Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يؤثر دعم الرؤساء السابقين على فرص هاريس أو ترمب؟

يحاولون الحفاظ على إرثهم لكن تأثيرهم محدود وربما يقتصر على السباقات المتقاربة

الرؤساء السابقون باراك أوباما وجورج بوش وبيل كلينتون (غيتي)

ملخص

مؤازرة جميع الرؤساء الديمقراطيين الأربعة الأحياء هاريس، في غياب مؤازرة ترمب من قبل الرئيس الجمهوري الوحيد على قيد الحياة بوش، أثار تساؤلات حول مغزى هذا الدعم وتأثيره في السباق الانتخابي.

بينما يتفاخر كل من المرشحين الرئاسيين للانتخابات الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس بدعم الشخصيات السياسية أو العامة لإظهار القوة أمام الناخبين وحثهم على التصويت لهما، إلا أن دعم الرؤساء السابقين أو الحاليين ومشاركتهم في المؤتمرات الوطنية للحزبين الكبيرين يختلف قليلاً، فعلى رغم من مؤازرة جميع الرؤساء الديمقراطيين جيمي كارتر وبيل كلينتون وباراك أوباما وبايدن المرشحة الديمقراطية هاريس في مقابل غياب دعم الرئيس الجمهوري الوحيد على قيد الحياة جورج دبليو بوش للمرشح الجمهوري ترمب، فإن التأثير لا يزال غير واضح حتى الآن، فما طبيعة دعم الرؤساء السابقين ودوافعهم وتأثيرهم المحتمل، وما سبب غياب دعم بوش لأي مرشح، وهل ينعكس ذلك إيجاباً أم سلباً على ترمب؟ 

موسم الدعم السياسي

تصاعدت حملات الدعم لهاريس وترمب بصورة ملحوظة خلال الأسابيع الماضية مع تسليط الأضواء بصورة خاصة على الديمقراطيين الذين يدعمون ترمب أو الجمهوريين الذين يدعمون هاريس في مسعى حثيث لكسب مزيد من المؤيدين وإحراج الخصوم في نفس الوقت، ومن أبرز الأمثلة التي كان لها مغزى واضح وتأثير محتمل، دعم المرشح المستقل (الديمقراطي سابقاً) روبرت كينيدي الابن لترمب بعد انسحابه من السباق الانتخابي وهو ما قد يفيد ترمب في بعض الولايات المتأرجحة، وكذلك مساندة المرشحة الرئاسية الديمقراطية في الانتخابات التمهيدية لعام 2020 تولسي غابارد الرئيس السابق ترمب في معركته ضد المرشحة الديمقراطية الحالية.

في المقابل شمل دعم الجمهوريين الذين تحدثوا في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي النائب الجمهوري السابق آدم كينزينغر، وهو عضو لجنة مجلس النواب التي حققت في جهود ترمب لقلب انتخابات 2020، والسكرتيرة الصحافية السابقة لترمب ستيفاني غريشام، ونائب حاكم جورجيا السابق جيف دنكان، فضلاً عن دعم هاريس في رسالة مفتوحة من 238 جمهورياً عملوا سابقاً مع الرئيس السابق جورج دبليو بوش أو السيناتور الراحل جون ماكين أو السيناتور ميت رومني. 

مؤازرة الرؤساء

غير أن مؤازرة جميع الرؤساء الديمقراطيين الأربعة الأحياء هاريس، في غياب مؤازرة ترمب من قبل الرئيس الجمهوري الوحيد على قيد الحياة بوش، أثار تساؤلات حول مغزى هذا الدعم وتأثيره في السباق الانتخابي، إذ اعتلى الرؤساء الديمقراطيون الذين قضوا ما يقرب من خمسة عقود في مناصبهم منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي للتجمع خلف نائبة الرئيس كوجه للعصر المقبل للحزب، وربط جيسون كارتر، ممثل جده الرئيس السابق جيمي كارتر، والرئيسان السابقان بيل كلينتون وباراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن، هاريس بإرث الحزب في خطاباتهم، ووضعوها في موضع حاملة الشعلة داعين إلى الوحدة الديمقراطية عقب الانقسامات التي تكشفت قبل مغادرة بايدن للسباق.

 

وتناقض هذا الدعم الذي حصلت عليه هاريس من الرؤساء الديمقراطيين الأربعة مع الدعم العلني الغائب من قبل الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش الذي كانت عائلته على خلاف طويل الأمد مع ترمب، إذ لم يشارك بوش في المؤتمر الوطني الجمهوري الشهر الماضي في ميلووكي بولاية وسكنسن، رغم أنه امتنع عن انتقاد ترمب علناً.

سبب امتناع بوش

رغم التصريح الذي أدلى به بوش مع السيدة الأولى السابقة لورا بعد محاولة اغتيال ترمب، وإعرابهما عن الامتنان لأن ترمب في أمان، إلا أن هذا البيان كان واحداً من استثناءات نادرة في سياسة التعليق العام لبوش، فمنذ أن ترك منصبه في الـ20 من يناير (كانون الثاني) 2009، ترك بوش بصمته مؤلف كتب ورسام بورتريه، ولكن ليس ناقداً سياسياً، فقد تجاوز الأمر وقلب الصفحة على حد وصف مارغريت سبيلينغز، صديقته القديمة التي عملت وزيرة للتعليم أثناء إدارة بوش.

ولهذا ظل بوش صامتاً أثناء مسيرة ترمب نحو ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2024 ولم يعلق على مجموعات الاتهامات ضد ترمب، ولا محاكمة الأموال السرية التي جعلته أول مرشح مدان يسعى إلى الرئاسة من حزب كبير.

لكن أسباباً أخرى يبدو أنها تقف وراء قرار بوش عدم دعم ترمب علناً منها ما يقوله المؤرخ الرئاسي مارك أبديغروف، إن بوش انسحب غالباً من الحياة السياسية وليس الحياة العامة بعدما تضاءل نفوذه في الحزب الجمهوري الذي أصبح حزباً مختلفاً تماماً عما كان عليه وقت رئاسته في بداية القرن، في مشهد يصفه بأنه مستنقع لا يريد الدخول فيه، وتركيزه بدلاً من ذلك على المعهد الذي يحمل اسمه في جامعة ساوثرن ميثوديست في دالاس ومشاركته في فعاليات مخصصة لمواضيع حركت رئاسته مثل التعليم والهجرة ومساعدة المحاربين القدامى وتعزيز الديمقراطية، مما يعني أن المعهد يحب تجنب السياسة قدر الإمكان، وخصوصاً في هذه الأوقات المتقلبة، وهو ما أتى بثماره من حيث الرأي العام، إذ ارتفعت معدلات تأييده حتى وصلت إلى 60 في المئة، وهو ضعف معدلات تأييده السابقة بعدما أكسبه موقفه المتحفظ الاحترام بحسب جاريد كوهين مؤلف كتاب "الحياة بعد السلطة: سبعة رؤساء وبحثهم عن هدف خارج البيت الأبيض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قليل من المناوشات

ومع ذلك، لم يمتنع بوش عن السياسة تماماً، فقد استضاف العشرات من فعاليات جمع التبرعات للمرشحين الجمهوريين المفضلين، وتضمنت قائمة هذا العام المرشحين الجمهوريين لمجلس الشيوخ ديف ماكورميك من بنسلفانيا ولاري هوغان من ميريلاند وعضوة مجلس الشيوخ عن ولاية ماين سوزان كولينز التي تواجه إعادة انتخابها في عام 2026، وفي عام 2021، لفت حدث ما انتباه ترمب، إذ ترأس بوش حملة لجمع التبرعات لمصلحة النائبة الجمهورية ليز تشيني، عضوة لجنة الكونغرس التي حققت في دور ترمب في أحداث السادس من يناير 2021، وهي ابنة نائب الرئيس بوش ديك تشيني الذي انتقد ترمب عدة مرات على مر السنين.

كما اشتبك بوش أحياناً مع ترمب، ففي فبراير (شباط) 2016، دعم شقيقه الأصغر جيب بوش في حملته التمهيدية الجمهورية المتعثرة ضد ترمب خلال ترشحه الأول، وأشاد بوش بمؤهلات شقيقه، ورسم تناقضات ضمنية مع ترمب من خلال الحديث عن الإيمان الذي يكشف عن نفسه من خلال الأعمال الصالحة، وليس الكلمات الصاخبة، وحينما أصبح ترمب رئيساً، لم يذكر بوش ترمب بالاسم، لكنه أوضح أنه لا يحب أسلوبه الانقسامي، وبعد الأحداث التي قادها الموالون لترمب في السادس من يناير 2021، أصدر بوش بياناً قال فيه، إنه ولورا بوش وجدا ذلك منظراً مقززاً ومحزناً، مؤكداً أنه لا يعتقد أن الانتخابات سُرقت، كما زعم ترمب مراراً. 

 

في المقابل عدّ ترمب أن بوش هو الذي أدخل أميركا في الرمال المتحركة بالشرق الأوسط، كما هاجم بوش كثيراً حول غزو العراق، قائلاً إن سلفه الجمهوري "لا ينبغي أن يحاضرنا عن أي شيء"، مشيراً إلى أن مركز التجارة العالمي سقط أثناء ولايته.

وقبيل انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، مازح بوش (78 سنة) الجمهور في أحد خطاباته بأن ترمب والرئيس جو بايدن أكبر سناً من متطلبات المنصب قائلاً إنه أصغر من المرشحين. 

معنى الدعم

لكن ما الذي يعنيه دعم مرشح ما، ومتى ظهر هذا المفهوم؟ 

تكتسب كلمة تأييد أو دعم التي تعني بالإنجليزية "إندورسمنت" مزيداً من الاهتمام في موسم الانتخابات كونها تحمل كثيراً من المعنى على ظهرها، فهي تأتي من كلمة لاتينية تعني "الظهر"، وهو جذر لغوي يتعلق بظهر حيوان أو عليه بصورة خاصة، كما في الزعنفة الظهرية، ولأن المعنى الحرفي لـ"على الظهر" هو أيضاً أصل كلمة "تأييد" التي تعني "الكتابة على ظهر المستند" في النصوص التي ترجع إلى ما قبل عام 1400، فقد ظل المعنى لعدة قرون مقتصراً على تلك التي تتطلب عملية الكتابة، مع فعل التأييد الذي ينطوي على توقيع بسيط (كما في توقيع شيك)، أو مذكرة أكثر تفصيلاً تعمل كموافقة على ترقية عسكرية.

غير أن المعنى المجازي للتعبير عن الدعم أو الموافقة علناً وبصورة قاطعة، هو تطور حديث نسبياً، يعود تاريخه إلى القرن الـ19، إذ يشير الاستخدام المبكر في سطر بإحدى الصحف خلال مؤتمر ترشيح الحزب الديمقراطي عام 1844، لكنها لم تقتصر على السياقات السياسية، بل شملت دعم الأفكار والمؤلفين مثلما يُظهر الاستخدام المبكر للكلمة من قبل رالف والدو إيمرسون في عام 1847، الذي استشهد به في قاموس أكسفورد الإنجليزي. 

ومع انتشار استخدام الكلمة في الوثائق القانونية الملزمة في وقت كانت فيه الكلمة المكتوبة ثمينة في إنجلترا، احتفظت كلمة "تأييد" بمعناها القوي، وأصبح وضع اسمك خلف مرشح يعني مجازياً، حمل سجل هذا المرشح وسمعته وأفعاله على ظهرك. 

حسابات سياسية 

تعود قرارات التأييد الآن إلى حسابات سياسية، لأن مسألة التأييد والدعم السياسي كان لها أهمية أكبر حتى أواخر القرن الـ20 حين كان ينظر إلى الرؤساء باعتبارهم رؤساء أحزابهم، كما تشير مديرة الدراسات الرئاسية في مركز ميللر بجامعة فيرجينيا، باربرا بيري، ويرجع هذا جزئياً إلى إنشاء الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية، التي أعطت الناخبين مزيداً من القول في شأن المرشح، ولذلك ينظر إلى دعم الرؤساء الآن على أنه رمزي.

ولهذا يمتنع الرؤساء عن تأييد مرشح ما في محاولة للبقاء فوق السياسة اليومية للانتخابات التمهيدية، وغالباً ما ينتظر الرؤساء الآن لتجنب دعم الحصان الخطأ في الانتخابات التمهيدية المتنازع عليها، ولكن بمجرد تأييدهم للمرشح النهائي الذي يقرره الناخبون، فإنهم يصبحون نشطين في الحملات عندما يكون لديهم استثمار شخصي في المرشح. 

وعادةً ما يتدخل الرؤساء عندما يعتقدون أن إرثهم على المحك، وعلى سبيل المثال كان لدى باراك أوباما سبب وجيه للاعتقاد بأن قانون الرعاية الميسرة معرض للخطر إذا انتخب ترمب، ولهذا عمل بجد من أجل فوز هيلاري كلينتون عام 2016، كما يشير المؤرخ إتش دبليو براندز. 

وفي بعض الأحيان قد يكون الرئيس مثيراً للجدل إلى الحد الذي قد يجعل المرشح من حزبه لا يرغب في الحصول على تأييد مبكر لأنه قد يضر به بدلاً من مساعدته، وعلى سبيل المثال، لم يستخدم نائب الرئيس آل غور عام 2000 في حملته الانتخابية الرئيس بيل كلينتون بسبب فضيحة مونيكا لوينسكي، كما أيد جورج دبليو بوش منافسه في عام 2000 السيناتور جون ماكين على مضض بعد ثمانية أعوام، ولكن بحلول ذلك الوقت، لم يحضر بوش مؤتمر ترشيح ماكين عام 2008 وظهر فقط عبر الأقمار الاصطناعية. 

تأثير الدعم الرئاسي 

بعد الانتخابات التمهيدية المثيرة للجدل، يُنظر إلى التأييد الرئاسي على أنه إيجابي، لأنه يمنح الرئيس فرصة لربط الأمور بحسب ما يشير مدير مركز جامعة فيرجينيا للسياسة لاري ساباتو الذي يرى أن الرئيس عادة ما يريد لعب دور الموحد لحزبه ويحافظ على إرثه، ولهذا لم يكن مستغرباً أن يشيد بايدن باختياره هاريس نائبة له وتأييده لها الآن للحفاظ على إرثه في مواجهة ترمب الذي يقول إنه سيلغي كثيراً منه إذا فاز بالانتخابات. 

ومع ذلك، يرى مدير معهد بليس للسياسة التطبيقية في جامعة أكرون جون غرين، أن تأييد الرؤساء السابقين من شأنه أن يرسل رسالة إيجابية للغاية إلى أنصار الرئيس، لكنه أشار أيضاً إلى وجود جانب سلبي يتمثل في أن المرشح سيرث أيضاً منتقدي الرئيس السابق.

ويعد الكاتب والمحلل السياسي ديفيد غرينوالد أن التأييد من قبل الرؤساء السابقين ليس أداة فعلية لكسب الأصوات، بل مؤشر على القوة، إذ لا تهم عمليات التأييد عندما تسير كما هو متوقع مثلما أيد بايدن والرؤساء السابقين لهاريس، لكن إذا جلس بايدن ولم يؤيد، فقد يكون ذلك جديراً بالاهتمام، ومع ذلك إذا رأيت مرشحاً لديه 15 تأييداً فقط ومرشحاً آخر لديه كثير من التأييد، فإن هذا لا يؤثر على النتيجة بقدر ما يعكس عمق الدعم.

على النقيض من ذلك، يقول رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة نورث إيسترن ورئيس تحرير مجلة "بحوث السياسة" الأميركية كوستاس باناغوبولوس، إن عمليات التأييد يمكن أن تحدث فرقاً في السباقات المتقاربة للغاية، ولكن بصورة عامة، هناك متغيرات أكثر جوهرية تؤثر على نتائج الانتخابات أكثر من الدعم والتأييد.

تأثير غامض

لمدة تزيد على قرن من الزمان، قدم نجوم السينما والرياضيون والموسيقيون المشهورون قوتهم لدعم الحملات الرئاسية، لكن التأثير الفعلي لهم على الحملة ظل ضعيفاً في أفضل الأحوال، وهو ما قد ينطبق أيضاً على دعم الرؤساء السابقين، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفرد في أغسطس (آب) الجاري أنه في حين يساعد المشاهير في دفع مزيد من الناخبين إلى صناديق الاقتراع، فمن الصعب تحديد ما إذا كان ذلك يؤثر على النتائج أم لا.

ويعتقد لورانس ماسلون أستاذ كلية تيش للفنون بجامعة نيويورك أن الواقع والمفارقة تشير إلى أن تأييد المشاهير يفيد صاحبه أكثر من المتلقي. 

المزيد من تقارير