Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوادر أزمة تبغ عالمية تحبس الأنفاس

معضلة تراجع الإنتاج أمام ارتفاع الطلب تنتهي في جيوب المدخنين

ارتفاع كلفة الزراعة 30 في المئة على أساس سنوي ينذر بصعود أسعار السجائر وبقية منتجات التدخين (أ ف ب)

ملخص

تقدر شركة "يونيفرسال ليف الأميركية" إنتاج أوراق التبغ عالمياً باستثناء الصين بنحو 4.66 مليار كيلوغرام خلال عام 2023

تبدو اليوم صناعة التبغ أمام تحولات وتحديات متسارعة تكفل إحداث متغيرات في مشهد الإنتاج العالمي، على أصعدة الكلفة والاستهلاك وأرباح الشركات في ظل ظروف إنتاجية غير مواتية.

وبينما تقدر شركة "يونيفرسال ليف الأميركية" إنتاج أوراق التبغ عالمياً باستثناء الصين بنحو 4.66 مليار كيلوغرام خلال عام 2023، بانخفاض عن 4.86 مليار كيلوغرام في عام 2022 فإن ظاهرة نقص المعروض آخذة في الاتساع، مما يفرض أعباء في المقابل على الشركات المنتجة وينذر بارتفاع أسعار منتجات التبغ أمام سوق استهلاكية سريعة النمو، خصوصاً للسجائر.

في إصدار جديد لـ"توباكو ريبورتر" العالمية، يقول مدير تحليل صناعة التبغ في رابطة مزارعي التبغ الدولية (ITGA) إيفان جينوف "يظل نقص المعروض من أوراق التبغ هو الاتجاه العالمي الرئيس، وتستمر شركات شراء التبغ الرائدة في الإبلاغ عن مستويات منخفضة للغاية من المخزون في وقت تسير المبيعات بسرعة كبيرة، ففي البرازيل بيع محصول تبغ فرجينيا المعالج (FCV) بالكامل تقريباً بحلول نهاية أبريل (نيسان) الماضي وهو أمر غير معتاد، وفي زيمبابوي ارتفعت أرقام الصادرات من أوائل مايو (أيار) الماضي بصورة كبيرة عن العام الماضي".

تعاف بطيء غير كاف

ويلفت جينوف إلى التوقعات الأميركية بتعافي سوق العرض ولو بصورة أبطأ من الماضي وهو ما يعني أن الأسعار سترتفع تلبية لهذا النقص في السوق، مشيراً إلى أن كلفة الإنتاج تظل مصدر قلق للشركات على نحو يصعب معه ترويض هذه الارتفاعات وبخاصة مع ارتفاع كلفة الزراعة 30 في المئة على أساس سنوي.

وارتفعت أسعار التبغ في غالب الأسواق الرائدة في ما بين عامي 2023 و2024 وهو ما منح المزارعين شعوراً بالتفاؤل، إلا أن هوامش أرباحهم ظلت ضئيلة في وقت تتبنى رابطة مزارعي التبغ الدولية (ITGA) الدعوة إلى بذل جهود إضافية لزيادة هذه الهوامش الربحية لزيادة المعروض من التبغ.

 

وبعد مرور أكثر من عامين على حرب روسيا وأوكرانيا، خفتت مخاوف المزارعين وبخاصة في أفريقيا في شأن ارتفاع أسعار الأسمدة، ومع ذلك تشير البيانات التي تحصلت عليها الرابطة إلى أن إمدادات الأسمدة تحسنت بصورة كبيرة واستقرت الأسعار مع بعض الانخفاض، لكن من المرجح أن يؤدي التعامل مع الضغوط الجيوسياسية المعقدة في المستقبل إلى إبقاء الوضع عرضة للخطر.

ارتفاع التبغ السائل

وبحسب تقديرات الشركة الأميركية، ارتفع إنتاج مركبات التدخين التي تعمل بالسائل عالمياً باستثناء الصين إلى ما يقدر بنحو 1.92 مليار كيلوغرام خلال عام 2023، ارتفاعاً من 1.64 مليار كيلوغرام خلال عام 2022، ووفقاً لبيانات "يونيفرسال ليف" فمن المتوقع خلال عام 2024 انخفاض طفيف إلى ما يقدر بنحو 1.88 مليار كيلوغرام.

وتقدر الشركة إنتاج تبغ "بيرلي" عالمياً عام 2023 بنحو 443 مليون كيلوغرام ارتفاعاً من 354 مليون كيلوغرام خلال عام 2022، وسط تقديرات بزيادة إنتاجه إلى نحو 447 مليوناً خلال عام 2024، فيما انخفض الإنتاج الشرقي إلى 109 ملايين كيلوغرام عام 2023 من 116 مليون كيلوغرام عام 2022، ومن المتوقع أن ينخفض الحجم بصورة أكبر إلى 104 ملايين كيلوغرام هذا العام.

ووفقاً لبيانات رابطة المنتجين تظل الصين الدولة الرائدة في زراعة التبغ بفارق كبير، إذ من المتوقع أن يبلغ إنتاجها من التبغ الخالي من الغلوتين 1.97 مليار كيلوغرام عام 2023، ويرتفع إلى ما يقدر بنحو 1.971 مليار كيلوغرام عام 2024.

انكماش السوق الصينية

ويشير جينوف إلى الصين بوصفها سوقاً مقيدة للغاية وتمثل ما يقارب نصف السوق العالمية، لكن ما يلفت انتباهه أن بكين بعد "كوفيد-19" تواصل زيادة وارداتها من التبغ، فخلال عام 2023 استوردت البلاد أكثر من 180 مليون كيلوغرام من التبغ مما يؤثر في المزارعين المحليين، مرجحاً أن يظل الطلب الصيني قوياً بناء على أنماط الاستهلاك المحلية.

وأثرت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بشدة على تجارة أوراق التبغ المعالجة خلال عامي 2019 و2020، واستوردت الصين 100 ألف كيلوغرام من أوراق التبغ المعالجة من الولايات المتحدة وفقاً لمقياس تجارة التبغ التابع للرابطة، وبدءاً من عام 2021 بدأت الواردات في الارتفاع مرة أخرى إلى مستويات ما قبل الحرب التجارية، وبحلول عام 2023 وصلت واردات البلاد من أوراق التبغ المعالجة من الولايات المتحدة إلى نحو 25 مليون كيلوغرام.

الطقس السيئ

خلال الموسم الأخير كان أداء أسواق زراعة أوراق التبغ مختلفاً من حيث حجم الأوراق والجودة والأسعار، ويشير جينوف إلى أن محصول البرازيل في 2023-2024 سيكون أدنى بنسبة 14 في المئة في الأقل من الحصاد السابق للبلاد، بحسب التقدير الأولي لجمعية مزارعي التبغ البرازيلية عند مستوى 522 مليون كيلوغرام و475 مليون كيلوغرام من الخام و39 مليون كيلوغرام من تبغ "بورلي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتأثرت بشدة جميع مناطق زراعة التبغ في جنوب البرازيل بالظروف الجوية السيئة، لذا من المرجح أن تكون الكميات النهائية المنتجة أقل في الموسم الجديد للزراعة، خصوصاً مع معاناة ولاية ريو غراندي دو سول وهي الولاية الرئيسة المنتجة للتبغ في البلاد من أسوأ فيضانات منذ 80 عاماً، مما أدى إلى توقف موقت لعمليات زراعة التبغ وتسبب في خسارة بعض المزارعين للشتلات.

ضعف السوق الأميركية

وفي الولايات المتحدة كان الموسم مستقراً وفقاً لبيانات رابطة منتجي التبغ إذ أنتجت البلاد 142.9 مليون كيلوغرام من التبغ الخالي من النكهة، ويتوقع أن تواصل السوق ضعفها في وقت باعت ملاوي أكبر منتج عالمي لتبغ "بورلي" 120.5 مليون كيلوغرام عام 2023 مقابل 85 مليوناً خلال العام السابق، وارتفع متوسط السعر إلى 2.35 دولار للكيلوغرام مقارنة بـ2.14 دولار للكيلوغرام خلال العام الماضي، بدعم من الطلب العالمي المرتفع ونقص المعروض واشتداد المنافسة.

 

وبحسب رابطة منتجي التبغ شهدت تنزانيا قفزة ملحوظة في إنتاج الأوراق، إذ زاد العائد من نحو 60 مليون كيلوغرام عام 2022 إلى 122 مليوناً عام 2023، واعتباراً من ديسمبر (كانون الأول) 2022 حققت البلاد 316 مليون دولار من صادرات التبغ في وقت يستهدف ثاني أكبر منتج أفريقي بعد زيمبابوي وقبل ملاوي جني 400 مليون دولار هذا الموسم.

بروز تنزانيا على الخريطة

وتتزايد أهمية تنزانيا في سوق أوراق التبغ العالمية بصورة كبيرة، خلال وقت يضع وزير الزراعة في البلاد حسين باشي هدف الوصول إلى 200 مليون كيلوغرام من أوراق التبغ لموسم 2024-2025 نصب عينيه، والوصول إلى 300 مليون كيلوغرام بحلول 2025-2026 مستهدفاً المركز الأول في إنتاج الأوراق في أفريقيا، وهو ما يفسر إعلان شركة "فيليب موريس" خلال فبراير (شباط) الماضي أنها ستبني مصنعاً للسجائر وستشتري ما لا يقل عن 12 مليون كيلوغرام من التبغ التنزاني سنوياً على مدى الأعوام الخمسة المقبلة.

إجمالاً، ستظل سوق التبغ العالمية أمام تقلبات واسعة، وارتفاعات في أسعار المنتجات تأثراً بارتفاع كلفة الإنتاج وحرص الشركات على تجنيب الأرباح أي خسارة، في ظل معروض أقل واستهلاك أوسع، وآفاق ضبابية تخيم على مستقبل الصناعة ككل.

اقرأ المزيد