Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل الاقتصاد الصيني أمام موجة ثانية من الصدمات؟

يدعو بنك "نومورا الياباني" السلطات إلى تبني حزمة عاجلة من الإصلاحات المالية لمعالجة أزمة الديون

1.24 تريليون دولار من عائدات بيع الأراضي تبخرت منذ أزمة العقارات عام 2021 (أ ف ب)

ملخص

توقعات بتراجع الاستثمار أمام صرامة الضرائب وارتفاع الرسوم والغرامات

مع استمرار أزمة الإسكان في الصين منذ عام 2021، قد تتسبب موجة ثانية من الصدمات في توجيه ضربة قوية أخرى لقطاع العقارات، بعد أعوام لعبت خلالها الإيرادات الضخمة من مبيعات الأراضي، دوراً داعماً من خلال تعزيز النمو وجذب الأعمال، لكن مع تبخر عائدات مبيعات الأراضي، وتراكم الديون، تحولت الحكومات المحلية إلى "أيدٍ قابضة" من خلال فرض رسوم عالية وغرامات وتعزيز تحصيل الضرائب.

ويعاني ثاني أكبر اقتصاد في العالم ضعف الطلب الاستهلاكي وتباطؤاً طويل الأمد في قطاع العقارات، مما دفع صانعي السياسات إلى التدخل بصورة كبرى في الأشهر الأخيرة، واليوم يعاني عدد من الصينيين صعوبة في دفع أقساط الرهن العقاري على الشقق التي تتراجع قيمتها.

موجة ثانية من الصدمات

قد يكون الاقتصاد الصيني، أمام موجة ثانية من الصدمات الاقتصادية التي قد تقوض أسس قصة نجاح البلاد، وفقاً لتحليل "نومورا الياباني"، فإذا كانت أزمة الإسكان تمثل الصدمة الأولى من جانب الطلب، فإن تحول الحكومات المحلية إلى "أيدٍ قابضة" من شأنه أن يمثل الصدمة الثانية من جانب العرض.

في ورقة بحثية حديثة، يقول محللو البنك، إنه في ظل هذه الصدمة الجديدة، ينبغي للسياسات المالية والإصلاحات أن تحظى بالأولوية، فبوسع بكين أن توفر التمويل المباشر لتحقيق الاستقرار في سوق العقارات، لأن أزمة الإسكان هي السبب الجذري لهذه الصدمات.

ويقول كل من هارينجتون تشانغ، وجينغ وانغ، وتينغ لو، وهانا ليو من بنك "نومورا"، إن بوسع بكين أيضاً أن تزيد من التحويلات لتخفيف العبء المالي على الحكومات المحلية في حين تعمل على إيجاد حلول أطول أجلاً، وفي حين تكسب الصين الوقت وتستهدف هبوطاً ناعماً، فإنها تستطيع تبسيط نظامها المالي، وربط تحويلاتها بالنمو المحلي، وغرس الثقة من خلال تعزيز سيادة القانون.

من "الأيدي المساعدة" إلى "الأيدي الممسكة"

بحسب الورقة، فإن كان أحد المحركات الرئيسة للنمو الهائل الذي شهدته الصين على مدى العقود الأربعة الماضية هو الفيدرالية المالية، التي وفرت الاستقلال المالي للحكومات المحلية، وعززت تنمية السوق، وسهلت المنافسة الإقليمية، وعلى مدى معظم الأعوام منذ فتحت الصين اقتصادها في أواخر سبعينيات القرن الـ20، كان يُنظر إلى الحكومات المحلية عموماً باعتبارها "أيدي مساعدة"، وتعزز الأمر من خلال نظام الترقية القائم على الأداء، الذي حفز المسؤولين المحليين على إعطاء الأولوية للنمو.

حتى مع تجديد الصين نظامها المالي بالكامل عام 1994 من خلال تركيز الإيرادات على مستوى الحكومة المركزية، ظلت الفيدرالية المالية قائمة، ووفرت إصلاحات الإسكان القائمة على السوق في أواخر التسعينيات مصدراً جديداً وهائلاً للإيرادات للحكومات المحلية، بحسب ما يشير محللو البنك.

في ذروتها عام 2021، بلغت الإيرادات الإجمالية من مبيعات الأراضي، التي ذهبت جميعها إلى الحكومات المحلية، 8.7 تريليون يوان (1.24 تريليون دولار)، أو 7.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن مع تبخر هذا التدفق من الإيرادات وسط أزمة الإسكان منذ عام 2021، اضطرت الحكومات المحلية إلى البحث عن السيولة النقدية اللازمة للحفاظ على العمليات الأساسية ودفع الأجور.

ويرى المحللون أن ثمة أدلة متزايدة تشير إلى أن العصر الذهبي للامركزية المالية والترويج القائم على الأداء آخذ في التلاشي، فمع تحول "الأيدي المساعدة" إلى "الأيدي الممسكة" عبر عدد متزايد من المحليات، قد يواجه اقتصاد الصين رياحاً معاكسة جديدة.

ضرائب أكثر واستثمار أقل

في الموجة الثانية من الصدمات، رفعت الحكومات المحلية الغرامات والرسوم، وأصبحت أكثر صرامة في الضرائب، وعلى هذا النحو، قد تقلل الشركات من الاستثمار، وتوقف التوسع، وتؤخر التوظيف، وتخفض العمالة، وقد يختار البعض عمداً عدم القيام بأي شيء، وقد تصبح الأسر أيضاً أكثر حذراً لتجنب الغرامات غير الضرورية، بحسب التقييم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين من 5.3 في المئة على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 إلى 4.7 في المئة في الربع التالي، في وقت يتوقع انخفاض ​​النمو الاقتصادي بصورة أكبر في النصف الثاني من عام 2024، مالم تعالج بكين التوترات المالية قريباً.

ولكي تحقق الصين هدف النمو "نحو خمسة في المئة"، يتعين عليها أن تعمل بحزم على وقف أي انحدار آخر في قطاع الإسكان، وزيادة التحويلات المالية للحكومات المحلية، وإبطاء التحول إلى "الاستئثار بالسلطة"، بحسب المحللين، والواقع أن السياسات النقدية التقليدية مثل خفض أسعار الفائدة تفقد أهميتها مع ضعف ثقة الشركات، وبدوره، أصبح إنفاق الحكومة المركزية أكثر أهمية.

وفي الأمد المتوسط ​​إلى الأبعد، ستضطر بكين إلى تنفيذ إصلاحات مالية كبرى لإعادة بناء الفيدرالية المالية، إذ من غير المرجح أن تظل مبيعات الأراضي المصدر الأساس لإيرادات الحكومات المحلية، وعلى جانب الإنفاق، قد تحتاج بكين إلى تبسيط الحكومات المحلية وتقليص الأعباء المالية غير الضرورية.

تشير المذكرة، إلى أنه في حين توفر بكين للحكومات المحلية حصة أكبر من الضرائب، فإنها قد تضع في الوقت نفسه حداً أقصى لحجم التحويلات المالية لإعادة إدخال الانضباط المالي في ظل بعض اللامركزية، ومن الممكن أيضاً تصميم هذه التحويلات المالية لتشجيع التحضر من خلال ربطه بزيادة عدد السكان وأطفال المدارس، ومن الممكن أيضاً أن تطرح بكين آلية أفضل قائمة على السوق لخصخصة حصص الأراضي الحضرية حتى تتمكن المدن من النمو مع هجرة الناس إليها.

اقرأ المزيد