Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غزة تستقبل المولود الـ 55 ألفا بعد الحرب

طفل جديد في القطاع كل 10 دقائق والأعداد فاقت حصيلة ضحايا القتال والأمهات يرونهم "وسيلة للمقاومة"

"في الولادات نحافظ على النسل لأننا ندرك أننا فئة معرضة للتهديد، ونعوض قتلى الحروب"، تقول الأمهات (اندبندنت عربية)

ملخص

عند بدء الحرب على قطاع غزة خلال السابع من أكتوبر 2023 كان هناك 60 ألف سيدة حامل، وبعد انقضاء 10 شهور من الحرب وضعت جميع النسوة حملهن، وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية نجاح نحو 55 ألف ولادة.

صفق الأطباء بحرارة بعد أن وضعت شروق مولودها وخاطبها أحدهم "إنه المولود الـ55 ألفاً منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة"، حملته الممرضة وسلمته لأمه التي احتضنته باسمة وسألت عن عدد ضحايا القتال العنيف الذي لم يتوقف بعد.

"نحو 40 ألف شخص قتلوا في هذه الحرب" أجابها الطبيب مجدي، مضيفاً "لا داعي للقلق على النسل الفلسطيني، إن عدد المواليد يفوق إحصاء الذين سقطوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية". هزت الأم شروق رأسها وتفحصت رضيعها الجديد وقالت "يبدو أن وزنه أقل من المعدل الطبيعي، إنه يحتاج إلى كثير من العناية".

مولود كل 10 دقائق

عند بدء الحرب على قطاع غزة خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كان هناك 60 ألف سيدة حامل، وبعد انقضاء 10 شهور من الحرب وضعت جميع النسوة حملهن، وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية نجاح نحو 55 ألف ولادة.

 

يقول مدير مركز المعلومات في وزارة الصحة الفلسطينية زاهر الوحيدي "وسط هذه الحرب المروعة هناك طفل يولد كل 10 دقائق، لكن هؤلاء الرضع يعانون الجوع والجفاف وسوء التغذية وانعدام فرص البقاء على قيد الحياة".

خلال عام 2023 بلغ معدل الإنجاب لدى نساء غزة 3.38 مولود لكل امرأة وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، وهو ما يفسر عدد المواليد الضخم في القطاع خلال فترة الحرب، لكن نسبة الخصوبة هذه قد تتأثر خلال الأعوام المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول الوحيدي "متوسط عدد المواليد الشهري في القطاع يصل إلى 4500 طفل، ولا يزال هذا المعدل يحافظ على متوسطه على رغم الحرب الإسرائيلية، لكن ذلك لا يعني أن الخصوبة في أفضل أحوالها".

ويوضح أن "تسجيل 55 ألف حالة ولادة في غزة خلال شهور القتال جاء لأن النسوة كن حوامل قبل بدء الحرب، لكن من المؤكد أن عدد المواليد ونسبة الخصوبة تأثرا كثيراً في أيام القتال الثقيلة ولم يعودا في متوسطهما الطبيعي".

نسل في خطر

وكان صندوق الأمم المتحدة للسكان نبه إلى أن النسل الفلسطيني بات في خطر حقيقي بسبب "حرب الإبادة"، وأن هناك خوفاً شديداً على المرأة الفلسطينية التي تعد منتجة جيدة للأطفال.

والخطر الذي يحدق بالنسل الفلسطيني يتمثل في تغيير ديموغرافيا الشعب إذ يقول أستاذ الجغرافيا السياسية محمد حجاج "خلال الحرب سقط أكثر من 40 ألف ضحية من بينهم تسعة آلاف سيدة، وعند مقارنة عدد المواليد الجدد نتأكد أن ثمة تغييراً يحدث".

 

ويضيف "هؤلاء الضحايا والمواليد على حد سواء سوف يغيرون صورة المجتمع الفلسطيني من نواح عدة، فأولاً سيتحول المجتمع إلى طفولي وليس شاباً، وثانياً سيقل عدد النسوة، وثالثاً سيؤدي ذلك إلى تغير نسبة الخصوبة وعدد المواليد، ورابعاً سيصبح هناك خلل في القوى العاملة".

بعيداً من التحليل العلمي لعدد مواليد وضحايا الحرب فإن الأم شروق ترى أن زيادة عدد الأطفال على القتلى يعد إنجازاً عظيماً لسكان غزة، وتقول "نحن نتهم بالإنجاب، إنها وسيلة مقاومة متعددة الأشكال، في الولادات نحافظ على النسل لأننا ندرك أننا فئة معرضة للتهديد، ونعوض قتلى الحروب".

وتعتقد الأم شروق أنه يتوجب على الفتيات الزواج والإنجاب لتعويض ضحايا الحرب، وترى أن 55 ألف ولادة في الحرب عدد قليل، إذ بعد مرور 20 عاماً سوف تصبح فئة الشباب أقل، وهذا أمر غير منطقي عند شعب يتطلع لحلم إقامة دولة.

خروج إلى الجحيم

هذه الأم نفسها التي كانت تتفحص طفلها الصغير تؤكد أن الحرب ألقت بظلالها على المواليد، وتشرح أن ابنها ولد بوزن 1.2 كيلوغرام وكان يجب أن يكون وزنه 2.3 كيلوغرام ليصبح طبيعياً مثل باقي حديثي الولادة.

وعن التغيير الذي أحدثته الحرب في المواليد يقول مسؤول الأراضي الفلسطينية في صندوق الأمم المتحدة للسكان دومينيك آلن "الأطفال يولدون في ظروف غير صحية وغير آمنة، فمعظم مستشفيات الولادة وحضانات الأطفال في القطاع خرجت من الخدمة".

ويضيف "عدد مواليد أطفال الحرب مبشر لكن عدد وفيات الأطفال المواليد ارتفع خلال القتال بصورة كبيرة جداً. إن الظروف الصحية والبيئية السيئة والصعبة التي يعيشها المواطنون هي السبب، ولم يعد الأطباء يرون مواليد بحجم طبيعي في غزة".

 

ويوضح آلن أن "الأمومة يجب أن تكون مناسبة للاحتفال أما في غزة فإن الطفل يخرج إلى الجحيم. إن رؤية أطفال حديثي الولادة وهم يعانون أمر يجب أن يقض مضاجعنا جميعاً. النسل في غزة معرض للتهديد بصورة حقيقية".

ويلفت ألن إلى أن معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة في غزة غير معروف حتى اللحظة بسبب الأزمة الإنسانية على الأرض، وكذلك بسبب القنابل والرصاص. وما هو مؤكد أن عدد وفيات الأطفال أكبر من المعدلات الطبيعية لهذا يجب وقف الحرب للحفاظ على النسل.

وسيلة للمقاومة

وعلى رغم كل ما يعانيه الأطفال فإن تسجيل 55 ألف حالة ولادة في الحرب وزيادة هذا الإحصاء على إجمالي الضحايا يؤشر إلى أن المجتمع الفلسطيني لديه رؤية خاصة في هذا الصدد.

يشرح أستاذ التخطيط والتنمية جهاد أبو طويلة أن "الإنجاب في الحروب بالنسبة إلى الفلسطينيين فيه نوع من التحدي والصمود والمواجهة، وأيضاً تعويض سقوط ضحايا كثيرين من أبناء الأسرة الواحدة".

ويضيف "سكان غزة يواجهون حرب الإبادة بهؤلاء المواليد الجدد، وتؤمن الأمهات أن عملية الإنجاب مجربة في كل حروب العالم باعتبارها وسيلة للمقاومة"، لافتاً إلى أن تغيير هذه القناعات يتطلب حدوث تغيير في القضايا السياسية مثل إقامة دولة فلسطينية.

المزيد من متابعات