يواجه دونالد ترمب عاصفة جديدة من الانتقادات بعد تصريح رئيس موظفي البيت الأبيض جون كيلي بأن ترمب أثنى على جنرالات أدولف هتلر لولائهم المطلق، وتمنى لو أن جنرالاته يتسمون بهذه الصفة، وفقاً لتحقيق أجرته "ذا أتلانتك" في علاقة ترمب مع الجيش ومواقفه منه.
وأكد كيلي الذي عمل في إدارة ترمب أن الرئيس السابق سأله مرةً، "لمَ لا تكون مثل الجنرالات الألمان؟"، ليرد المسؤول السابق أن هؤلاء الجنرالات "حاولوا قتل هتلر ثلاث مرات وكادوا أن ينجحوا"، لكن ترمب لم يقتنع وتمسك بموقفه بأنهم كانوا موالين له. ونقلت المجلة الأميركية عن جنرالات عملوا مع ترمب قولهم إن "الفضيلة العسكرية الوحيدة التي يقدرها هي الطاعة". ونقلت الجنرال المتقاعد باري مكافري، وهو من قدامى المحاربين في فيتنام، قوله إن "ترمب لا يفهم الفضائل العسكرية التقليدية مثل الشرف والتضحية بالنفس".
وزعم كيلي أن ترمب وصف الجنود الأميركيين القتلى بـ"المغفلين" عام 2018، وردّ الرئيس السابق أن كيلي "يكذب" وأشار إلى أنه كان "مدفوعاً بكراهيته". ووفقاً لكتاب من تأليف جيم سوتو من شبكة "سي أن أن" نشر في وقت سابق هذا العام، نقل رئيس موظفي البيت الأبيض سابقاً عن ترمب قوله، "لقد فعل هتلر بعض الأشياء الجيدة". وردّت حملته بالقول إن كيلي تحول إلى "مهرج" و"يعاني حالاً شديدة من متلازمة اضطراب ترمب".
تحقيق في نظرة ترمب للجيش
وكتب رئيس تحرير "ذا أتلانتك" جيفري غولدبيرغ تحقيقاً مطولاً حول وقائع اعتبر أنها توضح ازدراء ترمب للجيش الأميركي، من بينها مقتل الجندية فانيسا غيلين على يد زميل لها في أبريل (نيسان) 2020، وحرق جثتها قبل اكتشاف رفاتها في ضفة نهر قرب قاعدة فورد هود في تكساس. ودعا ترمب حينها عائلة غيلين المتحدرة من أصول مكسيكية وأمضى 25 دقيقة لمواساتهم، وتعهد دعمهم مالياً لتغطية كلف الجنازة.
وسأل الرئيس السابق في اجتماع لاحق عن كلفة الجنازة، ليأتي الرد أنها بلغت 60 ألف دولار، وفق الحاضرين وملاحظات دوّنها أحدهم.
ويزعم غولدبيرغ أن ترمب غضب، وقال "لا يكلف دفن مكسيكي لعين 60 ألف دولار"، والتفت إلى رئيس أركانه مارك ميدوز ووجهه بعدم الدفع.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، كان ترمب لا يزال منزعجاً، وقال "هل تصدق ذلك؟ الناس اللعينون، يحاولون خداعي".
وأكدت ناتالي خوام محامية أسرة غيلين أنها أرسلت الفاتورة إلى البيت الأبيض، لكن الأسرة لم تتلقَّ أي أموال من ترمب، وأوضحت أن الجيش غطى جزءاً من الكلف والجزء الآخر بالتبرعات.
وذكر غولدبيرغ أنه بعد فترة وجيزة من إرساله أسئلة عبر البريد الإلكتروني إلى المتحدث باسم ترمب أليكس فايفر، تلقى بريداً إلكترونياً من محامية أسرة غيلين، تطلب منه نشر بيان باسم مايرا غيلين شقيقة الجندية المتوفاة. ثم أرسل فايفر له البيان نفسه وجاء فيه، "أنا ممتن للغاية للدعم الذي أظهره الرئيس دونالد ترمب لعائلتنا خلال وقت عصيب. لقد شهدت بنفسي كيف يكرم الرئيس ترمب خدمة أبطال أمتنا. نحن ممتنون لكل ما فعله ويستمر في فعله لدعم قواتنا".
وأكد فايفر أنه لم يكتب هذا البيان، ونفى مزاعم المجلة حول تعليق "المكسيكي اللعين"، واعتبرها "كذبة شنيعة من مجلة ذا أتلانتك قبل أسبوعين من الانتخابات".
صفات ترمب
وكتبت مجلة "ذا أتلانتك" أن ترمب أعرب مراراً عن ازدرائه للجنود والتقليل من الخدمة العسكرية، واستشهدت بمقارنة مغامراته الجنسية وتحدياته السياسية بالخدمة العسكرية عندما قال عام 1997 إن تجنب الأمراض المنقولة جنسياً كان بمثابة "فيتنام شخصية لي أشعر وكأنني جندي عظيم وشجاع للغاية".
ولفتت المجلة إلى أنه غالباً ما أعرب ترمب عن تقديره لقوة زعماء مثل الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين وأنه قال أخيراً إنه في حال إعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإنه يرغب في الحكم على غرار هؤلاء الديكتاتوريين، بل قال صراحةً إنه "يود أن يكون ديكتاتوراً ليوم واحد في أول يوم له في البيت الأبيض".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودان قادة عسكريون كثر منهم رئيس الأركان السابق مارك كيلي ترمب لامتلاكه "ميولاً استبدادية" وقال في حفل تقاعده العام الماضي، "نحن لا نؤدي اليمين لديكتاتور محتمل... نحن نؤدي اليمين للدستور، ونؤدي اليمين لفكرة أن أميركا هي أميركا، ونحن على استعداد للموت لحمايتها".
ومما يؤخذ على ترمب في علاقته مع الجيش هجومه في 2015 على جون ماكين، إذ اعتبر أنه ليس بطل حرب لأنه وقع في الأسر في فيتنام.
وفي 2019 واجه الجنرال ميلي تحدياً مع ترمب بسبب القوانين والأخلاقيات العسكرية، خصوصاً المتعلقة بجرائم الحرب، إذ تدخل ترمب في ثلاث قضايا تخص سلوك جنود أميركيين في المعارك، من أبرزها قضية جندي البحرية إيدي غالاغر الذي دين بالتقاط صورة مع جثة عضو في تنظيم "داعش"، وشهد شهود أنه طعن سجيناً في رقبته بسكين، على رغم عدم إدانته بالقتل المباشر.
وألغى ترمب قرار البحرية بخفض رتبته، وأصر على السماح له بالاحتفاظ بشارة النخبة البحرية، مما أثار استياء قيادة البحرية التي تنص تقاليدها على أن فقط مجلس النخبة البحرية هو الذي يملك حق اتخاذ القرار حول استحقاق الشارة، بناء على معايير الكفاءة والشخصية.
وحاول ميلي شرح الضرر الذي تسببه هذه التدخلات لترمب، موضحاً أن هناك قواعد وأخلاقيات يجب احترامها، لكنه اصطدم بتجاهل الرئيس السابق الذي وصف غالاغر بأنه بطل ورفض معاقبته. وعندما أوضح ميلي أن الجندي ذبح سجيناً جريحاً، رد ترمب أن "الرجل كان سيموت على أي حال"، وأصر على موقفه، مشيراً إلى أن جميع الجنود في النهاية "مجرد قتلة".
الحملة تنفي
ونفت حملة ترمب تجدد المزاعم الأخيرة وقال المستشار في الحملة أليكس فايفر في بيان إن مزاعم كيلي و"ذا أتلانتك" كاذبة، لافتاً إلى أن ترمب "أمضى حياته في رعاية أبطال الجيش الأميركي وبصفته رئيساً أبقى القوات بعيدة من الأذى، واعتمد أكبر زيادة في الأجور لهم منذ نحو عقد، ووقع على إصلاحات تاريخية لدعم المحاربين القدامى".
وأردف فايفر أن "ترمب بصفته مواطناً خاصاً دعم المحاربين القدامى مالياً ودافع بقوة عن عائلات الجنود الذين قتلوا في حادثة مطار كابول عام 2021".
احتدام المنافسة
وفيما يبقى أقل من أسبوعين على الانتخابات، تضخ حملتا ترمب وهاريس مئات ملايين الدولارات في محاولة أخيرة لكسب تأييد أي ناخبين لم يحسموا قراراتهم بعد ويمكن أن يقلبوا النتيجة لمصلحة طرف أو آخر، ولا تزال نتائج استطلاعات الرأي متقاربة بين هاريس وترمب.
وصوّت نحو 18 مليون أميركي عبر البريد الإلكتروني أو شخصياً، أي ما يعادل نحو 10 في المئة من نسب المشاركة الإجمالية المسجلة عام 2020، وهي نسبة مشاركة يمكن أن تكون العامل المحدد لهوية الشخصية التي ستظفر بالبيت الأبيض.
ويظهر استطلاع لصحيفة "نيويورك تايمز" تقارباً بين المرشحين في الولايات السبع الحاسمة للانتخابات الرئاسية.