Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يُفشل الضغط الضريبي خطط جذب القطاع الموازي التونسي؟

محللون يرون أن زيادة الرسوم على الاقتصاد الرسمي تكرس التهرب وتفسح المجال للاستثمار غير المنظم

القطاع الموازي يمثل نحو 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (أ ف ب)

ملخص

وعدت الحكومة بتوسيع القاعدة الضريبة ليكون هناك مردود جبائي أفضل من دون الرفع في الضغط الجبائي

 

تضمن مشروع موازنة تونس لعام 2025 إجراءات ضريبية جديدة قالت الحكومة إنها مراجعة للأداءات (الرسوم) في إطار مشروعها للعدالة الضريبية.

ويشتمل المشروع أيضاً تكريساً للضريبة التصاعدية على الدخل للأفراد وكذلك الشركات.

وتهدف الحكومة بمراجعة جدول الضرائب على الإيرادات إلى إرساء نظام أكثر عدالة يكرس مبدأ الضريبة التصاعدية بحسب مستوى الدخل، معتبرة أنه يراعي المقدرة الشرائية لدى الفئات محدودة الدخل ويسهم في إرساء العدالة الاجتماعية.

واحتوى بالفعل على إعفاء من الضريبة على شريحة الدخل السنوي الصافي التي تساوي أو تقل عن خمسة آلاف دينار (1612 دولاراً) مع خفضها إلى 15 في المئة لشريحة الدخل السنوي الصافي ما بين خمسة آلاف دينار 10 ملايين دينار (3.2 ألف دولار).

لكن في المقابل، اقترح مشروع الموازنة زيادة الضرائب على الدخل لشرائح أخرى ليراوح ما بين 25 و40 في المئة، وتضمن رفعاً تصاعدياً في الضريبة وفق الإيرادات على الشركات وثابتاً على مؤسسات التأمين والمؤسسات المالية والبنوك لتصل إلى 40 في المئة.

 ذلك ما دفع المحللين إلى التحذير من الضغط الضريبي على الأسر والمؤسسات بهدف الزيادة في العائدات الجبائية، مما من شأنه أن يضيف أعباء جديدة تكرس التهرب الجبائي ولا تكافحه، ويهدد خطط تحفيز الاقتصاد الموازي والنشاط في السوق السوداء للالتحاق بالاقتصاد المنظم، بل يدفعه إلى التمدد هرباً من الرسوم الجديدة.

مساع إلى دمج النشاط غير المنظم

يشار إلى أن المحور الثاني من مشروع موازنة 2025 يركز على دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات إضافية، تهدف إلى مزيد من استقطاب العاملين في القطاع غير الرسمي على غرار العفو الضريبي الذي أقر في قانون المالية لعام 2024 بهدف توسيع قاعدة المسهمين الضريبيين وتعزيز الموارد الحكومية، وفي هذا الإطار نص مشروع القانون على إجراءات قال إنها تسير نحو إدماج الاقتصاد الموازي ومقاومة التهرب الجبائي من خلال تأسيس خط تمويل بقيمة 10 ملايين دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل (حكومي) لفائدة الباعثين لمشاريع صغرى ويخصص لفائدة إسناد قروض بشروط تفاضلية لا تتجاوز 15 ألف دينار (4.83 ألف دولار) للقرض الواحد، لتمويل أنشطة في المجالات الاقتصادية كافة خلال 2025، على أن تسدد هذه القروض على مدى أقصاه سبعة أعوام منها عامان إمهال (فترة سماح).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 يذكر أن القطاع الموازي يمثل 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ما يعادل نحو 70 مليار دينار (22.58 مليار دولار) وفق المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (مستقل).

 ومن أسباب هذه المؤشرات التهرب من القطاع المنظم نحو القطاع الموازي بسبب الضغط الجبائي المرتفع الذي بلغ نحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وباحتساب الاقتطاعات الاجتماعية قد يصل إلى 35 في المئة (من أكبر نسب الضرائب في أفريقيا).

ولا يزال الاقتصاد الموازي يشكل معضلة ويؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للدولة نتيجة التهرب الضريبي، باعتبار أن التجارة الموازية تنشط خارج الإطار القانوني وقدرت دراسة أنجزها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة خسارة تونس نحو 3 مليارات دينار (967 مليون دولار) سنوياً جراء التهرب الجبائي والاجتماعي لناشطي القطاع الموازي.

أعباء إضافية معاكسة لتحفيز المتهربين

وكانت وزارة المالية التونسية، قد أعلنت في وقت سابق أنها تسعى إلى توسيع القاعدة الضريبة ليكون هناك مردود جبائي أفضل من دون زيادة الضغط الجبائي، بضم من هم خارج منظومة التغطية الضريبية أي القطاع الموازي والمتهربين من الجباية.

بينما أجمع المحللون، على أن تكريس مقترحات المراجعة بقانون المالية لعام 2025 للضغط الجبائي على القطاع المنظم وفسحه للمجال للاقتصاد غير المنظم، إذ وصف المحلل المالي أنيس بن عبدالله مقترحات التنقيح بالزيادة الصريحة في الضغط الجبائي، قائلاً إنه "سيزيد من هجرة الإطارات التونسية إلى الخارج هرباً من الضرائب والتضخم، إذ لا يناسب هذا الجدول الضريبي نسبة التضخم في تونس التي وصلت إلى 6.7 في المئة مما يقلص قيمة الأجور المنخفضة جداً وحسب ويرفع في البقية ولا يواكب الأسعار. وأوضح أنه "من شأن رفع نسبة الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل بالنسبة إلى الأشخاص الطبيعيين زيادة في أسعار السلع والخدمات في مرحلة أولى". وأضاف "ثم يزيد من نسبة الضغط الجبائي على القطاع المنظم ويحد من تنافسيته مقارنة بالقطاع غير المنظم على خلفية ارتفاع الأسعار"، مشيراً إلى أن التهرب الضريبي أخذ بعداً خطراً في الأعوام الأخيرة، داعياً إلى خلق طرق لإحداث إدماج مالي لحصر الأنشطة الاقتصادية التي لم تغط ضريبياً ولا تقتصر على السوق السوداء.

من جانبه رأى ابن عبدالله أن رفع نسبة الضريبة سينعكس سلباً على قدرة المؤسسات على الاستثمار وخلق مواطن الشغل.

في حين اعتبر الاقتصادي طاهر العلمي، أن "الحكومة التونسية ترغب في زيادة العائدات الضريبية ومكافحة التهرب الجبائي، في وقت تعكس هذه التدابير ضرائب ثقيلة جداً على الدخل أو الأرباح، تجعل الفاعلين الاقتصاديين يميلون إلى الحد من نشاطهم وهو ما يهدد بتراجع الإنتاج وانخفاض العائدات الذاتية للدولة. وأضاف العلمي أن زيادة ضرائب المؤسسات تعوق الاستثمار، خصوصاً لدى المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وحول التدابير المقررة لمكافحة التهرب الضريبي قال إنها بدت طموحة ولكن يهددها تشديد الرقابة الضريبية بزيادة الأعباء الإدارية على المؤسسات وتباطؤ الاستثمار بحكم عدم مواءمة الضغط الضريبي بما يمثله من أعباء إضافية لتدابير مكافحة التهرب، وأن إدماج النشاط الموازي ضمن الاقتصاد المنظم يتطلب حوافز واضحة، وفي غياب ذلك يمكن لكل المسار أن يفشل.

اقرأ المزيد