Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ستحدد ولاية نورث كارولينا ساكن البيت الأبيض؟

فاز بها الجمهوريون 10 مرات خلال 11 انتخابات رئاسية لكن الخريطة السكانية تغيرت

ناخبو ولاية كارولينا من ذوي البشرة السمراء يعززون حظوظ هاريس    (أ ف ب)

ملخص

إضافة إلى عامل تزايد السكان الذين يميلون إلى التصويت للديمقراطيين، أصبحت نورث كارولينا ولاية تنافسية بفضل عامل ديموغرافي آخر وهو أن لديها الكثير من الناخبين من ذوي الأصل الأفريقي، حيث يبلغ عدد سكانها في سن التصويت من الأميركيين الأفارقة 21 في المئة، في حين أن الولايات المتحدة ككل لا يتجاوز عدد الأميركيين الأفارقة فيها 12 في المئة فقط مما يعزز حظوظ كامالا هاريس.

عندما بدأت دورة انتخابات 2024 كان الحديث في الولايات المتحدة يقتصر على ست ولايات أساسية متأرجحة، لكن نورث كارولينا لم تنضم فقط كولاية إضافية سابعة، بل أصبحت بأصواتها الـ 16 في المجمع الانتخابي قادرة على أن تحدد من سيدخل البيت الأبيض على رغم أن الجمهوريين فازوا بها 10 مرات خلال آخر 11 انتخابات رئاسية، فما سبب هذا التحول الذي تشهده نورث كارولينا؟ وهل يمكن أن يخسرها دونالد ترمب على رغم فوزه بها في عامي 2016 و2020؟

تحول كبير

منذ أن فاز الرئيس الديمقراطي ليندون جونسون بأصوات نورث كارولينا قبل 60 سنة، لم يفز الديمقراطيون بالولاية سوى مرتين فقط، جيمي كارتر في عام 1976 وباراك أوباما في عام 2008، بل إن فوز أوباما كان بهامش ضئيل للغاية بلغ 14177 صوتاً فقط، ومع ذلك ظلت الولاية حلماً يراود الديمقراطيين لأنهم ظلوا على مسافة قريبة من الفوز من دون أن ينجحوا في تحقيق هدفهم، بخاصة أن هامش فوز ترمب بالولاية عام 2016 ضد هيلاري كلينتون بفارق 173315 صوتاً، تراجع ضد جو بايدن عام 2020 إلى 74483 صوتاً أي 1.3 في المئة فقط، وهو أصغر هامش لأي ولاية فاز بها.

 لذلك لم يكن من المستغرب أن تستثمر حملة كامالا هاريس جهوداً أكبر في نورث كارولينا لانتزاعها من ترمب بما قد يضمن لها الفوز بالرئاسة إذا رسخت مكانتها في ولايات الغرب الأوسط العلوي والتي تعرف بولايات الجدار الأزرق أو ولايات حزام الصدأ وهي بنسلفانيا وميتشغان ووسكنسن.

وبحسابات المكسب والخسارة، يمكن لولاية نورث كارولينا أن تكون طريق هاريس للوصول إلى البيت الأبيض، إذ يمكن أن تكون بديلاً جيداً إذا خسرت ولاية ميتشغان (15 صوتاً انتخابياً) وخسرت أيضاً جميع الولايات الجنوبية المتأرجحة الأخرى (جورجيا وأريزونا ونيفادا) إذا ما حافظت على الفوز بولايتي بنسلفانيا ووسكنسن، لأن ذلك سيضمن لها الفوز بـ 271 صوتاً أي أنها ستتخطى عتبة الفوز المطلوبة وهي 270 صوتاً بفارق صوت واحد فقط.

أما بالنسبة للرئيس ترمب، فإن خسارته نورث كارولينا سيزيد من صعوبة الفوز بالرئاسة، حتى لو فاز بولايات الجنوب جورجيا وأريزونا ونيفادا، وسيتعين عليه في هذه الحالة الفوز بولاية بنسلفانيا (19 صوتاً انتخابياً) ليفوز بـ 271 صوتاً بفارق صوت واحد فقط عن عتبة الفوز، أما إذا خسر نورث كارولينا وبنسلفانيا وفاز بولاية ميتشغان أو وسكنسن، فلن يتمكن من الفوز لأنه لن يتخطى عتبة 270 صوتاً انتخابياً من أصوات المجمع الانتخابي البالغة 538 صوتاً.

مركز العالم السياسي

ولأن نورث كارولينا تمتلك 16 صوتاً انتخابياً شأنها في ذلك شأن ولاية جورجيا، فقد اكتسبت خلال الفترة الأخيرة أهمية متساوية، وأصبحت مركزاً للعالم السياسي في الولايات المتحدة، بعدما أثبتت مرة أخرى أنها على حافة السكين التي تفصل بين اللونين الأحمر الذي يشير إلى الحزب الجمهوري، والأزرق الذي يشير إلى الحزب الديمقراطي، بحسب ما يقول كريستوفر كوبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ويسترن كارولينا.

تؤكد هذه الحقيقة استطلاعات الرأي الأخيرة حيث يظهر متوسط ​​استطلاعات الرأي لمؤسسة 538 في ولاية نورث كارولينا أنه متعادل، وذلك بعد أسابيع قليلة من تضارب نتائج استطلاعات للرأي التي أشار أحدها في مركز أبحاث المسح بجامعة شرق كارولينا أوائل سبتمبر (أيلول) الجاري، أن ترمب يتقدم على هاريس بنسبة 48 في المئة مقابل 47 في المئة، وهي فجوة بنقطة واحدة ضمن هامش الخطأ الذي يبلغ ثلاث نقاط، في حين أظهر استطلاع أكثر حداثة أجرته جامعة كوينيبياك خلال الشهر ذاته أن هاريس تتقدم على ترمب بنسبة 49 في المئة مقابل 46 في المئة، وهو ما يدخل أيضاً ضمن هامش الخطأ.

 

وإذا ثبتت دقة استطلاعات الرأي الحالية، فإن هذا يمثل تحولاً كبيراً بالنسبة للولاية سريعة النمو السكاني والمتنوعة عرقياً والتي تتجه ببطء في الاتجاه الديمقراطي، ففي انتخابات عام 2000، فاز الجمهوريون بفارق 13 في المئة، وخلال 2004 فازوا بفارق 12 في المئة، لكن في عام 2016 فازوا بفارق 3.6 في المئة، قبل أن يفوزوا عام 2020 بفارق 1.3 في المئة فقط، وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد يكون الأمر مجرد مسألة وقت حتى يفوز الديمقراطيون بالولاية مرة أخرى.

تغير التركيبة السكانية

عندما تغير الولايات توجهاتها السياسية، فغالباً ما يكون ذلك بسبب التغيرات في عدد السكان ونوعيتهم، ويبلغ عدد سكان نورث كارولينا حالياً نحو 11 مليون نسمة، ويشكل البيض ما يقرب من ثلثي سكان الولاية (65 في المئة)، في حين أن 21 في المئة من الأميركيين الأفارقة، و7 في المئة من اللاتين، و3 في المئة من الأميركيين الآسيويين أو سكان جزر المحيط الهادئ و1 في المئة من متعددي الأعراق.

لكن سكان الولاية يتزايدون باستمرار، فقد ارتفع عدد السكان 11 في المئة خلال الأعوام الـ 12 الماضية، ومنذ عام 2021 ارتفع العدد نحو نصف مليون نسمة، ما جعل نورث كارولينا تسجل خامس أسرع نمو سكاني في الولايات المتحدة، وهي الآن تاسع أكبر ولاية بالبلاد، بينما يتوقع أن تصبح سابع أكبر ولاية أميركية من حيث عدد السكان خلال العقد المقبل.

وبنظرة فاحصة أكثر، كانت أكثر مناطق الولاية نمواً منطقة رالي- دورهام- كاري، حيث شهدت هذه المنطقة منذ عام 2020 زيادة في عدد سكانها بنسبة 5.6 في المئة، وأدى وجود ثلاث جامعات بحثية كبيرة بها والنمو في صناعات التكنولوجيا الفائقة والعلوم الأخرى إلى تحولات مهمة في التركيبة السكانية للولاية.

سارت جميعها في اتجاه يبدو أكثر ملاءمة للديمقراطيين، إذ انجذب إلى هذه الصناعات والمناطق ذات النمو المرتفع السكان الجدد القادمين من ولايات ديمقراطية بشكل كبير، وكثير منهم من ذوي البشرة الملونة والعديد منهم حاصلون على درجات جامعية وكلها مرتبطة بالناخبين الديمقراطيين وفقاً لمعهد بروكينغز في واشنطن.

انتقال ديمقراطي

وعلى سبيل المثال، جاءت أكبر الزيادات في صافي الهجرة إلى ولاية نورث كارولينا من كاليفورنيا ونيويورك وولايات نيو إنغلاند الأخرى، وهي مناطق ديمقراطية بشكل كبير في أنماط التصويت الخاصة بها، ومن المرجح أن يستمر عديد من هؤلاء الأشخاص في التصويت للديمقراطيين في ولايتهم الجديدة.

ومن بين أكثر من 900 ألف شخص انتقلوا إلى ولاية نورث كارولينا بين عامي 2010 و2020، ما يقرب من 90 في المئة من ذوي البشرة الملونة الذين يرجح أن يجلبوا عادات التصويت الديمقراطية معهم إلى ولايتهم الجديدة، والأهم من ذلك، أن نسبة سكان ولاية نورث كارولينا الحاصلين على مؤهل جامعي آخذة في الازدياد وفقاً لدراسة أجرتها جامعة كارولينا الشمالية في تشابل هيل، حيث زاد عدد الحاصلين على مؤهل جامعي في الولاية منذ عام 1990، بمقدار 1.4 مليون و70 في المئة منهم ولدوا خارج الولاية وهذا مهم بشكل خاص نظراً لأن أحد أهم المؤشرات على الناخب الديمقراطي هذه الأيام هو ما إذا كان حاصلاً على تعليم جامعي أم لا.

الأميركيون الأفارقة

وإضافة إلى عامل تزايد السكان الذين يميلون إلى التصويت للديمقراطيين، أصبحت نورث كارولينا ولاية تنافسية بفضل عامل ديمغرافي آخر وهو أن لديها الكثير من الناخبين من ذوي الأصل الأفريقي، حيث يبلغ عدد سكانها في سن التصويت من الأميركيين الأفارقة 21 في المئة، في حين أن الولايات المتحدة ككل لا يتجاوز عدد الأميركيين الأفارقة فيها 12 في المئة فقط، وهذا يعني أن ميل الولاية للتصويت أكثر للديمقراطيين يزداد، ليس فقط لأن الناخبين من أصل أفريقي ديمقراطيون بقوة في كل مكان، ولكن أيضاً لأن الأميركيين من أصل أفريقي في الولاية يصوتون للديمقراطيين بنسبة 92 في المئة مقارنة بـ 87 في المئة على مستوى الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولأن هاريس تنتمي إلى هذه الفئة من الأميركيين الأفارقة، يراهن الديمقراطيون على إمكانية حشدهم للتصويت في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) بمعدل أكبر من المعدل الذي دفعهم للتصويت لبايدن عام 2020.

وتعمل رئيسة الحزب الديمقراطي في الولاية أندرسون كلايتون على إحداث هزة في السياسة، وهي تعتقد أن الناخبين قادرون على كسر حلقة ركود الحزب الديمقراطي والمساعدة في تحويل نورث كارولينا الشمالية إلى ولاية زرقاء في نوفمبر.

ويتمثل جوهر استراتيجية التنظيم الانتخابي للحزب الديمقراطي في حشد الناخبين من الأميركيين الأفارقة، والاستفادة من الحرم الجامعي في جميع أنحاء الولاية لتشجيع الشباب على التسجيل للتصويت وتجنيدهم كمتطوعين، بهدف المساعدة في حمل حملة هاريس إلى خط النهاية.

ورقة ترمب الرابحة

لكن الجمهوريين لا يزالون يمتلكون ورقة رابحة واحدة في نورث كارولينا، وهي عدد سكانها الريفي الكبير، حيث يعيش 27 في المئة من ناخبي ولاية كارولينا الشمالية في مناطق ريفية، وهي نسبة أعلى من جميع الولايات الست الرئيسة الأخرى المتأرجحة، فقد أصبحت المناطق الريفية في الولاية أكثر احمراراً بشكل ملحوظ منذ فوز أوباما في عام 2008، بخاصة أن مناطق الجنوب، تميل إلى أن تكون أكثر تديناً ومحافظة من العديد من الولايات الشمالية.

ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي أجريت عام 2020، فاز بايدن بنسبة 40 في المئة فقط من أصوات المناطق الريفية في نورث كارولينا، في حين تشير استطلاعات الرأي الأخيرة لعام 2024، أن تأييد هاريس في هذه المناطق لم يتحسن على الإطلاق، إذ بلغ متوسط ​​دعمها 38 في المئة بين الناخبين الريفيين في الولاية.

القضايا في مصلحة ترمب

لعل دخول نورث كارولينا المتأخر في معركة الولايات المتأرجحة، جعل جزءاً من الناخبين ليسوا متأكدين تماماً حول كيفية التفكير في هذه الانتخابات، ففي أحدث استطلاع للرأي أجرته ريدفيلد وويلتون مع صحيفة "الغارديان"، في الولايات المتأرجحة، قال 9 في المئة من الناخبين في ولاية نورث كارولينا إنهم لا يعرفون ما هي القضية الأكثر أهمية في تحديد طريقة تصويتهم، في حين أن الولايات الست الكبرى الأخرى المتأرجحة التي شملها الاستطلاع، كان 3 في المئة فقط من الناخبين غير متأكدين بشأن قضيتهم الرئيسة.

لكن بشكل عام، بدت القضايا التي يهتم بها الناخبون في ولاية نورث كارولينا مشابهة جداً للولايات المتأرجحة الأخرى، إذ كانت القضايا الثلاث الأولى هي الاقتصاد والهجرة والإجهاض، وكان الاقتصاد والتضخم على رأس اهتمامات الناخبين وهو ما يعمل كثيراً لمصلحة المرشح الجمهوري دونالد ترمب ويحمل الكثير من علامات التحذير للديمقراطيين.

وفي حين جعل الحزب الديمقراطي الإجهاض أحد الركائز الأساسية لحملته على مستوى البلاد، يبدو أن القضية أقل بروزاً في ولاية نورث كارولينا مقارنة بالولايات الأخرى، حيث قال 11 في المئة فقط من سكان ولاية نورث كارولينا إن الإجهاض هو القضية الأكثر أهمية في تحديد تصويتهم، وهو أدنى مستوى بين جميع الولايات المتأرجحة.

 

ليس هذا فحسب، فقد أيدت غالبية (43 في المئة) من البالغين في ولاية نورث كارولينا حظر الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل، وهو أكثر صرامة من حظر الإجهاض الحالي بعد 12 أسبوعاً والذي تم تطبيقه منذ أكثر من سنة بقليل.

وإضافة إلى عامل التضخم الذي يؤرق كثيراً من الأميركيين وبخاصة أبناء الطبقة الوسطى والذي يصب في مصلحة الرئيس السابق دونالد ترمب، هناك قضية أخرى مهمة تواجه سكان ولاية نورث كارولينا الشمالية وهي الإسكان، حيث ارتفع متوسط ​​سعر المساكن في ولاية نورث كارولينا من 193200 دولار في استطلاع 2017-2019 إلى 280600 دولار في استطلاع 2020-2022، وهو سابع أكبر زيادة في البلاد من حيث النسبة المئوية، بينما تشير البيانات الأخيرة إلى أن أسعار المساكن في الولاية استمرت في الارتفاع منذ ذلك الحين.

تأثير سباق حاكم الولاية

على رغم أن انتخابات حكام الولايات ليست خاضعة لقضية الانتماء والولاء الحزبي مثما هي الحال في الانتخابات الرئاسية أو انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، إلا أن السباق على منصب حاكم ولاية نورث كارولينا ربما يكون على النقيض من ذلك بسبب ترشيح الجمهوريين مارك روبنسون الذي لديه تاريخ من الإدلاء بتصريحات يمينية مسيئة، وزاد عليها ما كشفته شبكة "سي أن أن" أخيراً أن روبنسون أدلى بسلسلة من التعليقات السابقة على موقع إباحي، اعترف فيها بأنه "نازي أسود"، وتمنى عودة العبودية، وتفضيله أن يتولى أدولف هتلر قيادة البلاد بدلاً من الرئيس السابق أوباما، وفي الماضي دافع عن عقوبة الأطفال بدنياً، وقال إن النساء لا ينبغي لهن أن يكن قائدات، وأعرب عن شكوكه بشأن الهولوكوست.

ومع تقدم المدعي العام الديمقراطي جوش شتاين على مارك روبنسون بنسبة 49 في المئة مقابل 40 في المئة، يأمل بعض الديمقراطيين أن تنتقل شعبية روبنسون الضعيفة إلى ترمب وتتسبب في خسارته للولاية.

وبينما أصدر الحزب الجمهوري في الولاية بياناً يدعم روبنسون، متهماً الديمقراطيين بمحاولة "شيطنته"، إلا أن جمهوريين آخرين انتقدوا تعليقات روبنسون وألمحوا إلى مخاوف بشأن ما قد تعنيه فرص فوزه الضعيفة بحسب استطلاعات الرأي، لفرص الحزب الجمهوري في جميع أنحاء الولاية، بخاصة أن ترمب منح تأييده العلني ن خلال الانتخابات التمهيدية لروبنسون، مما عزز من مكانته كمرشح، ويشير الديمقراطيون الآن إلى مدح ترمب لروبنسون لربط الاثنين معاً.

ويقول كارتر رين، الاستراتيجي المخضرم في الحزب الجمهوري في ولاية نورث كارولينا، إن نتيجة السباق على منصب الحاكم لا تؤثر عادةً في السباق الرئاسي كثيراً، لكنها ربما تؤثر هذه المرة إذا خسر روبنسون.

المزيد من تقارير