Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المنطقة الإنسانية في غزة جائعة بسبب إقفال المعابر

اضطر النازحون إلى أكل الدقيق التالف الذي خرجت منه الديدان

ملخص

رغم أن الجيش الإسرائيلي صنف المنطقة الإنسانية بأنها منطقة خدمات ومساعدات، فإن النازحين فيها يعيشون جوعاً ونقصاً في الطحين.

نزح الشاب الفلسطيني منتصر من شمال غزة إلى المنطقة الإنسانية في جنوب القطاع ليوفر لأطفاله خبزاً وطعاماً مغذياً، لكنه ما إن وصل إلى المواصي حتى وجد النازحين فيها جائعين ولا يجدون طعام يومهم، حينها ضرب كفاً بكف وبحسرة قال، "لو علمت أن الحال نفسه في شقي القطاع لما نزحت".

ويعيش سكان جنوب غزة والذين يوجدون في المنطقة الإنسانية التي خصصها الجيش الإسرائيلي لتوزيع المساعدات المنقذة للحياة، أزمة جوع ونقص كبير في الطعام والخبز، ويواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بصورة واضحة.

الآلاف على المخابز

لا يتخلف حال شمال غزة، البقعة التي تصنفها إسرائيل منطقة قتال خطرة، وتفرض عليها حصاراً وتقيد دخول الغذاء إليها، ويعيش سكانها مجاعة، عن حال النازحين الذين هربوا من قلة الطعام والقصف إلى المنطقة الجنوبية "الإنسانية"، فهؤلاء أيضاً يختبرون الجوع مجدداً.
ذهب منتصر مسرعاً إلى مخبز مدينة خان يونس جنوب القطاع، وانصدم عندما رأى آلاف النازحين جائعين وجميعهم يتجمهرون أمام الفرن للحصول على ربطة خبز صغيرة ليسدوا بأرغفتها جوع أطفالهم. وحاول الرجل مزاحمة الحشود لكنه فشل.

وكان منتصر قد وصل إلى المخبز عند الخامسة صباحاً، وظل هناك يزاحم وينتظر نحو ثماني ساعات، وبعدها طأطأ رأسه وعاد إلى خيمته بيدين فارغتين. وحاول أن يشرح لأطفاله أن الدقيق نفد بسبب حالة الطلب الشديد على الخبز.


الأعياد اليهودية

زار منتصر السوق الشعبية لمدينة خانيونس، لكنه لم يجد الدقيق ولا الزيت وكان سعر السكر مرتفعاً جداً، وقال "كنت أرغب في صنع الخبز في الخيمة لكني عاجز عن تحصيل مكوناته، يبدو أن جنوب غزة أيضاً يعاني مجاعة قاسية".

في الواقع، تتحكم إسرائيل في جميع معابر غزة، ولا تسمح بتدفق البضائع والسلع بصورة دورية وبكميات ضخمة، من ثم فإن أي إغلاق للمنافذ يؤثر بسرعة على حالة السكان ويسبب جوعاً سريعاً للأطفال.

في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، أغلق الجيش الإسرائيلي معبر كرم أبوسالم التجاري وهو المنفذ الوحيد لإدخال المواد الغذائية والحاجات الأساسية إلى جنوب غزة، وكذلك أغلق معبر إيرز شمال القطاع، إذ تعيش إسرائيل فترة أعياد يهودية.

وتسبب هذا الإغلاق بأزمة الطعام في جنوب غزة، مما أثار استنكار النازحين هناك بشدة. وقالت فاطمة، "طلب الجيش التوجه إلى المواصي لأنه سيعمل على توزيع المساعدات الإنسانية والمنقذة للحياة، لكن للأسف أغلق المعبر".

وتسأل ابتسام "طالما هناك أعياد يهودية، لماذا لم تدخل إسرائيل كميات كافية من الطعام لجنوب غزة؟ هذا أمر يثير الغضب، لقد أبلغونا أن المنطقة الإنسانية منطقة خدمات وغذاء، لكن اليوم نعيش جوعاً، ولا نستطيع توفير الغذاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أزمة طحين

وبدأت علامات النحافة تظهر على أجساد عائلة عائدة جراء عدم توفر الطعام وتأثرها بسوء التغذية الذي يعانيه سكان المنطقة الإنسانية. وقالت الأم، "نعيش مجاعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ونعتمد فقط على الملوخية الجافة وبعض المعلبات".

أبرز ملامح الجوع في المنطقة الإنسانية هو عدم توفر كميات كافية من الطحين والخبز، إذ أوقفت إسرائيل تدفق الدقيق للمنطقة الإنسانية، ولذلك توقفت المؤسسات الإغاثية، بما فيها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عن توزيع الطحين للناس.

ويملك بعض الأفراد في جنوب غزة مخزوناً من الطحين لكن بسبب العوامل الجوية بات هذا الدقيق تالفاً وانتشر فيه السوس والديدان، إلا أنه عرض للبيع في الأسواق على رغم ذلك بسبب عدم توفر الطحين.

وقال ضياء، "بحثت ليومين متواصلين في أنحاء مدينة خان يونس عن كيس طحين ولم أجد. أخيراً عثرت على دقيق به ديدان وسعر مرتفع جداً اشتريته بـ70 دولاراً، هذا الثمن لا يوجد له مثيل في العالم، ويتزامن مع فقر شديد يعيشه سكان غزة".

واضطر النازحون في المنطقة الإنسانية لاستخدام الدقيق الفاسد والمليء بالديدان والسوس لإطعام أطفالهم، وعن ذلك قالت سعاد، "نحن مضطرون لعجن هذا الدقيق السيئ، عندما نصنع الخبز منه يكون له رائحة غريبة وعلى رغم أننا نعرف أنه فاسد لكن نأكله، هذا هو الجوع".

خلطت سعاد الطحين الفاسد بالزعتر ثم عجنته وخبزته، وأضافت، "فعلت ذلك لإضفاء نكهة جيدة ومذاق أفضل من المذاق الحقيقي الذي يؤكد أن الدقيق فاسد، ولا يستطيع الأطفال تقبله".

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" فإن ثمة عراقيل تواجه وصول المساعدات الإنسانية، إذ إن من أصل 423 حركة مساعدات إنسانية تم التنسيق لها مع السلطات الإسرائيلية تم تسهيل مرور 150 حركة فحسب.


أسعار لا مثيل لها في العالم

"والله رأس البصل لا أستطيع شراءه"، تقسم الحاجة سميرة وهي تشرح واقعها المعيشي، وتقول "ارتفع سعر الخضراوات بصورة جنونية، الكميات المتوافرة من الخضراوات رديئة للغاية، وثمنها خيالي، الإنسان في غزة يحتاج إلى 3 آلاف دولار ليعيش حياة عادية".
وأظهر تحليل لـ"منظمة المعونة المسيحية" أن البصل يباع في المنطقة الإنسانية في جنوب القطاع بأكثر من 400 ضعف سعره قبل الحرب، ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه 107 دولارات، أي ما يعادل ثمانية أضعاف متوسط الأجر اليومي في غزة قبل الحرب.

وارتفع سعر البطاطا إلى 80 دولاراً، أما الطماطم فإن سعر الكيلوغرام منها يبلغ 120 دولاراً، واختفت اللحوم والبيض والأجبان تماماً من السوق، كما ارتفع سعر زيت القلي 50 ضعف ثمنه قبل الحرب، ويبلغ ثمنه اليوم 90 دولاراً.

خطوة نحو المجاعة

في السياق قال مدير مكتب الإعلام الحكومي إسماعيل الثوابتة، إن "إغلاق المعابر ومنع توريد حاجات السوق المحلية أديا إلى ارتفاع حاد في أسعار المنتجات، لقد مارست إسرائيل في المنطقة الإنسانية سياسة التجويع". وأضاف "في أكتوبر الجاري، أغلقت إسرائيل بذريعة الأعياد اليهودية المعبر التجاري وشددت قيوده، وتوقف دخول الشاحنات الإغاثية والتجارية، وكان لذلك انعكاسات خطرة على واقع الغزاويين، إذ اختفت السلع والبضائع وارتفعت الأسعار بصورة جنونية".

وأكد نائب مدير برنامج الأغذية العالمي كارل سكاو أن "ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة أو ربع السكان، على بعد خطوة واحدة من المجاعة وهؤلاء معظمهم في المنطقة الإنسانية جنوب غزة".

أما في إسرائيل فأعلن المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري، "نعمل على تنسيق دخول البضائع والسلع الأساسية والمساعدات المنقذة للحياة لجميع أنحاء قطاع غزة، وذلك رغم الأعياد اليهودية، وفور انتهاء هذه الفترة ستعود المنافذ إلى طبيعة عملها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير