Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحمض النووي يكشف عن هوية مجرم متسلسل بعد 3 عقود

في عام 1992، عُثر على جثة شابة في الـ29 من عمرها، مخنوقة وملقاة على قارعة طريق سريع. في حينها، اعتُقد أنها ضحية جديدة لـ"قاتل الطرق السريعة"، لكن نتائج تحليل الحمض النووي ربطت الجريمة بسائق شاحنات آخر يواجه اليوم اتهامات بأربع جرائم قتل

وارن ألكسندر (أسفل اليسار)، الذي ينتظر المحاكمة بتهمة قتل نونا كوب (أعلى اليسار)، اعتقل بتهمة قتل ثلاث نساء في ولاية كاليفورنيا (أعلى). كان يُعتقد في البداية أن نونا كانت ضحية شون باتريك غوبل (أسفل اليمين) ولكن نتائج تحليل الحمض النووي استبعدته كمشتبه فيه (مكتب المدعي العام لمقاطعة فينتورا)

ملخص

تم القبض على وارن لوثر ألكسندر بعد أن ربطته أدلة الحمض النووي بجرائم قتل ثلاث نساء في كاليفورنيا خلال الثمانينيات. وظلت القضايا من دون حل لعقود من الزمان حتى سمح التقدم في تكنولوجيا الحمض النووي للمحققين بالكشف عن هوية المجرم

كان يجوب الطرقات الطويلة بشاحنته عبر حدود ولاية كارولينا الشمالية، ويعتبر نفسه رجلاً مولعاً بالنساء حتى إنه نقش عبارة "المتوحش" على مقصورة شاحنته، ضحاياه كن في الغالب من العاملات في مجال الجنس، وكان يخنقهن ثم يتخلص من أجسادهن بإلقائها على جوانب الطرق السريعة.

وتمكنت السلطات في ولاية كارولينا الشمالية عام 1995 من إلقاء القبض على شون باتريك غوبل، الملقب بـ"قاتل الطرق السريعة"، واضعة بذلك حداً لسلسلة جرائم القتل التي ارتكبها على مدى سنوات، واتهم بارتكاب ما لا يقل عن أربع جرائم قتل في خمس ولايات.

وكشفت اعترافات غوبل عن تفاصيل مثيرة إذ أقر بقتل بريندا كاي هاغي، البالغة من العمر 45 سنة، في محطة وقود بولاية تينيسي في يناير (كانون الثاني) 1995، وإلقاء جثتها على طريق فرعي بالقرب من الخط السريع رقم 81 في بلدة بريستل بولاية فرجينيا وقال في اعترافاته إنه دهس ساقي الضحية أثناء فراره من موقع الجريمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت ضحيته الأخرى أليس ريبيكا هينز، وعمرها 36 سنة، عاملة في مجال الجنس من ولاية أوهايو، وعُثر على جثتها في بلدة كينغسبورت بولاية تينيسي. وأقر غوبل لاحقاً بذنبه في جريمة قتل بريندا وأليس واعترف أيضاً بجريمة قتل شيري تو مانسور، وعمرها 34 سنة، والتي اختطفها من مدينة فريدريكسبرغ بولاية فرجينيا ومارس معها الجنس ثم خنقها وألقى بجثتها على الطريق السريع رقم 40 بمقاطعة غيلفورد بولاية كارولاينا الشمالية، حيث عُثر على جثتها في الـ19 من فبراير (شباط) 1995.

وفي يناير 1994، واصل غوبل سلسلة جرائمه وكانت ضحيته عاملة جنس اسمها ليزا سوزان أورورك، البالغة من العمر 29 سنة، وجدها على الطريق السريع رقم 10 في ولاية ميسيسيبي. وبعد ممارسة الجنس معها، خنقها وتخلص من جثتها تحت جسر على الطريق السريع رقم 65 في ولاية ألاباما، حيث عُثر على جثتها في الـ23 من يناير. وخلصت التحقيقات الأولية إلى أن الضحية قد توفيت نتيجة انخفاض حرارة الجسم، لكن تبين لاحقاً أنها جريمة قتل متعمدة.

وجرى استجواب غوبل، الذي كان يبلغ من العمر 28 سنة وقت اعتقاله، والتحقيق معه ليس فقط في جريمة القتل التي ارتكبها، بل في جرائم قتل أخرى أيضاً. كانت نونا كوب ضحية محتملة، إذ كانت تبلغ من العمر 29 سنة وعُثر عليها مقتولة خنقاً على جانب مخرج على الطريق السريع رقم 77 في مقاطعة سوي، بولاية كارولاينا الشمالية، في السابع من يوليو (تموز) 1992. لكن اختبار الحمض النووي للسائل المنوي الذي وُجد على جثة كوب لم يكن متطابقاً مع غوبل، وذلك وفقاً لصحيفة "ونستون-سالم جورنال" Winston-Salem Journal. وهكذا، ظلت جريمة قتل نونا كوب لغزا محيراً لمدة 30 عاماً، حتى اكتشف المحققون أنها قد تكون ضحية قاتل متسلسل محتمل آخر، والأمر الرهيب أنه كان سائق شاحنة أيضاً.

القبض على قاتل نونا كوب

وفي أبريل (نيسان) 2021، أعاد المحققون اختبار الحمض النووي الموجود على جثة كوب واستعانوا بخبير الأنساب الدكتور فيتزباتريك من شركة "أيدنتيفايرز إنترناشونال" Identifiers International للمساعدة في حل القضية. وأوضح الدكتور فيتزباتريك قائلاً: "مع مرور الوقت وتطور التقنيات، تمكنا من الحصول على ملف جزئي من نظام فهرسة الحمض النووي المشترك، وهو قاعدة البيانات الوطنية للحمض النووي الخاصة بإنفاذ القانون والمعروف اختصاراً بـ’كوديس‘ "Combined DNA Index System (CODIS)، لكن الأمر استغرق وقتاً، وكان تقدماً تدريجياً" وجاءت نتائج الحمض النووي متطابقة هذه المرة.

وفي الـ15 من مارس (آذار) 2022، ألقت السلطات القبض على وارن لوثر ألكسندر، البالغ من العمر 73 سنة، في مدينة دايموند هيد بولاية ميسيسيبي وجرى تسليمه إلى ولاية كارولاينا الشمالية ليواجه اتهامات في جريمة قتل نونا كوب. وبعد إلقاء القبض عليه، تم إدخال بيانات الحمض النووي الخاص به في قاعدة بيانات الحمض النووي المشتركة.

وحينها شرع المحققون في البحث لمعرفة ما إذا كان حمضه النووي يتطابق مع أي مسارح جريمة أخرى، وما اكتشفوه كان صادماً إذ جاءت النتائج متطابقة مع ثلاث جرائم قتل أخرى في مناطق مختلفة من البلاد ارتكبت قبل 20 عاماً من مقتل نونا.

والضحايا هن كيمبرلي كارول فريتز (18 سنة)، وفيلفيت آن سانشيز (31 سنة)، ولورين آن رودريغز (21 سنة)، وقد قُتلن جميعاً بين مايو (أيار) وديسمبر (كانون الأول) 1977 في ولاية كاليفورنيا، وكن جميعاً عاملات جنس مثل نونا وخُنقن حتى الموت.

وكشفت التحقيقات عن أن ألكسندر عاش في مدينة أوكسنارد بولاية كاليفورنيا، من أواخر الخمسينيات وحتى الستينيات، حيث عمل في مهن عدة مثل سائق تاكسي، وكهربائي في سلاح مشاة البحرية، وسائق شاحنة لمسافات طويلة، مما أتاح له التنقل في جميع أنحاء البلاد.

ويُعتقد أن ألكسندر عاد إلى مدينة أوكسنارد في السبعينيات، وهي الفترة التي تزامنت مع وقوع جرائم القتل.

وجرى تكوين ملفات جينية من الحمض النووي للقضايا القديمة لعام 1977 لكل من كيمبرلي كارول فريتز (18 سنة)، وفيلفيت آن سانشيز (31 سنة)، ولورين آن رودريغز (21 سنة) في وقت ماض، وحاول المحققون العثور على تطابق ولكن من دون جدوى.

وفي عام 2023، قال المدعي العام لمقاطعة فينتورا، إيريك ناسارينكو، إن المحققين أعادوا فحص قضايا عام 1977 وحاولوا إدخال الحمض النووي في قاعدة بيانات الحمض النووي المشتركة مرة أخرى، وهذه المرة، كان هناك تطابق مع الحمض النووري لألكسندر.

وأعرب ناسارينكو عن قلقه قائلًا: "نعتقد أنه قد يكون هناك ضحايا إضافيون محلياً وفي ولايات أخرى. ما زالت التحقيقات في هذه القضية مستمرة ولن تغلق".

وأعربت مؤسسة شركة "أيدنتيفايرز إنترناشونال"، الدكتورة كولين فيتزباتريك، عن اعتقادها بأنه قد يعثر على المزيد من الضحايا. وأوضحت: "المعلومة المهمة في هذه القضية هي أنه [ألكسندر] عاش في ولاية كارولاينا الشمالية ثم في ولاية كاليفورنيا، قبل 15 عاماً. وهو يعمل سائق شاحنة لمسافات طويلة – علينا أن نأخذ ذلك في الاعتبار ونفكر في جميع الضحايا الذين يمكن أن نجدهم بين الولايتين خلال تلك الفترة الزمنية. سيكون عددهم كبيراً".

وتم تسليم ألكسندر إلى الجهات المختصة في ولاية كاليفورنيا لمواجهة اتهامات بقتل ثلاث نساء.

وقال ناسارينكو: "لقد حان يوم الحساب أخيراً في مقاطعة فينتورا".

الضحايا في ولاية كاليفورنيا

كثيراً ما تكهن المحققون بأن جرائم قتل النساء الثلاث عام 1977 من المحتمل أن يكون قد ارتكبها الشخص نفسه.

وفي مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، قال المدعي العام لمقاطعة فينتورا، إيريك ناسارينكو، إن جميع الضحايا الثلاث كن يعملن في مجال الجنس، وقد خُنقن وهن بملابسهن الداخلية، بعد أن اصطُحبن من مركز بلازا مارينا للتسوق إلى موتيلات قريبة.

وذكر المدعي العام أن كيمبرلي كارول فريتز، البالغة من العمر 18 سنة، كانت أولى ضحايا القاتل المتسلسل وعُثر عليها ميتة في موتيل "مارف-أن" في مايو 1977.

وبعد أربعة أشهر فقط، اكتشف موظف في موتيل "فيلا موتور كورت" بمدينة أوكسنارد جثة فيلفيت آن سانشيز (31 سنة) في إحدى الغرف. وأشار المدعي العام إلى أن سانشيز كانت قد انفصلت حديثاً عن زوجها وأطفالها الثلاثة في مدينة بيكرسفيلد، وكانت تقيم في الموتيل منذ شهر تقريباً.

وأفاد شهود عيان للشرطة برؤية رجل ملتحٍ "ذي بنية قوية وشعر بني، يرتدي وزرة وسترة بنية" بصحبة سانشيز قبل وفاتها بوقت قصير، وفقاً لما نشرته صحيفة "فينتورا كاونتي ستار" Ventura County Star آنذاك. وشوهد رجل مع كمبرلي فريتز قبل وفاتها، يطابق الوصف نفسه.

أما لورين آن رودريغز، البالغة من العمر 21 سنة، فقد عُثر عليها ميتة بعد يومين من عيد الميلاد، حيث أُلقيت جثتها على جسر في طريق لاغونا في أوكسنارد، وكانت حمالة صدرها مربوطة حول رقبتها. وعلم المحققون أنها كانت تعيش في موتيل، تماماً مثل فيلفيت سانشيز، قبل وفاتها. وكانت أم لطفلين ومتزوجة وشوهدت آخر مرة على قيد الحياة مساء الـ26 من ديسمب، ويُعتقد أنها قُتلت في مكان آخر وأُلقيت جثتها بجانب الجسر.

هل كاساندرا لي ميلر هي الضحية الخامسة؟

وفي فبراير (شباط) 1978، أعلن الطبيب الشرعي في مقاطعة فينتورا، رونالد كورنبلوم، عن احتمال وجود صلة بين جرائم قتل فريتز وسانشيز، وقضية مقتل امرأة أخرى تدعى كاساندرا لي ميلر، البالغة من العمر 26 سنة

وعُثر على ميلر، وهي عاملة جنس أخرى، ميتة عام 1975 في فندق "بورت هيونيمي سيرف سايد" Port Hueneme Surfside وكانت مخنوقة وجسدها موضوع بشكل مهين بصورة مماثلة للضحايا الأخريات فيما يبدو أنه أمر مقصود لإذلال الضحايا.

وقال كورنبلو لصحيفة "ثاوزاند أوكس ستار" Thousand Oaks Star في ذلك الوقت إنه "مندهش قليلاً بصراحة" لأن الخيوط المشتركة بين هذه الجرائم لم تحظ بتغطية إعلامية على نطاق واسع، وأشار إلى أن كمبرلي ولورين وكاسندرا شوهدن جميعاً مع زبون قبل وفاتهن، ووُضعت جثة كل منهن بطريقة مهينة للضحية.

وقال ناسارينكو خلال مؤتمر صحافي من أسبوعين إن المحققين يبحثون الآن في تورط ألكسندر المحتمل في وفاة كاسندرا ميلر.

ما الإجراء التالي؟

لن يسعى المدعي العام إلى تطبيق عقوبة الإعدام على ألكسندر لأن ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً جداً والشهود يتقدمون في السن. ووافق المسؤولون في مقاطعة سوري بولاية كارولاينا الشمالية على طلب ترحيل ألكسندر، على رغم توجيه اتهامات إليه بالقتل.

ومن المقرر أن يُستدعى ألكسندر للمثول أمام المحكمة العليا في مقاطعة فينتورا في الـ21 من أغسطس (آب) ومحاكمته في كاليفورنيا قبل إعادته إلى ولاية كارولاينا الشمالية. وهو محتجز حالياً في سجن مقاطعة فينتورا من دون إمكانية الإفراج عنه بكفالة.

هل قيادة الشاحنات لمسافات طويلة هي التمويه المثالي لقاتل متسلسل؟

وفقاً لمبادرة مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) لـ"جرائم القتل المتسلسلة على الطرق السريعة" Highway Serial Killings، رُبط سائقو الشاحنات بما لا يقل عن 850 جريمة قتل ارتكبت على الطرق السريعة الأميركية في العقود الأخيرة.

ويوضح مساعد المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، مؤلف كتاب "رحلة طويلة: مطاردة القتلة المتسلسلين على الطرق السريعة" Long Haul: Hunting the Highway Serial Killers، فرانك فيليوتسي، إن البحث الذي أجراه كشف عن أن طبيعة عمل سائقي الشاحنات تمنحهم القدرة على التنقل بين الولايات القضائية المختلفة، مما يصعب تتبع جرائمهم "إذ يمكنهم اختيار ضحية في ولاية، وارتكاب الجريمة في ولاية أخرى، والتخلص من الجثة في ولاية ثالثة، كل ذلك قبل أن تكتشف السلطات أي شيء."

ولا يزال هناك أكثر من 200 قضية قتل على الطرق السريعة لم يجر حلها، ويعمل مكتب التحقيقات الفيدرالي على قائمة تضم نحو 450 مشتبهاً فيهم.

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات