واصلت إسرائيل عملية كبيرة للجيش والشرطة داخل مدينة جنين في الضفة الغربية، ومشطت قواتها مناطق حول المستوطنات بعد واقعتين أمنيتين منفصلتين خلال الليلة الماضية.
وحلقت طائرات مسيرة ومروحيات في سماء جنين وأمكن سماع صوت إطلاق نار متقطع في المدينة، إذ يشارك المئات من أفراد القوات الإسرائيلية منذ الأربعاء الماضي في واحدة من أكبر عملياتها بالضفة الغربية منذ أشهر.
وأثارت العملية دعوات دولية لوقفها، وتقول إسرائيل إنها تهدف إلى منع الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران من تنفيذ هجمات على المدنيين.
وقتل ما لا يقل عن 19 فلسطينياً منهم مسلحون ومدنيون، منذ بدء العملية صباح الأربعاء الماضي.
مقتل جندي إسرائيلي
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في المقابل، مقتل أحد جنوده في رابع أيام عمليته في الضفة الغربية حيث يتركز القتال في مخيم جنين للاجئين.
وقال الجيش في بيان إن إلكانا نافون (20 عاماً) "سقط أثناء عملية" للقوات الاسرائيلية السبت فيما "أصيب جندي آخر بجروح خطرة" في العملية نفسها، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
وكان الجناح العسكري لحركة "حماس" أعلن صباحاً أن أحد مقاتليه لقي حتفه في قتال مع جنود إسرائيليين في مخيم جنين.
محنة وتحديات
وألقت العملية في الضفة الغربية الضوء على محنة المدنيين الفلسطينيين وكذلك على مجموعة التحديات الأمنية التي تواجه القوات الإسرائيلية، مع عدم وجود أي مؤشر في الأفق على التهدئة داخل غزة حيث تدور الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة "حماس" منذ أشهر.
وخلال وقت متأخر من أمس الجمعة قال الجيش الإسرائيلي إن رجلين قتلا في واقعتين منفصلتين قرب "جوش عتصيون" وهي مستوطنة كبيرة في الضفة الغربية تقع إلى الجنوب من القدس، وإن الجيش يعتقد أنهما حاولا مهاجمة إسرائيليين.
في الواقعة الأولى انفجرت سيارة داخل محطة للوقود، فيما قال الجيش إنها محاولة هجوم بسيارة ملغومة. مضيفاً أنه أطلق النار على رجل وقتله بعد أن خرج من السيارة وحاول مهاجمة الجنود.
وفي الواقعة الثانية قال الجيش إنه قتل رجلاً بعد أن حاولت سيارة صدم حارس أمن والتسلل إلى مستوطنة "كرمي تسور".
وقال الجيش في بيان إن قوات الأمن لاحقت السيارة التي انفجرت عبوة ناسفة كانت بداخلها بعد اصطدامها.
وأكدت السلطات الصحية الفلسطينية وفاة الرجلين، لكنها لم تذكر تفاصيل عن ظروف الوفاة.
وأجرت القوات الإسرائيلية عمليات تمشيط للمنطقة في أعقاب الواقعتين، مما يؤكد مخاوف إسرائيل من هجمات فلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية داخل الضفة الغربية. ونفذت قوات الأمن مداهمات في مدينة الخليل التي ينتمي إليها الرجلان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبها، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الجيش الإسرائيلي يحقق في ارتباط الهجوم الذي وقع قرب مستوطنة غوش عتصيون بالهجوم في مستوطنة كرمي تسور القريبة. وانتشرت قوات من الجيش والشرطة و"الشاباك" في المنطقة، حيث تقوم بتنفيذ عمليات تمشيط واسعة النطاق وإغلاق مفترقات الطرق.
وأصدرت حركة "حماس" بياناً اليوم السبت أشادت فيه بما وصفتها بأنها "عملية بطولية مزدوجة" في الضفة الغربية. وقالت "هي رسالة واضحة بأن المقاومة ستبقى ضاربة وممتدة ومتواصلة طالما استمر العدوان الغاشم، واستهداف شعبنا وأرضنا".
لكن الحركة لم تعلن مسؤوليتها المباشرة عن الهجومين.
اشتباكات جنين
وفي الوقت نفسه لا تزال محادثات وقف إطلاق النار داخل غزة التي تدعمها قطر ومصر والولايات المتحدة متوقفة على ما يبدو، كما يتصاعد التوتر بين جماعة "حزب الله" اللبنانية وإسرائيل.
وأعلن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي الذي أجرى مراجعة أمنية اليوم عن تعزيز التدابير الدفاعية الإسرائيلية، وكذلك الإجراءات الهجومية مثل العملية الكبرى في مدينة جنين المضطربة.
ووردت أنباء عن اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلين فلسطينيين من فصائل مسلحة موجودة منذ فترة طويلة وبقوة في المدينة ومخيم اللاجئين المجاور، وهي بلدة مكتظة بالسكان تضم عائلات طردت من ديارها خلال حرب عام 1948.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني اليوم بأن طفلاً نقل إلى المستشفى في جنين مصاباً برصاصة في الرأس.
ووسط إطلاق النار قامت جرافات مدرعة تبحث عن متفجرات على جانبي الطريق بتجريف مساحات كبيرة من الطرق الممهدة، وتضررت أنابيب مياه مما أدى إلى تدفق المياه في بعض المناطق.
وكانت العملية العسكرية الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية في جنين وطولكرم، وهي مدينة مضطربة أخرى في الضفة الغربية، وكذلك في غور الأردن من أكبر العمليات منذ أشهر، إذ يشارك فيها مئات الجنود تدعمهم مركبات مدرعة وطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر.
غزة أخرى
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أول من أمس الخميس "إلى وقف فوري للعمليات" الإسرائيلية، مديناً "بشدة الخسائر في الأرواح البشرية، وخصوصاً في صفوف القاصرين". واعتبرت الأمم المتحدة أن "التطورات الخطيرة تغذي الوضع المتفجر أصلاً في الأراضي الفلسطينية".
وحذر مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) من العمليات العسكرية التي يتم تنفيذها "بالقرب من المستشفيات" ومن "الأضرار الجسيمة" في البنى التحتية. وقال سكان إن القوات الإسرائيلية نشطت الجمعة في جنين فقط بعد انسحابها من طوباس وطولكرم. وفي المساء أفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن سماع أصوات إطلاق نار وانفجارات في أنحاء جنين.
وفي مخيم "نور شمس" في طولكرم عاين السكان الأضرار أمس الجمعة أمام المباني المدمرة والطرقات المجروفة. وقال نايف العجمة بأسى، "ما الفرق بيننا وبين غزة؟ لا فرق بيننا وبين غزة، نحن غزة ثانية".