Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غرف طوارئ السودان... أمل الحياة في عتمة الحرب

الأطراف المتحاربة ظلت تحتجز متطوعين للاشتباه في تعاونهم مع الطرف الآخر

يواجه المتطوعون في "غرف الطوارئ" صعوبات منها انعدام الأمن وانقطاع خدمة الاتصالات والإنترنت (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

"تخوض معركة لا تقل أهمية عن القتال بالأسلحة، وهي مواجهة شبح الجوع الذي يحاصر العالقين والنازحين في مناطق النزاع بتقديم الوجبات المجانية والخدمات الصحية وتنظيم عمليات الإجلاء إلى المدن الآمنة".

من بين ركام الحرب وتداعياتها الإنسانية، برزت مبادرات شعبية عبر إنشاء "غرف الطوارئ"، وهي شبكة واسعة من المجموعات المجتمعية تدعم المتضررين لدرء الجوع والمرض في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة في السودان، فضلاً عن تقديم خدمات المطابخ الخيرية والمياه والكهرباء، وكذلك توزيع المواد الغذائية والرعاية الصحية وتنظيم عمليات الإجلاء من مناطق الاشتباكات المسلحة.

ونجحت المبادرة التي قوبلت بدعم واسع من المتطوعين والمغتربين السودانيين والمنظمات الدولية في إنقاذ حياة الملايين، إذ لعبت فرق الاستجابة الطارئة دوراً حيوياً في الجهود الإنسانية، على رغم أخطار القصف العشوائي وانفراط الأمن، إلى جانب الاستهداف من قبل الجيش وقوات "الدعم السريع" تحت ذريعة الانتماء والعمل المباشر لمصلحة الآخر.

خدمات وتحديات

واعتبر عضو غرفة طوارئ الخرطوم جنوب إيهاب فاروق أن "المتطوعين ظلوا يعملون على مدى 18 شهراً في تقديم المساعدات الضرورية بخاصة خدمات الرعاية الصحية والكهرباء والماء وتوفير الغذاء، وأنشأت ‘غرف الطوارئ‘ 420 مطبخاً بهدف خدمة أكثر من مليون شخص يومياً في العاصمة وحدها، فضلاً عن إجلاء الآلاف من مناطق الصراع".

وأضاف أن "كثيراً من المتطوعين يتعرضون للاستهداف من قبل المجموعات المسلحة، علاوة على تزايد عمليات سلب ونهب المواد الغذائية والأدوية الخاصة بالمبادرة".

وأوضح فاروق أن "الأطراف المتحاربة ظلت تحتجز متطوعين للاشتباه في تعاونهم مع الطرف الآخر، فضلاً عن تعرض آخرين للتفتيش والاعتقالات، وكذلك حدثت حالات وفاة للبعض منهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حيادية وقبول

على صعيد متصل، أوضح وزير التجارة السابق، المتخصص في التنمية المستدامة وتمكين المجتمع، مدني عباس مدني أن "غرف الطوارئ أسهمت في التعاطي بفعالية مع الوضع الإنساني عقب اندلاع الحرب مباشرة، وتمددت لتشمل ولايات سودانية عدة".

وبين مدني أن "تعامل المتطوعين مع الملف الإنساني لم يشمل المساعدة في توفير الأمن الغذائي فحسب، بل تقديم خدمات الرعاية الصحية والوصول إلى منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، فضلاً عن المجتمعات المستهدفة".

وأشار المتخصص في التنمية المستدامة وتمكين المجتمع إلى أن "غرف الطوارئ لا تتبع لأي جهة سياسية، وذلك يتيح لهم العمل في المناطق المختلفة بحيادية وقبول، لا سيما أنهم يعبرون عن المجتمعات التي يمثلونها، وكذلك تعتبر أدوارهم الكبيرة إضافة نوعية لعمل المجتمع المدني في السودان".

صعوبات عدة

من جانبه، أشار عضو غرفة طوارئ بحري صلاح محمد الضي إلى أن "هذه المبادرات تكونت عقب خروج المنظمات الدولية من السودان بعد تصاعد وتيرة المعارك الحربية، وعجز مؤسسات الدولة عن تقديم الخدمات للسكان الموجودين في مناطق النزاع المسلح، بالتالي أسهمت غرف الطوارئ في سد جزء كبير من هذا الفراغ، ونجحت في تقديم خدمات الغذاء والدواء، وكذلك إجلاء المسنين والأطفال والنساء إلى المدن الآمنة".

ولفت إلى أنهم "يحظون بمشاركة واسعة من الشباب في مدن العاصمة الثلاث بحري وأم درمان والخرطوم، إلى جانب دعم المغتربين السودانيين بالأموال والأدوية، مما أدى إلى انسياب الخدمات بصورة جيدة، وتوصيل الغذاء إلى الآلاف من الأشخاص المعرضين لخطر المجاعة".

وتابع الضي "نواجه صعوبات عدة، منها انعدام الأمن والاستهداف من قبل الأطراف المتحاربة، فضلاً عن انقطاع خدمة الاتصالات والإنترنت وتوقف الدعم المالي وصعوبة رفع قدرات المتطوعين".

اتهامات وشكوك

وفي السياق، قال عضو مفوضية العون الإنساني السابق بولاية جنوب كردفان إبراهيم أبكر "في الآونة الأخيرة أثير عدد من الاتهامات من قبل طرفي الصراع في شأن عمل غرف الطوارئ بخاصة ذريعة الانتماء والعمل المباشر لمصلحة الآخر، إلى جانب الشكوك والتحفظات المتبادلة بين تلك الجهات، على رغم توافق تلك الأطراف على تقديم المساعدات الضرورية للمتضررين في مناطق النزاع".

وأضاف أن "الجيش السوداني وقوات ‘الدعم السريع‘ لا يثقان في هذه المجموعات التطوعية"، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها "تضم أشخاصاً كانوا أعضاء في ‘لجان المقاومة‘ التي قادت الاحتجاجات خلال انتفاضة ديسمبر (كانون الأول) 2018 التي أطاحت الرئيس السابق عمر البشير".

وأوضح أبكر أن "غرف الطوارئ تعمل في المجال الإنساني وتقدم خدمات نوعية منذ اندلاع الحرب، لكن تلقي التمويل من المنظمات الدولية يضعهم محل شكوك نظراً لأن المجموعات التي تدير هذه المبادرات غير مسجلة لدى الحكومة السودانية وتستخدم في الغالب حسابات مصرفية شخصية".

تضامن إنساني

على الصعيد نفسه، أوضح الناشط المجتمعي جلاب الضو أن "الحكومة السودانية تنظر للمتطوعين في غرف الطوارئ بأنهم مجرد ناشطين سياسيين لا يدعمون موقفها في الحرب، وكذلك لا تندرج أنشطتهم تحت مظلة العمل الإنساني المتعارف عليه، كما تتهمهم قوات ‘الدعم السريع‘ بالانتماء للجيش، وفي تقديري وبدلاً من التخوين ينبغي استغلال طاقات الشباب المتلهف للعمل الخيري من أجل خدمة المتضررين في مناطق النزاع وتسهيل المهام كافة".

ونوه الضو إلى أن "التضحيات الجسيمة التي يقدمها المتطوعون الذين يخاطرون بحياتهم يومياً لتقديم المساعدة يجب أن تقابل بالتحفيز والتشجيع لعكس قوة التضامن الإنساني في ظروف الحرب والأزمات".

ونبه الناشط المجتمعي إلى أن "غرف الطوارئ تخوض معركة لا تقل أهمية عن القتال بالأسلحة، وهي مواجهة شبح الجوع الذي يحاصر العالقين والنازحين في مناطق النزاع بتقديم الوجبات المجانية والخدمات الصحية وتنظيم عمليات الإجلاء إلى المدن الآمنة".

تدخل حكومي

على نحو متصل، قال مدير عام وزارة التنمية الاجتماعية في ولاية الخرطوم، (الوزير المكلف)، صديق فريني، إن "المطابخ الخيرية والتكايا أصبحت منشطاً أساسياً في حياة الموجودين ضمن محلية كرري بمدينة أم درمان، ومن بينها ما يخدم ما بين 2000 إلى 3000 شخص، وأخرى تقدم وجبتين ويقدم بعضها وجبة واحدة".

وأضاف أن الحكومة بعد حصرها للتكايا وتحديد أماكنها تدخلت لتنظيمها بمشاركة فاعلة من المجتمع، وهناك حتى الآن نحو 250 تكية قد يكون بعضها توقف عن النشاط، لكن في المقابل قد تكون هناك اثنتان أو ثلاث أو أربع تكايا دخلت الخدمة".

وأشاد الوزير المكلف "بدعم السودانيين المغتربين أينما وجدوا، فأسهموا مع الأجهزة النظامية وعلى رأسها القوات المسلحة في بقاء المجتمع متماسكاً والمحافظة على حياة الإنسان في محلية كرري".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير