Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الألعاب البارالمبية... أبطال الذهب يختبرون "الإرادة" في باريس

الكويتي أحمد نقا المطيري حاز 5 ميداليات في سباق 100 متر على الكراسي المتحركة وسجل 3 أرقام عالمية باسمه

الكويتي أحمد نقا المطيري مثال بارز على التحدي والقوة في الألعاب البارالمبية (مواقع التواصل)

ملخص

لاعب منتخب الكويت للجري على الكراسي المتحركة أحمد نقا المطيري هو مثال بارز على التحدي والقوة في الألعاب البارالمبية، وصاحب ميداليتين أولمبيتين في سباق 100 متر على الكراسي المتحركة، إحداها ذهبية في ريو دي جانيرو 2016، والأخرى فضية في طوكيو 2020، إضافة إلى ثلاث ميداليات في بطولات العالم في الدوحة 2015 ولندن 2017 ودبي 2019.

تشهد فرنسا اليوم افتتاح الدورة الـ17 للألعاب البارالمبية، التي ستقام فعالياتها من الـ28 من أغسطس (آب) الجاري حتى الثامن من سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتجمع هذه النسخة نخبة من الرياضيين البارالمبيين من جميع أنحاء العالم للتنافس في مجموعة متنوعة من الرياضات، ويشارك فيها رياضيون من أكثر من 160 دولة، مما يجعلها واحدة من أكبر الفعاليات الرياضية العالمية التي تحتفي بقدرات وإمكانات ذوي الاحتياجات الخاصة.

تقام الألعاب البارالمبية دائماً بعد الألعاب الأولمبية كجزء من الترتيبات المتبعة منذ نشأتها، لتسليط الضوء على أهمية تكافؤ الفرص في الرياضة، وإظهار أن الإنجاز الرياضي ليس حكراً على الأصحاء فقط، بل هو حق للجميع، بغض النظر عن التحديات التي يواجهونها، وتعتبر هذه الدورة فرصة جديدة للعالم ليشهد التفوق الرياضي والتصميم الذي يتحلى به هؤلاء الأبطال، وهو ما يعزز من مكانة الألعاب البارالمبية كحدث رياضي وإنساني بالغ الأهمية.

من بدايات متواضعة إلى الساحة العالمية

تعود جذور الألعاب البارالمبية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ بدأت كفكرة بسيطة تهدف إلى إعادة تأهيل الجنود الجرحى الذين كانوا في حاجة إلى نوع من العلاج الطبيعي والنفسي.

في عام 1948 أقيمت أول منافسة رياضية للجنود البريطانيين المصابين في مستشفى "ستوك ماندفيل"، إذ نظمت هذه الفعالية كوسيلة لإعادة تأهيل المحاربين القدامى وتعزيز معنوياتهم، وكانت هذه البداية البسيطة خطوة نحو ما سيصبح لاحقاً حدثاً رياضياً عالمياً، مع مرور الوقت تطورت الفكرة لتصبح دورة رياضية دولية تجمع الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة من جميع أنحاء العالم.

وفي 1960 أقيمت أول دورة للألعاب البارالمبية في روما تزامناً مع الألعاب الأولمبية، وشهدت مشاركة 400 رياضي من 23 دولة، وكانت تلك الدورة نقطة تحول، إذ أظهرت للعالم أن الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة قادرون على التنافس على أعلى المستويات وإظهار قدراتهم الاستثنائية.

منذ ذلك الحين شهدت الألعاب البارالمبية نمواً كبيراً وتوسعاً ملاحظاً، سواء من حيث عدد المشاركين أم تنوع الرياضات المشمولة، واليوم تشمل الألعاب البارالمبية آلاف الرياضيين من عشرات الدول يتنافسون في مجموعة واسعة من الرياضات، بدءاً من ألعاب القوى وكرة السلة على الكراسي المتحركة، وصولاً إلى السباحة والتجديف، ويعكس هذا التنوع التفوق البشري والإصرار على تحقيق الإنجازات، مهما كانت التحديات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التنظيم والإعداد

يتطلب تنظيم الألعاب البارالمبية تخطيطاً معقداً وتنسيقاً دقيقاً لضمان نجاح هذا الحدث العالمي بشكل لا يضاهى، وتبدأ عملية التنظيم بتجهيز البنية التحتية لتلبية احتياجات الرياضيين ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ تعدل وتحدث الملاعب والمرافق الرياضية لتكون متاحة ومريحة.

تجهز الملاعب بمعدات خاصة، مثل المنحدرات للمقاعد المتحركة والمرافق الطبية المخصصة لضمان سلامة الرياضيين، كما تعد القرى الرياضية، وهي مكان الإقامة والتدريب جزءاً حيوياً من التحضيرات، تجهز هذه القرى بمرافق متنوعة تشمل غرفاً مجهزة بالكامل ومراكز للتدريب ومناطق استجمام.

تتضمن التحديات اللوجستية التي تواجه المنظمين التنسيق بين الفرق الرياضية المختلفة، وضمان النقل السلس للرياضيين والمعدات، ومن الضروري توفير وسائل النقل التي تتناسب واحتياجات الرياضيين، سواء كانت حافلات مجهزة بالكراسي المتحركة أم سيارات خاصة، ويعتبر توفير الدعم الطبي أيضاً جزءاً أساساً من العملية، إذ تدرب الفرق الطبية لمواجهة أية حالات طارئة.

في يومنا هذا تلعب التكنولوجيا دوراً كبيراً في تنظيم الألعاب، من خلال استخدام أنظمة إدارة المنافسات التي تسهم في تنظيم المنافسات بفعالية، إلى تطبيقات الهواتف الذكية التي توفر معلومات مباشرة للمشاهدين والمشاركين، كما أن الأمن والسلامة هما أيضاً من الأولويات، إذ توضع خطط أمنية شاملة لتأمين المرافق الرياضية ومناطق التجمع، وتدرب الفرق الأمنية للتعامل مع الطوارئ.

لكن وعلى رغم الشعبية المتزايدة للألعاب البارالمبية إلا أن التمويل يظل تحدياً مستمراً، فهي تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي والخاص لضمان تنظيمها بشكل يليق بالرياضيين المشاركين، وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية، يصبح من الضروري توفير مصادر تمويل مستدامة لضمان استمرارية هذه الألعاب وتحقيق أهدافها.

تحديات شخصية ومجد لا يمحى

في عالم الرياضة البارالمبية يواجه الرياضيون تحديات شخصية هائلة تتطلب عزيمة وإصراراً لا يضاهيان، أحمد نقا المطيري، لاعب منتخب الكويت للجري على الكراسي المتحركة، هو مثال بارز على هذا التحدي، وصاحب ميداليتين أولمبيتين، واحدة ذهبية في ريو دي جانيرو 2016 في سباق 100 متر على الكراسي المتحركة، وأخرى فضية في طوكيو 2020، إضافة إلى ثلاث ميداليات في بطولات العالم في الدوحة 2015 ولندن 2017 ودبي 2019، وأيضاً حامل لثلاثة أرقام عالمية في الفئة نفسها.

تلقي تجربة أحمد الضوء على التحديات الشخصية التي يواجهها الرياضيون البارالمبيون خلال فترة وباء كورونا، واجه أحمد صعوبات جمة في التحضير للأولمبياد، إذ أوقفت معظم الدول المعسكرات الرياضية وأغلقت الحدود، مما قيد تدريباته وأجبره على الاكتفاء بالتمرين في المنزل باستخدام بعض الأجهزة للتقوية.

يصف أحمد هذه الفترة قائلاً "كانت الصعوبات التي واجهتني للاستعداد للأولمبياد الأخيرة عظيمة، إذ فرضت قيود شديدة على التمرين والتدريب بسبب الوباء، ولم أتمكن من الالتحاق بمعسكر التدريب إلا قبل الأولمبياد بفترة وجيزة"، لكن وعلى رغم هذه التحديات يؤكد أحمد أن الأثر الذي تتركه الألعاب البارالمبية في حياة الرياضيين لا يقتصر على مجرد الفوز بالميداليات.

في حديثه عن تجربته الشخصية يعبر أحمد عن تأثير هذه الألعاب قائلاً "على الصعيد الشخصي، كان حلمي دائماً الوصول إلى الأولمبياد، ومن ثم ازداد طموحي للحصول على أحد المراكز الثلاثة الأولى، وحصولي على ميداليتين كون لي اسماً بين الرياضيين، وإنجازاً كبيراً للكويت بعد ثلاث دورات أولمبية لم يكن الفوز من نصيبها فيها".

وتظهر تجربة أحمد أن النجاح في الألعاب البارالمبية لا يأتي فقط من التمارين الشاقة والجهود المضنية، بل من الإرادة القوية والرغبة في التغلب على الصعوبات الشخصية، وكما أن الأثر الحقيقي لهذه الألعاب يكمن في قدرتها على تحويل التحديات إلى إنجازات ملهمة، مما يعزز الثقة بالنفس ويمنح الأمل ليس فقط للرياضيين ولكن لكل من يتابعهم.

قوة التغيير والتغطية الإعلامية

للألعاب البارالمبية تأثير اجتماعي كبير يتجاوز حدود الملاعب، فهي تحتل دوراً محورياً في تغيير التصورات المجتمعية عن ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تقديم نماذج ملهمة من الرياضيين البارالمبيين الذين يواجهون التحديات ويحققون الإنجازات، تسهم هذه الألعاب في تعزيز الوعي والقبول، وتفتح آفاقاً جديدة لفهم قدرات الأشخاص ذوي الهمم، وتعتبر أداة فعالة للتغيير الاجتماعي تؤكد فكرة المساواة والتمكين، كما أن مشاهدة الرياضيين البارالمبيين وهم يتنافسون ويحققون النجاح، تسهم في إعادة تشكيل النظرة إلى الإعاقة، وتشجع المجتمعات على قبول التنوع وتعزيز الاندماج.

ويتابع أحمد "لا يزال التحيز ضد الرياضيين البارالمبيين قائماً، ويظهر في أشكال عدة مثل نقص التغطية الإعلامية أو قلة الدعم المالي، مما يظهر أهمية أن يتبنى الإعلام والمجتمع بشكل عام سياسة أكثر شمولاً وموضوعية في تقديم الرياضيين البارالمبيين، ويتطلب ذلك تسليط الضوء على إنجازاتهم ومهاراتهم بقدر مماثل لما يتم مع الرياضيين الأولمبيين، ودعم المبادرات التي تروج للمساواة والعدالة في الإعلام".

وواصل المتحدث كلامه قائلاً "هنا تبرز الأهمية الخاصة للتغطية الإعلامية، فهي ليست وسيلة لنقل الأحداث الرياضية فقط، بل هي أداة لزيادة الوعي وتغيير التصورات، إذ يلعب الإعلام دوراً حاسماً في نشر قصص النجاح والتحديات، ويساعد في تعزيز الحوار حول قضايا الإعاقة والمساواة، وبفضل التغطية الإعلامية الواسعة والمستديمة، يمكن للرياضيين البارالمبيين أن يحصلوا على الاعتراف الذي يستحقونه، مما يسهم في تعزيز ثقافة الشمولية والاحترام في المجتمع".

أفق واعد وتطور مستمر

مع تقدم التكنولوجيا وازدياد الوعي الاجتماعي تتجه الألعاب البارالمبية نحو أفق أكثر إشراقاً، من المتوقع أن تشهد الألعاب تطوراً ملاحظاً في جوانب متعددة، بما في ذلك تحسينات في المعدات الرياضية والتقنيات المساعدة، مما سيسهم في رفع مستوى الأداء وزيادة شمولية الرياضات، كما أن زيادة اهتمام وسائل الإعلام ودعم المجتمعات المحلية سيساعدان في تعزيز مشاركة عدد أكبر من الرياضيين، وفي نشر الرسائل الإيجابية حول قدراتهم وإنجازاتهم.

ولا أجد لاختتام هذه المادة أفضل مما قاله البطل أحمد نقا المطيري في نهاية حديثه معي، إذ أراد إرسال رسالة ملهمة لجميع الرياضيين وللعالم أجمع، قائلاً "لا شيء مستحيلاً، ضع هدفاً نصب عينيك، ابذل جهداً، تمرن وطور من مهاراتك وستصل إلى حلمك".

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة