Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين لا تزال مصدرا لأعمال شركات الاستشارات الغربية على رغم التوترات

وقعت "ديلويت" و"إرنست أند يونغ" وشركات أخرى آلاف العقود في مختلف أنحاء البلاد في وقت تسعى واشنطن وبكين إلى فك تشابك الاقتصادين

ارتفعت النفقات على خدمات الاستشارات المقدمة من الشركات "الأربع الكبرى" في مجال المحاسبة بنسبة 53 في المئة في الصين بين عامي 2017 و2023 (رويترز)

ملخص

في الشهر الماضي فرضت السلطات الصينية غرامة قدرها 62 مليون دولار على عمليات "برايس ووترهاوس كوبرز" في البلاد وحظرت أعمالها هناك 6 أشهر

تتعرض شركات الاستشارات والمراجعة الغربية، التي تعمل منذ فترة طويلة في الصين، لضغوط متزايدة نتيجة التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين بكين وواشنطن.

شركات مثل "برايس ووترهاوس كوبرز" و"مجموعة بوسطن الاستشارية" مسموح لها بالعمل هناك، لكنها تسير على خط رفيع في سعيها إلى مزاولة الأعمال في الصين، بعدما استجوبت السلطات الصينية واحتجزت بعض المستشارين الغربيين في السنوات الأخيرة مع تعميقها السرية حول اقتصادها بدعوى حماية الأمن القومي، وفي الوقت ذاته تتعامل هذه الشركات مع شركات مملوكة للدولة في الصين التي تعد حساسة بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

وفي الشهر الماضي فرضت السلطات الصينية غرامة قدرها 62 مليون دولار على عمليات "برايس ووترهاوس كوبرز" في البلاد، وحظرت أعمالها هناك ستة أشهر بسبب مراجعتها حسابات شركة صينية كانت في قلب انهيار سوق العقارات في البلاد، لكن في وقت أجرت فيه الشركة هذا التدقيق حصل فرع آخر لـ"برايس ووترهاوس كوبرز" على عقد بقيمة 200 ألف دولار مع حكومة محلية في شينغيانغ، إذ تتهم الولايات المتحدة بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، وفقاً لنسخة من العقد التي راجعتها صحيفة "وول ستريت جورنال".

ووقعت "مجموعة بوسطن الاستشارية" العام الماضي صفقة بقيمة نحو 530 ألف دولار لتقديم استشارات للمسؤولين في بكين حول إنشاء مركز للذكاء الاصطناعي، وفقاً لنسخة من العقد، وجاء ذلك في وقت تحاول فيه الحكومة الأميركية تقييد التقدم التكنولوجي الحساس للصين. وطلب المسؤولون في شيغينغشان، وهي منطقة صناعية قديمة غرب بكين، من "مجموعة بوسطن الاستشارية" التزام مبادئ الحزب الشيوعي كشرط لتولي المهمة، وفقاً لوثائق المناقصة.

ارتفعت النفقات على خدمات الاستشارات المقدمة من الشركات "الأربع الكبرى" في مجال المحاسبة - "كي بي أم جي " و"برايس ووترهاوس كوبر " و"إرنست أند يونغ " و"ديلويت" إضافة إلى شركات "ماكينزي" و"مجموعة بوسطن الاستشارية " و"باين" بنسبة 53 في المئة في الصين بين عامي 2017 و2023، وهي من بين أعلى المعدلات في أي منطقة، وفقاً لتحليل نشر هذا العام من قبل شركة "كينيدي إنتليجنس"، المتخصصة في تقديم الاستشارات لصناعة الاستشارات.

عقود ضخمة على رغم المقاطعة

ونجحت الشركات الغربية بصورة كبيرة في التنقل بين التوترات المتزايدة بين الصين والغرب من خلال هيكل فريد، إذ تدار وحداتها الصينية، إلى جانب تلك الموجودة في دول أخرى، بواسطة فرق محلية منفصلة قانونياً عن المقر الرئيس.

وتعتمد الشركات "الأربع الكبرى" على نموذج الامتياز، إذ تقسم الوحدات الوطنية الأرباح بين شركائها المحليين، مع دفع رسوم الترخيص ورسوم أخرى للشركات العالمية، مع مشاركة التكنولوجيا والعلامة التجارية والملكية الفكرية.

نفذ عديد من الشركات أعمالاً موسعة للوكالات الحكومية والشركات التي تسيطر عليها الدولة في الصين، إذ وقعت آلاف العقود منذ عام 2017، وفقاً لمراجعة وثائق المناقصات، والبيانات الصحافية للشركات، وسجلات أخرى. ووجدت مراجعة الصحيفة أن ما لا يقل عن 100 من هذه العقود تمت مع وحدات أو شركات تابعة لكيانات فرضت عليها عقوبات من الولايات المتحدة، في حين كانت العشرات من هذه العقود مع شركات صنفتها الولايات المتحدة كشركات عسكرية صينية.

وتمنع العقوبات المعنية الأميركيين من الاستثمار في الشركات الصينية التي فرضت عليها عقوبات، لكنها لا تؤثر في أعمال الاستشارات.

ورفض ممثلو الشركات "الأربع الكبرى" الإجابة عن أسئلة تتعلق بعقود محددة، مستندين إلى سرية العملاء، وقالت "مجموعة بوسطن الاستشارية" إنها تمتلك أنظمة قوية لإدارة الأخطار والامتثال لضمان أن عملها يتماشى مع قوانين جميع البلدان التي تعمل فيها. وأشارت إلى أن الفريق المحلي للشركة فسر الإرشادات التي تطلبت تأييد مبادئ الحزب الشيوعي باعتبارها ضرورية للامتثال للقوانين المحلية.

من جانبها قالت شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" في الصين إن جميع أعمالها "تنفذ وفقاً لجميع القوانين واللوائح المعمول بها"، أما وحدات شركات "إرنست أند يونغ" و"كي بي أم جي " و"ديلويت" في الصين، والهيئات التنظيمية التابعة لمجلس الدولة الصيني التي تشرف على الشركات المملوكة للدولة، فلم ترد على طلبات للتعليق.

إدارة المنافسة والتوترات الجيوسياسية

ويشير المتخصصون في الأمن القومي إلى أن الطبيعة المحدودة للعقوبات الأميركية تسلط الضوء على كيفية محاولة واشنطن إدارة المنافسة الاستراتيجية بين البلدين من خلال حملة إعلامية، مع اتخاذ خطوات صغيرة فقط ضد الشركات الصينية التي تعدها مصدر قلق أكبر. والشهر الماضي اقترحت إدارة بايدن حظر الأجهزة والبرمجيات الصينية من السيارات على الطرق الأميركية.

ومع ذلك بالنسبة إلى بعض الشركات أدت التوترات المتعلقة بالتعامل مع الشركات الصينية المملوكة للدولة إلى إعادة توجيه استراتيجيتها تجاه الصين. وتعرضت شركة "ماكينزي"، للتدقيق بعد استضافة ملتقى في شينغيانغ وإدارة مركز فكري في الصين استشارات للحكومة الصينية حول التخطيط الوطني، وأعادت تركيز أعمالها في الصين نحو الشركات المتعددة الجنسيات والشركات الخاصة هناك، وفقاً لما قاله متحدث باسم الشركة.

وبعد الانتقادات السابقة دافعت شركة "ماكينزي" عن أعمالها، لكنها قللت من مشاركتها في مثل هذه المشاريع وعينت تنفيذيين عدة، بمن فيهم مدير سابق لوحدتها في الصين، لتقييم المشاريع من منظور الأخطار الجيوسياسية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وقال المتحدث باسم "ماكينزي"، "نلتزم بأشد سياسات خدمة العملاء صرامة وشمولية في صناعتنا."

ولا تزال الشركات "الأربع الكبرى" تفرض معايير على الأعمال التي تقوم بها وحداتها، وفقاً لما قاله الرئيس التنفيذي لشركة" موناد نوك" للأبحاث، مارك أوكونر، التي تتابع صناعة الاستشارات. وقال "إذا شعرت أي من هذه الشركات أن فرعها في الصين يفعل أموراً لا تتماشى مع طريقة عملها، فبإمكانها بسهولة التخلي عن هذا الفرع."

وتضمن أحد العقود التي وقعتها "إرنست أند يونغ" تبسيط العمليات الإدارية لمكتب إقليمي في مقاطعة يونان تابع لجبهة الاتحاد، وهو الفرع التابع للحزب الشيوعي الصيني المسؤول عن إبقاء الأقليات العرقية والمجتمعات الدينية تحت السيطرة في الداخل، إلى جانب أنشطة أقل حساسية مثل الترويج للأحداث الثقافية.

وفي عام 2022، وقعت شركة "ديلويت" عقداً بقيمة مليون دولار لمشروع بناء لوحدة تابعة لشركة "تشاينا ناشيونال أوف شور أويل كورب"، التي تعرضت إلى فرض عقوبات عليها في عام 2021 بسبب ما وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه عملها مع الحكومة الصينية للضغط على المطالبات الإقليمية التي لا أساس لها في بحر الصين الجنوبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مدير شؤون الصين في مركز "مانسفيلد" بجامعة مونتانا، دكستر روبرتس، "حتى مع محاولة الصين تقليل اعتمادها على الغرب، فإنها تحتاج أيضاً إلى المساعدة في التنقل عبر الحواجز التي أقامتها واشنطن وعواصم غربية أخرى حتى تتمكن من الحفاظ على اتصالاتها بالأسواق الخارجية. وأضاف "في بعض النواحي تحتاج السلطات والشركات الصينية إلى مستشارين أجانب أكثر اليوم".

وقال شركاء سابقون إن العلاقة بين وحدة "ديلويت" في الصين، وهي واحدة من أكثر شركات الاستشارات الغربية نشاطاً في الصين، وبقية عمليات الشركة أصبحت أكثر توتراً في السنوات الأخيرة، إذ زادت بكين القيود على المعلومات التي يمكن للشركات في الصين مشاركتها خارج البلاد.

وقال شريك سابق إن الشركاء الصينيين في ديلويت توقفوا العام الماضي عن إحضار أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم خارج البلاد عند السفر وأصبحت عروضهم التقديمية لزملائهم في أماكن أخرى في آسيا أكثر إيجازاً.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة