ملخص
المشكلة التي ظهرت حالياً في بيانات الوظائف والتي تؤدي كل مرة إلى هبوط حاد في البورصات الأميركية، أن المستثمرين يعتبرون أنه ربما "الفيدرالي" تأخر في خفض الفائدة وأن الاقتصاد الأميركي دخل فعلاً في حلقة الركود
باتت "وول ستريت" حساسة لأية بيانات اقتصادية، وهوت المؤشرات بصورة حادة في نهاية الأسبوع بنسب وصلت إلى ثلاثة في المئة بعد الإعلان عن تقرير الوظائف الذي أظهر استمرار تباطؤ سوق العمل وترك المتداولين في حيرة حول قرارات بنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه هذا الشهر.
خسائر المؤشرات
وسجل مؤشرا "ستاندرد أند بورز 500" و"داو جونز" أكبر انخفاض أسبوعي لهما منذ مارس (آذار) 2023، وسجل مؤشر "ناسداك" أكبر تراجع أسبوعي له منذ يناير (كانون الثاني) 2022.
وجاءت خسارة المؤشرات "ناسداك" المركب بنحو ثلاثة في المئة و"ستاندرد أند بورز" عند 1.7 في المئة، بينما "داو جونز" عند واحد في المئة.
بيانات الوظائف
وبدأت "وول ستريت" بالتراجع القوي بعد أن أظهرت بيانات وزارة العمل أن أرباب العمل في الولايات المتحدة أضافوا 142 ألف وظيفة في أغسطس (آب) الماضي، وهو أقل من توقعات المحللين عند 160 ألفاً، في حين تم تعديل نمو الوظائف ليوليو (تموز) الماضي إلى 89 ألف وظيفة، وهو أيضاً أقل بكثير من التقديرات، وانخفض معدل البطالة بصورة طفيفة إلى 4.2 في المئة.
مخاوف من تأخر "المركزي"
والمشكلة التي ظهرت حالياً في بيانات الوظائف والتي تؤدي كل مرة إلى هبوط حاد في البورصات الأميركية، أن المستثمرين يعتبرون أنه ربما "الفيدرالي" تأخر في خفض الفائدة وأن الاقتصاد الأميركي دخل فعلاً في حلقة الركود، وأنه لم يعُد ممكناً تحقيق ما يسمى "الهبوط الناعم" للاقتصاد.
ولدى "الفيدرالي" هدفان رئيسان يحاول دائماً أن يوازن بينهما، التضخم والتوظيف، إذ يعمل على زيادة الفائدة في حال ارتفاع التضخم (زيادة أسعار السلع والخدمات)، مما يؤدي إلى تهدئة نمو الاقتصاد، لكنه يحرص أيضاً على منع تأثير التباطؤ الاقتصادي في تراجع التوظيف في البلاد وزيادة البطالة داخل المجتمع.
ترقب حذر لاجتماع سبتمبر
وستكون قرارات الفائدة المرتقبة من اجتماع "الفيدرالي" في الـ17 والـ18 من سبتمبر (أيلول) الجاري، حساسة جداً للأسواق لأنه إذا استمر تسريح العمالة خلال الشهرين المقبلين، فقد يضطر إلى خفض الفائدة 0.5 في المئة، أي أكبر من المتوقع عند 0.25 في المئة، مما يُعدّ إشارة إلى الأسواق أن الاقتصاد في أزمة وأن "الفيدرالي" تأخر فعلياً في الخفض، وسيؤدي إلى حلقة من هبوط الأسواق مرة أخرى،ويعني ذلك أنه بدلاً من أن يكون الخفض الكبير للفائدة إشارة إيجابية للشركات، سيصبح العكس صحيحاً، وهو تحول جذري في كيفية قراءة الأسواق لتحركات "الفيدرالي" المقبلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال محافظ "الفيدرالي" كريستوفر والر أمس الجمعة "لقد حان الوقت" لكي يبدأ البنك المركزي الأميركي سلسلة من خفوضات أسعار الفائدة، مضيفاً أنه منفتح في شأن حجم الخفض والوتيرة"، في إشارة إلى مخاوف مسؤولي "الفيدرالي" وتحولهم إلى تقبل فكرة خفض الفائدة بأكبر من المتوقع.
وحتى الآن، يراهن معظم المتداولين على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال الشهر الجاري وبنسبة 73 في المئة، وفقاً لمؤشر "فيد ووتش" الذي يرصد توقعات المتداولين لأسعار الفائدة، بينما بلغت رهانات خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس 27 في المئة.
قلق من ارتفاع الأسعار
وبسبب حال عدم اليقين في الأسواق الآن، عادت مخاوف تقييم الأسهم والمؤشرات للظهور، وعلى رأسها تقييم مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" الذي يقيس أداء أكبر 500 شركة مدرجة ويعتبر المؤشر المعياري في "وول ستريت"، إذ ارتفع المؤشر أكثر من 13 في المئة هذا العام بربحية (أي سعر المؤشر إلى الأرباح) تبلغ نحو 21 ضعفاً، بحسب توقعات أرباح الشركات المدرجة فيه لمدة 12 شهراً، وهو أعلى بكثير من متوسطه التاريخي البالغ 15.7، وفقاً لشركة "بورصة لندن داتا ستريم".
وبما أن الأسواق تتوقع أداء أسوأ للشركات مع تباطؤ النمو الاقتصادي، وربما الركود، فإن الأرباح وانعكاسها على المؤشر قد يكون مبالغاً فيهما، بحسب توقعات المتداولين في السوق.
تأثير قطاع التكنولوجيا
ويعتبر قطاع شركات التكنولوجيا الأكثر تأثيراً في مؤشر "ستاندرد أند بورز"، نظراً إلى حجم شركات التكنولوجيا الكبرى في البورصات الأميركية، خصوصاً تلك المعروفة بـ"العمالقة السبع".
والقلق الرئيس يأتي منها، فزادت المخاوف من تقييماتها المرتفعة، إذ تصل ربحية القطاع في المؤشر إلى 28 ضعفاً للأرباح المتوقعة، مقارنة بمتوسط ربحية القطاع عند 21 مرة تقريباً.