Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سجال تونسي حول قرار الإضراب العام لـ"اتحاد الشغل"

قال إنه للمطالبة بتطبيق الاتفاقات السابقة مع الحكومة ومراقبون يؤكدون أن "هيبة الاتحاد باتت على المحك"

الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي يحيي الجمهور خلال الاحتفالات بعيد العمال الماضي (أ ف ب)

ملخص

يشار إلى أن اتحاد العام التونسي للشغل يعيش أحلك فتراته بعد تمرير المركزية النقابية الفصل 20 المثير للجدل من خلال المجلس الوطني الذي انعقد بالحمامات في أغسطس 2020، الذي دعا إلى عقد مؤتمر استثنائي لتنقيح القانون الأساسي في 26 أكتوبر 2020 من أجل تمديد ترشح المكتب الحالي لفترة نيابية أخرى، وهو ما تسبب في أزمة طاحنة داخل المنظمة الشغيلة لا تزال نتائجها تظهر إلى اليوم.

تبنت اللائحة العامة للمجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل، المنعقد من الخامس وحتى ‏‏السابع من سبتمبر (أيلول) الجاري، مبدأ الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية من دون تحديد الموعد. وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعاً في تونس بين مؤيد للحق في الإضراب والنضال من أجل العمال ومعارض يعتقد أن هذا الإضراب يهدف إلى تصدير أزمة داخلية طاحنة قد تنهي تاريخ هذا الصرح النقابي.

ويأتي قرار الإضراب العام للمطالبة بالحق في التفاوض وفتح الحوار ‏الاجتماعي واحترام الحق النقابي وتطبيق الاتفاقات والاستجابة للمطالب الاجتماعية ‏المضبوطة في اللائحة المهنية للمؤتمر.

الحق النقابي

في هذا الصدد يقول الصحافي بصحيفة "الاتحاد العام التونسي للشغل" صبري الزغيدي، إن "المجلس الوطني للاتحاد تطرق خلال مؤتمره إلى كافة القضايا المتعلقة في الشأن العام على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فعلى المستوى السياسي اعتبر الأمين العام للاتحاد أن المشهد السياسي يتسم بالتضييق على الحريات إلى جانب ضرب الحق النقابي، وهذا يظهر من خلال عشرات الاتفاقات التي تم الانقلاب عليها بين اتحاد الشغل وحكومة نجلاء بودن السابقة. وكل هذه الأسباب جعلت المجلس الوطني للاتحاد يقر الإضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع الخاص كنوع من الضغط".

ويضيف الزغيدي إلى "اندبندنت عربية"، "يجب التذكير بأن هذا الإضراب ليست له علاقة بالانتخابات الرئاسية، بل هو من أجل الاستحقاقات الاجتماعية والنقابية". لكنه يوضح أن "المجلس الوطني ناقش المناخ العام للانتخابات المقبلة واعتبرها غير ملائمة ودعا إلى عدم التصويت لمن ضرب الحقوق العامة والنقابية".

ويتابع أن "إقرار الإضراب بالنسبة إلى اتحاد الشغل مسألة اضطرارية وليس هدفاً بحد ذاته، هو وسيلة للضغط على السلطة التنفيذية من أجل العودة إلى طاولة الحوار وتطبيق الاتفاقات السابقة".

أزمة هيكلية

يشار إلى أن اتحاد العام التونسي للشغل يعيش أحلك فتراته بعد تمرير المركزية النقابية الفصل 20 المثير للجدل من خلال المجلس الوطني الذي انعقد بالحمامات في أغسطس (آب) 2020، والذي دعا إلى عقد مؤتمر استثنائي لتنقيح القانون الأساس في 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 من أجل تمديد ترشح المكتب الحالي لفترة نيابية أخرى، وهو ما تسبب بأزمة طاحنة داخل المنظمة الشغيلة لا تزال نتائجها تظهر إلى اليوم.

في هذا السياق يرى المحلل السياسي مهدي المناعي، أن "اتحاد الشغل أعلن الإضراب، لكنه لم يعلن عن تاريخه، وربما لا يتم تنفيذه لأنهم في الحقيقة يعرفون جيداً أنه لن يلقى التجاوب المطلوب، ولن يكون لهذا الإضراب دور في التأثير في المشهد السياسي أو على سير العملية الانتخابية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف المناعي، "لا يخفى على أحد أن اتحاد الشغل يعيش أزمة هيكلية منذ عام 2020 بعد قرار تمديد ترشح المكتب التنفيذي الحالي لمرحلة نيابية أخرى، الأمر الذي ضرب الديمقراطية في الاتحاد، إضافة إلى أن عدداً من أعضاء المكتب الحالي تحوم حولهم شبهات الفساد مما خلق تطاحناً كبيراً بين مساندي المكتب الحالي ومعارضيه".

ويواصل، "على مر التاريخ كلما يتجاوز اتحاد الشغل الحدود المسموح بها ويدخل في مواجهة صدامية مع السلطة تكون النتائج كارثية على هذه المنظمة، وتحدث انشقاقات في صفوفها على غرار ما نعيشه اليوم".

إضافة إلى الأزمة الهيكلية، يعتقد المناعي أن "ثمة أزمة تسييرية"، مفسراً ذلك بأن "اتحاد الشغل لم يعد يلعب الدور الذي كان يلعبه سابقاً، لأن الشعارات التي كان يرفعها تتبناها السلطة اليوم، وأهمها عدم الرضوخ لإملاءات صندوق النقد الدولي، والدفاع عن الطبقة الشغيلة، والترفيع في الحد الأدنى للأجور". مضيفاً أن "رئيس الجمهورية في كل اجتماع يؤكد أهمية إصدار قوانين في هذا الاتجاه".

هيبة الاتحاد

بحسب تقدير المناعي، فإن "شعبية الاتحاد العام التونسي للشغل انهارت أمام الرأي العام نظراً إلى ملفات الفساد التي تحوم حول قياداته، ثم دوره في العشرية السوداء، وإسهامه في تعيين وزراء وولاة وغيرهم من المسؤولين".

يشار إلى أن النيابة العمومية فتحت عديداً من القضايا ضد قياديين في اتحاد العام التونسي للشغل بتهم فساد داخل المؤسسات العمومية.

من جهتها تقول الصحافية ضحى طليق، إن "إقرار الإضراب العام هو تصدير لأزمة داخلية"، موضحة "لا بد من وضع هذا القرار في إطاره، فقد جاء في أعقاب انتهاء اجتماعات المجلس الوطني للاتحاد، الذي عرف صراعات كبيرة بين أعضائه مما اضطر الأمين العام للاعتذار بخصوص التمديد في مدة نيابية أخرى، بالتالي فهذا الإضراب جاء لاسترجاع هيبة الاتحاد وثقة القواعد به".

كما يرى المحلل السياسي عبدالجليل بوقرة، أن "الجميع يتفق على مرور اتحاد الشغل بأزمة، لكن يختلفون في تحديد أسبابها وفي وسائل علاجها. ويعتقد البعض أن تغيير القيادة الحالية كفيل بتجاوز الأزمة، لكنني أرى هذا التصور سطحياً ولا يفهم عمق الأزمة ولا يقدرها". مؤكداً، "أنها أزمة هيكلية وستزيدها تداعيات الثورة التكنولوجية عمقاً وحدة".

ويستدرك بوقرة، "لكن ذلك لا يعني غياب الحلول العاجلة، التي ألخصها في بعض المقترحات وأوجهها إلى النقابيين النزهاء من غير الباحثين عن المغانم والامتيازات، وهي إلغاء التفرغ النقابي وبقاء النقابيين في أماكن عملهم لضمان تواصلهم المباشر مع نظرائهم ومع ظروف عملهم". مضيفاً "يجب انتداب متخصصين في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والإدارية لمساعدة النقابيين أثناء التفاوض مع الأعراف ومع الحكومة بإعداد ملفات التفاوض، والأهم تحديد كل المسؤوليات النقابية بدورتين فقط".

ويتابع، "يوفر اتحاد الشغل حالياً كثيراً من الامتيازات للمسؤولين النقابيين، وهذا ما يتسبب في حدة الصراعات وخروجها أحياناً عن الأخلاقيات النقابية النبيلة. كما يتسبب أيضاً في تشبث المسؤولين بالكراسي. لذا ففي إلغاء تلك الامتيازات هو إسهام جيد في عقلنة الاختلافات وعودة الاتحاد إلى دوره الاجتماعي الأصيل وتخلصه من الفاسدين".

المزيد من تقارير