Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بولندا تهدد بقصف سان بيترسبورغ وموسكو تحذر: "لا توقظوا الوحش"

وارسو اشترت 800 صاروخ يبلغ مداها 900 كيلومتر سيتم "استخدامها في حال حدوث هجوم محتمل من قبل روسيا"

توالت تصريحات بولندية وليتوانية تحذيراً من احتمال شن روسيا هجمات ضد بلدان البلطيق ما إن تفرغ من مهمتها في أوكرانيا (أ ف ب)

ملخص

"وارسو ستضرب جميع الأهداف الاستراتيجية لروسيا الاتحادية في دائرة نصف قطرها 300 كيلومتر، إذا هزمت موسكو أوكرانيا وتحولت إلى عبور الحدود صوب ليتوانيا"

تعالت الأصوات خلال الآونة الأخيرة في كثير من البلدان الغربية تدعو إلى ضرورة البدء في التحضير لمواجهة مسلحة مباشرة مع روسيا الاتحادية. وانخرط حلف "الناتو" في نشاط غير مسبوق على طول الحدود الغربية للبلاد بذريعة احتواء ما يصفه بـ"العدوان الروسي"، خلال وقت قام فيه مارك روتا الأمين العام الجديد للحلف بأول زيارة له إلى كييف ملوحاً بالعمل من أجل "إحراز أوكرانيا النصر على غريمتها روسيا". وعلى رغم أن موسكو لم تعلن عما يمكن أن يكون لديها مثل هذه النيات تجاه بلدان البلطيق، فقد توالت التصريحات من جانب كثر من القيادات البولندية والليتوانية تحذيراً من مغبة احتمالات شن روسيا هجمات ضد بلدان البلطيق ما إن تفرغ من مهمتها في أوكرانيا، والتي تصفها روسيا بالمزاعم التي لا أساس لها من الصحة. وأشار الكرملين إلى أن موسكو لا تهدد أحداً لكنها لن تتجاهل الأعمال التي قد تشكل خطراً على مصالحها. وذكرت وزارة الخارجية الروسية أن روسيا تظل منفتحة على الحوار مع "حلف شمال الأطلسي" ولكن "على قدم المساواة، في حين يتعين على الغرب التخلي عن مساره نحو عسكرة أوروبا".

تهديدات بولندية بقصف سان بطرسبورغ

عشية مناقشة وزراء دفاع "الناتو" مواقف الحلف تجاه روسيا الاتحادية كشف بعضهم عن مواقف جديدة أثارت ردود فعل واسعة النطاق. وكان رئيس أركان القوات المسلحة البولندية السابق رايموند أندجيتشاك أعلن في مؤتمر الدفاع عن دول البلطيق أن وارسو "سوف تهاجم مباشرة سانت بيترسبورغ"، وتضرب جميع الأهداف الاستراتيجية لروسيا الاتحادية في دائرة نصف قطرها 300 كيلومتر، إذا هزمت روسيا أوكرانيا وتحولت إلى عبور الحدود صوب ليتوانيا. وسيكون هناك "رد فوري". ليس في اليوم الأول، ولكن في "الدقيقة الأولى". وقال أندجيتشاك إن بولندا اشترت 800 صاروخ يبلغ مداها 900 كلم وإنه سيتم "استخدام هذه الصواريخ في حال حدوث هجوم محتمل من قبل روسيا". ووفقاً لما قاله أندجيتشاك فإن الأحداث في أوكرانيا تعطي الغرب "سنوات عدة من الزمن" إذا خسرت كييف، وأصبحت بيلاروس عضواً كامل العضوية في دول الاتحاد، "سيكون هناك فرقة روسية واحدة في لفيف وواحدة في بريست وثالثة في غرودنو". وهكذا يمكن أن تحاصر القوات الروسية بولندا وليتوانيا. ويعتقد الجيش أنه يجب على الدول الغربية "أخذ زمام المبادرة" لمنع العدوان وإظهار عواقب الهجوم على بولندا أو ليتوانيا.

وأعلن كاستيوتيس بودريس مستشار الأمن القومي للرئيس الليتواني عن احتمالات وقوع هجوم على دول البلطيق. وأشار رايمونداس فايكشنوراس قائد الجيش الليتواني إلى أن البلاد يجب أن تكون قادرة على الرد بصورة مستقلة على هجوم محتمل من قبل روسيا من دون انتظار قرار "الناتو" في هذا الصدد. وللقيام بذلك قال المسؤول العسكري الليتواني إن بلاده تشتري وعلى سبيل المثال منظومات صواريخ هايمارس HIMARS من الولايات المتحدة.

ماذا عن رد الفعل من جانب موسكو؟

انتفضت روسيا للرد على مثل هذه التهديدات التي سبق أن ترددت في عديد من أروقة صناعة القرار في البلدان الغربية. وتناقلت وسائل الإعلام الروسية ما قاله الرئيس فلاديمير بوتين حول "إن قيادة الناتو تحاول تخويف مواطني البلدان الأعضاء بتهديد وهمي من جانب روسيا الاتحادية". كما سبق وأوضح بوتين أن بلاده ليست لديها أية ادعاءات إقليمية تجاه أية بلدان أخرى، قبل أن يعود ليرد على التهديدات البولندية بشن ضربات ضد سان بيترسبورغ. وكان الرئيس بوتين سبق وأعلن أكثر من مرة رفضه تصريحات الدول الغربية حول خطط روسيا المحتملة لمهاجمة دول حلف شمال الأطلسي. وخلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي وتعليقاً على بيان صادر عن الرئيس الأميركي جو بايدن حول هذا الأمر، وصف بوتين هذه الشكوك بأنها "هراء كامل"، قائلاً إنه ليس لدى روسيا "أية أسباب ولا مصلحة جيوسياسية ولا اقتصادية ولا عسكرية" للقتال مع دول "الناتو". وأضاف الرئيس الروسي أن موسكو ليست لديها مشكلات مع هذه الدول إذ إنها نفسها تحاول إفساد العلاقات، في حين أن روسيا مهتمة بتنميتها.

أما الرئيس الروسي السابق ونائب مستشار الرئيس الروسي لشؤون الأمن القومي دميتري ميدفيديف فسارع إلى الرد على هذه التصريحات على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، بلهجة اتسمت بحدة شديدة ومفعمة بكثير من السخرية بقوله "كنا خائفين من الجميع طوال الوقت، غداً تستخدم روسيا الأسلحة النووية التكتيكية وغداً تستخدم هذا، لا، بعد غد". وتوقف ليتساءل... "ماذا إذاً؟"، قبل أن يجيب عما طرحه من تساؤلات بقوله "إنها مجرد قصص رعب لبسطاء القوم".

وأشار ميدفيديف إلى الانقسامات التي تجتاح بولندا تجاه التهديدات بقصف سان بيترسبورغ. ومن موقعه كرئيس حزب "روسيا المتحدة" الحاكم وكنائب لرئيس مجلس الأمن القومي لروسيا الاتحادية، مضى ميدفيديف ليستطرد قائلاً "لا توقظوا الوحش". وفي إشارة إلى تصريحات رئيس أركان القوات البولندية المسلحة السابق كتب على قناته عبر "تيليغرام" يقول "إنه، هو المتقاعد، عليه أن يتذكر التقسيمات السابقة التي أصابت بولندا على مر التاريخ، يوم كانت وارسو جزءاً من الإمبراطورية الروسية". ومن جانبه أعلن نائب وزير الخارجية ألكسندر غروشكو أن "حلف شمال الأطلسي" لم يعد يخفي استعداده لصدام محتمل مع روسيا. وأشار إلى أنه تمت الموافقة بالفعل على خطط الدفاع الإقليمي، وتمت صياغة مهام محددة لجميع القيادات العسكرية لهذا التحالف، فضلاً عما يجري باستمرار من العمل على الخيارات الممكنة للتحرك العسكري ضد روسيا. ويجري تطوير الخدمات اللوجيستية ووضع مستودعات الأسلحة على الجناح الشرقي، وينشر الوحدات إلى جانب "عسكرة الاقتصاد". وخلص المسؤول الروسي إلى أن التخطيط العسكري لبلاده يأخذ في الاعتبار أية سيناريوهات. وأشار مساعد الرئيس الروسي نيكولاي باتروشيف إلى "أن دول الناتو تحاول الحفاظ على الهيمنة العالمية، ولهذا السبب بدأوا بتحديث بنيتهم التحتية العسكرية ويعملون على وضع سيناريوهات للقتال ضد روسيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"بولندا تحاول اللعب من مواقع قوة لا تمتلكها"

وتعليقاً على ما قاله رئيس الأركان البولندي السابق الجنرال أندجيتشاك حول الهجوم على سان بيترسبورغ، أكد خبير الشؤون السياسية ماريك بودزيش أن بولندا تريد الانخراط في السياسة من مواقع قوة لا تمتلكها، وأنها مخطئة في ما تعتقده حول أن كل أعضاء "الناتو" سيتبعونها في الحرب مع روسيا.

وفي حديثه على قناة "التاريخ الحقيقي" عبر "يوتيوب" أعرب المتخصص في مركز التحليل الجيوسياسي الاستراتيجي ماريك بودزيش عن موقف سلبي، تجاه تهديدات رئيس الأركان العامة السابق للقوات البولندية "إننا إذا تحدثنا عن سياسة وارسو تجاه روسيا فهي أقرب إلى الصقور من الحمائم، لكن سياسة الاحتواء لا يمكن أن تقوم على الخطابة". ولفت الانتباه إلى النقص في الإمكانات العسكرية لبولندا. واستطرد بودزيش "هذه في رأيي مشكلة النخبة البولندية، أنهم يريدون الانخراط في السياسة من مواقع قوة لكن ليس لدينا الفرصة للانخراط فعلياً في مثل هذه السياسة". وأضاف أنه إذا كانت بولندا تمتلك بالفعل قوة عسكرية كافية فإن مثل هذا البيان سيكون له بالفعل تأثير رادع.

وأشار المتخصص السياسي البولندي إلى أن هجوم بلاده على روسيا من شأنه أن يثير رد فعل من الجانب الروسي في صورة ضربة تقليدية، وربما حتى نووية. ولفت إلى أن مثل هذه الخطوة التصعيدية ستكون غير متوافقة مع الاستراتيجية الأميركية تجاه روسيا، محذراً من أنه في ما يتعلق بمثل هذه التصريحات تتساءل المكاتب الأميركية الآن عما إذا كان يمكن الوثوق بالبولنديين على الإطلاق.

وقال بيوتر زيتشوفيتش إن هذا التصريح كان ينبغي أن يسبب الرعب بين البولنديين، مشيراً أيضاً إلى أن وسائل الإعلام الغربية عدت كلمات الجنرال أندجيتشاك بمثابة بيان لا يتعلق بحلف شمال الأطلسي ككل، بل يتعلق ببولندا فحسب وربما دول البلطيق. وعلاوة على ذلك صرح قائد الجيش الليتواني الجنرال رايمونداس فايكسنوراس بأن الدول المتاخمة لروسيا يجب أن تكون قادرة على الرد الفوري على أي هجوم بمفردها، ممن دون انتظار قرار في بعض عواصم دول "الناتو" في شأن تفعيل المادة الخامسة. وأشار إلى "أن هذا هو السبب بالتحديد ويحتاج الناتو إلى توزيع المسؤولية بين أعضائه، لذلك لا ينبغي أن تكون بولندا خارجة عن المألوف".

ومن مواقف مماثلة قال آخرون "نخشى تنفيذ السيناريو الذي رسم بدايته الجنرال أندجيتشاك ’روسيا تهاجم ليتوانيا، نطلق رصاصة على سانت بيترسبورغ، روسيا ترد بضربنا بثلاث قنابل ذرية في وارسو وغدانسك. تعقبها غدينيا سوبوت ثم كراكوف، لنطلب من حلف شمال الأطلسي أن ينقذ ما تبقى منا‘، لكن الناتو يقول ’أنتم لم تتشاوروا معنا، لقد بادرتم وهاجمتم سان بيترسبورغ‘". وانبرى المتخصص السياسي زيكوفيتش ليقول "إنه لا ينبغي لنا اتخاذ القرارات والخروج عن النظام العام. ولا ينبغي لنا أن نخوض حرباً مع روسيا معتقدين أن الجميع سيتبعوننا". وأعقبه زميله بودزيش ليؤكد أنه بصورة عامة "ينبغي للمرء أن يفكر في ما إذا كانت بولندا في حال الهجوم على ليتوانيا ستدخل الحرب تلقائياً"، مشيراً إلى أن "هناك أيضاً مسألة مدى كفاية الرد على العدوان".

المزيد من تقارير