Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تناقضات "طالبان"... هل تتبع قوانين الملا هبة الله زادة؟

التباين في سلوك الحركة تجاه منظومة القرارات يظهر أن هناك مسافة طويلة بين أقوال وأفعال قادتها

رئيس وزراء طالبان الملا هبة الله زادة في حفل العيد في القصر الملكي  (اندبندنت فارسية)

ملخص

يبدو أن القوانين وأوامر حركة "طالبان" لا تنفذ في المجتمع الأفغاني إلا بالقوة القسرية. في حين أن قادة "طالبان" أول من ينتهك هذه القوانين وسلوكهم يتناقض بصورة واضحة مع ما يصدرونه للشعب من قوانين وأوامر.

أصدرت "طالبان" خلال الأعوام الثلاثة من حكمها لأفغانستان 80 مرسوماً وأمراً في المجالات الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والدينية، أهمها القانون الذي وقع عليه زعيم حركة "طالبان" الملا هبة الله أخوند زادة الأسبوع الماضي.

هذه القوانين، فضلاً عن السجل الدموي لحركة "طالبان" في السيطرة على المجتمع الأفغاني خلال فترتي حكم هذه الحركة، تظهر أنها حركة براغماتية وملتزمة مبادئ زعيم "طالبان" ومتطرفة دينياً. لكن إذا ما أخذنا نظرة سريعة على قوانين "طالبان" وأداء أفراد هذه الحركة تظهر أنه على رغم أن هذه القوانين تطبق في المجتمع بالإكراه والقوة، فإنها يتم تجاهلها بين مختلف صفوف "طالبان".

وتركز القوانين والقرارات التي أصدرتها الحركة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة على المرأة والحجاب والترويج لأفكار المذهب الحنفي. وهذه المراسيم والقوانين إضافة إلى قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكتاب "الإمارة الإسلامية ونظامها" الذي ألفه الشيخ عبدالحكيم حقاني رئيس النيابة العامة في نظام "طالبان"، تشكل العناصر الأكثر شمولاً التي تصف بوضوح الرؤية والأيديولوجية والأساس الفكري لـ"طالبان".

صدر كتاب "الإمارة الإسلامية ونظامها" خلال أغسطس (آب) 2022. وولد عبدالحكيم حقاني في مدينة بنجواي بولاية قندهار ويعد أحد مؤسسي حركة "طالبان"، كما أنه كان المدعي العام لولاية قندهار خلال الفترة الأولى من حكم "طالبان" لأفغانستان، وبعد ذلك أصبح من صناع القرار الرئيسين في الحركة. وخلال المفاوضات التي أجرتها "طالبان" مع الولايات المتحدة الأميركية كان رئيساً للفريق المفاوض، وبعد سيطرة الحركة على الحكم في أفغانستان عمل لفترة وجيزة في وزارة العدل ومن ثم عين رئيساً للمحكمة العليا في نظام "طالبان". وكان زعيم "طالبان" الملا هبة الله أخوند زادة هو من كتب مقدمة كتاب "الإمارة الإسلامية ونظامها" وقال إنه قرأ الكتاب ووافق عليه.

كما نشر قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد موافقة الملا هبة الله أخوند زادة، إلا أن التناقض والتباين في سلوك "طالبان" تجاه تطبيق هذه القوانين، يظهر أن هناك مسافة طويلة بين أقوال وأفعال "طالبان".

الصداقة والتعاون مع الكفار خطيئة

جاء في المادة 21 الفقرة 20 من قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن "الصداقة والتعاون مع الكفار خطيئة" ويجب تحريمها. وفي الفقرة الأولى من هذه المادة طلب من عناصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن ينفذوا هذا الأمر بجدية وفقاً للقانون في مهامهم، كما أنه وفي وقت يصر زعيم "طالبان" الملا هبة الله أخوند زادة ووزير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خالد حنفي على تطبيق هذا القانون من جوانبه كافة، هناك من قادة "طالبان" من انتهك هذا القانون.

وقد طلب الملا هبة الله أخوند زادة نفسه ورئيس الوزراء الملا محمد حسن أخند ومسؤولون آخرون في نظام "طالبان" وفي أكثر من مناسبة من الحكومات والمنظمات الدولية مساعدة أفغانستان، سواء من خلال خطاباتهم أو عبر الرسائل التي يبعثونها.

وعادة ما يطلب الملا هبة الله أخوند زادة المساعدات في المناسبات والأعياد الدينية فحسب. وخلال أغسطس 2022 وبعد الزلزال المدمر الذي ضرب شرق أفغانستان خاطب المجتمع الدولي قائلاً "نطلب من المجتمع الدولي والمنظمات الخيرية والإنسانية مساعدة الشعب الأفغاني الذي يعاني في هذا الزلزال".

الدول والمنظمات التي خاطبها زعيم "طالبان" هي تلك التي يصفها بـ"عالم الكفر" ويحرم الصداقة والتعاون معها. فخلال أغسطس 2021 تسلمت "طالبان" الدولة من أشرف غني وكانت خزائنها فارغة. لكن بعد ثلاثة أعوام أصبح لدى نظام "طالبان" جيش قوامه 250 ألف جندي و200 ألف شرطي وجهاز استخبارات مزود بمعدات استخباراتية حديثة. وعلى رغم نفي نظام "طالبان" حصوله على المساعدات الغربية فإن مسؤولين أميركيين أكدوا التعاون مع "طالبان" في الأقل تجاه محاربة "داعش خراسان".   

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الولايات المتحدة الأميركية على رأس الدول المانحة لأفغانستان خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ووفقاً لتقرير مكتب المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان (CGAR) أنفقت الحكومة الأميركية نحو 17 مليار دولار في المجالات المختلفة داخل أفغانستان خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إذ حول هذا المبلغ إلى كابول عبر الأمم المتحدة تحت اسم المساعدات الإنسانية.

وأكد مكتب المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان أن نظام "طالبان" يستفيد من المساعدات الإنسانية من الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى.

النظر إلى أجسام النساء البالغات حرام

وجاء في الفقرة السابقة من المادة 13 من قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه يحرم على الرجال البالغين رؤية وجوه وأجساد النساء، كما يعد صوت المرأة ووجهها وجسدها عورة ويجب أن تظل مغطاة ومخفية.

وفي كتاب الشيخ عبدالحكيم حقاني رئيس المحكمة العليا في نظام "طالبان" هناك حكم مماثل، إذ يصف المرأة بأنها "كائن ضعيف"، قائلاً "إن الله تعالى حفظ مكانة المرأة، ومكان المرأة هو البيت، ودورها في الحياة هو تربية أبنائها والعناية بهم. المرأة ضعيفة ولا تستطيع أن تدافع عن نفسها".

وفي قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الجديد، والذي كما يبدو متأثراً بكتاب حقاني يمنع إذاعة أصوات النساء، حتى لو كانت بتلاوة القرآن أو إنشاد الأناشيد الدينية.

ومع ذلك، فإن مسؤولي نظام "طالبان" الذين يعدون أنه من المحرم على الرجال سماع صوت المرأة ورؤية صورتها وجسدها ووجهها، يجتمعون يومياً مع نساء من الدول الغربية ومنظمات الإغاثة الدولية في أفغانستان. وحتى في بعض الحالات تلتقي هذه النساء بمسؤولي هذه الحركة من دون الحجاب الذي يتحدث عنه قادة "طالبان".  

والتقت عضو البرلمان الأوروبي هانا نيومان خلال أبريل (نيسان) 2022 وزير التربية والتعليم في نظام "طالبان" مولوي نور الله وهي ترتدي وشاحاً حول رقبتها. وبعد عودتها من كابول إلى ألمانيا قالت نيومان في حديثها مع "اندبندنت فارسية" أنا لست مسلمة، ولم أرتد الحجاب قط. لذلك لم أكن أعرف لماذا يجب أن أغير طريقتي. إلا إذا طلب أحدهم مني ذلك وشرح لي السبب. لكنهم لم يفعلوا. لا أعرف إذا كان هذا أزعج نور الله منير أم لا، لكن أعتقد أنه قد التقى مع نساء من دون حجاب من قبل.

وأضافت هانا نيومان أنه على رغم أن حركة "طالبان" منعت تعليم الفتيات والنساء في أفغانستان، فإن أفراد هذه الحركة الذين تعيش أسرهم خارج أفغانستان لم يمنعوا بناتهم من الذهاب إلى المدرسة والجامعة. وسهيل شاهين الذي يمثل "طالبان" في دولة قطر والذي يعد أحد كبار قادة الحركة، بناته يدرسن في الجامعة داخل قطر.

وقد التقى عدد من النساء الغربيات ضمن وفود دبلوماسية وأممية بجميع قيادات حركة "طالبان"، باستثناء زعيم "طالبان" الملا هبة الله أخوند زادة الذي لا يلتقي أي شخص من خارج حركة "طالبان". واللافت في الأمر أن سراج الدين حقاني زعيم شبكة حقاني والمتهم بقتل مواطنين أميركيين والتخطيط لهجمات قاتلة ودموية في المدن الأفغانية، يلتقي نساء من دول غربية مختلفة.

منع نشر وتوزيع صور الكائنات الحية

وجاء في الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه يمنع نشر وبث محتوى فيه صور لكائنات حية في وسائل الإعلام. لكن الملا هبة الله الذي وقع على هذا القانون يتم نشر صورته الوحيدة على جميع اللافتات والزي العسكري للحركة وفي جميع وسائل الإعلام الرسمية التابعة للحركة.

وفي وقت تعد فيه حركة "طالبان" نشر وبث صور الكائنات الحية حراماً، فإن قيادات "طالبان" يجرون مقابلات مع وسائل الإعلام يومياً.

وخلال مارس (آذار) الماضي، قال رئيس الدعوة والإرشاد في نظام "طالبان" محمد هاشم شهيد ورور لوسائل الإعلام إن التصوير "خطيئة عظيمة".

وأما وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت في بداية تشكيلها مؤسسة مدنية لإصدار النصائح الأخلاقية والدينية في المجتمع، فقد أصبح لديها اليوم قسم عسكري. وخلال أبريل الماضي وبأمر من زعيم "طالبان" أنشئ منصب جديد وهو "الوكيل العسكري لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في هيكل الوزارة، وإذا ما انتهك الناس القوانين والأوامر الصادرة ستتخذ العناصر العسكرية التابعة لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإجراءات اللازمة بحقهم.

وعليه، يبدو أن القوانين وأوامر حركة "طالبان" لا تنفذ في المجتمع الأفغاني إلا بالقوة القسرية. في حين أن قادة "طالبان" هم أول من ينتهك هذه القوانين وسلوكهم يتناقض بصورة واضحة مع ما يصدرونه للشعب من قوانين وأوامر.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير