Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تكبح أزمة الشرق الأوسط التفاؤل بانتعاش الاقتصاد البريطاني؟

لم يكد البريطانيون أن يتجاوزوا الجائحة ويتأقلمون مع تداعيات غزو أوكرانيا حتى واجهتهم أزمة جديدة. الجميع الآن يراقبون أسعار النفط، يحدوهم أمل في أن يعود الاستقرار قريباً إلى المنطقة الأكثر اضطراباً في العالم

ميلشيا الحوثيين في اليمن ينشرون مقطع فيديو يزعمون فيه أنهم فجروا ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر (رويترز)

ملخص

أزمة الشرق الأوسط تعيق التفاؤل بانتعاش الاقتصاد البريطاني، حيث تسبب ارتفاع أسعار النفط والاضطرابات الجيوسياسية في تراجع ثقة قطاع الأعمال وتأجيل الاستثمارات، وسط مخاوف من تأثيرات تضخمية وزيادة الضرائب

قطاع الأعمال البريطاني محتار. الارتباك سيد الموقف في صفوفه.

قبل شهرين، سادت حال من اليقين قاعات مجالس إدارات الشركات. كانت نتيجة الانتخابات العامة حاسمة بغالبية ساحقة. صحيح أن الحزب الفائز كان حزب العمال، لكن زعيم الحزب، السير كير ستارمر، ووزيرة ماليته، راشيل ريفز، كانا قد بذلا جهداً كبيراً لكسب الرأسماليين المتشككين إلى جانب الحزب. شعر رجال الأعمال بأن ليس لديهم ما يخشونه.

حجم الانتصار كان يعني أن سنوات الاضطراب السياسي قد انتهت، وأن من الممكن التطلع إلى خمس أو 10 سنوات أو حتى أكثر، وتوقع كيف ستكون حال بريطانيا. بناءً على ذلك، كانت الاستطلاعات عن مستوى الثقة في الأعمال [في الاستقرار من أجل الاستثمار] تشير إلى نتائج إيجابية، وبدأت أسعار البيوت في الارتفاع في ضوء هذا التفاؤل الجديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثم ما لبث ستارمر وريفز أن تراجعا عن وعودهما. بدأ الحديث عن فجوة في الخزانة الوطنية تحتاج إلى تغطية عاجلة. وعنى ذلك استهداف من يستطيع تحمل الثمن - الأثرياء ومجتمع الأعمال - من خلال زيادة الضرائب.

على رغم إصرار حزب المحافظين على أن العجز لم يكن ضخماً، أصبح من المتوقع فرض زيادات في ضرائب الأرباح الرأسمالية وضرائب الميراث، وهذه مجرد أمثلة على [أنواع] الضرائب التي يعتقد أن حزب العمال يخطط لها. لقد سبقها فرض ضريبة القيمة المضافة على رسوم المدارس الخاصة - في خطوة كان يجب أن تشكل تنبيهاً.

فجأة، تغيرت الأجواء في أندية الغولف وغيرها من أماكن الترفيه التي يقصدها رجال الأعمال، إذ سادت حال من الغضب والتذمر. تنتشر عبارات على غرار "لقد قلنا لكم ذلك" و"كثيراً ما كان الأمر كذلك". يتحدثون الآن عن الانتقال إلى خارج البلاد، غير مبالين بما سيفعله السير كير ورهطه.

لم تتحسن المشاعر في ضوء الأدلة التي تظهر أن معايير ستارمر ليست مختلفة كثيراً عن معايير سابقيه. قبوله هدايا مثل الملابس والنظارات والسلع المجانية الأخرى أمر لم يكن ممكناً تصوره في عالم الأعمال، وعلى رغم ذلك، كثيراً ما يشعر حزب العمال بأنه يستطيع اتخاذ الموقف الأخلاقي الأعلى في ما يتعلق بالشركات البريطانية.

كانت الروح المعنوية في تراجع بالفعل بحلول وقت اندلاع النزاع في الشرق الأوسط. سجلت الاستطلاعات أكبر انخفاض في ثقة قطاع التصنيع البريطاني منذ مارس (آذار) 2020، وتباطأ نشاط سوق الإسكان أيضاً.

ذلك التفاؤل، الذي استمر لفترة، تبخر تقريباً. الآن، تتركز الأنظار كلها على أسعار النفط، وتزداد المخاوف حول سلاسل الإمداد ومرور السفن عبر البحر الأحمر وقناة السويس. مرة أخرى، تنسف الأحداث في المنطقة الأكثر اضطراباً في العالم خططاً موضوعة بعناية.

في أوقات كهذه، تواجه الشركات [الأوضاع المستجدة] بالتراجع وتأجيل الإنفاق وتجميد اتخاذ القرارات المكلفة. ربما يراهن البعض على استعادة الهدوء في الشرق الأوسط بسرعة، لكن لا دلائل كثيرة على ذلك حالياً.

وهذا أمر يدعو إلى الأسف لأن بريطانيا كانت أخيراً على وشك الانتصار في معركتها على التضخم. الأسبوع الماضي، وصل محافظ بنك إنجلترا، أندرو بايلي، إلى حد الوعد بتخفيضات "عدوانية" [ضخمة] في معدلات الفائدة، لثقته بأن معدل التضخم قد تراجع.

لكن ثمة شرط [يقيد الوعد] - أضاف أن الخفض مرهون باستمرار الأخبار الجيدة حول التضخم. هنا يأتي دور الشرق الأوسط. إذا ارتفع سعر النفط وظل مرتفعاً، وإذا اندلعت حرب شاملة، ستسقط الرهانات كلها.

هذا ما لمح إليه كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، عندما تحدث بعد يوم واحد فقط من إعلان بايلي تعهده بخفض معدلات الفائدة. حذر بيل من خفض "مفرط أو سريع" لمعدلات الفائدة.

وقال بيل، العضو في لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا التي تتألف من تسعة أعضاء ويترأسها بايلي: "بينما تبقى التخفيضات الإضافية في معدل الفائدة الرئيس لدى بنك إنجلترا متوقعة إذا تطور الوضع الاقتصادي والتضخمي في شكل عام كما هو متوقع، سيكون من المهم الحذر من خطر الخفض المفرط أو السريع".

ما كان يقلق بيل هو احتمال تضخم الأجور نتيجة لزيادة أعداد الأشخاص الذين غادروا سوق العمل في شكل غير متوقع بعد جائحة كوفيد. تنتشر الشواغر التي تتطلب عاملين مهرة [أصحاب الكفاءات] في كل قطاع تقريباً، ويضطر أصحاب العمل إلى عرض رواتب أعلى لجذب الأشخاص المناسبين من مجموعة أصغر من الباحثين عن عمل.

لكن بيل ربما كان يشير أيضاً إلى الوضع العالمي عندما أضاف التحفظ التالي: "إذا تطور الوضع الاقتصادي والتضخمي في شكل هو متوقع".

لم نكد نخرج من الجائحة ونتكيف مع آثار الحرب في أوكرانيا حتى حلت أزمة أخرى تعد بجولة جديدة من الاضطرابات. إن عدم اليقين، أو بالأحرى "عدم القدرة على التوقع بأي درجة من اليقين"، هو أكثر ما تكرهه الشركات.

كان في حسبانها أنها تخلصت من هذا الشعور عندما جاءت نتيجة الانتخابات حاسمة، لكن ستارمر وريفز أعادا إحياء المخاوف. اليوم، تنظر الشركات شرقاً بقلق، متسائلة ماذا سيطرأ بين إسرائيل وإيران، وهل ستتورط بلدان أخرى؟

في الوقت نفسه، من المقرر أن تقدم ريفز أولى موازناتها نهاية هذا الشهر. تعيش الأوساط المالية والصناعية على أمل أن تنتهي أزمة الشرق الأوسط قريباً وأن يعود الانتظام إلى المنطقة. وبالمثل، تأمل في أن يكون كل الحديث عن رفع الضرائب واستهداف الأثرياء والأعمال مجرد كلام.

لكن هذه الأوساط غير متأكدة، وهذا يستدعي الحذر. والخاسر في هذا كله هو الاقتصاد البريطاني الذي كان يظهر مرونة، وكان في حال أفضل من عديد من الاقتصادات الأوروبية، وكان مهيأً لاستقطاب الاستثمارات. يا للأسف، ذلك كله مؤجل.

© The Independent