Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استعانة السيسي بوزير مالية مبارك تحيي جدلية "الوجوه القديمة"

الرئيس المصري عين يوسف بطرس غالي عضواً في هيئة اقتصادية تابعة له بعد سنوات من "الغياب والملاحقات" وانقسام حول خبرة وتاريخ الرجل و"تهم الفساد" التي لاحقته

اتهم غالي عقب سقوط نظام مبارك في قضايا فساد عدة (أ ف ب)

ملخص

تعد عضوية غالي في المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية أول منصب رسمي للرجل في مصر منذ الإطاحة بنظام مبارك

خيم جدل واسع على الأوساط الاقتصادية والسياسية في مصر، بعد عودة، يوسف بطرس غالي، وزير المالية في حقبة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، إلى الواجهة الاقتصادية في البلاد مجدداً من خلال تعيينه عضواً في "المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية" التابع لرئاسة الجمهورية، ما أحيا نقاشاً قديماً متجدداً حول جدوى الاستعانة "برموز نظام مبارك القديمة"، في ظل "اتهامات تلاحقهم بالفساد" وذلك في وقت تعاني في مصر من أزمة اقتصادية لا تزال تعكسها نسب التضخم المرتفعة وأرقام الديون الخارجية فضلاً عن عدم استقرار الموارد الدولارية.

وبعد غياب عن المشهد المصري لسنوات، أثار إدراج اسم يوسف بطرس غالي، ضمن التشكيل الجديد للمجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية، وفق قرار رئاسي صادر في أغسطس (آب) الماضي كشفت عنه وسائل إعلام محلية خلال اليومين الماضيين، الجدل بين مؤيدين يرون في الاستعانة به "ضرورة لإنقاذ اقتصاد البلاد"، وآخرون أعادوا التفتيش في قضايا الرجل الذي لاحقته طوال السنوات الماضية منذ الإطاحة بنظام مبارك في عام 2011، وقراره الخروج من مصر والعيش في بريطانيا.

واتهم غالي عقب سقوط نظام مبارك في قضايا فساد عدة، أبرزها القضية المعروفة إعلامياً بـ"فساد الجمارك"، التي واجه فيها اتهامات بـ"التربح واستغلال سلطته"، وصدر بحقه حكم "غياب" بالسجن 15 عاماً، غير أنه عقب إعادة محاكمته أصدرت محكمة جنايات شمال القاهرة حكماً ببراءته في يوليو (تموز) 2023. كذلك صدرت أحكام أخرى بسجن غالي في قضايا أخرى، لكنه حصل على البراءة في مراحل استئناف الحكم، منها قضية "اللوحات المعدنية" التي حُوكم فيها مع وزير داخلية مبارك، اللواء حبيب العادلي، وصدر بحقه حكم بالسجن 10 سنوات، لكنه استأنف الحكم وحصل على البراءة عام 2020.

وتعد عضوية غالي في المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية أول منصب رسمي للرجل في مصر منذ الإطاحة بنظام مبارك، وهذه الهيئة هي مجلس استشاري يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة، ويختص بدراسة حسن استخدام موارد الدولة واقتراح السياسات الاقتصادية، وذلك بعد قرار انشائها عام 2015.

"خطوة مهمة" أم "ضرورات المرحلة"

على مدار الأيام الماضية بدا الجدل محتدماً على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر بشأن خطوة الاستعانة ببطرس غالي في صدارة المشهد الاقتصادي في البلاد. ما بين مؤيد لعودة أحد أبرز وجوه نظام مبارك الاقتصاديين في سنوات حكمه الأخيره حيث شهدت البلاد خلال توليه حقيبة المالية معدل نمو يزيد على 7 في المئة كانت الأعلى في تاريخ مصر في العقود الأخيرة، فضلاً عن قدرة الرجل في تحقيق مؤشرات جيدة للاقتصاد المصري، وبين معارض لعودة الرجل الذي اتُهِمَ سابقاً في عدد من قضايا الفساد (برأه القضاء منها لاحقاً).

ومعتبراً قرار عودته بـ"الصائب"، كتب رجل الأعمال والملياردير المصري الشهير نجيب ساويرس، على صفحته على منصة "إكس" يقول: "قرار صائب يوسف ضليع في الاقتصاد ونحن في أزمة... ممكن يساعد جداً". وهو الموقف الذي أيدته الكثير من التغريدات الأخرى.

فمن جانبه، نشر الباحث الاقتصادي مصطفى عادل عبر حسابه على موقع "فيسبوك" يقول إن قرار عودة غالي إلى المشهد الاقتصادي هو قرار صائب جداً، مستشهداً ببعض الأدلة التي ساقها خلال تدوينة طويلة تحدث خلالها بمنطق الأرقام عن الإنجازات التي حققها الوزير المصري السابق خلال وجوده في حكومات مبارك المُتعاقِبة. وتساءل عادل "هل تعلم لماذا يوسف بطرس غالي يحصد إجماعاً كبيراً من الاقتصاديين وبعيداً من أي خلفية سياسية أو حتى إدانته أو براءته من قضايا الفساد... ولكن سيظل السؤال لماذا هو الأفضل "فنياً وعملياً" في هذا المنصب في العصر الحديث؟".

في الاتجاه ذاته، كتب حساب تحت اسم "مصرنا الجميلة" يقول إن "قرار جمهوري بعودة يوسف بطرس غالي مفاجأة من العيار الثقيل"، موضحاً أن "غالي وزير مالية مصر سابقاً، واحد من الكوادر الاقتصادية العالمية وخبرة لا تُقَدَر بثمن".

في المقابل كانت بدا الانقسام واضحاً، من خلال انتشار الأصوات المنتقدة لعودة غالي إلى المشهد بسبب التهم التي لاحقته، وأنه أحد أبرز رموز نظام مبارك التي خرج عليها الشعب في عام 2011.

فبينما اعتبرت إسراء الحكيم على منصة "إكس"، أن عودة غالي بمثابة "إعادة تدوير مخلفات نظام مبارك"، رأت أحد التدوينات باسم مصطفي خليفة، أن الاستعانة بوزير مالية مبارك هو جزء من "تطبيق الخطة القديمة لتدمير ما تبقى في الاقتصاد" في إشارة إلى التوسع في برنامج بيع أصول الدولة إلى المستثمرين المحليين والأجانب أو ما يعرف بالخصخصة. فيما ركز آخرون على البحث في التهم التي لاحقت الرجل بعد سقوط نظام مبارك وكتب أحدهم متهماً أياه أنه "أضاع 500 مليون جنيه من أموال التأمينات والمعاشات، خلال فترة وجوده في حكومة الرئيس السابق حسني مبارك".

غالي والاقتصاد المصري

وبقدر الجدل والتباين في الرؤي بين المغردين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، كان الأمر مماثلاً بين المراقبين والمتابعين للشأن الاقتصادي المصري من تحدثوا لـ"اندبندنت عربية".

فمن جانبه، قال إبراهيم المنشاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، "ما من شك أن لوزير مالية مبارك خبرة واسعة في الاقتصاد المصري وحتى العالمي، فضلاً عن أن فترة توليه لحقبة المالية شهدت المؤشرات الاقتصادية في البلاد تحسناً ملحوظاً"، إلا أن "الرهان على تحسين أداء الاقتصاد المصري وتأثيره في السياسات الاقتصادية في ظل الأزمات التي يعانيها حالياً مرتبط بمجموعة من المعاير وليس فقط خبرة وتاريخ الرجل". معتبراً أن لا ينبغي التركيز على كون الرجل جزءاً من نظام مبارك لا سيما وأن القضاء برأه من كافة التهم التي لاحقته منذ خروجه من الوزارة.

ووفق المنشاوي، "هناك أسئلة جادة تطرح حول دور مثل هذه الهيئات الاقتصادية الموجودة في الدولة أهو دور فاعل ومشارك بقوة في رسم السياسات الاقتصادية في الدولة أم استشاري فقط"، مضيفاً: "الأمر الآخر مرتبط بفكر الرجل والذي يتناقض بالكلية للأفكار الاقتصادية والسياسات المالية المتبعة في الوقت الراهن من الحكومة، إلى أي مدي يمكنه تطبيق رؤاه وسياساته، وهل قد نشهد تخبطاً وارتباكاً في السياسات الاقتصادية، وهو ما ستظهره الفترة المقبلة".

من جانبه، يوجز محمود الجمال، الباحث الاقتصادي، الجدل حول الاستعانة بأحد وجوه نظام مبارك الاقتصاديين في الوقت الراهن بأنه مؤشر على "حجم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد"، معتبراً أن الإشكالية الحقيقية تبقي في "مدى فاعلية دور المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية، الذي لم يظهر له أي دور في الاقتصاد المصري منذ تأسيسه في عام 2015، على رغم وجود كفاءات اقتصادية كبيرة تحت مظلته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتواجه مصر أزمة اقتصادية، ترجعها الحكومة إلى الاضطرابات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، كالحرب الروسية- الأوكرانية والحرب في قطاع غزة والتي أثرت على سلاسل التوريد وقناة السويس والملاحة في البحر الأحمر، ما انعكس الأمر في نسب التضخم المرتفعة وارتفاع الديون الخارجية، وأزمة دولارية في البلاد.

وأمام ذلك، بدأت الأزمة تنفرج قليلاً في الربع الأول من العام الحالي، وذلك بعد أن أبرمت الحكومة اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي يرفع قيمة التمويل الممنوح للبلاد من 3 إلى 8 مليارات دولار حصلت منه على ثلاث شرائح حتى الآن، فضلاً عن تمويلات إضافية من مؤسسات تمويل أخرى، كما وقعت الحكومة المصرية في فبراير (شباط) الماضي، مع صندوق الاستثمار السيادي لدولة الإمارات، صفقة تقدر قيمتها بنحو 35 مليار دولار للاستثمار في منطقة رأس الحكمة الواقعة على الساحل الشمالي الغربي في مصر.

وعلى رغم إعلان البنك المركزي المصري ارتفاع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى 46.6 مليار دولار، وفقاً لآخر بيانات صادرة عن المركزي المصري في يوليو (تموز) الماضي، إلا أن الخبراء والمراقبين لا يزالوا يتخوفون من تذبذب الموارد الدولارية للدولة على المدى القصير والمتوسط.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات