Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تاريخ طويل من استخدام إسرائيل وسائل الاتصال في الاغتيالات

القيادي في "كتائب القسام" يحيى عياش أول ضحاياها وغالباً ما تحتاج إلى العملاء

أجهزة نداء منفجرة في منطقة بعلبك شرق لبنان (أ ب)

ملخص

تعلمت "حماس" من اغتيال إسرائيل مهندسها العسكري يحيى عياش قبل 29 عاماً، فابتعدت من استعمال الجوال.

لا تشبه طريقة تفجير إسرائيل أجهزة النداء (بيجر والووكي توكي) الخاصة بمقاتلي "حزب الله" اللبناني إلا الطريقة التي اغتالت فيها تل أبيب القيادي في "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" يحيى عياش قبل 29 عاماً في قطاع غزة.
ففي مطلع عام 1996 تمكن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) من اغتيال عياش وذلك بعد خمسة أعوام من ملاحقته، وثلاث محاولات فاشلة لاغتياله.

ومن خلال زرع متفجرات في جهاز هاتفه الجوال قضت إسرائيل على المطلوب الأول لديها حينها.

ومع أن عياش من سلفيت في وسط الضفة الغربية لكنه لجأ إلى بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة للتخفي عن إسرائيل، ونقل خبراته العسكرية في صناعة المتفجرات إلى "كتائب القسام" في القطاع.

وأسهم عياش في تطوير صناعة المتفجرات لحركة "حماس"، وفي الإشراف على سلسلة العمليات التفجيرية التي وقعت في إسرائيل في تسعينيات القرن الماضي.

وحدة اغتيال خاصة

وبعد سلسلة من عمليات التفجير التي نفذتها حركة "حماس" في إسرائيل، أنشأ رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إسحاق رابين وحدة خاصة لاغتيال عياش، لكنها فشلت مرات عدة في الوصول إليه في الضفة الغربية.
وجندت إسرائيل أفضل عناصرها الحربية والاستخباراتية والتكنولوجيا الحربية لملاحقة عياش وفعلت شبكة من العملاء الفلسطينيين.
وتمكن خبير تكنولوجي إسرائيلي من تطوير بطارية خاصة للهاتف الجوال نصفها بطارية، ونصفها الآخر مواد شديدة الانفجار (زنة 50 غراماً).

ومع أن عياش لم يكن يمتلك هاتفاً جوالاً، لكن الاستخبارات الإسرائيلية تمكنت عبر عملائها وبطريقة معقدة وغير مباشرة من إيصال الجوال له، وتفجيره عند أول اتصال له عبره.

عميل فلسطيني

وسلم "الشاباك" جهاز الجوال لعميل فلسطيني لإسرائيل وهو قريب لأسامة حماد، الذي كان عياش يختبئ في منزله في بلدة بيت لاهيا.

وبحسب الرواية الإسرائيلية التي خرجت بعد أعوام طويلة على الاغتيال، فإن العميل الفلسطيني لم يكن يعرف أن جهاز الجوال كان ملغوماً، لكنه سلمه إلى عياش عبر قريبه أسامة، وقطع خط الهاتف الأرضي في ذلك البيت.
وعند الساعة الثامنة والنصف من صباح الخامس من يناير (كانون الثاني) 1996 حصل عياش على جهاز الجوال من صديقه أسامة، لكي يتحدث مع والده بعد انقطاع الهاتف الأرضي.

إشارة إلكترونية

وفي تمام الساعة التاسعة رن الهاتف الجوال وكان على الخط والد يحيى الذي طلب التحدث مع ابنه "أخذت له الهاتف الجوال، وسمعت يحيى يسأل عن صحة والده"، قال حماد "وخرجت من الغرفة لأتركه وحده". وبعد أن بقي عياش وحده في الغرفة استقبل جهاز الجوال إشارة إلكترونية أدت إلى تشغيل العبوة المتفجرة الصغيرة. وحينها لم يسمع أحد صوت الانفجار المميت، قبل أن يعود أسامة حماد إلى الغرفة، ويشاهد عياش غارقاً في دمه.
ولم تكن تلك العملية الوحيدة لاغتيال قادة فصائل وكوادر فيها عبر أجهزة الاتصالات اللاسلكية.

عمليات أخرى

في بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، اغتالت إسرائيل القيادي في حركة "فتح" سميح الملاعبي بعد زرعها شريحة متفجرة في هاتفه الجوال، أدت إلى انفجاره قرب مخيم قلنديا للاجئين شمال القدس.

وفي دمشق اغتالت إسرائيل القيادي في حركة "حماس" عز الدين صبحي الشيخ خليل عام 2004، إثر انفجار عبوة ناسفة مزروعة تحت مقعد السائق في سيارته، وعقب تلقيه مكالمة هاتفية على جواله سمع دوي الانفجار.
لكن استخدام إسرائيل لأجهزة الاتصالات في اغتيال الفلسطينييين يعود إلى سبعينيات القرن الماضي.

ففي مطلع عام 1972 اغتال جهاز "الموساد" القيادي في حركة فتح والسفير الفلسطيني لدى فرنسا محمود الهمشري. ويومها حدد عنصر في الموساد انتحل شخصية صحافي إيطالي موعداً لإجراء مقابلة مع الهمشري في مكتب "منظمة التحرير الفلسطينية" في باريس، قبل يومين من الاغتيال.
وحينها تسلل عملاء "الموساد" إلى المكتب ووضعوا قنبلة متفجرة يتم التحكم فيها من بعد تحت الأرضية الخشبية تقع أسفل طاولة الهاتف.
وخلال الساعة التاسعة صباحاً رن جرس الهاتف والتقط الهمشري السماعة، فانفجرت القنبلة وأصابته بجروح بليغة في الفخذ، ومات متأثراً بجروحه بعد شهر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خطورة الهاتف

ومنذ اغتيال عياش تنبهت حركة "حماس" وبخاصة جناحها العسكري إلى خطورة استعمال أجهزة الهواتف الجوالة واللاسلكية، وهو ما أسهم في فشل إسرائيل باغتيال قائد الحركة الحالي يحيى السنوار.

واعتبر الباحث السياسي أنور رجب أن إسرائيل استغلت التكنولوجيا في عملياتها العسكرية منذ عقود سواء في التجسس والتنصت، أو عمليات الاغتيال.

وأوضح رجب أن تل أبيب تتفوق بصورة كبيرة في ذلك على الفصائل الفلسطينية، و"حزب الله" اللبناني.

لكن رجب شدد على أن "توظيف التكنولوجيا في الاغتيال وجمع المعلومات لا يمكن أن يتم دون الاستعانة بالعنصر البشري أي العملاء على الأرض".

واعتبر رجب أن "اغتيال إسرائيل يحيى عياش عبر زرع متفجرات بجهاز جواله تعد علامة فارقة في أساليب الاغتيال"، مشيراً إلى أن "حركة ’حماس‘ تنبهت منذ ذلك لتلك الأساليب، وتجنب جناحها العسكري خصوصاً استخدام الهواتف الجوالة".
لكن رجب أشار إلى أن إسرائيل زرعت أجهزة تنصت في مقسم الهاتف الخاص بحركة "حماس" قبل أربعة أعوام، قبل أن تكتشف الحركة ذلك، إلا أن "إسرائيل فجرت المقسم حينها".

وبحسب رجب فإن "إسرائيل استعملت التكنولوجيا في ملاحقة قادة وكوادر الفصائل الفلسطينية بكثرة خلال الانتفاضة الثانية"، مضيفاً أن "الفلسطينيين أيضاً استخدموا تلك التكنولوجياً في التفجير من بعد، وفي جمع المعلومات".
وعن التشابه بين اغتيال إسرائيل عياش والتفجيرات المتزامنة في لبنان خلال اليومين الماضيين، أشار رجب إلى أن "الأسلوب واحد والتقنية ذاتها". لكنه أشار إلى أن الاختلاف بين الواقعتين يعود إلى أن اغتيال عياش كان لشخص واحد، لكن التفجيرات في لبنان شملت الآلاف من مقاتلي "حزب الله" بصورة متزامنة بعد عملية معقدة لزراعة المتفجرات في أجهزة النداء واللاسلكي.
وبحسب رجب فإن "حزب الله" بما يمتلكه من إمكانات عسكرية وتقنية باعتباره ذراعاً لإيران كان يفترض أن يكون متيقظاً لتلك الأساليب.
ووفق رجب فإن "يحيى السنوار متيقظ بشدة لتلك الأساليب الإسرائيلية، ولا يستخدم الهواتف الجوالة أو الثابتة في اتصالاته، ويستخدم بدلاً من ذلك الأساليب التقليدية في التواصل على رغم الوقت الطويل الذي تستغرقه".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير