Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تصدر الصين نموذج "المدارس الحزبية" إلى أفريقيا؟

تحاول بكين استبدال القيم الديمقراطية الغربية بالترويج لسياسة الحزب الواحد

افتتحت الصين مدارس للتعليم الحزبي في زيمبابوي، وتنزانيا، ودول إفريقية أخرى (أ ب)

ملخص

جدد الحزب الشيوعي الصيني في عام 2023، مدرسة "هربرت شيتيبو للفكر" وهي مدرسة لطالما راهن عليها حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الحاكم هناك لتدريب كوادره وأنصاره. وفي مايو (أيار) الماضي، أبرم الحزب الشيوعي الصيني اتفاقاً مع "التحالف الديمقراطي المتحد" في كينيا من أجل إنشاء مدرسة للقيادة في العاصمة نيروبي، وهو ما يعكس توسعاً للمدارس الحزبية لقارة لا تزال تعج بالأنظمة الاستبدادية.

منذ سنوات تدفع الصين بمساعٍ وتمويلات ضخمة من أجل ملء الفراغ الذي يتركه الغرب في أفريقيا، لكن حضور بكين في القارة السمراء التي تئن تحت وطأة أزمات مركبة تشمل الأمن والاقتصاد والسياسة تعدى الأدوات الناعمة التقليدية مثل الاستثمارات، ليشمل ترسيخ أفكار الحزب الشيوعي وبدرجة أكثر تعزيز ولاء شعوب المنطقة لحكامهم، خصوصاً الذين أصبحوا حلفاء للصين منهم.
وتتخذ الصين من مدرسة الحزب الشيوعي الحاكم المركزية نموذجاً يتم تصديره إلى العديد من الدول الأفريقية لتدريب كوادر الأحزاب الحاكمة هناك وتعزيز ولاء الأنصار لتلك الأحزاب. وفي عام 2022، أنفق الحزب الشيوعي الحاكم في الصين 40 مليون دولار أميركي من أجل إنشاء مدرسة "مواليمو جوليوس نيريري للقيادة" في تنزانيا وهي أول مدرسة حزبية تؤسسها بكين في أفريقيا.
واستقبلت هذه المدرسة دفعة أولى من الكوادر الحزبية في ست دول أفريقية هي: تنزانيا وزيمبابوي وجنوب أفريقيا وأنغولا وموزمبيق وناميبيا. 


تصدير نموذج

وفي عام 2023، جدد الحزب الشيوعي الصيني مدرسة "هربرت شيتيبو للفكر" وهي مدرسة لطالما راهن عليها حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الحاكم هناك لتدريب كوادره وأنصاره. وفي مايو (أيار) الماضي، أبرم الحزب الشيوعي الصيني اتفاقاً مع "التحالف الديمقراطي المتحد" في كينيا من أجل إنشاء مدرسة للقيادة في العاصمة نيروبي، وهو ما يعكس توسعاً للمدارس الحزبية لقارة لا تزال تعج بالأنظمة الاستبدادية.
وقال الباحث السياسي التشادي، إبراهيم زين كونجي، إنه "من الطبيعي جداً أن تسعى الصين إلى تصدير نموذجها لصناعة الولاء للحزب الواحد في أفريقيا، عندما نرى تحركات الصين نلاحظ أنها تحاول أن تلعب جميع الأدوار التي لعبها الاستعمار الغربي في هذه القارة من خلال فرض ثقافتها واستنزاف ثروات القارة".
وأوضح كونجي أن "الصين تسير نحو استنساخ النموذج الغربي في أفريقيا لكنها لا تريد أن تستخدم فقط القوة في هذه المرحلة، وبدأت تتغلغل بقوتها الناعمة التي تشمل أدوات عدة من بينها التعليم والاستثمارات، لكن نواياها ليست صادقة وغير طيبة وخططها غير مشرفة للقارة".
وشدد على أن "الصين تشكل قوة استغلال وترتيب للاحتلال المقبل، وكما يعرف الجميع الصين ساعية نحو السيادة حتى تكون القوة العالمية العظمى، ومن الصعب أن تتشكل قوة ما في العالم من دون أن تستعين بخيرات أفريقيا. ووجود بكين في القارة قديم قبل حتى استقلال العديد من الدول، ولها علاقاتها مع هذه الدول لكنها تبحث عن مصالحها الخاصة".
ورأى المتحدث ذاته أن "الصين لم تُقدم شيئاً ملموساً يمكن أن تستفيد منه القارة، وفي المقابل هي تقدم ما يشبه الرشاوى لصنّاع القرار حتى يُفتح لها المجال لاستغلال المعادن الثمينة في القارة الأفريقية ومحاولة تصدير الأفكار الشيوعية وأفكار الحزب الواحد إلى أفريقيا هي ليست وليدة اللحظة إذ تم تنظيم العديد من المؤتمرات برعاية صينية حول هذا الأمر، وهي تنظم بحملات لتشويه الديمقراطية من أجل تعزيز أفكار الحزب الشيوعي الصيني في أفريقيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


صدام مع الغرب

وتحذو الصين بشكل كبير حذو القوى الغربية، التي حاولت منذ عقود تصدير النموذج الديمقراطي كخيار سياسي فعال، في إقناع القارة الأفريقية بخياراتها السياسية. واستبشرت القوى الغربية بأحداث ''الربيع العربي" من أجل إعادة الزخم للديمقراطية في القارة الأفريقية، فشهدت دول كتونس ومصر وليبيا انتقالاً ديمقراطياً انهار في نهاية المطاف إثر اضطرابات سياسية وأمنية.
واعتبر إبراهيم زين كونجي أنه "في اعتقادي لا يمكن فرض خيارات سياسية على القارة، ففي الخمسينيات والستينيات تم تقديم الديمقراطية الغربية على أنها حل، لكن أضرارها لأفريقيا كبيرة أيضاً وأكثر من الديكتاتورية والشيوعية، الديمقراطية أصبحت مشوهة في أفريقيا".


تنشئة سياسية شابة

وأخيراً، صعّدت الصين حملتها وخطابها ضد الديمقراطية الغربية ومحاولات التحديث التي باشرتها دول أفريقية بدعم من الولايات المتحدة وقوى غربية مثل فرنسا وبريطانيا.
وكانت لافتة خلال المنتدى الاقتصادي الصيني– الأفريقي الذي حضره زعماء 50 بلداً أفريقياً كلمة الرئيس شي جينبينغ التي شن فيها هجوماً غير مسبوق على الغرب وقيمه التي حاول غرسها في القارة السمراء.
وقال شي في تلك الكلمة إن "عملية التحديث التي يقودها الغرب في أفريقيا تسببت بمعاناة كبيرة لشعوب المنطقة"، ليزيد بذلك من مخاوف الغرب المتفاقمة من "غزو صيني ناعم" للقارة يشمل أدوات اقتصادية وسياسية.
واعتبر رئيس مركز الأطلس للتنمية والبحوث الاستراتيجية، عبد الصمد ولد امبارك أن "احتدام الصراع في أفريقيا بين القوى الغربية يكرس دوراً أساسياً للصين، وهو دور كان يرتكز على الاقتصاد من خلال الترويج للمنتجات الصينية، لكن الأمور قد تتطور من خلال قيامها بدور سياسي أيضاً".

ولفت ولد امبارك إلى أن "هناك عوامل متعددة– مثل الاقتصاد الناشئ في أفريقيا وقواها الحية في ظل ارتفاع نسبة الشباب– تكرس التنافس بين القوى الغربية والصين على القارة، والصين تحاول الآن تصدير نموذج تدريسها الحزبي الواحد على غرار ما هو سائد في بكين". وأكد أن "الصين تحاول تكريس تنشئة سياسية شابة على نموذج الحزب الواحد والترويج لنجاحاته، ولعل نموذجَي كينيا وتنزانيا نماذج تجريبية، وفي حال نجاحهما ستسود التجربة على غرار ما حدث في التسعينيات عندما اجتاحت أفريقيا القيم الغربية الديمقراطية وتراجعت الأنظمة الأحادية".
واستنتج ولد امبارك أنه "على المستوى الميداني خطوة إنشاء مدارس التدريب الحزبية تُعتبر تكريساً للنموذج الصيني، وهو تكريس تخدمه أيضاً الاستثمارات التي تدفع بها بكين في أفريقيا".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير