Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذير من صعود ديون الأسواق الناشئة إلى 88 في المئة من الناتج المحلي

ينبه صندوق النقد إلى أن عدم اليقين في السياسات المالية يرفع تقلبات العوائد السيادية

يرى صندوق النقد الدولي أن استقرار الديون العالمية أو تقليصها يحتاج تعديلات مالية أكبر بكثير مما هو مخطط (رويترز)

ملخص

تقول المؤسسة الدولية إن اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية لديها إمكانيات أكبر لزيادة الإيرادات الضريبية

يطلق صندوق النقد الدولي اليوم الأربعاء تقرير "الراصد المالي" خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي 2024 في واشنطن، وسيتناول التقرير الأخطار المتعلقة بآفاق الديون والتي قال التقرير في ملخصه الذي نشر على موقع الصندوق، إنها تميل بشكل كبير نحو الزيادة. ووفقاً لتقرير "الراصد المالي" وفي سيناريو شديد السلبية، قد تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 115 في المئة بحلول عام 2026، ويعود ذلك إلى أن المستويات العالية للديون الحالية تُضخم آثار ضعف النمو أو تشديد الأوضاع المالية وارتفاع الفروقات في مستويات الدين المستقبلية.

وقال التقرير إن تحقيق استقرار الديون أو تقليصها يحتاج تعديلات مالية أكبر بكثير مما هو مخطط له حالياً لتحقيق ذلك بقدر كبير من اليقين، وشدد على أن الوقت الحالي يعد فرصة مناسبة لإعادة بناء الهوامش المالية، والتأخير في ذلك سيكون مكلفاً، داعياً إلى إعادة بناء الهوامش المالية بطريقة تعزز النمو والحوكمة المالية، وهو ضروري لضمان استدامة المالية العامة والاستقرار المالي.

ووفقاً للتقرير فإن الدين العام العالمي مرتفع جداً، ومن المتوقع أن يتجاوز 100 تريليون دولار (93 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي) في عام 2024، وأن يستمر في الارتفاع حتى نهاية العقد (مقترباً من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030). على رغم التوقعات باستقرار الدين أو انخفاضه في نحو ثلثي الدول، إلا أنه سيبقى أعلى بكثير من المستويات المتوقعة قبل الجائحة، في وقت تمثل الدول التي لا يُتوقع أن يستقر فيها الدين أكثر من نصف الدين العالمي ونحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

تباين أخطار الدين

وأشار التقرير إلى أن أخطار الدين تختلف بشكل كبير بين الدول، فعلى مستوى الاقتصادات المتقدمة ككل، انخفضت أخطار الدين المتوقعة بعد ثلاث سنوات بشكل طفيف من ذروتها خلال الجائحة، وتُقدر الآن بنحو 134 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أما بالنسبة لاقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية، فقد ارتفعت أخطار الدين إلى 88 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقال الصندوق إن الاختلافات بين وداخل مجموعات الدول تعكس مستويات الدين الأولية الأعلى في الاقتصادات المتقدمة والعجز الأولي الكبير في الاقتصادات ذات الأهمية النظامية مثل الصين والولايات المتحدة، ومع ذلك، شدد التقرير على لعب الأوضاع المالية دوراً أكبر في زيادة أخطار الدين في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية.

ووفقاً لتقرير "الراصد المالي" فإن العوامل العالمية باتت تؤثر بشكل متزايد في تقلبات كلفة الاقتراض الحكومي عبر الدول، مما يشير إلى المستويات العالية للديون وعدم اليقين المحيط بالسياسات المالية والنقدية في الدول ذات الأهمية النظامية قد تزيد من تقلبات العوائد السيادية وأخطار الديون في دول أخرى.

ويعرف الدين غير المحدد، بأنه التغير في الدين غير المفسر بفروق النمو والفائدة، أو بالعجز المالي أو تحركات أسعار الصرف، وهو يمثل سبباً آخر قد يؤدي إلى أن تكون نتائج الديون أعلى من المتوقع. ووفقاً للتقرير فإن الدين غير المحدد كان تاريخياً كبيراً، إذ بلغ في المتوسط ما بين 1.0-1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، وزاد بنحو 7 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بعد الأزمات المالية، ويعود هذا بشكل أساس إلى تحقق الالتزامات الطارئة والأخطار المالية إضافة إلى المتأخرات.

إعادة بناء الهوامش المالية

وقال تقرير "الراصد المالي" إن الخطط الحالية للتعديل المالي تعد أقل بكثير مما هو مطلوب لضمان استقرار الديون (أو خفضها) بدرجة عالية من اليقين، مشدداً على أن الوقت الراهن يُعد فرصة مناسبة لإعادة بناء الهوامش المالية، خصوصاً مع تراجع معدلات التضخم.

وقال إنه مع توقع تخفيف البنوك المركزية سياستها النقدية، تصبح الاقتصادات في وضع أفضل لاستيعاب الأثر الاقتصادي للتشديد المالي، وعلاوة على ذلك، فإن التأخير سيكون مكلفاً في الدول التي يُتوقع أن تستمر فيها الديون في الارتفاع، مثل البرازيل وفرنسا وإيطاليا وجنوب أفريقيا وبريطانيا والولايات المتحدة، كما سيؤدي التأخير في اتخاذ الإجراءات إلى زيادة حجم التعديل المطلوب. وحذر التقرير من أن الانتظار يحمل أخطاراً، إذ تُظهر تجارب الدول أن الديون المرتفعة قد تؤدي إلى ردود فعل سلبية من الأسواق، مما يقيد المساحة المتاحة للمناورة في الموازنة لمواجهة الصدمات السلبية.

التعديل المالي

وتشمل العناصر الأساسية للتعديلات المالية المطلوبة وفقاً لتقرير الراصد المالي، تحديد الحجم المطلوب، إذ يحتاج التعديل المالي التراكمي إلى أن يراوح ما بين 3 و4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط، لضمان استقرار الديون أو تقليصها بقدر كبير من اليقين.

ويُعد حجم التعديل المالي المطلوب أعلى من التوقعات الحالية، وهو تقريباً ضعف حجم التعديلات المالية السابقة، خصوصاً في الدول التي لا يُتوقع أن تستقر فيها الديون، أما في الدول التي تتمتع بتوقعات أكثر تفاؤلاً في شأن الديون، فإن تحسين المساحة المالية مع الحفاظ على استدامة الديون يشكل أولوية.

وقال الصندوق في تقريره إنه يمكن للتصميم الدقيق للتعديل المالي أن يمنع الدول من الوقوع في فترة طويلة من النمو البطيء، وتختلف العناصر الرئيسة للتعديل المالي بين الدول. وأشار التقرير إلى أنه يتعين على الاقتصادات المتقدمة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، والمضي قدماً في إصلاحات الاستحقاقات، وزيادة الإيرادات عبر الضرائب غير المباشرة حيث تكون مستويات الضرائب منخفضة، وإزالة الحوافز الضريبية غير الفعّالة.

 أما اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية، فلديها إمكانات أكبر لزيادة الإيرادات الضريبية من خلال تحديث الأنظمة الضريبية، وتوسيع القواعد الضريبية بما في ذلك تقليص حجم الاقتصاد غير الرسمي، وتعزيز قدرة إدارة الإيرادات. وعلى جانب الإنفاق شدد التقرير على أن الجهود المبذولة لترشيد فواتير الأجور الحكومية الكبيرة، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، والحفاظ على الاستثمار العام، تعد أساساً للحد من التأثير السلبي على النمو، وحماية الأسر الضعيفة، ودعم تخفيض الديون.

معايرة وتيرة التعديل

وقال تقرير "الراصد المالي"، إن التعديل المالي التدريجي والمستمر يعد وسيلة لتحقيق توازن بين احتواء أخطار الديون والحفاظ على قوة الطلب الخاص، مشيراً إلى أن الإسراع في عملية التوحيد المالي، سيتطلب زيادات في معدلات الضرائب وتخفيضات في الإنفاق لا يمكن تحقيقها سياسياً، ومع ذلك، حذر من أن الاقتصادات التي تواجه أخطاراً عالية في ما يتعلق بضائقة الديون أو التي فقدت الوصول إلى الأسواق تحتاج إلى تعديل مالي مكثف في البداية، على رغم أن كيفية تصميم هذا التعديل ستكون ذات أهمية كبيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعا الصندوق في تقريره إلى ضرورة بناء المصداقية، قائلاً إن الحكومات تحتاج إلى خطط مالية مدروسة تُصاغ ضمن أطر مالية متوسطة الأجل موثوقة وأنظمة حديثة لإدارة المالية العامة، لتثبيت مسارات التعديل المالي وتقليل حالة عدم اليقين المتعلقة بالسياسات المالية. وأشار إلى أنه يمكن للرقابة المالية المستقلة القوية أن تعزز من مصداقية الحكومات.

تعزيز الحوكمة المالية

ودعا صندوق النقد، إلى ضرورة تعزيز الحوكمة المالية، قائلاً إنه يجب على الدول تجنب الديون غير المحددة، وشدد على أن تقييم الالتزامات الطارئة، بما في ذلك تلك المرتبطة بالمؤسسات المملوكة للدولة، ومراقبتها عن كثب أمر حيوي في هذا الصدد. ودعا الحكومات إلى أن تقدم للجمهور معلومات أكثر شفافية وتفصيلاً وفي الوقت المناسب في شأن الديون، بما في ذلك تكوين الدائنين والأدوات المالية، والتعرض للأخطار.

معالجة ضغوط الديون

أما بالنسبة للدول التي تواجه ضغوطاً في الديون أو ديوناً غير مستدامة، فإن إعادة الهيكلة في الوقت المناسب وبشكل كافٍ مطلوبة، بحسب ما يقول تقرير "الراصد المالي"، إلى جانب التعديلات المالية لاستعادة استدامة الديون. وأشار التقرير إلى أن الإصلاحات الأخيرة التي أجراها صندوق النقد الدولي في أطر الديون والإقراض، جنباً إلى جنب مع جهود لجان الدائنين ومائدة المفاوضات العالمية للديون السيادية، ساعدت في تبسيط عملية إعادة هيكلة الديون السيادية وتقليل أوقات إعادة الهيكلة. وشدد التقرير على أن تعزيز هذه العمليات يعد أمراً حاسماً لتسهيل إعادة الهيكلة الفعالة للديون، وقال إنه لدعم البلدان النامية منخفضة الدخل، من الضروري تكثيف الجهود المنسقة لضمان توفير التمويل التفضيلي لتجنب تشديد مالي غير مبرر.

اقرأ المزيد