Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إيسن" الألمانية معقل لتهريب المهاجرين إلى بريطانيا

54 لاجئاً قضوا بغرق قوارب مطاطية تصنع في الصين وتصل إلى أوروبا عبر تركيا

أكثر من 28 ألف شخص هاجروا من فرنسا إلى بريطانيا باستخدام القوارب منذ بداية 2024 (غيتي) 

ملخص

تتخذ عصابات لتهريب البشر من مدينة إيسن الألمانية مقراً لها من أجل تنظيم وتسهيل هجرة المهاجرين غير الشرعيين إلى بريطانيا انطلاقاً من فرنسا، وقد كشف تحقيق لهيئة الإذاعة البريطانية عن خبايا عمل تلك العصابات في المدينة الواقعة قرب الحدود مع هولندا، ومواطن ضعف التشريعات التي تستغلها للهرب من الملاحقة القانونية.

كشف تحقيق لهيئة الإذاعة البريطانية عن دور ألماني في وصول المهاجرين غير الشرعيين إلى المملكة المتحدة عبر القنال الإنجليزي، حيث أصبحت مدينة "إيسن" الواقعة شمال غربي البلاد معقلاً لعصابات تهريب البشر مستفيدة من قوانين محلية تثبط جهود السلطات الأمنية في تتبع أفرادها ومحاصرة نشاطهم وتجارتهم.

التحقيق يقول إن عمليات تهريب المهاجرين إلى المملكة المتحدة بات يخطط ويعد لها من تلك المدينة الألمانية القريبة من الحدود الهولندية، فهناك يلتقي اللاجئون مع أفراد العصابات ويشترون منهم القوارب وسترات النجاة، إما مباشرة أو يتسلمونها قرب مدينة كاليه الفرنسية التي يبحرون منها إلى شواطئ إنجلترا.

تقع إيسن على بعد 4 إلى 5 ساعات من كاليه الفرنسية، وعصابات تهريب البشر تمتلك فيها أكثر من 10 مخازن للقوارب المطاطية التي تبيع الواحد منها بما يزيد على 16 ألف دولار مع 60 سترة نجاة كعرض شامل لا يقبل المساومة، أما التسلم فيتم بعد ساعات، سواء كان مباشرة أو بتوصيل الطلب لنقطة معينة.

عشرات المهاجرين يصعدون على متن القارب المطاطي الذي قال رئيس الرابطة المستقلة للزوارق نيل دالتون إنه "لا ينفع لتتبع وصيد البط"، ولكن هذه المجازفة هي آخر ما يشغل بال عصابات تهريب البشر، ولا يبدو أيضاً أنها تبعث قلقاً كبيراً داخل اللاجئين الفارين من بلاد الحروب والأزمات، وفق تحقيق الهيئة.

وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن عام 2024 هو الأكثر دموية بالنسبة لمحاولات المهاجرين عبور القنال الإنجليزي، إذ قام أكثر من 28 ألف شخص حتى الآن بهذه الرحلة التي مات فيها 54 مهاجراً منذ بداية السنة، آخر ثلاثة منهم غرقوا الأربعاء الماضي على بعد ميل بحري واحد من مدينة كاليه الفرنسية.

تصنع القوارب المطاطية التي تباع للمهاجرين في الصين، ثم تصل إلى تركيا لتعبر منها إلى دول الاتحاد الأوروبي، ولا يشكل اقتناؤها بحد ذاته مخالفة قانونية، ولكن استخدامها من قبل عصابات تهريب البشر هو ما تلاحقه الجهات الألمانية المتخصصة في حدود التشريعات المحلية التي تعاني بعض مواطن الضعف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القانون الألماني يمنع تهريب البشر إلى دول ذات حدود مشتركة مع ألمانيا أو تقع في الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة لا تنتمي إلى أي من النوعين، لذلك ثمة صعوبة في تتبع وملاحقة أولئك الذين يبيعون القوارب وأدوات السباحة للمهاجرين الراغبين بالوصول إلى الشواطئ البريطانية انطلاقاً من سواحل فرنسا.

عصابات تهريب البشر كانت سابقاً تعمل من الأراضي الفرنسية، ولكن تدقيق السلطات في باريس على هذه التجارة دفعها للانتقال إلى إيسن الألمانية مستفيدة من الثغرات القانونية التي تمكنها من تجنب الملاحقة الأمنية والالتفاف على قيود بيع قوارب وأدوات للمهاجرين غير الشرعيين المقيمين في كاليه الفرنسية.

حتى الشكاوى والتبليغات عن أنشطة مشبوهة في مستودعاتها الواقعة بالمدينة الألمانية تتجنبها العصابات أحياناً بعدما تتلقى رسائل تحذيرية وفق تحقيق "بي بي سي"، وجملة هذه الظروف والمعطيات أصابت السلطات البريطانية بـ"الإحباط" في مساعي محاصرة تجارة البشر بقارة أوروبا ككل بالتعاون مع دول الاتحاد.

بحسب بحث أجرته المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة يتم نقل القوارب عادة بواسطة الشاحنات أو السيارات من ألمانيا أو بلجيكا أو هولندا إلى سواحل فرنسا القريبة من بريطانيا وأماكن تسليمها ليست نقاط انطلاق الرحلات، وإنما مواقع متغيرة وفق ما يتضح للمهربين بطريقة ما أنها آمنة وليست تحت المراقبة.

دفع الأموال للمهربين يتم عبر حوالات لا تسجل في النظام المصرفي ولا يمكن تتبعها، إذ يتولاها أشخاص يقيمون خارج الاتحاد الأوروبي في دول مثل تركيا، وتدر هذه التجارة على العاملين فيها أرباحاً كبيراً لذلك يخاطرون بمزاولتها مستغلين حاجة عشرات آلاف الأشخاص الراغبين بالوصول إلى بريطانيا كل عام.

 

متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية قال إن "الحكومة تسرع العمل مع دول منها ألمانيا، للقضاء على عصابات تهريب البشر لكن هناك دائماً مزيداً مما يتعين القيام به"، لافتاً إلى أن لندن تطور خطة عمل مشتركة مع برلين في هذا الإطار، لكن يجب أولاً إتمام إنشاء قيادة أمن الحدود الجديدة في المملكة المتحدة.

على الضفة الألمانية أكدت وزارة الداخلية أن التعاون مع بريطانيا في هذا المجال جيد للغاية والسلطات المتخصصة يمكنها اتخاذ إجراءات بناءً على طلب لندن، لكنها لفتت إلى أن برلين لا تلاحق العصابات بتهمة المساعدة في إرسال المهاجرين إلى المملكة المتحدة، وإنما لتهريبهم إلى بلجيكا وفرنسا في الاتحاد الأوروبي.

خلال فبراير (شباط) الماضي نفذت السلطات الألمانية بموجب أوامر قضائية بلجيكية وفرنسية مداهمة كبرى لعصابات تهريب البشر صادرت فيها قوارب ومحركات وسترات نجاة وأجهزة تعويم للأطفال، كما تم اعتقال 19 شخصاً، ووفقاً للأرقام الرسمية جرت في 2024 أكثر من 420 عملية تهريب لمهاجرين إلى بريطانيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير