Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سهام الشمال" تجر المنطقة إلى حرب شاملة وفريق إسرائيلي لرسم خريطة طريق لإنهائها

تناقض التقارير والتصريحات حول حجم الدمار الذي ألحقه القصف والغارات بقدرات "حزب الله"

جانب من تظاهرة في حديقة ماديسون سكوير في نيويورك للمطالبة بوقف الحرب على لبنان، في 24 سبتمبر الجاري (أ ف ب)

ملخص

رأى مراقبون أن إسرائيل ستعود إلى حرب الاستنزاف من دون تحقيق الهدف بتدمير القدرات العسكرية والصاروخية لـ "حزب الله" وتصفية قيادته. من جهة أخرى حذر أمنيون من قرار متهور بتنفيذ عملية برية في لبنان.

مع ارتفاع حدة القتال بين إسرائيل و"حزب الله" بعد يومين من القصف الإسرائيلي المكثف على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل وإصابة آلاف اللبنانيين، ورد الحزب بقصف مكثف تزايد في اليوم الثاني مما سماه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي عملية "سهام الشمال"، تعالت الأصوات الداعية إلى وقف العمليات منعاً لتوسيع القتال إلى حرب شاملة وخطيرة.

ففي اليوم الثاني من "سهام الشمال"، تجاوز عدد الصواريخ 400 صاروخ وصلت إلى حيفا، ومنطقة الكريوت المحيطة بها، وخليج حيفا، ومعظم بلدات الشمال، سجلت بينها كريات شمونة والمطلة أكبر نسبة من الدمار، فيما سقطت الصواريخ على قواعد عسكرية في مختلف مناطق الشمال ومطار مجيدو وغيرها.
وعلى رغم ما أبداه متخذو القرار في إسرائيل من تحقيق أهداف كبيرة ونوعية قادرة على استعادة الردع لإسرائيل وتدمير قوة "حزب الله" الصاروخية، إلا أن الصورة بدت مغايرة من حيث القدرات العسكرية والصاروخية للحزب، ليس فقط على الأرض من خلال الإصابات الدقيقة والواسعة، إنما من قبل مسؤولين أمنيين استبعدوا تقارير الجيش الإسرائيلي حول ما حققه من اليومين الأولين من العملية "سهام الشمال".

بنيامين نتنياهو، الذي وقف داخل قاعدة للاستخبارات العسكرية بعد إعلان الجيش عن تنفيذه عملية الضاحية واغتيال قائد منظومة الصواريخ والقذائف في "حزب الله"، إبراهيم قبيسي، أراد أن يسجل نقطة انتصار له في ظل الانتقادات الداخلية لفتح جبهة الشمال قبل الانتهاء من جبهة الجنوب وضمان إعادة 101 من الأسرى في غزة، فأعرب عن إعجابه بالنشاط الاستخباراتي في إسرائيل وهدد بأنه لن يوقف الضرب على الحزب، داعياً اللبنانيين إلى "تحرير الذات" من "حزب الله".

وجاء حديث نتنياهو ضمن أكثر من حديث أدلى به هو ووزير دفاعه، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، ضمن الحرب النفسية التي تشكل جزءاً مهماً في حملة "سهام الشمال"، وبمعظمها موجهة للإسرائيليين الذين دخلوا بعد منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء، إلى الملاجئ والغرف الآمنة حتى ساعات الفجر، في أعقاب رشقات مكثفة من الصواريخ أصابت القسم الأكبر من بلدات الشمال واستمرت طوال اليوم الثاني، مع تكثيفها في الوقت الذي وقف فيه نتنياهو يتحدث من القاعدة الاستخباراتية بعد اغتيال القبيسي.

آلية لإنهاء القتال

مع بدء التحرك الدولي لوقف المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين اللبنانيين وتسجيل رقم قياسي للقتلى في يوم واحد، خرجت أصوات داخلية في إسرائيل، على رغم أنها خافتة، تدعو إلى وقف عملية "سهام الشمال"، بينما قرر نتنياهو، وبعد جلسة مشاروات تعيين وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، على رأس فريق أمني عسكري لبلورة آلية تكون بمثابة خريطة طريق لوقف القتال في الشمال.

ويشمل الفريق أمنيين وعسكريين إسرائيليين، وبحسب مصادر مطلعة فإن عمله سيتم بالتنسيق مع جهات دولية لضمان إنهاء القتال قريباً وتحقيق هدف إسرائيل بإبعاد عناصر "فرقة الرضوان" (فرقة النخبة في الحزب) عن الحدود وإلى شمال نهر الليطاني، ومن ثم تحقيق الهدف الجديد الذي أضافه نتنياهو على أهداف حرب "طوفان الأقصى" وهو "إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم".

وجاء تشكيل الفريق بعد تحذيرات جهات عدة من خطر استمرار القصف الذي ينفذه الجيش على مدار يومين في لبنان من دون خطة واضحة. ورأى البعض أن إسرائيل ستعود إلى حرب الاستنزاف من دون تحقيق الهدف بتدمير القدرات العسكرية والصاروخية لـ "حزب الله" وتصفية قيادته. من جهة أخرى حذر أمنيون من قرار متهور بتنفيذ عملية برية في لبنان، من شأنها أن تشكل خطراً أيضاً على الجيش، الذي، كما أكد أكثر من تقرير، غير جاهز أو مدرّب لعملية برية، إلى جانب العوامل الطبيعية التي لن تساعده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"لم نستخدم كل قدراتنا"

في اليوم الثاني من "سهام الشمال"، وبعد تعرض سكان الشمال ومعظم البلدات لأكثر من خمسمئة صاروخ ومسيرة منذ منتصف الليل وحتى ساعات بعد ظهر الثلاثاء، دعا ضابط من سلاح الجو، مراسلين عسكريين في وسائل الإعلام العبرية ليتحدث أمامهم حول قدرات سلاح الجيش وما يخطط له، مؤكداً على استمرار القتال في لبنان، ومهدداً بأن القصف سيستمر وأن سلاح الجو الإسرائيلي لم يستخدم كل قدراته بعد، فيما استبعد جدية التحذيرات من خطر أن تقود عمليات "سهام الشمال" إلى توسع القتال قائلاً، "ما زلنا بعيدين من الحرب الشاملة".

وبحسب الضابط ذاته، فإن العمليات التي نفذها سلاح الجو خلال يومين من "سهام الشمال" عطلت قدرة "حزب الله" على الرد بالشكل الذي يريده ويرغب فيه، على رغم أنه ما زال يحتفظ بكميات كبيرة وبقدرات عالية على إطلاق صواريخ مختلفة، مؤكداً أن "حزب الله يتريث قبل أن يضرب".

ورفض هذا الضابط اعتبار مقتل أكثر من 500 لبناني في يوم واحد "قتلاً جماعياً"، وقال رداً على سؤال حول مقتل المدنيين اللبنانيين بالقول "لا يوجد قتل جماعي - هذا غير صحيح. العديد من الأشخاص الذين تم الإبلاغ عن مقتلهم هم من عناصر "حزب الله" وليسوا مدنيين"، وفق الضابط الذي جاء حديثه مغايراً لمعطيات وزارة الصحة اللبنانية.

حجم تدمير قدرات "حزب الله" غير معروف

وشهد يوم أمس الثلاثاء، وهو اليوم الثاني من "سهام الشمال"، تناقضات في التقارير والتصريحات حول حجم الدمار الذي ألحقه القصف الإسرائيلي بقدرات الحزب. إذ أسرع الجيش الإسرائيلي إلى الإعلان أنه دمر في اليوم الأول أكثر من 1300 هدف تشمل صواريخ كروز بعيدة المدى، وأدت هذه الضربات إلى إلحاق الضرر بأكثر من خمسين في المئة من قدراته العسكرية. وقال الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، جنرال احتياط، يعقوب عميدرور إن "على إسرائيل التوقف عن البحث عن عناوين، ونحن غير قادرين على تدمير قدرات "حزب الله"، الأمر الذ يتوجب علينا القيام به". وأضاف، "كل ما يقال عن القضاء على خمسين في المئة من قدرات حزب الله وترسانته الصاروخية غير صحيح، فبالكاد قضينا على عشرين في المئة. نحن نتحدث عن حزب قوي، لا شك أن القصف قوي لكنه لا يدمر قدرات الحزب".

وبحسبه، فإن إسرائيل لن تتمكن من تدمير قدرات الحزب، "وما يتوجب عليها اليوم هو وقف هذا القتال والعمل على ضمان ملاحقة تعزيز قدرات الحزب الصاروخية والقتالية".

عملية برية لن توقف الحرب

وضمن جلسات التقييم التي عُقدت يومي الإثنين والثلاثاء، طُرح على طاولة النقاش مقترح التوغل البري في لبنان، بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استكمل التدريبات على مختلف السيناريوهات المتوقعة في حال تقرر الدخول في عملية برية.
وبحسب الخبير العسكري، آفي يسسخروف، فإن "هناك تفكيراً بأنه من أجل دفع حزب الله للانسحاب إلى شمال الليطاني ووقف النار على الشمال، ستضطر إسرائيل لتنفيذ عملية برية في لبنان وأن تحتل أرضاً واسعة هناك. عملية كهذه أيضاً لن تؤدي بالضرورة إلى وقف تام للنار، لكن يُحتمل أن تؤدي بـ (الأمين العام للحزب حسن) نصرالله لأن يفكر في ترتيب كهذا أو ذاك. وسيكون للعملية البرية ثمن باهظ على الجانب الإسرائيلي، بما في ذلك في أوساط القوات المقاتلة على الجبهة الشمالية وفي الجبهة الداخلية أيضاً، حيث سيحاول نصرالله مرة أخرى أن يثبت بأنه يواصل إطلاق الصواريخ طالما يستطيع ذلك". وحذر يسسخروف من أن حرباً كهذه "من شأنها أيضاً أن تورط إسرائيل في وحل لبناني لأشهر طويلة، من دون الوصول إلى حل. ويبدو في هذه اللحظة أنه ما زال أمام إسرائيل خيار واحد لمنع ذلك وهو وقف النار في الجنوب أي في غزة، وعندها تنشأ معادلة جديدة – تنازل نصرالله ظاهرياً يؤدي إلى وقف نار في الجنوب أو إلى منع "النكبة" لغزة ولا يوجد أي يقين في أن تنجح هذه الصيغة، لكن يحتمل أن يكون هذا هو المخرج الأخير قبل حرب برية طويلة وقاسية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات