ملخص
الأمم المتحدة تدين تفجيرات أجهزة الاتصال في لبنان وتعتبرها انتهاكاً للقانون الدولي ووزير الدفاع الأميركي يعبر عن قلقه إزاء التصعيد في الشرق الأوسط
في وقت تواصل فرق الإنقاذ البحث عن ناجين تحت أنقاض مبنى الضاحية الجنوبية لبيروت، تبادل الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" إطلاق الصواريخ عند الحدود وسط مخاوف من توسع الصراع في المنطقة على وقع التصعيد.
وقال الجيش الإسرائيلي اليوم السبت إنه فرض قيوداً على التجمعات من مدينة حيفا الشمالية حتى الحدود مع لبنان تحسباً لرد من الحزب على ضربة إسرائيلية استهدفت قادة للجماعة في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الجمعة.
رصد استعدادات
كما أعلن الجيش الإسرائيلي مساء السبت أن "عشرات" الطائرات الحربية تشن "غارات واسعة" ضد أهداف لـ"حزب الله" في جنوب لبنان. وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري "في الساعة الأخيرة نقوم بشن غارات واسعة في جنوب لبنان بعد رصد استعدادات ’حزب الله‘ لإطلاق قذائف صاروخية نحو الأراضي الاسرائيلية"، وذلك في تصريحات بعيد الثامنة مساء (17:00 بتوقيت غرينتش). وأضاف أن "عشرات الطائرات الحربية تهاجم أهدافاً إرهابية ومنصات صاروخية".
وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية في لبنان، بأن غارات إسرائيلية استهدفت أطراف بلدة البيسارية في الجنوب بعدة غارات وتوجهت سيارات الإسعاف إلى المكان. وقصفت الطائرات الإسرائيلية جبل الريحان وخراج بلدات السريرة والقطراني وشبيل في منطقة جزين، وبلدة ميس الجبل وأطراف الخرايب عند البحر من جهة عدلون وفي النجارية من جهة البيسارية، وأطراف تفاحتا وأطراف الزرارية لجهة قلعة ميس الجبل، حسب "الوكالة الوطنية".
وفي البقاع الغربي شرق لبنان، استهدف القصف الإسرائيلي أطراف بلدات لبايا وأبو راشد والقطراني ومنطقة عين الزرقا عند أطراف بلدة طيرحرفا.
وقالت وسائل إعلام محلية إن عدد الغارات الإسرائيلية تخطى الـ 70، فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش قصف 100 هدف وطاول مناطق على بعد أكثر من 30 كيلومتراً عن الحدود.
في المقابل وبالتزامن، دوت صفارات الإنذار في مناطق عدة شمال إسرائيل، وأعلن "حزب الله" في سلسلة بيانات أنه استهدف كلاً من "القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في ثكنة بيريا بصلية من صواريخ الكاتيوشا"، و"مركز تموضع كتيبة استطلاع 631 التابعة للواء غولاني في ثكنة راموت نفتالي بصلية من صواريخ الكاتيوشا"، و"ثكنة زرعيت بالأسلحة الصاروخية"، و"مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل بصلية من صواريخ الكاتيوشا".
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن الجيش قوله إنه تم إطلاق نحو 25 صاروخاً من لبنان باتجاه شمال إسرائيل، مما تسبب باندلاع حرائق في عدد من المواقع من دون تسجيل إصابات.
37 قتيلاً
في الأثناء، قالت وزارة الصحة اللبنانية إن حصيلة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الجمعة ارتفعت إلى 37 قتيلاً في الأقل، بينهم ثلاثة أطفال وسبع نساء، إضافة إلى 68 جريحاً.
وكان وزير الحصة فراس الأبيض قال في وقت سابق اليوم إن العدد الإجمالي لضحايا هجمات اللاسلكي والغارة على الضاحية بلغ 70 قتيلاً (وبعد آخر حصيلة ارتفع إلى 76)، مما يعني أن حصيلة قتلى التفجيرات اللاسلكية الثلاثاء والأربعاء ارتفعت من 37 إلى 39 قتيلاً. وقال إنه لا يزال هناك أشلاء لقتلى في ضاحية بيروت لم يتم التعرف إليهم.
ونعى "حزب الله" اللبناني 16 عنصراً قتلوا بالضربة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية أمس الجمعة بينهم قياديان في الأقل وفق ما أكد مصدر مقرب من الحزب لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم السبت، فيما تستمر أعمال البحث عن مفقودين تحت الأنقاض.
وبعد نعيه ابراهيم عقيل قائد "قوة الرضوان"، قوة النخبة في الحزب، نعى في بيانات متتالية 15 عنصراً، بينهم القيادي أحمد محمود وهبي الذي أشرف على العمليات العسكرية لـ"قوة الرضوان" حتى أوائل العام الجاري.
وكان مصدر آخر مقرب من "حزب الله" أفاد أمس بأن الاستهداف حصل خلال اجتماع عقيل مع "قادة" ميدانيين في الحزب.
الضاحية الجنوبية
وأكد "حزب الله" في بيان مساء أمس مقتل القائد العسكري البارز في الجماعة إبراهيم عقيل بالضربة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، ووصفه بأنه "أحد كبار قادته".
وأعلنت إسرائيل الجمعة مقتل أحد كبار قادة "حزب الله" وقياديين بارزين آخرين في الجماعة اللبنانية بغارة جوية إسرائيلية على بيروت.
قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن نحو 10 من كبار قادة "حزب الله" لقوا حتفهم إلى جانب إبراهيم عقيل قائد "وحدة الرضوان" التابعة للجماعة اللبنانية.
واستهدفت الضربة الإسرائيلية أمس فتحة مرآب (غراج) أحد المباني في الضاحية، ودمر الانفجار الطوابق السفلية من المبنى بينما كان عقيل يجتمع بقادة آخرين في الداخل. وأفاد شهود بسماع صفير عال وعدة انفجارات متتالية وقت الغارة.
وفي بيان مقتضب نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن أهداف إسرائيل واضحة وإجراءاتها تتحدث عن نفسها.
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على منصة "إكس"، "سيستمر تسلسل الإجراءات في المرحلة الجديدة حتى نحقق هدفنا، وهي العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم". وكان غالانت قد قال الأسبوع الماضي إن إسرائيل ستشن مرحلة جديدة من الحرب على الحدود الشمالية.
وجاءت الغارة بعد يومين من استهداف "حزب الله" في هجوم أدى إلى انفجارات متزامنة لأجهزة اتصال لاسلكي تعرف باسم "البيجر" وأجهزة لاسلكي "الووكي توكي" يستخدمها أعضاء الجماعة مما أسفر عن مقتل 37 وإصابة الآلاف.
ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل نفذت الهجمات على رغم أنها لم تنف أو تؤكد ضلوعها فيها.
وحشية وإرهاب
ووصف وزير الخارجية اللبناني الجمعة تفجير آلاف أجهزة الاتصال المحمولة هذا الأسبوع في بلاده بأنه هجوم "إرهابي" وحمل إسرائيل مسؤوليته.
وقال عبدالله بوحبيب أمام مجلس الأمن الدولي إن الانفجارات التي قتلت العشرات في مختلف أنحاء لبنان على مدى يومين هي "أسلوب حرب غير مسبوق في وحشيته وإرهابه"، مضيفاً أن "استهداف آلاف الأشخاص من مختلف الأعمار يمارسون أعمالهم في منازلهم، في الشوارع، في وظائفهم، في مراكز التسوق، هو ببساطة إرهاب".
بدوره، شدد مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن على أنه "إذا لم ينسحب ’حزب الله‘ من منطقة الحدود ويعود لشمال نهر الليطاني عبر القنوات الدبلوماسية، فإن إسرائيل ستستخدم كل الوسائل للدفاع عن مواطنيها".
إدانة أممية
شدد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك أمام مجلس الأمن الجمعة على أن القانون الدولي يحظر "تفخيخ" أجهزة مدنية الطابع.
وأكد خلال اجتماع طلبته الجزائر بعد التفجيرات المتزامنة هذا الأسبوع لأجهزة اتصال لاسلكية تابعة لـ"حزب الله" في لبنان، أن "ارتكاب أعمال عنف تهدف إلى نشر الرعب بين المدنيين يعد جريمة حرب".
وأضاف تورك أن "الحرب لها قواعد"، مكرراً دعوته إلى إجراء تحقيق "مستقل ودقيق وشفاف"، وتابع أن "استهداف آلاف الأفراد بصورة متزامنة، سواء كانوا مدنيين أو أعضاء في جماعات مسلحة، من دون معرفة من يحمل الأجهزة المعنية وموقعهم وبيئتهم وقت الهجوم، ينتهك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي حيثما ينطبق".
ولفت إلى أنه "من الصعب أن نرى، في هذه الظروف، كيف يمكن أن تكون مثل هذه الهجمات متسقة مع المبادئ الأساسية للتمييز والتناسب والحيطة".
وأضاف المفوض الأممي "تمثل هذه الهجمات تطوراً جديداً في الحرب، إذ تصبح أجهزة الاتصالات أسلحة، ولا يمكن أن يكون هذا وضعاً طبيعياً جديداً".
ضبط النفس
قبل الاجتماع، دعا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف إلى التزام "أقصى درجات ضبط النفس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ستيفان دوجاريك "نحن قلقون بشدة بشأن التصعيد المكثف حول الخط الأزرق، بما في ذلك الضربة الدامية التي وقعت اليوم في بيروت. وندعو جميع الأطراف إلى وقف التصعيد على الفور. ويجب على الجميع التزام أقصى درجات ضبط النفس".
وقال مبعوث إيران لمجلس الأمن إن بلاده تظهر باستمرار أقصى درجات ضبط النفس من أجل السلام الإقليمي والأمن ومحادثات وقف إطلاق النار في غزة.
من جهته، قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون في تصريحات للصحافيين "ليس لدينا أي نية لخوض حرب مع ’حزب الله‘ في لبنان، لكن لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو"، مشدداً على ضرورة "الدفاع" عن الإسرائيليين.
ورداً على سؤال عما إذا كانت إسرائيل مسؤولة عن تفجير أجهزة الاتصال في لبنان، قال دانون إنه لا يريد التعليق. وتابع "لكن يمكنني أن أقول لكم إننا سنبذل كل ما في وسعنا لاستهداف هؤلاء الإرهابيين".
بعد انفجار آلاف من أجهزة اتصال كان يستخدمها أعضاء "حزب الله" الثلاثاء والأربعاء، وهي عملية خلفت 37 قتيلاً و2931 جريحاً، تكثف تبادل القصف منذ الخميس بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" المدعوم من إيران.
قلق أميركي
عبر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الجمعة عن قلقه من التصعيد بين إسرائيل وجماعة "حزب الله" اللبنانية في مكالمته الهاتفية السادسة مع نظيره الإسرائيلي في أقل من أسبوع وحث على التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة.
وركز أوستن على الحل الدبلوماسي في بيان جاء عقب إشارة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى بداية مرحلة جديدة من الحرب.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في بيان إن أوستن أكد لغالانت "قلقه تجاه التصعيد الحالي في تبادل إطلاق النار بين إسرائيل و’حزب الله‘ اللبناني".
وكتب غالانت في وقت سابق من الجمعة على موقع التواصل "إكس"، "سلسلة الإجراءات في المرحلة الجديدة ستتواصل حتى نحقق هدفنا وهو العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم".
وجرى إجلاء عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ بدأ "حزب الله" قصف إسرائيل بالصواريخ في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة حيث اندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس".
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي الجمعة إنه ليس لديه علم بأي إخطار من إسرائيل للولايات المتحدة قبل تنفيذ هجمات بيروت، مطالباً الأميركيين بشدة بتجنب السفر إلى لبنان أو مغادرته إذا كانوا هناك بالفعل.
وأضاف كيربي "الحرب هناك عند الخط الأزرق ليست حتمية، وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لمحاولة منعها"، وذلك في إشارة للحدود اللبنانية الإسرائيلية.