ملخص
توفي الفنان والمترجم المصري البارز الدسوقي فهمي (1938) عن عمر يناهز 85 سنة، وهو فنان يستند إلى خبرة واسعة في عدد من المجالات المتنوعة.
تخرج الرسام والمترجم المصري الدسوقي فهمي في قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1963، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في الآثار المصرية عام 1973. وعمل رساماً في هيئة الآثار المصرية حتى تفرغ للفن والكتابة في بداية التسعينيات، وكان الفنان الراحل عميداً لأسرة فنية معروفة، فزوجته الفنانة الراحلة عطيات السيد صاحبة تجربة فنية مهمة، وابنه الفنان إبراهيم الدسوقي، وزوجة ابنه الفنانة السورية هند عدنان، وهما من أبرز الفنانين المعاصرين على الساحة المصرية والعربية.
إلى جانب تجربته الفنية الثرية قدم الدسوقي فهمي للمكتبة العربية عدداً من الترجمات الأدبية والفلسفية المهمة، تنوعت الترجمات التي قدمها الفنان الراحل ما بين الرواية والقصة القصيرة والشعر والمقالات النقدية والفلسفية. ومن بين ترجماته التي قدمها للمكتبة العربية عدد من مؤلفات فرانز كافكا، مثل "رسائل إلى ملينا" و"المسخ" و"الدودة الهائلة". من بين ترجماته المهمة كذلك يأتي كتاب "لاؤوكون" للكاتب الألماني غوتهولد ليسنغ، وهي دراسة عن حدود فن الشعر وفن الرسم. ونشرت فصول من هذه الترجمة على صفحات كاملة في جريدة "المساء" في سبعينيات القرن الماضي. وترجم كتاب "أفكار عن الكتابة" للروائي الأميركي هنري ميلر، إلى جانب ترجماته للأدب العالمي مارس الفنان الراحل أيضاً الكتابة الأدبية، ونشرت قصصه القصيرة في جريدة "المساء" ومجلات "الهلال" و"الكاتب" و"صباح الخير" و"غاليري 68" "و"سنابل" وغيرها منذ عام 1959.
عرف فهمي برسومه الصحافية القوية والمنفذة بالأحبار والأقلام، وتميز بأسلوبه الفريد في التقاط الحركة المعبرة عن روح النص بمهارة ويسر. رافقت رسوم فهمي الصحافية واسكتشاته العديدة كتابات جيل كامل من كتاب القصة والشعراء طوال عقدي الستينيات والسبعينيات، فارتبط اسمه بعدد من الكتاب المصريين البارزين مثل جمال الغيطاني وإبراهيم أصلان ومحمود الورداني وجار النبي الحلو ويحيى الطاهر عبدالله ومحمد البساطي، وآخرين غيرهم ممن صاحبت رسومه نصوصهم الأدبية المنشورة في مجلات عدة. ارتكزت رسوم الدسوقي فهمي الصحافية علي مهارته في رسم الاسكتش، التي تنطلق غالباً في خطوط ومساحات من الأبيض والأسود في حرية متدفقة وتمكن تقني لخلق مشهد بصري مكثف مواز للنص الأدبي. كما احتفظت لوحات فهمي الزيتية ورسومه بالشمع الملون بهذه الطاقه والحيوية، مطوعاً الشكل المستمد من الطبيعة والخامة ذاتها لبناء عمل فني متشبع بروح الفن المصري القديم.
وكان لاقتراب الفنان الراحل من الآثار المصرية القديمة، بحكم عمله ودراسته، دوراً مهماً في تشكيل بعض جوانب تجربته الفنية، فقدم خلال مسيرته مجموعة متنوعة من التجارب الفنية التي تأثر خلالها بالفن المصري القديم. من المعارض الفردية التي أقامها فهمي خلال مسيرته الإبداعية "الطفولة في مصر القديمة" 1980، و"أربعة وجوه للهرم" 2000، و"هكذا تكلم أبو الهول" 2004.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خلال هذه المسيرة الممتدة منذ ستينيات القرن الماضي استطاع الفنان الراحل أن يشكل لنفسه نسقاً فنياً خاصاً به يستند على فهم واضح لطبيعة الممارسة التصويرية، التي تعتمد أولاً وأخيراً على التشكيل باللون. تناولت أعمال الفنان الراحل عدداً من المواضيع، بدءاً من افتتانه بالمرأة إلى الطبيعة الصامتة والزهور، كما احتل الموديل العاري مكانة خاصة بين إبداعاته سواء في الرسم أم التصوير. إلى جانب ذلك عرف فهمي كرسام ماهر ومتمكن من أدواته، وبدت أعماله في الرسم أشبه بدراسات للجسد والحركة. اتسمت رسوم الفنان الراحل بخطوطها السريعة، والقادرة في الوقت نفسه على التقاط الحركة السريعة والتفاصيل.
ونعى وزير الثقافة المصري أحمد هنو الفنان الراحل منوهاً بمسيرته الإبداعية، ومؤكداً أنه ترك بصمة واضحة في الثقافة المصرية وأسهم في إثراء المشهد الفني من خلال أعماله وترجماته الأدبية لروائع الأدب العالمي.