Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف اجتذبت هاريس الأصوات التي خسرها بايدن؟

من أهم العوامل تراجع عدد الكارهين المزدوجين وحماسة الشباب والسود والنساء

تلقت هاريس دعما من بايدن منذ إعلانه انسحابه من سباق الرئاسة الأميركية (رويترز)

قلب قرار جو بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي الحملة الانتخابية رأساً على عقب وأعطى دفعة من الحماسة للديمقراطيين، وحول ما بدا وكأنه جهد محكوم عليه بالفشل لهزيمة دونالد ترمب إلى نتيجة متقاربة، فما الأصوات التي خسرها بايدن وكسبتها كامالا هاريس؟ وإلى أي الفئات الانتخابية تنتمي؟ وفي أي الولايات توجد؟

في سبعة أسابيع

خلال سبعة أسابيع استثنائية منذ أن حلت محل جو بايدن كمرشحة رئاسية ديمقراطية، استعادت كامالا هاريس كل الأرض التي خسرها سيد البيت الأبيض بين شهري يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) الماضيين، ومحت فجوة الحماس التي فصلت الديمقراطيين عن الجمهوريين، وضيقت مجالات ضعف حزبها التي أعطت ميزة لترمب طوال الحملة الانتخابية وبخاصة في ملفي التضخم والهجرة.

ولم يكن الارتفاع في الدعم الذي تمتعت به هاريس فقط في التصويت الشعبي على المستوى الوطني، ولكن أيضاً في عديد من الولايات المتأرجحة التي تعد ساحة المعركة الرئيسة التي ظهرت أخيراً على رغم استمرار الانتخابات متقاربة مع هوامش صغيرة تفصل بين الحزبين.

وعلى رغم احتضان بايدن وهاريس بعضهما بعضاً وتشابكت أيديهما في عيد العمال وإشادة كل منهما بالآخر سعياً لجذب الناخبين ونقابات العمال في ولاية بنسلفانيا، التي ربما تكون الولاية التي ستتوقف عليها النتيجة، فإن هاريس اتخذت مع حملتها خطوات عملية لإعادة تقديمها للشعب الأميركي، ووضع تصور جديد لحملة بايدن كي يتناسب مع شخصيتها المختلفة من أجل جذب الناخبين الجدد، وأدى ذلك إلى كثير من التكهنات حول الشكل الذي قد يبدو عليه "ائتلاف هاريس" في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وكيف يمكن أن يختلف عن "ائتلاف بايدن" الذي خاض به انتخابات 2020.

 

 

ولمعرفة ذلك، كان لا بد من النظر في معدل تأييد المجموعات الديموغرافية الرئيسة عبر استطلاعات الرأي العديدة التي أجريت منذ انسحاب بايدن من السباق الرئاسي.

تحول في حماسة الناخبين

أصبح التحول الهائل في مدى حماسة الأميركيين هو النتيجة الأكثر وضوحاً في استطلاع حديث أجرته جامعة مونماوث في ولاية نيوجيرسي والذي كشف عن أن الناخبين الذين كانوا متحمسين لإعادة المنافسة بين ترمب وبايدن لم يتجاوز 50 في المئة، لكن حماسة الناخبين بين ترمب وهاريس، قفزت إلى 68 في المئة، وكانت أكبر قفزة بين الديمقراطيين أي من 46 في المئة خلال يونيو (حزيران) إلى 85 في المئة خلال أغسطس (آب)، وكانت هناك أيضاً زيادة ملحوظة في الحماس بين المستقلين (من 34 إلى 53 في المئة)، بينما ظلت حماسة الجمهوريين كما هي دون تغيير عند 71 في المئة.

ويعود ذلك إلى أن الحماس لهاريس كحاملة لواء الديمقراطيين والذي بلغ 47 في المئة، هو أعلى بكثير مما كان عليه بالنسبة لبايدن في وقت سابق من هذا العام حين سجل 32 في المئة فقط، بينما ظل حماس الناخبين لترمب على المستوى الوطني عند 41 في المئة.

انخفاض الكارهين المزدوجين

يفسر تقرير جامعة مونماوث أحد أسباب تمتع هاريس بتأييد أعلى من بايدن وترمب في استطلاع الرأي، بأنه يعود بصورة جزئية إلى انخفاض عدد الكارهين المزدوجين، أي الناخبين الذين لديهم وجهة نظر غير مواتية لكلا المرشحين بايدن وترمب، والتي كانت إحدى سمات سباق ترمب - بايدن، لكن حينما انتقل السباق إلى هاريس، انخفض عدد الكارهين المزدوجين للمرشحين الحاليين إلى النصف.

وإضافة إلى ذلك، احتفظت هاريس بتميز نسبي ضئيل على ترمب في اعتبارها تتمتع بالقدرة على التحمل اللازم للوظيفة الرئاسية وفي قدرتها على فهم مخاوف الناس وتمثيل القيم الأميركية وإحداث التغيير، وكشفت استطلاعات سابقة أن كارهي ترمب وبايدن المزدوجين يريدون إحداث تغييرات، بعدما سيطرت القدرة على القيام بوظيفة الرئيس على خطاب الانتخابات قبل انسحاب بايدن، لكن الآن أصبح 57 في المئة من الناخبين واثقين في أن هاريس تتمتع بالقدرة العقلية والجسدية اللازمة للرئاسة وهي نسبة أعلى بكثير مما كانت عليه بالنسبة لبايدن في وقت سابق من هذا العام، وهي 32 في المئة فحسب، بينما يقول 47 في المئة حالياً الشيء نفسه عن ترمب.

الناخبون الشباب

حققت هاريس أيضاً تقدماً كبيراً مع الناخبين الشباب، وهي الفئة الديموغرافية التي كان بايدن يعانيها في الأشهر الأخيرة، ففي استطلاعات الرأي التي نشرت بين المناظرة وخروجه من السباق، كان متوسط نسبة تأييد بايدن بين الناخبين الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و29 سنة هو 56 في المئة فقط، بما يمثل تراجعاً واضحاً عن أدائه عام 2020، عندما حصل على 63 في المئة من أصوات الناخبين الشباب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أنه منذ تولي هاريس الحملة، زادت نية التصويت بين الناخبين الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و29 سنة إلى 65 في المئة، ولوحظ اتجاهاً مشابهاً مع شباب الناخبين الأميركيين من أصل أفريقي الذين تراجع حماسهم قليلاً، إذ انخفضت حصة هاريس من الأصوات بين هذه المجموعة إلى 61 في المئة، ومع ذلك فإنها تظل في وضع يسمح لها بمضاهاة أداء بايدن عام 2020 أو ربما تتجاوزه بين الناخبين الشباب.

لكن التحليل الأولى لثلاثة استطلاعات أخرى للرأي أجريت أغسطس الماضي أشارت إلى أن أداء هاريس جيد تقريباً مع الناخبين الذين تراوح أعمارهم ما بين 30 و49 سنة و50-64 سنة أو أكثر من 65 سنة، بما يجعلها تقترب مع أداء بايدن عام 2020، ولكن ليس أفضل.

أصوات النساء

منذ عام 1996، صوت غالبية النساء للمرشح الديمقراطي للرئاسة، بينما صوت غالبية الرجال للمرشح الديمقراطي لعام واحد فقط (2008)، لكن أوسع فجوة في التصويت بين الجنسين في التاريخ الحديث حدثت خلال انتخابات عام 2016، إذ ذهب 58 في المئة من أصوات النساء إلى وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون مقابل تصويت 44 في المئة فقط من الرجال، مما أظهر فجوة قدرها 14 نقطة مئوية، وفقاً لمركز "بيو" للأبحاث الذي أشار إلى أن هذه الفجوة بين أصوات الجنسين عادت عام 2020 إلى سبع نقاط، وهو ما يتماشى بصورة أكبر مع القاعدة التاريخية.

وبحسب قياسات الرأي العام، كان تأييد هاريس من النساء بعد ترشحها للمنصب الرئاسي يضاهي تقريباً أداء بايدن عام 2020، ومع ذلك كان متوسط أداء هاريس أفضل بأقل من نقطة واحدة من حصة بايدن في التصويت الحزبي لعام 2020 بين النساء، ولكن بين الرجال، كان أداؤها في المتوسط أسوأ بنحو أربع نقاط من أداء بايدن عام 2020 قبل أن يتحسن قليلاً مع تكثيف الحملة الانتخابية ويصل 46 في المئة من تأييد الرجال خلال الأسبوعين الأخيرين.

الناخبون السود

كان أحد أكبر الأسئلة حول انتخابات 2024 حتى الآن هو ما إذا كان الناخبون غير البيض (بخاصة السود) قد يكونون أكثر ميلاً للتصويت للرئيس السابق دونالد ترمب مقارنة بتصويتهم لمصلحة الجمهوريين في الانتخابات السابقة، ففي متوسط استطلاعات الرأي التي أجريت ونشرت بين موعد المناظرة مع ترمب وانسحاب بايدن، حصل الرئيس الأميركي على 77 في المئة فقط من أصوات السود، وهو أسوأ بكثير من 92 في المئة التي فاز بها بين الناخبين السود عام 2020.

 

 

لكن هاريس حققت تقدماً في الأسابيع الأخيرة من حملتها، وحصدت في المتوسط 84 في المئة من تأييد السود في استطلاعات الرأي، ومع ذلك، فإن حصة هاريس من أصوات الناخبين السود، والتي تحسنت بصورة كبيرة مقارنة باستطلاعات بايدن لعام 2024، إلا أنها لا تزال متأخرة كثيراً عن أدائه عام 2020.

الناخبون اللاتينيون

كان انخفاض تأييد بايدن بين الناخبين من أصول أميركية لاتينية ذا مغزى، وحصل بايدن على 54 في المئة من أصوات هذه الفئة قبل تنحيه عن السباق الرئاسي، مقارنة بنحو 61 في المئة للذين صوتوا له عام 2020.

ويبدو أن هاريس لم تحقق القدر نفسه من النجاح في إقناع الناخبين اللاتين بانتخابها، فحظيت بدعم 56 في المئة من أصوات اللاتين، وهي نسبة لا تختلف كثيراً عن استطلاعات الرأي التي أجراها بايدن قبل انسحابه، لكنها لا تزال أقل من هامشه عام 2020، ولم تزد بصورة ملموسة من الدعم بين هذه الفئة السكانية حتى الآن.

الناخبون في المناطق الحضرية والريفية

حققت هاريس مكاسب بين الناخبين الحضريين، وارتفعت حصة هاريس من أصوات هذه المجموعة من 58 في المئة في الأسبوع الأول من حملتها إلى 63 في المئة في الأسبوع قبل الماضي، وربما يكون هذا مرتبطاً بارتفاع دعمها من السود الذين يشكلون حصة أكبر من سكان المناطق الحضرية مقارنة بسكان الضواحي أو الريف.

وتتفوق هاريس على بايدن بين الناخبين الريفيين والبيض غير الحاصلين على تعليم جامعي، وهما مجموعتان ديموغرافيتان تتفوق فيها هاريس بصورة ملموسة على حصة بايدن من أصوات هؤلاء الناخبين عام 2020، إذ فاز بايدن بـ34 في المئة فقط من حصة تصويت هذه المجموعة، وبالنسبة نفسها بين الناخبين الريفيين، لكن دعم هذه الفئة لهاريس تحسن عن أداء بايدن عام 2020 بنحو خمس نقاط، إذ سجلت 39 في المئة هذا العام.

ولأن هناك تداخلاً كبيراً بين الناخبين الريفيين والناخبين البيض غير الحاصلين على تعليم جامعي، فقد يكون هذان التحسنان مرتبطين أيضاً. وعلى رغم التكهنات قبل انتخابات عام 2020 بأن أداء بايدن سيكون أفضل من أداء هيلاري كلينتون عام 2016 في المقاطعات الريفية، فإن هذا التحسن لم يتحقق أبداً وفقاً لمركز "بيو" للأبحاث، إذ حصلت هيلاري كلينتون على 37 في المئة من حصة أصوات الناخبين الريفيين عام 2016، بينما صوت 34 في المئة لمصلحة بايدن عام 2020، مما يمثل انخفاضاً ملحوظاً عن أداء الرئيس السابق باراك أوباما عام 2012، عندما حصل على 39 في المئة من الأصوات في المقاطعات الريفية، وفقاً لموقع "دايلي يوندر" الإخباري.

وحتى الآن، تشير استطلاعات الرأي إلى أن أداء هاريس بين الناخبين الريفيين يشبه أداء أوباما أكثر من هيلاري كلينتون أو بايدن، وإذا تمكنت هاريس من الاستمرار في التفوق، فستتاح لها الفرصة لإعادة بعض الناخبين إلى الحزب الديمقراطي، بعدما وصل الحزب الديمقراطي إلى أدنى مستوى له من التأييد بين الأميركيين الريفيين في عامي 2016 و2020، وقد يفسر هذا أيضاً سبب ظهور هاريس بصورة أقوى في استطلاعات الرأي في ويسكنسن مقارنة بولاية بنسلفانيا على رغم حقيقة أن بنسلفانيا صوتت إلى يسار ويسكنسن في كل من عامي 2016 و2020، إذ يتجاوز عدد سكان ويسكنسن الريفيين، عدد سكان بنسلفانيا الريفيين.

وبحسب مدير معهد استطلاعات الرأي بجامعة مونماوث باتريك موراي فإن الانتخابات تبدو مختلفة، إذ رفع تغيير المرشح سقف الدعم الديمقراطي المحتمل في المنافسة الرئاسية بمقدار صغير، ولكنه حاسم، في الأقل خلال الوقت الحالي.

المزيد من تقارير