Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسائل ترمب الأخيرة: أنا قادر على تقديم الحلول

دعا خلال حواره مع قناة "العربية" إلى فصل بين النظام والشعب في إيران وحدد تصوراته لمستقبل مختلف في الشرق الأوسط

أثارت المقابلة الحصرية التلفزيونية للرئيس السابق مع قناة "العربية" غيرة وحنق الشبكات التلفزيونية الأميركية (عن "العربية")

ملخص

لعل أبرز رسالة قدمها الرئيس السابق خلال مقابلته مع قناة "العربية" السعودية وقناة "العربية إنجليش" (باللغة الإنجليزية)، كانت تتعلق بأنه سيجلب عصر السلام في الشرق الأوسط إذا أعيد انتخابه ضمن خطته المستقبلية للسياسة الخارجية الأميركية.

نادراً ما يمنح مرشح رئاسي أميركي وقتاً لمؤسسة إخبارية أجنبية في الأسابيع الأخيرة من حملته الانتخابية، وبخاصة عندما يكون التنافس محتدماً كما هو الآن، لكن يبدو أن مرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، وفي ظل صراع ملتهب ربما يعيد تشكيل الشرق الأوسط، رغب عبر مقابلة تلفزيونية حصرية خصصها لقناة "العربية" ومديرة مكتبها في واشنطن ناديا البلبيسي في توجيه مجموعة من الرسائل لأطراف عدة في الداخل والخارج. فما طبيعة هذه الرسائل؟ وكيف يمكن أن تؤثر مع اقتراب موعد الانتخابات في الولايات المتحدة؟

 

جاءت المقابلة وسط اتهامات تشنها وسائل الإعلام الليبرالية الأميركية بأن ترمب يتراجع عن الظهور في وسائل الإعلام الرئيسة مثل برنامج "60 دقيقة" على شبكة "سي بي إس"، وأنه لن يشارك في مناظرة رئاسية أخرى ضد نائبة الرئيس كامالا هاريس، وأحاديث أخرى نسبها موقع "بوليتيكو" لأحد مستشاريه بأن الرئيس السابق مرهق ويتعارض جدول مواعيده المضغوط مع هذه اللقاءات.  

وفي وقت نفى فيه المتحدث باسم حملة ترمب مزاعم الإرهاق وتأكيده أنه يتمتع بمستويات طاقة عالية، فضلاً عن قيامه بإجراء مقابلات أكثر بثلاث مرات تقريباً من منافسته المرشحة الديمقراطية هاريس، ظهرت مقابلته لتدحض عملياً مزاعم وسائل الإعلام الأخرى.

يجلب عصر السلام

لعل أبرز رسالة قدمها الرئيس السابق خلال المقابلة، كانت تتعلق بأنه سيجلب عصر السلام في الشرق الأوسط إذا أعيد انتخابه ضمن خطته المستقبلية للسياسة الخارجية الأميركية.

وعلى رغم أن ترمب حاول التهرب من السؤال عما إذا كان يعتقد أن تدمير إسرائيل غزة والآن لبنان، فضلاً عن حصيلة القتلى المدنيين الهائلة هو ثمن مقبول للهجوم الذي شنته "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023؟ فإن الرئيس السابق وصف الرئيس جو بايدن بأنه فظيع تاريخياً في السياسة الخارجية وأنه غير كفء، وأن هجمات "حماس" وجدت طريقها للتنفيذ لأنهم لا يحترمون بايدن، وهذا لم يكن ليحدث لو كان هو ما زال رئيساً، ولم تكن لهذه الحرب أن تبدأ أو يسقط جميع هؤلاء القتلى وهدم المدن والمناطق.

وبينما لم يحدد ترمب كيفية تعامله مع الموقف بصورة مختلفة عن البيت الأبيض في عهد بايدن، إلا أن السياق الذي أشار إليه في حديثه عن عزمه توسيع "اتفاقات أبراهام" لتشمل 12 أو 15 دولة أخرى، يعني أنه سيسعى إلى تنفيذ ما قاله سابقاً بأن إسرائيل يجب أن تنهي المشكلة في غزة حين دعا في مقابلة إذاعية، في أبريل (نيسان) إلى إنهاء سريع للحرب بين إسرائيل و"حماس"، قائلاً إن إسرائيل تخسر حرب العلاقات العامة تماماً مع انتشار صور المعاناة الواسعة النطاق للمدنيين في غزة.

ويشير هذا إلى أن استمرار الحرب في غزة ولبنان سيشكل عبئاً ثقيلاً على ترمب إذا عاد للبيت الأبيض، ومن المرجح أن يضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتمتع بعلاقة قوية معه لإنهاء الحرب بصورة أكثر مما كان الرئيس جو بايدن قادراً على القيام بها على مدى الأشهر الماضية، حيث فشل في كل منعطف بحسب بيتر لينتل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط.

علاقات متميزة

ولأن مستقبل الشرق الأوسط يعتمد على متانة وقوة العلاقات الأميركية - السعودية الممتدة عبر ثمانية عقود، سألت مديرة قناة "العربية" ترمب عن رحلته إلى السعودية عام 2017 والعلاقة بين البلدين مع استمرار الحرب في الشرق الأوسط، ما يهدد العلاقات في المنطقة، وهنا حاول ترمب إظهار الفارق بينه وبين الإدارة الأميركية الحالية بحسب ما يراها هو.

وفي وقت وجه فيه ترمب سهام الانتقاد إلى رحلة الرئيس بايدن عام 2022 للشرق الأوسط حينما توترت العلاقات قليلاً، اعتبر أن العلاقات الأميركية - السعودية جيدة الآن، لكنه قال إنها لا يمكن أن تكون رائعة أبداً مع رجل مثل بايدن أو نائبته هاريس إذا فازت بالانتخابات.

في المقابل وصف ترمب العلاقات عندما كان رئيساً بأنها كانت رائعة، مشيراً إلى الاحترام الذي يكنه للعاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والكثير من الاحترام لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي قال إنه رجل عظيم يقوم بعمل عظيم وصاحب رؤية، وفعل أشياء لم يفكر فيها أحد آخر، ويحظى بالاحترام في جميع أنحاء العالم.

غير أن ترمب لم يذكر أن إدارة الرئيس جو بايدن سعت، أيضاً، خلال السنوات الأخيرة، إلى تحسين العلاقات مع السعودية، وأسهمت في المساعدة على تأمين ما توقع البعض أن يكون إنجازاً دبلوماسياً كبيراً بين السعودية وإسرائيل حتى أوقف المسؤولون السعوديون المحادثات رداً على الهجوم الإسرائيلي على غزة، وطالبوا بأن يتضمن أي اتفاق فتح مسار واضح لحل الدولتين وتلبية الحقوق الفلسطينية.

إيران... النظام والشعب

وفي المقابلة التي تناولت مجموعة من المواضيع التي تركز على الشرق الأوسط، طرحت المحاورة على الرئيس السابق سؤالاً حول كيفية منع إيران من تطوير سلاح نووي، وسارع ترمب للإجابة بأن إيران لن تحصل على سلاح نووي إذا عاد للحكم، لكن في الوقت الحالي، ربما يحصلون على سلاح نووي بسرعة كبيرة، مشيراً إلى أنه ليس رئيساً الآن، ولهذا لن يكون له كثير من النفوذ في هذا الشأن. ومع ذلك، حذر ترمب المسؤولين في طهران من أن الدولة الإيرانية في خطر كبير ربما أكثر مما كانوا يتصورون قبل شهر، وهو أمر سيئ للغاية، وأنه يرغب في أن تفعل الدولة شيئاً عظيماً (لم يحدد ماهيته)، وهو ما يشير ربما إلى أن الضربة التي تعتزم إسرائيل توجيهها إلى إيران، في وقت قريب، رداً على هجوم إيران الصاروخي الأخير، ستكون موجعة أكثر مما يظن قادة طهران بحكم اطلاع الرئيس السابق بانتظام على تقارير أجهزة الاستخبارات الأميركية المختلفة، والتي تم تسريب بعض خطط الاستعدادات الإسرائيلية حولها عبر تطبيق "تيليغرام" أخيراً.

وفي محاولة غير مباشرة لإحداث نوع من التوازن مع الخطر الذي قال إن إيران تتعرض له الآن، تحدث مرشح الحزب الجمهوري، في المقابلة نفسها، عن احترامه لإيران وشعبها، مضيفاً أنه يعرف كثراً من الإيرانيين الذين وصفهم بأنهم أذكياء للغاية، ومفاوضون ورجال أعمال عظماء، وأناس ودودون للغاية، مما يرسل رسالة إلى الشعب الإيراني بأن أي توترات عسكرية أو أمنية قد تحدث في إيران ويتمخض عنها آثار، لا تستهدف الشعب وإنما النظام الحاكم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

العرب الأميركيون

ويأتي ظهور ترمب على قناة "العربية" باللغة الإنجليزية في وقت يغازل فيه أصوات مجتمع العرب الأميركيين، وبخاصة في ولاية ميشيغان التي جرى فيها اللقاء التلفزيوني مع قناة "العربية" من خلال إيصال رسالة أنه الوحيد القادر على وقف الحروب في الشرق الأوسط، وهو المجتمع الذي أظهر، بصورة مفاجئة، تراجعاً في تأييد مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس وتزايداً في تأييد الرئيس السابق، وكذلك مرشحة "حزب الخضر" جيل ستاين.

ويهاجم ترمب باستمرار هاريس والنائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني لظهورهما المشترك في ولايات ساحة المعركة، إذ يسعى إلى جذب الأميركيين العرب من خلال تصوير تشيني (ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني في عهد الرئيس جورج دبليو بوش) على أنها محرضة للحرب، وقال على منصة "سوشيال تروث" إنها مثل والدها، الرجل الذي دفع بوش إلى الذهاب إلى حرب في الشرق الأوسط بصورة سخيفة، وتريد الذهاب إلى حرب مع كل دولة إسلامية معروفة للبشرية.

ومع احتمال حسم سباق هذا العام في ميشيغان بهامش ضئيل، فإن مشاعر الناخبين هناك قد يكون لها تأثير كبير في تحديد من سيصبح الرئيس الأميركي المقبل، ولهذا يحاول فريق ترمب استثمار لحظة ترك عديد من ناخبي الحزب الديمقراطي لأنهم يشعرون بالخيانة والنسيان والغضب إزاء تعامل إدارة بايدن مع الصراع في الشرق الأوسط والتحالف المستمر للولايات المتحدة مع إسرائيل، بعدما ساعد الناخبون العرب الأميركيون والمسلمون في إيصال الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض من خلال حشد الجهود خلفه في ميشيغان، وهي إحدى الولايات السبع المتأرجحة الحاسمة التي تتمتع بالقدرة على التأثير في نتيجة الانتخابات.

وعلى رغم أنه لا توجد استطلاعات رأي عالية الجودة بين الناخبين العرب الأميركيين والمسلمين، إذ لا يمكن اعتبار المجتمع كتلة واحدة، تظهر بيانات التعداد السكاني أن ميشيغان موطن لأكثر من 300 ألف شخص من أصول عربية - أميركية، بينما فاز بايدن بالولاية عام 2020 بهامش ضئيل بلغ 154 ألف صوت فحسب، ويرجع ذلك جزئياً إلى الدعم الساحق من الناخبين العرب الأميركيين والمسلمين الذين صوت 71 في المئة منهم للديمقراطيين، وإذا زادت الأصوات التي تتحول من هاريس إلى ترمب أو حتى جيل ستاين زعيمة "حزب الخضر" المعارضة لإسرائيل، فإن ذلك سيساعد ترمب على الفوز بولاية ميشيغان.

ولعل هذا ما يفسر توقف ترمب في مدينة هامترامك، وتسليطه الضوء على تأييده من قبل عمدة المدينة عامر غالب الذي ينتمي، مع عديد من سكان المدينة البالغ عددهم نحو 30 ألف نسمة، إلى أصول شرق أوسطية وفقاً لمكتب الإحصاء الأميركي، كما أن مسعد بولس، اللبناني الأصل، وهو والد زوج ابنة ترمب الكبرى تيفاني ترمب، يعمل لإقناع مجموعة حاسمة من الناخبين العرب الأميركيين في ميشيغان، وعقد من آخرين أكثر من 100 اجتماع خاص، قدموا فيه مجموعة من العروض الانتخابية وأشاروا إلى وجود قواسم مشتركة مع الرئيس السابق في ما يتعلق بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية.

المزيد من تحلیل