Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حراك السويداء السورية يتجه نحو المأسسة والتأطير

تشدد اللجنة السياسية في رؤيتها وأهدافها على سلمية التظاهرات والانتقال في البلاد وفق القرار رقم 2254

شهدت محافظة السويداء احتجاجات متواصلة على مدى أعوام ضد النظام السوري (أ ف ب)

ملخص

مع دخول التظاهرات والاحتجاجات في محافظة السويداء جنوب سوريا عامها الأول، شكل الحراك هيئة عامة تضم عدداً من اللجان لمتابعة التطورات، وأبرزها اللجنة السياسية التي تحمل على عاتقها الدفاع عن مطالب المحتجين في المحافظة وعموم البلاد.

قبل أكثر من عام نزل سكان من محافظة السويداء جنوب سوريا إلى ساحات المدينة والبلدات والقرى التابعة لها احتجاجاً على الواقع السياسي والمعيشي المتردي في مناطقهم وعموم البلاد، رافعين شعارات تدعو إلى التغيير والانتقال السياسي في البلاد وفق القرارات الدولية ولا سيما القرار (2254).

وحافظ المحتجون على سلمية حراكهم الشعبي الذي أصبح شبه يومي، وتحولت ساحة السير وسط مدينة السويداء إلى نقطة تجمع المحتجين والمتظاهرين من الفئات المختلفة لتسمى لاحقاً بـ "ساحة الكرامة"، تعبيراً عما تنادي به التحركات من صون كرامة المواطن ورفض الاستبداد والحال المتردية التي وصلت إليها البلاد جراء أزمتها البنيوية منذ أكثر من 13 عاماً.

وعلى رغم أن هذه الاحتجاجات والتظاهرات تلقى الدعم والمساندة من الزعامات الدينية والاجتماعية والسياسية في المجتمع الدرزي ذي الغالبية في محافظة السويداء السورية، وعلى رغم وجود عدد من الفصائل والمجموعات المسلحة الأهلية المناوئة للنظام السوري فإن الحراك لم يسلك طريق المواجهة العسكرية والأمنية المباشرة مع قوات النظام التي تراخت قبضتها الأمنية والعسكرية على المحافظة، كما ملأت هذه المجموعات الفراغ الذي تركته السلطات الحكومية في المحافظة، وواجهت بقوة هجمات تنظيم "داعش" على قرى ريف المحافظة.

مخاض الحراك

ومع استمرار الحراك السلمي في قرى وبلدات مختلفة من المحافظة إضافة إلى مركز مدينة السويداء، تأسست الهيئة العامة لحراك السويداء السلمي في الثامن من يوليو (تموز) الماضي، والمكونة من ممثلي نقاط الحراك بعدما تشكل "فريق العمل" المكلف من قبل المرجع الديني شيخ العقل حكمت الهجري، إذ كان الفريق مكوناً من مجموعة من النخب في المحافظة وأخذ على عاتقه تنظيم عملية انتخاب لممثلين عن كل نقطة حراك على امتداد جغرافية السويداء، والذين بلغ عددهم 60 ممثلاً، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الشفافية في تمثيل المنطقة، ومن ثم تشكلت الهيئة العامة التي بدورها انتخبت من بين أعضائها لجنة تحضيرية لانتخاب وتشكيل اللجان اللازمة لعمل الهيئة بصورة ديمقراطية، إذ تمخضت عنها لجان سياسية وقانونية وإعلامية وتنظيمية.

وتتألف اللجنة السياسية من 11 عضواً منتخباً "انتخاباً ديمقراطياً نزيهاً من قبل الهيئة العامة، وجميعهم من نشطاء الحراك الموجودين في السويداء"، بحسب ناشطين، وتضم بين أعضائها أربع سيدات انتخبن من دون وجود كوتا (حصة خاصة) بالنساء.

ويقول عضو اللجنة السياسية في حراك السويداء سقراط نوفل لـ "اندبندنت عربية" إن "اللجنة السياسية منبثقة بالانتخاب الديمقراطي عن الهيئة العامة لحراك السويداء السلمي الذي أدرك منذ بداياته، كموجة ثانية للانتفاضة السورية، أهمية تنظيم العمل ومأسسته ونقله من الشعبي إلى المؤسساتي، من أجل توحيد الجهود وتركيزها على تحقيق التطلعات المُحقة والأهداف المشتركة للسوريين في الكرامة والحرية والعدالة والديمقراطية والمواطنة".

ولفت نوفل إلى أن دورها يتمحور حول تمثيل الحراك سياسياً وفقاً لمبادئه وثوابته المتمثلة في الرؤية السياسية التي أعلنتها اللجنة بعد أن صادقت عليها الهيئة العامة للحراك.

مبادئ عامة

وتبنت اللجنة السياسية في رؤيتها جملة من المبادئ العامة في مقدمها الإصرار على التحرك السلمي كخيار إستراتيجي لتحقيق الأهداف، كما تؤكد التظاهر السلمي في ساحات الكرامة في السويداء وأية منطقة سورية، باعتبار أنه الرافعة الأساس للحل السياسي ووحدة التراب السوري والهوية السورية، ورفض كل أشكال التغيير الديموغرافي إضافة إلى الخلاص من الاستبداد والتطرف والإرهاب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أهداف الحراك

وتشدد الرؤية السياسية للحراك المدني على ضرورة الانتقال السياسي السلمي وأن الحل السوري الفعلي لم يبدأ بعد، وأن "النتائج الكارثية للحل الأمني الذي انتهجه النظام السوري مستمرة إلى يومنا هذا عبر القتل والاعتقال والتهجير وتآكل سبل العيش أمام 90 في المئة من عموم السوريين، وتحول البلاد إلى دولة غير آمنة تتجه إلى المجهول".

وبناء على ما سبق فإن الحراك السلمي في السويداء يهدف إلى  تنفيذ الحل السياسي بمرجعية القرارات الدولية ذات الصلة، والعمل على إصدار قرارات دولية جديدة "لإيقاف الكارثة السورية وإنهاء الاستبداد والحركات المتطرفة وتلك المصنفة على قوائم الإرهاب العالمي، والتي حولت سوريا لأكبر موزع للكبتاغون، إضافة إلى إطلاق معتقلي الرأي وكشف مصير المغيبين قسراً، ورفع الوصاية الأمنية والحزبية عن مؤسسات الدولة، وتحقيق البيئة الآمنة لعودة المهجرين واللاجئين، وتحقيق العدالة الانتقالية واستعادة القرار السوري والفصل في معاهدات النظام وصفقاته التي استباحت ثروات الشعب وممتلكاته، وتحقيق السلام والاستقرار لكل الأطياف السورية وعموم دول المنطقة"، وفق رؤية الحراك.

وتعتبر الهيئة العامة للحراك المرجعية والجهة التي تنبثق عنها اللجان المتخصصة واللجنة السياسية ضمناً، ويتحفظ نوفل على تسمية "المجتمع الدرزي" بتمثيله من قبل حراك السويداء "باعتبار أن السويداء متنوعة على رغم الغالبية الدرزية فيها، فهي تضم أشخاصاً من باقي الطوائف والأديان"، مشدداً على أن "حراك السويداء سوري وطني لا تختلف مطالبه عن مطالب السوريين أينما كانوا وأياً كانت انتماءاتهم الطائفية أو الدينية أو العرقية".

وأفاد بأن "اللجنة السياسية تضم عدداً من الأعضاء المنتمين إلى مكونات مختلفة، لكنها الجهة الوحيدة المخولة تمثيل حراك السويداء السلمي، إضافة إلى أنها تلعب على تركيز وتفعيل النشاطات السياسية، وهي تشكيل جديد تماماً قائم على أساس الانتخاب الديمقراطي الذي يضمن صدقية التمثيل ويحمل رسالة السلمية والسلام"، وفق تعبيره.

منفتحون على العلاقات

وحول علاقات اللجنة مع الأطراف الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية في الملف السوري، يقول عضو اللجنة السياسية إنهم منفتحون "ضمن مبادئ وثوابت حراكنا ورؤيتنا السياسية المُعلنة على التواصل مع جميع الشركاء في الوطن والذين يسعون مثلنا إلى إنهاء المأساة السورية واستعادة الكرامة والحرية والحقوق، وبناء دولة المواطنة والديمقراطية بطرق سلمية لا مكان فيها لأي نوع من التطرف، سواء كان دينياً أو عقائدياً"، إضافة إلى أنهم منفتحون على أي تواصل مع الدول العربية والإقليمية وأية دولة صديقة وفاعلة، بما يسهم في دفع عملية الانتقال السياسي وفقاً للقرارات الدولية وفي مقدمها القرار رقم (2254).

كما أن احتمالات عقد التحالفات قائمة مع الأطراف السورية، "عدا الجهات التي أثبتت أنها تعمل عكس تطلعات السوريين من طريق تكريس التطرف الديني والحروب الطائفية، وتقديم المصالح الشخصية أو الخارجية على مصالح السوريين".

ويشدد نوفل على أنهم لا يرسمون أي مستقبل لمنطقتهم بشكل منفرد، مضيفاً "نحن سوريون قبل كل شيء، وكل رؤانا ومساعينا تندرج تحت الباب الوطني الجامع، ونحن لا نناقش شكل الحكم في منطقتنا والبلاد الآن، لأنه يأتي بعد تحقيق الانتقال السياسي الذي ينهي المأساة السورية ويضمن إسهام السوريين في تقرير شكل الحكم واتفاقهم، ولا نسعى إلى حلول فردية بمعزل عن شركائنا في الوطن".

القطع مع النظام

ويختتم عضو اللجنة السياسية لحراك السويداء المدني بأن رؤيتهم السياسية المعلنة رسمياً والمصادق عليها من قبل الهيئة العامة للحراك تتمحور حول الانتقال السياسي وفقاً للقرارات الدولية المتعلقة بالمسألة السورية وفي مقدمها القرار رقم (2254)، "فحراكنا متمسك بسلميته ونرى فيها الضامن الوحيد لاستمراره وتحقيق الانتقال السياسي المنشود بمساعدة الأطراف الدولية والدول العربية والإقليمية".

وعلى رغم وجود الحكومة السورية في المحافظة فإن نوفل نوه إلى أن العلاقة مع النظام السوري منقطعة، أما على المستوى الخدماتي، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن السويداء لا تزال تحت سلطة النظام، "فهي لا تحظى بخدمات، وهو منهج يتبعه النظام للضغط على الحراك السلمي الشعبي في محاولة لإنهائه من طريق قطع المحروقات وافتعال أزمات المياه وغيرها من الأساليب"، وفق تعبيره، غير أن النظام دائماً ما ينفي هذه الاتهامات مؤكداً أن هذه حال باقي مناطق البلاد التي تعيش تحت وطأة الحرب والعقوبات.

مشاركة النساء

وتبرز مشاركة النساء بصورة كبيرة ضمن الحراك السلمي داخل السويداء، سواء في التظاهرات أو أروقة المجالس واللجان المتشكلة حديثاً، إذ تشارك أربع منهن في اللجنة السياسية انتخبن مع سبعة رجال في تشكيلها، وقد اختير الأعضاء الـ 11 من بين 55 مرشحاً.

وتقول عضو اللجنة السياسية في الحراك السلمي المدني في السويداء باسمة العقباني إن السوريين لطالما حلموا بانتخابات ديمقراطية مثل التي جرت في لاختيارها عضوة في اللجنة من دون "كوتا نسائية"، مضيفة أن هذا يدل على ازدياد إسهام النساء في الشأن العام وأهمية مشاركتهن وضرورة وجودهن، "بخاصة أن الحراك من البداية تميز بالتشارك المميز والواسع للنساء، وهذه المشاركة أكسبت الحراك صفة المدنية والسلمية، وأنه أبعد ما يكون عن التزمت والتعصب الديني ويعكس المطالب المحقة لعموم السوريين بالعيش الكريم والحرية وحق المواطنة المتساوية للجميع".

وتضيف العقباني بأنه من خلال وجودها وزميلاتها في اللجنة السياسية فقد تشاركن بفاعلية كل النشاطات وسير عمل اللجنة ومناقشة الآراء، إضافة إلى التشجيع على استمرار التظاهر والمبادرات التي تجدد نشاط الساحة وتحرص عليها، وفق تعبيرها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير