل، فيما بقي الفخري معلقاً بالحائط المطل على مجرى السيول الجارفة، ليخرج الأسرة المكونة من الأطفال والنساء فرداً فرداً، بعد أن يُربطوا بالحبال ويُدفعوا إلى سطح المنزل.

ويظهر المقطع الشاب ورفيقه وهما ينفذان عملية إجلاء بطولية لأفراد الأسرة من دون خوف أو تردد، بخاصة أن فيضان السيول يتدفق أسفلهما بكميات كبيرة.

قرار عفوي

كما أظهرت لقطات الفيديو المتداول إجلاء امرأة وهي تحتضن طفلها الرضيع، بعدما ربطها بالحبل على جسدها وسحبها إلى سطح المنزل، تبعته عملية سحب بقية صغارها.

وفي حديث خاص مع "اندبندنت عربية" قال الشاب عبدالمجيد الفخري إنه يشعر بالفخر والاعتزاز لرد الفعل الواسع لدى الناس لموقفه الذي وصفه بـ"العفوي". وأوضح أنه لم يكن يتوقع هذه الإشادات الجماهيرية الواسعة والتكريم الذي وصل إليه جزء منه، وما زال ينتظر بقية ما وعدت به كثير من الشخصيات الاجتماعية ورجال الأعمال.

ويروي تفاصيل ذلك الموقف بقوله إنه قرر المغامرة رفقة جاره باسم محمد "بإنقاذ الأسرة المحاصرة بشكل تلقائي وعفوي من دون النظر إلى العواقب، بعد أن بدأت السيول المتدفقة بقوة تقتحم منزلهم خصوصاً وبداخله امرأة وعدد من الأطفال، هنا قررت ربط نفسي والاعتماد على باسم ومن معه فوق سطح المنزل والنزول حول نافذة الغرفة التي توجد بها الأسرة الذين تم سحبهم فرداً فرداً".

ومع رد الفعل الواسع نشر الشاب عبر صفحته في موقع "فيسبوك" صوراً لإيصالات الحوالات النقدية التي وصلته.
وكونه من فئة فقيرة ويعمل في جمع القوارير البلاستيكية الفارغة لبيعها، عبر الفخري عن شكره لكل من كرمه وبعث له بمبالغ مالية، مؤكداً أنه ينوي فتح مشروع خاص به، مؤكداً أن المبالغ التي وصلته تم اقتصاص جزء منها للأسرة التي تم انتشالها ليتسنى لهم إيجاد مسكن بديل عن مسكنهم الذي دخلته السيول.

تكريم ورسائل سياسية

 ووصف الناشطون فعل الفخري بالبطولي الذي أنقذ أرواح أسرة كاملة غاب عنهم والدهم، وكان سبباً في ميلاد حياة جديدة لأفرادها في البلد الممزق بالحرب، الذي يشهد هذه الأيام موجة مدارية ضربت معظم مناطقه، وتسببت منذ أيام في سيول جارفة ألحقت خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وسط انشغال الجهات الرسمية بالصراع السياسي الذي يعصف بالبلاد منذ 10 سنوات.

ودعا رواد مواقع التواصل إلى تكريم الشاب ورفيقه، كونهما كانا خط دفاع مدني غير رسمي حضر ولبى الاستغاثة بلا مقابل، وهو ما استجاب له البعض الذين سارعوا إلى طلب رقم هاتفه وبياناته الشخصية.

ووصف وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان الشاب عبدالمجيد الفخري بأنه "بطل هذا الزمان"، معرباً عن فخر اليمن بأبنائه الشجعان. وأضاف "أنقذت أسرة بكاملها من الغرق في سيول جبلة قبل ساعات بما في ذلك طفل رضيع وأمه".

الرويشان الذي يقيم في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين وجه نقداً للجماعة المدعومة من إيران، وقال "ليت حكام البلاد ومتحكميها هنا وهناك تعلموا منك الشجاعة والمروءة والشهامة"، وأضاف "يتحدثون عن حكومات إنقاذ (في إشارة إلى حكومات يشكلها الحوثي غير معترف بها دولياً) بينما يخنقون بلاداً ويشنقون شعباً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع الرويشان "ربما لم تعرف أنك بحبل الإنقاذ هذا وفي لحظتك الباهرة القاهرة هذه والسيل تحتك علمتهم وشنقت حكومتهم". مشيراً إلى أن بطولة الفخري كشفت زيف ادعاءات الحكام.

ووسط المطالبات بتكريم الشاب من قبل الحكومة الشرعية، استبق الحوثيون ذلك بتوجيه أصدره رئيس مجلس الجماعة السياسي، مهدي المشاط، إلى محافظ إب المعين من قبل الميليشيات، بتكريم الشاب عبدالمجيد الفخري، فيما تسابق رجال أعمال ونشطاء لتكريمه بمبالغ مالية.

وقال الإعلامي محمد المحمدي إن من يحمي غيره يستحق كل التقدير والحماية، وأضاف في منشور له على صفحته بموقع "فيسبوك"، "كلما رأيت الصورة أتوقف عندها من دون شعور".

ودعا إلى مساعدة الأسرة التي تم إنقاذها وتوفير سكن آمن لها، وقال إن "أجمل تعويض لهذه الأسرة هي مروءة هذا الشاب ومن معه، لولا هم لكانت جثة وابنها".

ولم يغفل المغردون توجيه النقد إلى الميليشيات الحوثية التي لم تقم بأي إجراءات في المناطق الخاضعة لسيطرتها تجاه المتضررين من الأمطار والسيول، في حين لا ينفك مسؤولو ومشرفو الجماعة عن إجبار القطاع الخاص والتجار على دفع الأموال تحت قوة السلاح، بحجة توفير خدمات للمحافظة، بينما لم تقم بأي معالجات لمشكلات تصريف مياه الأمطار في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

 أضرار غير مسبوقة

ومنذ مطلع الشهر الجاري ضرب اليمن منخفض جوي، أدى إلى تساقط الأمطار بكميات كبيرة بعضها تتساقط للمرة الأولى منذ عقود كما يروي الأهالي، خلفت خسائر بشرية ومادية في صفوف وممتلكات المواطنين.

وبحسب الأمم المتحدة تسببت السيول الأخيرة التي تجتاح اليمن في مصرع 57 شخصاً في الأقل، بينما أصيب 16 آخرون، فضلاً عن تضرر أكثر من 34 ألف أسرة منذ بداية موسم الأمطار في مارس (آذار) الماضي.

 

ورجح تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قبل أيام أن تشهد أعداد الضحايا ارتفاعاً خلال الأسابيع المقبلة.

وذكر التقرير أنه "منذ شهر مارس ضربت أمطار غزيرة وسيول جارفة اليمن، وأفضت إلى إتلاف البنية الأساسية وتدمير المنازل والملاجئ ووقوع وفيات وإصابات". وتابع "في نهاية يونيو (حزيران) ضربت الأمطار والفيضانات المدمرة البلاد بشدة، وتفاقم الوضع في نهاية يوليو (تموز) والأسبوع الأول من أغسطس (آب) الجاري".

دولة منكوبة

وشكلت الحكومة اليمنية الشرعية بتوجيهات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك لجاناً من عدد من الوزراء لمتابعة تطورات الوضع الإنساني الناجم عن كارثة السيول في محافظة الحديدة وباقي المحافظات، بعدما ضربت الأمطار الغزيرة مناطق سهل تهامة لمدة تجاوزت 10 ساعات متتالية.

في حين تتهم الحكومة الشرعية والمواطنون الجماعة الحوثية بالسيطرة على موارد ومقدرات المنطقة مثل الموانئ والزراعة والأراضي من دون تقديم أي عون للمتضررين.

وأكدت جمعية الهلال الأحمر اليمنية تضرر أكثر من 93 ألف شخص في سبع من محافظات البلاد نتيجة الأمطار والسيول التي اجتاحتها قبل أيام، فيما أعلنت منظمات من المجتمع المدني غير الحكومية ذات الصفة الاستشارية الخاصة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، اليمن دولة منكوبة تعاني آثاراً كارثية بسبب الفيضانات الناجمة عن التغير المناخي.

وذكرت المنظمات التي شاركت في قمة المناخ الأخيرة وعددها أربع منظمات أن كثيراً من المناطق والمحافظات في اليمن تعرضت لأمطار غزيرة تسببت في حدوث فيضانات وسيول جارفة أدت إلى تدمير البنية التحتية في مناطق ومحافظات الحديدة وحجة وتعز وبعض المحافظات ونزوح آلاف الأسر، وتفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها السكان.

وحسب هذه المنظمات، فإن الحاجات العاجلة للمتضررين من الفيضانات في محافظات الحديدة وحجة وتعز وغيرها هي المأوى والغذاء ومياه الشرب الآمنة، فضلاً عن الخدمات الطبية والإغاثية.

وكان محافظ مدينة الحديدة المعين من قبل الحوثيين محمد قحيم قال الأسبوع الماضي، عبر قناة "المسيرة" التابعة للجماعة، إنهم سجلوا "30 حالة وفاة وخمسة مفقودين، ونزوح أهالي أكثر من 500 منزل، وتقطع عديد من الأودية نتيجة السيول في الحديدة"، مضيفاً أن "العديد من المنازل تهدمت وتوفي سكانها، وأكثر من سبع سيارات سحبتها السيول"، من دون الإعلان عن أي حلول أو مساعدات ستقدم للسكان.

وأوضحت المنظمة الأممية أن التقارير الأولية تشير إلى تضرر نحو 34 ألفاً و260 أسرة جراء الأمطار والسيول التي اجتاحت محافظات عدة باليمن.

وتسببت السيول المتدفقة في دمار واسع في البنية التحتية بخاصة في مدينة جبلة التاريخية، وتدمير عشرات المنازل كلياً أو جزئياً من دون أن تعوض ميليشيات الحوثي المتضررين وضحايا السيول أو تؤوي النازحين.

وتركزت الأمطار الغزيرة في المناطق والمرتفعات الغربية والشمالية لليمن، منها محافظات صنعاء وتعز والحديدة وحجة ومأرب وإب وأجزاء من محافظة لحج جنوب البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات