Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل اقترب الجيش السوداني من النصر؟

عودة المواجهات بين فريقي القتال في جبهات عدة

نازحون سودانيون في مخيم تديره مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بلدة القلابات الحدودية السودانية في ولاية القضارف (أ ف ب)

ملخص

إلى أي مدى ينظر المراقبون العسكريون إلى الوضع العملياتي في السودان في ضوء التطورات الحالية؟ وهل بالفعل بات الجيش قريباً من تحقيق النصر وحسم المعركة لصالحه؟

عادت حدة المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" من جديد في جبهات قتالية عدة، بخاصة في مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري بعد فترة من الهدوء الحذر، إذ يتبادل الطرفان القصف المدفعي بكثافة، فضلاً عن تنفيذ الطيران الحربي التابع للجيش غارات جوية شبه يومية على مواقع وارتكازات "الدعم السريع" داخل العاصمة وخارجها، مما أسفر عن سقوط عديد من الضحايا وسط المواطنين.

يأتي ذلك في وقت أكد مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ركن ياسر العطا أن قوات الجيش في أفضل حالاتها، متعهداً تحقيق نصر قريب في أعقاب الحصول على أسلحة نوعية جديدة، "وهو ما سيحدث تحولاً كبيراً، فضلاً عن إسهامها في تدمير الدعم السريع". وأشار العطا خلال مخاطبته جمعاً من العسكريين في مقر الفرقة الثالثة مشاة في مدينة شندي شمال الخرطوم على بعد 150 كيلومتراً، إلى أن الجيش السوداني سيتحرك قريباً من جميع الاتجاهات لتحرير كل شبر من أرض السودان. ودعا الأمم المتحدة إلى منع الدول الداعمة لـ"الدعم السريع" من تزويدها بالأسلحة والذخائر والمؤن، بدلاً من التوصية بإرسال قوات لحماية المدنيين.

لكن إلى أي مدى ينظر المراقبون العسكريون إلى الوضع العملياتي في السودان في ضوء التطورات الحالية؟ وهل بالفعل بات الجيش قريباً من تحقيق النصر وحسم المعركة لصالحه؟

تغيير الاستراتيجية

في السياق قال الناطق الرسمي السابق باسم الجيش السوداني الفريق أول ركن محمد بشير سليمان "من الملاحظ أن الفترة ما قبل مفاوضات جنيف وأثناءها وما بعدها اتسمت بحالة من الهدوء العملياتي بين القوات المسلحة السودانية و(الدعم السريع)، وهي فترة تعرف في مجال العلم العسكري بفترة إعادة التنظيم، بخاصة بالنسبة إلى الجيش السوداني، إذ يتم فيها تقييم الأداء العملياتي السابق تحديداً ما يتعلق بالإيجابيات والسلبيات ومعرفة الأخطاء ونقاط الضعف لمعالجتها، وتعد هذه الفترة أيضاً بمثابة استراحة للقوات، مع استكمال تنظيماتها من حيث القوة البشرية، والتأمين اللوجيستي لمواد تموين القتال، استعداداً للمرحلة المقبلة لبدء إدارة العمليات، أي أن تكون هذه القوات في كامل الجاهزية".

وأضاف سليمان "توقف القتال في الفترة السابقة كان أيضاً لأسباب فصل الخريف حيث هطول الأمطار التي تؤثر في التحركات كافة، والنشاط العملياتي على وجه الخصوص، بما في ذلك التأثير في العمليات الجوية، ولعل ذلك جاء مصادفة مع مفاوضات جنيف ذات الاتجاه الواحد التي رفضت السلطات السودانية المشاركة فيها وغابت عنها للأسباب المعلومة، مما أدى لفشلها".

وتابع "بالتأكيد دخول أسلحة جديدة ونوعية بحسب ما ذكر مساعد القائد العام للجيش الفريق أول ركن ياسر العطا سيقوي من جاهزية القوات المسلحة، وهي تستعد بصورة أدق وأشمل لهذه الحرب حتى يتم طرد (الدعم السريع) من المدن والمناطق التي تنتشر فيها وصولاً إلى حسم هذه الحرب التي لم يعلن الجيش توقفها بتاتاً، بل ظل حديث القيادة العسكرية المستمر يؤكد أن القرار المركزي يسير في اتجاه الهدف الاستراتيجي العسكري المتمثل في تحرير كل أرض السودان، بمشاركة الشعب السوداني من خلال المقاومة الشعبية المسلحة". وتوقع الناطق الرسمي السابق باسم الجيش السوداني أن "يتم في المرحلة المقبلة تغيير الاستراتيجية العسكرية تماماً، بما في ذلك تجاوز حالة البطء العملياتي التي تستغلها (الدعم السريع) بما يجهض استراتيجيتها المتمثلة في الانتشار السريع والواسع مع التدمير، وهو ما سيؤدي إلى تحقيق النصر، وحسم الحرب التي تستهدف تفكيك الدولة السودانية، وإحداث التغيير الديموغرافي الذي يخطط له أعداء السودان إقليمياً ودولياً عبر هذه الميليشيات ومرتزقتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تجهيز وتدريب

من جانبه قال عضو تجمع الضباط وضباط الصف والجنود السودانيين المتقاعدين "تضامن" اللواء معتصم العجب "نجد في الحروب المماثلة لحرب السودان أنه دائماً ما تشتد حدة ووتيرة المعارك قبل خوض أي مفاوضات، وكذلك في حال انهيارها، بالتالي من الطبيعي أن تحتد المعارك بين الجيش و(الدعم السريع) هذه الأيام". وتابع "نلحظ في هذه الحرب، بخاصة من جانب قيادة الجيش أنها اعتادت على إطلاق أحاديث مثيرة ومحل جدل مثل اقتراب ساعة النصر والحسم وغيرها من العبارات، وهي في الحقيقة رسائل تريد توجيهها لجهات معينة، بخاصة قوات الجيش والمستنفرين من المقاومة الشعبية الذين بدأ مدهم يتضاءل بعد أن وجدوا أنفسهم في مقدم القتال وليس كمساعدين للعسكريين المحترفين لهذا العمل، ما أحدث وسطهم خسائر كبيرة لعدم تأهيلهم بصورة كافية تتيح لهم المشاركة بفاعلية في هذه الحرب التي تتطلب دراية ومعرفة بكل حاجات العمل العسكري، فضلاً عن رفع الروح المعنوية بصورة عامة من أجل استمرار الحرب".

وبين أن "الجيش السوداني اتبع طوال عهده منهجاً محدداً للمشاركة في العمليات سواء بالنسبة لعناصره أو القوات المساندة كمتطوعين، وجرى ذلك في حرب الجنوب منذ اندلاعها عام 1955 وانتهت بانفصاله عام 2011، على رغم توقفها في الفترة بين سنتي 1972 و1983 بموجب اتفاق أديس أبابا، إذ كان الجيش يشكل الثلثين والقوات المساندة الثلث خلال تلك الحرب بعد تدريبها وزجها في المعارك تدريجاً". وزاد العجب "الخطاب الذي يتبناه الجيش السوداني حالياً يتجه نحو مزيد من التصعيد، وإعلانه عن حصوله على أسلحة نوعية وجديدة هو تأكيد على اختياره خيار الحرب، لكن هذا لا يعني أن الحسم سيكون قريباً لأن أي نوع من الأسلحة الجديدة يحتاج لفترة تجهيز وتدريب".

وواصل "المعركة التي تدور في السودان ليست معركة واحدة فهي معارك كبيرة تجري في رقعة جغرافية شاسعة تمتد من ولاية النيل الأزرق في الجنوب الشرقي للبلاد حتى الحدود الغربية مع تشاد، إذ سقط في هذه المساحة عديد من المدن والحاميات العسكرية، سواء في مدني وسنجة وجزء من مناطق كردفان وأربع ولايات في دارفور من مجموع خمس". وأضاف أيضاً "معلوم أن قوات (الدعم السريع) تتحرك في وحدات صغيرة مستخدمة عدداً قليلاً من المركبات لا تتعدى ثلاث أو أربع مركبات قتالية، ما يجعل من الصعب القضاء عليها بواسطة الطيران الحربي نظراً إلى انتشارها في مناطق واسعة، بالتالي يكون التأثير عليها بسيطاً لعدم تجمعها أو تمركزها بصورة جماعية". واستبعد عضو تجمع الضباط وضباط الصف والجنود السودانيين المتقاعدين انتصار طرف على الآخر في هذه الحرب بصورة حاسمة، لأنها حرب تعتمد على الكر والفر، "وهي أقرب لحرب العصابات، بالتالي لن تكون لها نهاية إلا عبر الحل السلمي".

تردي الأوضاع

وأدت عودة المعارك للعاصمة الخرطوم إلى تدهور الأوضاع الإنسانية فيها باطراد في ظل النقص الكبير في الغذاء، إذ توقف عديد من المطابخ المركزية عن العمل، خصوصاً في منطقة شمبات.

وتشهد الخرطوم بحري والخرطوم انتشاراً واسعاً للأمراض المعدية مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك والتيفود، وغيرها، في موازاة خروج معظم المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة وعدم توفر الأدوية والمعينات الطبية في العدد المحدود الذي ما زال يعمل.

وتعمل "مجموعة العمل لتعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" ALPS حالياً على فتح معبر جديد لإيصال المساعدات إلى مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري من طريق عطبرة وشندي، لكن الأمر يواجه بمعارضة من طرفي الحرب، في حين تتواصل الانتهاكات في مدن العاصمة الثلاث بصورة يومية من قبل طرفي القتال.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات