Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا رفعت الجزائر موازنة الدفاع إلى مستوى تاريخي؟

تضاعفت 3 مرات خلال الثلاثة الأعوام الأخيرة و25 مليار دولار لعام 2025

ملخص

يرى متخصصون أن التهديدات الإقليمية تقف وراء رفع موازنة الجيش الجزائري إلى مستوى تاريخي

تصدرت موازنة الدفاع في الجزائر قائمة الاعتمادات المالية المخصصة لمختلف القطاعات ضمن الموازنة العامة لسنة 2025، لتسجل ارتفاعاً متوقعاً حافظ فيه الجيش على حصة الأسد، تحت ضغط التوترات والتهديدات الأمنية على الحدود، خصوصاً الجنوبية، مما يفرض على القوات المسلحة أعباء إضافية.

ورفعت الجزائر موازنتها الدفاعية لسنة 2025 إلى أكثر من 25 مليار دولار من حجم موازنة عامة يبلغ 126 مليار دولار، وهي أكبر موازنة تخصص للمؤسسة العسكرية في تاريخ البلاد، وفق الأرقام المعروضة في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.

تضاعف حجم الاعتمادات المالية الموجهة لقطاع الدفاع ثلاث مرات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، إذ قفزت من 9 مليارات دولار عام 2021 إلى 25 مليار دولار العام المقبل، مروراً بـ18 مليار دولار في 2023، و22 مليار دولار في 2024.

بحسب مسودة الموازنة العامة لعام 2025 التي عرضها وزير المالية الجزائري لعزيز فايد على البرلمان، قسم موازنة الجيش لسنة 2025 على ثلاثة أقسام 1.5 مليار دولار للرواتب والنفقات المختلفة للقوات العسكرية والدرك، و6.5 مليار دولار للدعم واللوجيستيات، و13.4 مليار دولار للإدارة العامة.

تمويل صفقات التسليح

ووفق الأرقام المعروضة فإن موازنة وزارة الدفاع الوطني ستغطي رخص التزام واعتمادات الدفاع، إذ سيوجه جزء مهم منها نحو تمويل صفقات التسليح وتحديث ترسانة الجيش والقوات المسلحة وشراء منظومات الدفاع الحديثة.

 

وتعد موازنة الجيش الجزائري من الأكبر في المنطقة المغاربية والقارة الأفريقية، كما يحتل الجيش الجزائري المرتبة الثانية في القارة من حيث القوة، وذلك وفقاً لموقع "غلوبال فاير باور" الأميركي المتخصص، بينما حل عام 2023 في المرتبة 26 عالمياً والمركز الثاني أفريقياً بعد مصر التي احتلت المرتبة 14 عالمياً، والثالث عربياً، بحسب الموقع.

وفي عام 2023، رفعت الجزائر إنفاقها العسكري بنسبة 76 في المئة، ليصل إلى 18.3 مليار دولار، مما وضع البلاد في المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر إنفاقاً على الجانب الدفاعي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري).

مخاوف وتهديدات

يأتي ارتفاع الموازنة للعام المقبلة تزامناً مع تأكيد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون القائد الأعلى للقوات المسلحة، في تصريحاته أن "تعزيز الدفاع الوطني يتضمن تقوية إمكانات الدفاع عن الوطن وسيادته وسلامته الترابية وكل حدوده، في وقت تعيش فيه البلاد وسط محيط إقليمي متوتر وغير مستقر، يشهد تفاقماً كبيراً لجميع أنواع الآفات، بما فيها الإرهاب والجريمة المنظمة بجميع أشكالها".

ويشدد تبون على ضرورة امتلاك بلاده جيشاً قوياً وعصرياً للدفاع عن حدود الجزائر الشاسعة، لا سيما في ظل اشتعال معظمها، وإن استفادة الجيش من مخصصات مالية كبيرة مبرر بالنظر للوضع الأمني الصعب الذي تعرفه منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط والساحل الأفريقي.

وبحسب المتخصص الاقتصادي الجزائري عبدالقادر سليماني، فإن زيادة الاعتمادات المالية المخصصة للدفاع الوطني يأتي في سياق ارتفاع غير مسبوق للموازنة العامة لسنة 2025، يبرره توجه الدولة نحو تعزيز النهج الاجتماعي للدولة.

 

ويقول سليماني لـ "اندبندنت عربية"، إن موازنة 2025 تهدف لتجسيد الوعود التي أطلقها تبون منذ اعتلائه سدة الحكم بعد إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية في السابع من سبتمبر (أيلول) 2024، خصوصاً تلك المتعلقة بالشق الاجتماعي والتنموي وزيادة المنح والرواتب والأجور إلى نسبة 100 في المئة وعديد من التحويلات المالية الاجتماعية التي تتجاوز 20 مليار دولار.

وأضاف، أن الموازنة الكبيرة ستعمل على تحسين القدرة الشرائية للمواطن ومحاربة التضخم ومراقبة الأسعار على غرار البن أو الزيوت الغذائية والمواد الغذائية المستوردة غير المنتجة محلياً التي ستدعم أكثر، كما سيتم دعم الاستثمار في البنية التحتية مثل السكك الحديد والموانئ والطرقات ودعم المؤسسات العمومية في مشاريعها.

محيط متأزم

تستند الجزائر إلى ارتفاع عائدات صادرات الغاز الذي يتم تصديره إلى أوروبا مع ابتعاد هذه الأخيرة عن الإمدادات الروسية، لدعم موازنتها العامة لسنة 2025، بينما تحدث محللون عن عوامل أخرى دفعت الجزائر إلى ضخ مزيد من الأموال لتعزيز وتقوية قدراتها العسكرية.

يقول المحلل السياسي وأستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة المدية عبدالحكيم بوغرارة، إن رفع موازنة الدفاع في قانون المالية لسنة 2025 ينبع من معطيات عدة أهمها التطورات الأمنية وعسكرة العلاقات الدولية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح بوغرارة في حديث خاص أنه "حتى ألمانيا خصصت 100 مليار دولار لتحديث جيشها ودعم الصناعات الحربية ونفس الأمر يتعلق بالصين والولايات المتحدة الأميركية، من ثم فإن كثرة الأزمات والمؤامرات الدولية دفعت بعديد من البلدان ترى أن التهديدات واستهداف الدول سيكون كبيراً جداً وتوجهت إلى رفع موازنات التسلح والدفاع الوطني استناداً إلى تقارير خبراء والقائمين على الملفات الأمنية والدفاع".

وأضاف، أن الجزائر ذات موقع جيواستراتيجي مهم ومحاطة بأزمات كبيرة جداً في صورة حزام ناري على اعتبار أن كل الدول المجاورة لها تعرف مشكلات أمنية أو سياسية أو اقتصادية ناهيك بارتفاع كلفة تأمين أكثر من 6400 كيلومتر من الحدود، وهو ما يتطلب اعتمادات مالية كبيرة، إضافة إلى طلبيات السلاح والاستثمارات والمورد البشري والبحث العلمي".

ويشير بوغرارة إلى أن "الجزائر طوال الأعوام الماضية بقيت محافظة على موازنة الدفاع ودعمتها في كثير من المرات لأن لديها نظرة استشرافية مبنية على تقارير علمية أعدتها مؤسسات بحث تقرأ جيداً توجهات العلاقات الدولية".

وأفاد بأن الجزائر تحرص على رفع جاهزية وقوة المؤسسة العسكرية والحفاظ على وتيرة أهدافها وتوفير كل ما هو مستجد في مختلف المجالات وهو ما يعكس رفع موازنة الدفاع وهو أمر منطقي بالنظر إلى التحولات الإقليمية والدولية وخصوصاً الرهانات والتحديات كمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات والأسلحة وتسيير مختلف الأزمات الطارئة".

استراتيجية متكاملة

لكن المتخصص الأمني والاستراتيجي الجزائري أحمد ميزاب، لديه رأي آخر، إذ يقول "صحيح هناك تحولات عميقة وغير مسبوقة على المستوى الإقليمي تفرض تحديات أمنية ومجموعة من التهديدات والأخطار الأمنية التي تستوجب أن تكون هناك جاهزية لمواجهتها لكن هذه التحديات ليست السبب الرئيس والمباشر لرفع حجم موازنة الدفاع في قانون المالية 2025".

 

ويوضح ميزاب لـ"اندبندنت عربية" أن الأمر يتعلق باستراتيجية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار مختلف الجوانب، سواء تلك المتعلقة بالتحديات الأمنية الناجمة عن حالة اللااستقرار في المنطقة أو جانب التطوير والعصرنة وتعزيز القدرات والاستثمار في العنصر البشري وامتلاك الأسلحة المتطورة ومواكبة التطور التكنولوجي لمجابهة التحديات المرتبطة بالأمن السيبراني وحروب الأجيال المتقدمة كلها تشكل دوافع لهذه الزيادات وليس بالضرورة ارتباطات تتعلق بالتحديات الأمنية الإقليمية فحسب.

ويضيف، أن "الارتفاع المسجل في الموازنة المخصصة للدفاع في قانون المالية لسنة 2025 يأتي في إطار تعزيز قدرات الجيش الجزائري وتطويره وعصرنته، خصوصاً أنه يسير في إطار مواكبة التطورات العالمية ومجابهة مختلف التحديات المتعلقة بالتكنولوجيا والأمن السيبراني وامتلاك القدرات المتطورة والاستثمار في العصر البشري".

وأشار إلى أن سياسة التطوير التي تعتمدها المؤسسة العسكرية تتطلب استثمار رأسمال مهماً على كل المستويات من ثم من الطبيعي أن تشهد الموازنة ارتفاعاً مقارنة بالموازنات السابقة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير