Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرار "العملة المحلية" من "غوغل" يثير استياء صناع المحتوى المصريين

أعلنت الشركة تحويل الأرباح بالجنيه اعتباراً من مايو 2025 وسط مخاوف عودة السوق السوداء للدولار

أبلغت شركة "غوغل" صانعي المحتوى في رسالة رسمية أنه اعتباراً من الأول من مايو 2025 سترسل الشركة الدفعات للمقيمين في مصر بالعملة المحلية (أ ف ب)

ملخص

"غوغل" تثير أزمة بين صناع المحتوى في مصر بعد قرار الدفع بالعملة المحلية وشريحة واسعة تبحث عن وسائل وطرق أخرى لاستقبال عائداتهم بالدولار

بدت على محيا يونس محمد، وهو مقدم أحد البرامج على منصة "يوتيوب"، الصدمة عند استقباله رسالة شركة "غوغل" في شأن إحداث تغييرات في نظام دفع العائدات لصناع المحتوى في مصر، وتحويلها من الدولار الأميركي إلى الجنيه المصري اعتباراً من الأول من مايو (أيار) 2025، فقد كان شعور يونس مصحوباً بالقلق وعدم الثقة في العملة المحلية التي وصفها بأنها "غير مستقرة".

ووفقاً لما يتوقعه يونس فإن هذه الخطوة ستدفع شريحة واسعة من صناع المحتوى المصريين إلى البحث عن وسائل وطرق أخرى لاستقبال عائداتهم بالدولار، ومنها اللجوء إلى ممارسات احتيالية والالتفاف على القرار بتغيير مكان الإقامة إلى دولة أخرى، وفتح حسابات هناك لضمان تسلم العائدات بعملات أخرى.

والمخاوف التي تراود صناع المحتوى مبنية على منطق، وفقاً ليونس الذي عبّر لـ "اندبندنت عربية" عن مخاوفه من احتمال عودة السوق السوداء للدولار الأميركي في مصر من جديد وعدم استقرار الجنيه المصري، مما يؤثر سلباً في "أرباحنا" مستقبلاً، معبراً عن شكوكه بأن هذا القرار "قد يؤدي إلى تقليص النفقات المقدمة لصناع المحتوى المصريين في المستقبل".

وأبلغت شركة "غوغل" صانعي المحتوى في رسالة رسمية أنه اعتباراً من الأول من مايو 2025 سترسل الشركة الدفعات للمقيمين في مصر بالعملة المحلية، أي الجنيه المصري، ضمن خطتها لدفع العائدات بالعملات المحلية في مختلف دول العالم، مؤكدة في الرسالة أنها لن تدفع العائدات بالدولار الأميركي في مصر بعد هذا التاريخ.

ويعتقد الـ "يوتيوبر" المصري أن قرار "غوغل" قد يدفع صناع المحتوى للانتقال بصورة تدرجية إلى منصات أخرى لا تزال تتعامل بعملة الدولار الأميركي مثل "فيسبوك"، قائلاً إن "محتواي على 'يوتيوب' لن يكون حصرياً بعد الآن بل سيُعرض على 'فيسبوك' و'تيك توك' وغيرها من المنصات قبل أن يبث على 'يوتيوب' نفسها".

سياسة "غوغل" الجديدة 

على الجانب الآخر من الصورة اعتبر مستشار الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي رامي المليجي أن خطة "غوغل" للدفع بالعملات المحلية "ليست فكرة جديدة"، إذ تسعى الشركة منذ فترة طويلة إلى تطبيقها في عدد من الدول ومنها مصر، والهدف الرئيس المُعلن هو "تسهيل عمليات التحويل، بخاصة أن الشركة تدفع القيمة نفسها بالدولار، لكن بسعر الصرف الرسمي لعملة البلد".

وبحسب "غوغل" فإنها تدفع العائدات لصناع المحتوى بالعملة المحلية في عدد من الدول ومنها تركيا وجنوب أفريقيا والمكسيك وبيرو وتشيلي وإندونيسيا واليابان والسويد والنرويج ونيوزيلندا، مع خطط للتوسع لتشمل مزيداً من بلدان العالم خلال العام المقبل.

وأوضح المليجي لـ "اندبندنت عربية" أن شركة "غوغل" ستستفيد من المبالغ التي يدفعها المعلنون في مصر وتعيد ضخها لمصلحة صانعي المحتوى الذين يحققون أرباحاً عبر منصاتها، واصفاً القرار بـ "الإيجابي"، إذ سيستفيد منه اقتصاد البلاد ويعزز استخدام العملة المحلية ويقلل الاعتماد على الدولار، مما يزيد الطلب على العملة المحلية، وفق تصوره.

بعض صناع المحتوى يشعرون بالقلق من احتمال عودة السوق السوداء للدولار، وفقاً لمليجي الذي أوضح أنهم يعتقدون أن الحصول على العائد بالدولار يحافظ على قيمة الأموال، وأن تسلم عوائدهم بالعملة المحلية يشبه الحصول على دخل شهري ثابت وليس استثماراً طويل الأجل.

حيل صناع المحتوى

وينتقل خبير الإعلام الرقمي إلى إمكان الالتفاف على القرار بطرق مختلفة، فهناك فئات من صناع محتوى وفنانين تتعاون مع شركات تدير حساباتهم في مقابل نسبة من الأرباح، وهذه الشركات ستظل تتلقى مدفوعات من "غوغل" بالدولار لأنها تمتلك قنوات من جنسيات عدة، وبالتالي يستمر الدفع بالدولار.

وليست هذه الحيلة الوحيدة التي يمكن أن يلجأ إليها بعض صناع المحتوى، وفقاً لمليجي، إذ أشار إلى إمكان تغيير الموقع الجغرافي لكنها عملية تتطلب وجود حسابات بنكية في الخارج والالتفاف عليها يجري من خلال التعامل مع بنوك إلكترونية وإقامات أوروبية إلكترونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعود خبير الإعلام الرقمي مؤكداً أن الهدف الرئيس لـ "غوغل" أو "يوتيوب" هو أن تكون غالبية القنوات التي تدفع لها بالعملة المحلية من أجل تسهيل عملية تدوير الأموال بين المعلنين وصناع المحتوى، معتبراً أن الحلول الالتفافية "لن تكون متاحة للجميع نظراً إلى صعوبتها وتعقيدها".

تفاصيل خلف القرار

ويتفق خبير الإعلام الرقمي خالد البرماوي مع الرأي السابق، إذ أوضح أن قرار "غوغل" بالدفع بالعملات المحلية "ليس جديداً أو غريباً"، وسبق للشركة تطبيقه في عدد من الدول، وعملية احتساب الأرباح ستظل بالدولار كما هي لكن الإنفاق وتحصيل العائدات من جانب صناع المحتوى سيكون بالعملة المحلية، وهي سياسة معتمدة في بلدان عدة.

والسياسة التي تتبعها "غوغل" هدفها التكيف مع المجتمعات المحلية وهي منطقية ومبررة، وفقاً للبرماوي الذي رأى أن "غوغل" قادرة بسهولة على اكتشاف أية محاولات تحايل، وأن استخدام حسابات من الخارج لتقديم محتوى لجمهور محلي هو من الحيل التي سيجري اكتشافها سريعاً.

أما في ما يتعلق بتأثيراته في الاقتصاد المحلي فيقول البرماوي إن المبالغ التي تدفعها "غوغل" لا تشكل تأثيراً كبيراً في الاقتصاد، ومع ذلك فإن أحد الجوانب الإيجابية هو أن الإنفاق على الإعلانات الرقمية سيتم بالعملة المحلية، ولكن بحسب تقرير أعدته شركة "غوغل" في مايو 2022 فإن خدماتها دعمت الاقتصاد المصري بنحو 11.2 مليار جنيه خلال 2021.

وشدد البرماوي على أن وسائل الإعلام العربية لم تكن نشطة بما يكفي لتحصيل مميزات أفضل أو التفاوض بصورة فعالة مع "غوغل"، مرجعاً السبب لعدم وجود روابط تجمع وسائل الإعلام الرقمية مما يقلل قدرتها على التفاوض للحصول على استثناءات من بعض القرارات، ومن غير المنطقي أن تُعامل وسائل الإعلام بالطريقة نفسها التي يُعامل بها المدونون (بلوغرز).

البحث عن منصات أخرى

محمد حازم، وهو أحد المتخصصين في مجال الطعام ويعتمد على منصة "فيسبوك" لتحقيق أرباحه من صناعة المحتوى، رأى أن قرار "غوغل" بتحويل أرباح صناع المحتوى المصريين من الدولار إلى الجنيه المصري "سيدفع كثيرين إلى 'فيسبوك' في حال استمرت المنصة في التعامل بالدولار الأميركي"، وفي ما يتعلق بأسباب الغضب من قبل صناع المحتوى، أوضح حازم لـ "اندبندنت عربية" أن تحصيل الأرباح بالجنيه المصري "يعرضهم لأخطار تقلبات العملة المحلية، فحتى إذا كانت القيمة الفعلية للأرباح مكافئة لقيمتها بالدولار فإن التحويل إلى العملة المحلية في ظل التذبذب المستمر للجنيه المصري يضعهم في موقف غير مستقر".

ويؤكد حازم أن "صناع المحتوى يبحثون عن تأمين أنفسهم وتحقيق الربح بالدولار يحميهم من الأزمات المالية المحلية، مثل قرارات تعويم الجنيه أو انخفاض قيمته، واستمرار 'فيسبوك' في التعامل بالدولار سيجعلها المنصة الأكثر جذباً لصناع المحتوى المصريين، بخاصة مع سهولة جذب المشاهدين على 'فيسبوك' مقارنة بـ' يوتيوب'، وعلى رغم أن الأرباح على 'فيسبوك' قد تكون أقل من 'يوتيوب' فإن الفارق في العملة سيجعل كثيرين يفضلون الانتقال إلى 'فيسبوك' كمنصة رئيسة لتحقيق الأرباح".

كذلك استغنى محمد شاكر الذي كان يمتلك واحدة من القنوات الشهيرة على "فيسبوك" عن الخدمات التي تقدمها "غوغل" وقرر الانضمام إلى منصات أخرى، مشيراً إلى أن الأرباح كانت أكبر في السابق وأن البنوك كانت تجبر عدداً من صناع المحتوى على "يوتيوب" على تسلم عائداتهم بالعملة المحلية، مضيفاً أن قرار "غوغل" لن يؤثر كثيراً ولن يحدث فرقاً في ظل عدم وجود سوق سوداء للدولار.

وحول أسباب تخليه عن "يوتيوب" أوضح شاكر لـ "اندبندنت عربية" أن المنصة تفضل المقاطع الطويلة مما دفعه إلى التوجه إلى منصات أخرى، إذ يعتمد الآن على الإعلانات المحلية في مصر، بخاصة أن الإعلانات على "يوتيوب" ضعيفة مقارنة بالمنصات الأخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير