Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفلسطينيون في إسرائيل وصراع الولاء بين الوطنية والانتماء

تقدم تل أبيب حوافز مالية كبيرة للبدو في النقب لتشجيعهم على التجنيد في الجيش كالرواتب المرتفعة وقطعة أرض والتعليم الجامعي

يعيش في النقب 350 ألف فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية وينخرط بعضهم في الجيش الإسرائيلي (أ ف ب)

ملخص

-انتماء بدو النقب إلى فلسطين لم يشفع لهم خلال هجوم السابع من أكتوبر فعديد منهم قتلوا واختطفوا"، و"حماس" تتعامل معهم وفق جنسيتهم الإسرائيلية وليس ديانتهم الإسلامية أو انتمائهم لفلسطين.

-على قلة عددهم في الجيش الإسرائيلي فإن "معظم بدو النقب ينخرطون في وحدات حرس الحدود، وليس في مهام قتالية".

-إسرائيل لا تريد من الفلسطينيين فيها أن يكونوا جزءاً منها، فقانون القومية الإسرائيلية أشار إلى أن دولة إسرائيل هي لليهود فقط".

لم يفصل إلا شهران بين مقتل الرقيب في الجيش الإسرائيلي أحمد أبو لطيف خلال مشاركته في الحرب على قطاع غزة، ومقتل ابن عمه فادي أبو لطيف إثر تنفيذه هجوماً مسلحاً ضد اليهود الإسرائيليين في النقب خلال مارس (آذار) الماضي.

وتختزل هاتان الواقعتان العلاقة المعقدة للفلسطينيين في إسرائيل و"ازدواجية ولائهم"، سواء إلى جنسيتهم الإسرائيلية التي يحملونها أو إلى أمتهم الفلسطينية التي يتحدرون منها.

لكن حدة الصراع في الولاء بين الفلسطينيين تزداد في صحراء النقب التي يعيش فيها نحو 350 ألف فلسطيني، بسبب علاقات المصاهرة بينهم والفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.

وفي مدينة رهط داخل النقب التي تعد أكبر تجمع للفلسطينيين في إسرائيل يقع حي الغزازوة، حيث تعيش مئات العائلات من أم أو أب أصلهما من قطاع غزة.

وإثر هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 انضم أحمد أبو لطيف إلى الجيش الإسرائيلي للقتال في قطاع غزة، قبل أن يقتل بتفجير منزل بخان يونس خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.

وفي مارس الماضي، شن ابن عمه فادي أبو لطيف من مدينة رهط هجوماً على مقهى في النقب الشمالي انتقاماً لمقتل شقيقه في قطاع غزة بعد انتقاله للعيش فيها مع والدته التي تتحدر من القطاع.

وخلال خطابه في الكونغرس الأميركي قبل أشهر عدة اصطحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معه الجندي في الجيش الإسرائيلي أشرف البخيري من مدينة رهط.

وتفاخر نتنياهو بأن "أشرف إلى جانب اليهود والمسلمين والمسيحيين في الجيش الإسرائيلي قتلوا كثيرين من مسلحي حماس" خلال هجومهم في السابع من أكتوبر 2023.

وأدى ذلك الهجوم إلى قتل 16 من فلسطينيي النقب واختطاف عدد منهم كان بينهم فرحان الذي أعلن الجيش الإسرائيلي تحريره خلال شهر أغسطس (آب) الماضي.

ويوم الأحد الماضي قتل أحمد العقيبي من بلدة حورة في النقب جندية إسرائيلية وأصاب آخرين في هجوم مسلح في بئر السبع، أشادت به حركة "حماس".

وعبر الناطق باسم "كتائب القسام" أبو عبيدة عن ثقة "حركة ’حماس‘ بوطنية أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة عام 48، ونحن على يقين بأنهم قادرون على اجتراح الوسائل الكفيلة بإيلام المحتل وإسناد أبناء شعبهم في غزة".

وعقب هجوم فادي أبو لطيف طالب رئيس المجلس الإقليمي (لبني شمعون) نير زامير بـ"الحفاظ على العلاقات الطيبة مع مدينة رهط وسكانها"، مشيراً إلى أن العلاقات "توطدت" منذ "السابع من أكتوبر".

ومع أن إسرائيل تفرض التجنيد الإجباري على طائفة الدروز بموجب اتفاق مع قيادتهم بعد أعوام على تأسيسها، فإن انخراط البدو من النقب والشمال وغيرهم من الفلسطينيين في الجيش الإسرائيلي يتم بصورة اختيارية.

وعلى رغم أنه لا توجد أرقام رسمية لعدد الجنود من أصول فلسطينية في الجيش الإسرائيلي، فإن عدد البدو من النقب قليل جداً، لكن بدو الشمال أكثر عدداً منهم ويوازي نسبة الدروز.

هذا وأرجع أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة بئر السبع ثابت أبو راس انخراط أهالي النقب في الجيش الإسرائيلي على رغم قلتهم إلى أسباب اجتماعية واقتصادية مختلفة، "فالمجتمع في النقب يتحدر من عشائر بدوية، العشائر الصغيرة يلجأ أبناؤها إلى الجيش في مسعى منهم إلى زيادة قوتهم أمام العشائر المسلحة"، بحسب أبو راس.

وحول الوضع الاقتصادي أشار أبو راس إلى أن الغالبية الساحقة من أهالي النقب "لا يمتهنون أعمالاً تحتاج إلى مهارات، فمعظمهم يعملون في قطاع الخدمات"، مشيراً إلى أن التجنيد في الجيش مصدر دخل لهم.

ووفق أبو راس فإن إسرائيل تقدم "حوافز مالية كبيرة جداً للبدو في النقب لتشجيعهم على التجنيد في الجيش، مثل الرواتب المرتفعة وقطعة أرض لبناء منزل والتعليم الجامعي".

وأوضح أن السلطات الإسرائيلية حاولت تجنيد مديري المدارس في الجيش كخطوة أولى ثم المعلمين بهدف اختراق المدارس في النقب.

وعلى قلة عددهم في الجيش الإسرائيلي فإن "معظم بدو النقب ينخرطون في وحدات حرس الحدود، وليس في مهام قتالية" وفق أبو راس.

وإضافة إلى انتمائهم لفلسطين فإن علاقات النسب والمصاهرة مع الفلسطينيين في غزة والضفة تحد من انخراط أبناء النقب في الجيش الإسرائيلي بحسب أبو راس، لافتاً إلى أن نحو 60 في المئة من فلسطينيي النقب لهم أقارب في قطاع غزة والخليل، "فعشائر كاملة موجودة على جانبي الخط الأخضر بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عمليات التهريب

ويأتي طموح بعض بدو النقب في الانخراط داخل الجيش الإسرائيلي إلى رغبتهم في المشاركة بعمليات التهريب بين مصر وإسرائيل.

وقالت مصادر لـ"اندبندنت عربية" إن الجنود البدو في الجيش الإسرائيلي الذين ينتشرون على الحدود الإسرائيلية - المصرية يحصلون على مقابل مادي لقاء تسهيلهم عمليات التهريب من مخدرات وأفراد وأسلحة.

وعن أسباب ارتفاع مشاركة بدو شمال إسرائيل في الجيش الإسرائيلي عكس بدو النقب، قال أبو راس إن ذلك يعود إلى أن بدو النقب معزولون عن الإسرائيليين ويتعرضون لهدم المنازل وعدم الاعتراف بقرارهم. لكن بدو الشمال فهم وفق أبو راس منفتحون على الإسرائيليين، وكانوا يصوتون لمصلحة حزب "الليكود" قبل أن تذهب أصواتهم للقائمة الموحدة التي يتزعمها منصور عباس من الحركة الإسلامية.

ونفى رئيس لجنة التوجيه العليا لفلسطينيي النقب وعضو الكنيست السابق طلب الصانع وجود ازدواجية ولاء لدى الفلسطينيين في إسرائيل، مضيفاً أنهم "ينتمون للشعب الفلسطيني لكنهم في الوقت نفسه يحملون الجنسية الإسرائيلية".

وبحسب الصانع فإن "الواقع معقد لأن الشعب الذين ينتمون إليه يخوض حرباً مع الدولة التي هم من مواطنيها"، مضيفاً أن "هناك صراعاً بين الانتماء لفلسطين والوطنية لإسرائيل".

 وأوضح الصانع أن الفلسطينيين في إسرائيل "يحافظون في غالب الأحيان على التوازن بين الناحيتين، فهم جزء من السلام في المنطقة ولا يمكن أن يكونوا جزءاً من الحرب".

وأشار إلى أن مشاركة 350 من أصل 350 ألفاً من النقب في الجيش الإسرائيلي قضية ثانوية يتم تضخيمها".

لكن الصانع استدرك بأن انتماء بدو النقب إلى فلسطين لم يشفع لهم خلال هجوم السابع من أكتوبر، فعديد منهم قتلوا وخطفوا"، لافتاً إلى أن "حماس" تتعامل معهم وفق جنسيتهم الإسرائيلية وليس ديانتهم الإسلامية أو انتمائهم لفلسطين.

ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية سليم البريك أن رفض البدو في النقب التجنيد في الجيش الإسرائيلي يعود إلى أسباب اجتماعية شخصية، إضافة إلى حملة التحريض ضدهم وغيرها من حملات ومضايقات وانتهاكات".

وأوضح أن الفلسطينيين في إسرائيل "ملتزمون بالوطنية الفلسطينية مع احتفاظهم بالجنسية الإسرائيلية، فالجنسية ليست مواطنة بالمفهوم العميق".

وأضاف بريك أن إسرائيل لا تريد من الفلسطينيين فيها أن يكونوا جزءاً منها، فقانون القومية الإسرائيلية أشار إلى أن دولة إسرائيل هي لليهود فقط".

وبحسب بريك فإن التوجه في إسرائيل خلال الأعوام الماضية نحو اليهودية القومية والصيهونية، في ظل ملاحقة الأقليات من الفلسطينيين والتفريق بينهم في الخدمات والموازنات المالية المخصصة لهم.

وحول بدو الشمال أوضح بريك أنهم بدأوا قبل أعوام بالتصويت للحركة الإسلامية بقيادة منصور عباس، بعد أن اعتادوا التصويت لحزب "الليكود".

وأضاف أن مواقف منصور عباس "دينية أكثر منها وطنية فلسطينية وهي براغماتية"، مضيفاً أن عباس "يبتعد من قضية التجنيد خشية فقدانه قاعدته الانتخابية بين بدو الشمال".

المزيد من تقارير