Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا تتحرك لتجنيب لبنان "مأساة غزة"

تعمل بالتعاون مع الجانب الأميركي على تطوير خطة تتكون من ثلاث مراحل

يستند النص الجديد إلى القرار الدولي 1701 الصادر عام 2006 لوقف الحرب في لبنان مع إجراء بعض التعديلات الضرورية (أ ف ب)

ملخص

ماذا تحمل فرنسا في جعبتها من حلول وخطط لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

في لحظة غير متوقعة اغتيل أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله جراء غارة إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، مما قد يهدد بإشعال فتيل صراع أكبر، في حين يواصل الجيش الإسرائيلي شن غارات مكثفة على أهداف يقول إنها تابعة لـ"حزب الله".

ويعكس تدهور الأوضاع بصورة دراماتيكية تصعيداً خطراً في الصراع المستمر بين الجانبين، أبقى العالم مترقباً لتطورات الوضع وزاد القلق من تفاقم الأوضاع السياسية والإنسانية على حد سواء.

جهود فرنسا

ولتدارك توسع الحرب في لبنان تسعى فرنسا والولايات المتحدة بصورة عاجلة لتحقيق وقف لإطلاق النار، إذ تجري باريس مشاورات مكثفة مع الحكومة اللبنانية و"حزب الله" وإيران بهدف تخفيف حدة التوتر ومنع مزيد من التصعيد. وفي هذا السياق يبرز سؤال جوهري حول الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا وخططها للحد من تصاعد الصراع وتحقيق السلام في المنطقة.

تعمل فرنسا بالتعاون مع الجانب الأميركي على تطوير خطة تتكون من ثلاث مراحل رئيسة، المرحلة الأولى تتعلق بالهدنة الموقتة التي ستستمر لمدة 21 يوماً ستُجرى خلالها مفاوضات للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفي المرحلة الثانية سيُعتمد وقف إطلاق النار لتسهيل سير المحادثات، أما المرحلة الثالثة فتهدف إلى تحقيق تسوية شاملة للأوضاع على الحدود اللبنانية.

ومن المتوقع أن يستند النص الجديد إلى القرار الدولي 1701 الصادر عام 2006 مع إجراء بعض التعديلات الضرورية. ويشدد القرار 1701 على ضرورة التزام إسرائيل بعدم انتهاك الأجواء اللبنانية وانسحاب جميع المجموعات المسلحة بما في ذلك "حزب الله" من الأراضي اللبنانية، إضافة إلى تعزيز الجيش اللبناني بقوات من حفظ السلام الدولية. وحالياً يتم العمل على إدخال التعديلات اللازمة لتحقيق أهداف هذه الخطة في مسعى إلى وقف دوامة العنف واستعادة الاستقرار في المنطقة.

دعوات الدبلوماسية تتلاشى

وفي السياق، أجرت "اندبندنت عربية" حواراً مع المحلل السياسي نبيل شوفان الذي أشار إلى أنه في ظل التصعيد الحالي، تبدو الدعوات الدبلوماسية العالمية وكأنها تراقب من بعيد فيما ينزلق الشرق الأوسط نحو أتون الحرب. ويضيف أن الجهود الإنسانية الفرنسية تجاه لبنان لا تتماشى مع الاندفاع المتزايد لرئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يواجه صعوبة في اتخاذ قرارات قد تخفف من حدة التصعيد وتقلص خطر اندلاع حرب شاملة.

ويعترف نبيل شوفان أن الدبلوماسية تواجه تحديات كبيرة في التنافس مع "صوت الرصاص" لكنه يؤكد أنها تبقى ضرورية، مشيراً إلى أن باريس تمارس ضغطاً على جميع الأطراف للقيام بخطوات فورية نحو وقف إطلاق النار.

وفي هذا الشأن تحدث شوفان عن دعوة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى وقف فوري للضربات الإسرائيلية على لبنان، معبراً عن "قلق فرنسا البالغ" حيال الأوضاع الحالية. وقد تحدث بارو مع رئيس الوزراء اللبناني في حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مؤكداً معارضة فرنسا لأية عمليات برية في لبنان، كما دعا "حزب الله" وإيران إلى الامتناع عن أية تصرفات قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإقليمية.

ويقول المحلل السياسي شوفان "لا تمتلك فرنسا النفوذ لإقناع نتنياهو لكنها قد تمارس الضغط على حليفتها الولايات المتحدة لمنع حرب شاملة على أرض لبنان". ويشير إلى أن فرنسا والاتحاد الأوروبي سيلعبان دوراً حيوياً في تقديم ضمانات للمرحلة التي تلي الحرب، سواء من الناحية السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية، مؤكداً أن بإمكانهما فعل كثير.

وفي هذا السياق، يشير شوفان إلى جهود فرنسا الحثيثة، كاشفاً عن تقديمها والولايات المتحدة اقتراحاً يقضي بوقف موقت لإطلاق النار في لبنان لمدة 21 يوماً.

الدور الفرنسي

يقول شوفان معلقاً على الجهود التي يبذلها الجانب الفرنسي "في ظل عدم قدرة أية جهة على إيقاف رئيس الوزراء الإسرائيلي، وتقلص الآمال في تدخل إيران التي تواجه صعوبات كبيرة، تواصل باريس اتصالاتها المكثفة مع جميع الأطراف لتجنب إدخال لبنان في أتون الحرب والعمل على إخراجه من هذه المرحلة العصيبة والاستعداد لما بعد ذلك".

وعلى الصعيد الداخلي، يعبر المحلل السياسي عن قلق فرنسا من احتمال انهيار الوضع في لبنان الذي يعاني بالفعل أزمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، مضيفاً أنه في أعقاب فقدان "حزب الله" لقيادته العسكرية والسياسية العليا تظهر فرنسا ثقتها في الجيش اللبناني الذي يعد نقطة الدعم الأقوى للدولة. ويشير إلى أن المؤسسة العسكرية تتمتع بنزاهة سياسية، فقد تمكنت في السابق من محاربة تنظيم "داعش" وحماية الحدود الشرقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التحركات

ولفت شوفان إلى سيناريو محتمل يتطلب من "حزب الله" تعزيز التعاون من أجل إنهاء الحرب وحل الخلافات السياسية التي تعوق انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قوية، قادرة على تلقي المساعدات وإعادة النهوض بلبنان من جديد.

وأكد شوفان أن فرنسا تتابع باهتمام حاجات الحكومة اللبنانية الإنسانية من خدمات وغذاء ودواء، إذ يشير مراقبون إلى إمكانية عقد مؤتمر للجهات المانحة لتلبية هذه الحاجات. ومن المقرر أن يعقد اجتماع للدول المانحة مع لبنان الثلاثاء المقبل، مما يعكس الجهود المستمرة لدعم لبنان في ظل الأوضاع الراهنة.

تكرار مأساة غزة؟

وفي إطار التصعيد المتزايد في المنطقة بعد مقتل أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله أعربت فرنسا عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف وتأثيره السلبي في الأمن الإقليمي. ودانت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون جميع صور العنف، سواء من جانب إسرائيل أو "حزب الله"، مشددة على ضرورة تحقيق التهدئة الفورية.

فيما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن فرنسا "تظل على اتصال دائم مع السلطات اللبنانية وشركائها في المنطقة لمنع تفاقم الوضع". وأوضح أن "أمن الفرنسيين في المنطقة هو أولويتنا القصوى"، مشدداً على ضرورة اتخاذ جميع الأطراف خطوات لضبط النفس والتهدئة.

وحذر بارو من أن أي تصرف قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار أو تصعيد الصراع الإقليمي ستكون له عواقب وخيمة، مطالباً بضرورة "الوقف الفوري للغارات الإسرائيلية على لبنان" ومعبراً عن "قلق فرنسا البالغ" إزاء التطورات الأخيرة التي نتج منها مقتل نصرالله، مما أشعل غضباً واسعاً بين أنصاره.

وفي حديثه مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أعرب بارو عن معارضة فرنسا القوية لأية عمليات برية في لبنان، داعياً "حزب الله" وإيران إلى تجنب القيام بأية عمليات عسكرية.

وخلال مؤتمر صحافي عقد في كندا أكد ماكرون رفض فرنسا تحول لبنان إلى وضع مشابه لغزة، مشيراً إلى أن عدد الضحايا المدنيين نتيجة الغارات الإسرائيلية "صادم". وجدد ماكرون تضامن بلاده مع الشعب اللبناني، داعياً إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن الحل الدبلوماسي لا يزال خياراً مطروحاً على رغم التحديات والصعوبات التي تواجهه. ودعا إسرائيل إلى وقف التصعيد العسكري في لبنان وإنهاء القتال في غزة، معتبراً أن "الحرب هناك استمرت طويلاً أكثر مما ينبغي"

كذلك دان ماكرون خلال جلسة الأمم المتحدة الهجوم الذي شنته "حماس" خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إضافة إلى الهجمات التي نفذها "حزب الله" على إسرائيل، مكرراً موقف بلاده الثابت ضد جميع صور العنف من جميع الأطراف.

ومن جهة أخرى أبدى زعيم حزب "فرنسا إنسوميس" جان لوك ميلينشون فزعه من "حجم المأساة" في لبنان، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينتهك سيادة الدول في المنطقة، واعتبر أن "الإبادة الجماعية في غزة تسير بلا حدود".

وتأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى جهود دولية لمنع تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية في المنطقة، وضرورة حماية المدنيين من تداعيات النزاع المستمر.

تزايد أعداد القتلى

تستمر الأوضاع في لبنان بالتدهور، إذ تتزايد أعداد الضحايا بصورة مقلقة مع مقتل أكثر من 700 شخص منذ يوم الإثنين الماضي، وفقاً لما أفادت به وزارة الصحة اللبنانية، معظمهم من المدنيين.

وتجاوز عدد القتلى الإجمالي خلال العام الحالي 1500 وهو عدد يفوق تلك الأرقام التي شهدتها الحرب التي استمرت 33 يوماً بين إسرائيل و"حزب الله" عام 2006. وفي خضم هذا الصراع تشير التقارير إلى أن إسرائيل تستعد لتوغل بري محتمل مما يزيد من خطورة الوضع.

هذا التصعيد الحاد يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف دوامة العنف واستعادة السلام، إذ إن ما يحدث بحسب نشطاء حقوقيين "ليس مجرد أرقام، بل هو مأساة إنسانية تتجلى في معاناة آلاف الأسر الذين فقدوا أحباءهم ويكافحون للبقاء على قيد الحياة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات