Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مفاوضات جنيف تنجح في الحل الإنساني وتصطدم بتأجيل لقاء القاهرة

حرب لا منتصر فيها ولا مهزوم والخاسر الوحيد هو السودان وشعبه

نجاح التفاوض مرهون بتوافر الإرادة والجدية لدى أطراف النزاع في السودان (أ ف ب)

ملخص

يعتبر مسؤولون أن "مفاوضات جنيف تشير إلى تعجل الإدارة الأميركية بسبب قرب السباق الانتخابي للرئاسة، فواشنطن تريد طي هذا الملف المعقد عسكرياً وسياسياً وأمنياً وإنسانياً"

تسارع الأطراف الدولية والإقليمية المشاركة في مفاوضات جنيف الخاصة في الشأن السوداني خطواتها لحل معضلة دخول المساعدات الإنسانية عن طريق المعابر البرية لإنقاذ حياة 25 مليون مواطن يعانون الجوع، بعد أخذ موافقة طرفي الصراع (الجيش وقوات "الدعم السريع") بالسماح للشاحنات المحملة بالمؤن الغذائية والدوائية بالعبور، بخاصة معبر أدري الواقع على الحدود السودانية- التشادية الذي كان مغلقاً لأشهر طويلة بحجة أنه كان يستخدم في إدخال أسلحة ومعينات لوجستية لـ "الدعم السريع"، بحسب مسؤولين سودانيين.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الوفد الحكومي السوداني المقرر وصوله القاهرة اليوم الأربعاء للتشاور مع مسؤولين أميركيين حول رؤية الأول في تنفيذ مقررات إعلان جدة الموقع بين الطرفين المتحاربين خلال مايو (أيار) 2023، أجل زيارته لأجل غير مسمى بسبب مغادرة المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو، مصر إلى جنيف، إذ اعتبر وفد السودان حضوره للعاصمة المصرية في هذا الوقت لا قيمة له من الناحية العملية.

وبحسب تلك الوسائل، فإن التنسيق بين الجانبين الأميركي والسوداني لم يتم بشكل محدد، فضلاً عن تحفظات واشنطن على تركيبة وفد الحكومة السودانية.

التزام إنساني

وكان الشركاء في مفاوضات سويسرا التقوا بممثلي "الدعم السريع" لحثه على السماح بالوصول الآمن لشحنات المساعدات والعاملين في المجال الإنساني، فور بدء التحرك من معبر أدري باتجاه الأراضي السودانية في ضوء إعلان حكومة السودان فتح المعبر لإدخال تلك المساعدات للمتضررين في مناطق البلاد المختلفة.

وبحسب بيان للشركاء، فإنه في إطار الجهود الجارية لوقف الأعمال العدائية في السودان، وتعزيز حماية المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية جاء اللقاء بوفد "الدعم السريع"، مضيفاً أنه تم التأكيد على أهمية الحاجات الإنسانية العاجلة للشعب السوداني، والضرورة الملحة لاحترام القانون الإنساني الدولي، ومتطلبات تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها بموجب إعلان جدة.

وأشار البيان إلى أنه طُلب من قوات "الدعم السريع" فتح المناطق الخاضعة لسيطرتها وتحديداً تقاطع سنار، لأن ذلك من شأنه توسيع إمكان وصول المساعدات الإنسانية لنحو 12 مليون سوداني في ولايات عدة.

في حين ذكرت قوات "الدعم السريع" أن ممثليها في جنيف اجتمعوا بفريق الوساطة السعودية- الأميركية في إطار بحث سبل حل الأزمة السودانية.

وجاء في بيانها "بحث الاجتماع عدداً من المواضيع المتعلقة بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيين وسبل الوصول إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية". وذكر البيان التزام قواتها بالتعاطي الإيجابي مع كافة الأفكار والمقترحات المطروحة بما يساعد في تخفيف معاناة السودانيين لا سيما تسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر معبري الدبة وأدري إلى جميع المتضررين.

واستنكر البيان "الاستهتار الذي يتعاطى به الجيش مع دعوة الوساطة للمشاركة في التفاوض"، محذراً من الاستمرار في "تماديه بقصف الأعيان المدنية وقتل الأبرياء العزل".

وكان القائد العام للجيش عبدالفتاح البرهان وجه أمس الثلاثاء بإيلاء الإشراف على المعابر الحدودية لمجلس السيادة السوداني، وذلك تزامناً مع استعدادات سلطات بلاده لفتح عدد من المعابر الحدودية لضمان انسياب المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالنزاع العسكري في عدد من الولايات، إذ يمتلك السودان عدداً من المنافذ البرية مع دول مصر، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وتشاد.

كسب وقت

وحول ما يجري في المشهد السوداني من تطورات، قال مساعد رئيس "حزب الأمة القومي" للشؤون الولائية عبدالجليل الباشا "في اعتقادي أن هذه الحرب لا منتصر فيها ولا مهزوم، بل الخاسر الوحيد هو السودان وشعبه، وما نشاهده اليوم من مأساة إنسانية غير مسبوقة، يفترض أن تكون دافعاً لأطراف النزاع لإنهاء الحرب بأسرع وقت من دون أي مراوغة أو محاولات لكسب الوقت لتلبية طموحات أي طرف في الوصول للسلطة على حساب جماجم الشعب المحاصر بالحرب والجوع والمرض والسيول".

وأضاف الباشا "أن مفاوضات جنيف تشكل فرصة كبيرة يجب اغتنامها لإيقاف معاناة شعبنا من دون إثارة أي حجج واهيه لا تبرر استمرار الحرب ليوم واحد، ولذلك مطلوب من المجتمع الدولي ممارسة كل وسائل الضغط على طرفي القتال للجلوس إلى طاولة التفاوض، وبالذات الجيش، من دون أي شروط مسبقة، بالتالي نجاح التفاوض مرهون بتوافر الإرادة والجدية وحرية الإرادة لدى أطراف النزاع، وأعني أن على القوات المسلحة تحرير إرادتها والالتزام بالموقف الوطني الذي يعبر عن آمال وتطلعات الشعب فى السلام والاستقرار".

وختم الباشا "كان من الأجدى أن تحسم كل المفاوضات في جنيف طالما الأطراف موجودة هناك بما في ذلك الجانب المصري، لا سيما وأن إعلان جدة موقع بين الجيش و"الدعم السريع"، والوسائل الدولية مطالبة بأن تحرر القضية من صراع المصالح الدولي والإقليمي فى صيرورته المتوازية والمتقاطعة حتى تكون الأولوية للسلام الذي يوقف الحرب وتكون آثارها الاجتماعية توطئة لبداية عملية سياسية تؤسس لتحول مدني ديمقراطي حقيقي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الدب الروسي

من جانبه، أوضح المتخصص في العلوم السياسية الزمزمي بشير أن "ما يجري في مفاوضات جنيف بدعم أميركي كبير يشير إلى تعجل الإدارة الأميركية بسبب قرب السباق الانتخابي للرئاسة. فواشنطن تريد طي هذا الملف المعقد عسكرياً وسياسياً وأمنياً وإنسانياً، الأمر الذي يتنافى مع أطروحات الحزب الديمقراطي الذي ينادي بالحريات وحقوق الإنسان".

وتابع بشير "إمكانية إلحاق الجيش بمفاوضات سويسرا مربوطة بعدة أسباب منها الاعتراف بحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، وتنفيذ مقررات إعلان جدة بخاصة انسحاب قوات "الدعم السريع" من الأعيان المدنية عامة التي تشمل منازل المواطنين والمستشفيات وغيرها، وسحب القوات وتجميعها في معسكرات محددة، حيث قدم الجيش أطروحة  للوساطة في هذا الأمر".

وزاد "هذا الملف يشهد أيضاً تطوراً جديداً يتمثل في اقتراب الدب الروسي من سواحل البحر الأحمر. وأعتقد أن القيادة السودانية اضطرت للتحالف مع موسكو وحلفائها بخاصة إيران، وهو بلا شك سيزعج واشنطن وحلفاءها مما يجعلها تسرع في خطواتها لحل الأزمة السودانية".

ومضى المتخصص في العلوم السياسية يقول "مضى على هذا الصراع 17 شهراً ومعروف أنه معقد للغاية وبدأت نتائجه تظهر حالياً. ومن المعروف أنه عندما انهارت الصومال ظهرت حركات متطرفة تمكنت من اقتلاع النظام الحاكم فيها الذي أقامته الأطراف الدولية والإقليمية، ومعلوم أن منطقة القرن الأفريقي تعد الأكثر صراعاً، لذلك فإن دخول إحدى دولها التي كانت مستقرة لفترة طويلة في قتال مثل السودان له آثار خطيرة جداً بخاصة في ظل توسع هذا الصراع، مما يضع أمن البحر الأحمر والمصالح الدولية والإقليمية على المحك".

التمسك بالسلام

في غضون ذلك، رحبت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" بموقف طرفي الحرب، القوات المسلحة السودانية وقوات "الدعم السريع"، بموافقتهما على فتح المعابر الحيوية لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في السودان، لكن يجب على الطرفين المتحاربين الالتزام بهذا التعهد المهم بما يتيح إيصال المساعدات الإنسانية من مواد غذائية وإمدادات طبية لكل السودانيين والسودانيات في كل مناطق ومدن وقرى السودان من دون تمييز أو استثناء، للتصدي للوضع الإنساني الكارثي الذي يهدد حياة أكثر من 20 مليون مواطن، ومجابهة الوضع الصحي المتدهور نتيجة استمرار هذه الحرب الكارثية، التي يلحق ضررها البلاد، فضلاً عن المدنيين والعسكريين من دون استثناء، ولا يتمسك باستمرارها سوى حفنة من بقايا النظام السابق ومن يدورون في فلكهم وحزمة من تجار الأزمات".

ودانت التنسيقية في بيان لها الانتهاكات المستمرة والمتواصلة ضد المدنيين من قبل طرفي الحرب منذ بداية محادثات جنيف، وعلى رأسها القصف المدفعي للطرفين الذي طاول مناطق عدة وأعياناً مدنية في عدة مناطق مثل أم درمان وبحري والفاشر والأبيض، والقصف الجوي للطيران الحربي لمناطق مدنية في مناطق كالخرطوم ومدني والضعين والحصاحيصا ومليط والطويشة، واستيلاء مقاتلين من "الدعم السريع" على المواد الغذائية الخاصة بتكايا شمبات. فجميع هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً لاتفاق حماية المدنيين الموقع بينهما في إعلان جدة.

وطالب البيان طرفي الحرب بالتمسك بالسلام كخيار وسلوك، والحرص على استمرار محادثات جنيف بكل صدق وجدية، بالإيفاء الفعلي والصارم بكل الالتزامات الملقاة على عاتقهما وما تم الاتفاق عليه بينهما قبل هذه المحادثات، سواء كانت في جدة أو المنامة، بخاصة الجوانب المتعلقة بحماية المدنيين، ويشمل ذلك حياتهم وممتلكاتهم وأعراضهم بجانب سلامتهم من الإيذاء الجسدي والنفسي.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات