Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

24 مدينة مغربية تكرم محمد برادة ناقدا وروائيا

100 باحث يتناولون تجربته الشاملة من وجهات نظر متعددة

الناقد والروائي محمد برادة (إتحاد كتّاب المغرب)

ملخص

يبدو أن الحدث الثقافي الذي انطلق مساء أمس السبت في عدد كبير من المدن المغربية خلال التوقيت نفسه يمثل الصورة الاحتفائية الأكبر في تاريخ الثقافة المغربية. إذ لم يسبق أن أقيمت 24 ندوة في 24 مدينة حول كاتب أو مثقف مغربي منذ بدء الحركة الثقافية في المغرب.

يتعلق أمر تكريم محمد برادة بنشاط موسع يشرف عليه مختبر السرديات في جامعة الحسن في الدار البيضاء بالشراكة مع عدد من الجمعيات والهيئات الثقافية، احتفاء بالمنجز الأدبي والنقدي للكاتب المغربي المعروف محمد برادة، بحيث يشارك 110 من النقاد والباحثين ودارسي الأدب في تناول التجربة الثقافية لأحد رموز الأدب والنقد في المغرب والعالم العربي، عبر أربعة محاور كبرى ترصد ما راكمه صاحب "لعبة النسيان" في الرواية والقصة والنقد والترجمة.

ويشارك في الندوة المركزية التي تحتضنها المكتبة الوطنية داخل الرباط نخبة من النقاد والروائيين هم سعيد يقطين ومحمد الداهي ومحمد الهرادي وعبدالفتاح الحجمري ونجيب العوفي وزهور كرام وحسن بحراوي، وعبدالرحيم جيران وإدريس الخضراوي والميلود عثماني وإبراهيم أزوغ وعبدالواحد لمرابط. ويدير هذه الندوة مدير مختبر السرديات شعيب حليفي ويلقي خلالها محمد برادة شهادة يسلط فيها الضوء على مراحل متفرقة من تجربته الأدبية والنقدية.

وارتأى مختبر السرديات أن يجعل التوزيع الجغرافي لهذا الحدث الاحتفائي وفق أربعة محاور، فأوكل مهمة دراسة روايات برادة إلى مثقفي المدن الآتية، فاس ووجدة والنواصر وتطوان ومكناس ودمنات وزاكورة وسيدي قاسم. بينما أوكل مهمة تحليل قصص الكاتب المحتفى به إلى نقاد مدن بني ملال ومديونة والدروة، فيما اختار أن تقف عند المنجز النقدي لبرادة مدن أخرى، هي الدار البيضاء ومراكش والقنيطرة وخريبكة والفقيه بني صالح وبنسليمان وأغادير. أما المدن التي سيناقش مثقفوها ترجمات برادة فهي الجديدة وسيدي بنور وأزمور وآسفي.

الاحتفاء برمز ثقافي

وفي تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية" يقول مدير مختبر السرديات ومنسق هذه التظاهرة الأكاديمي المغربي شعيب حليفي "نحتفي بمحمد برادة لأنه أحد أهم الأدباء الذين أسهموا في بناء الأدب المغربي برؤى نقدية وحداثية تنويرية، من خلال تجديده للدرس الأدبي والنقدي الجامعي منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، وترجماته النقدية والإبداعية التي كان لها أثر بين في إدخال مناهج نقدية حديثة متفاعلة مع النص والمجتمع والذات، وأنه راكم من الروايات ما جدد في أسئلة السرد الأدبي، وخصوصاً في ما يتعلق بالتخييل الذاتي. كما أن دوره في الثقافة سواء على رأس اتحاد كتاب المغرب أو في الثقافة العربية عموماً كان أساساً ومؤثراً من خلال أفكاره وكتاباته".

ويؤكد شعيب حليفي أن من واجب الفاعلين في الحياة الثقافية الانتباه إلى الرموز الكبيرة التي عملت على تشكيل وتفعيل هذه الحياة والاحتفاء بها وتقديرها، وأن تكون هذه الرموز حاضرة لتشهد على هذا الاحتفاء والتقدير. ويضيف "إن مجموع إنتاج محمد برادة النقدي والروائي والقصصي والترجمي بأهميته التي لا تزال حاضرة في التداول لا ينفصل عن مواقفه باعتباره مثقفاً كان وما زال منخرطاً في كل القضايا المجتمعية والقومية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقوم الأعمال الروائية عند محمد برادة في معظمها على قراءة الواقع ونقده ومن ثم استشراف مستقبل يتجاوز الماضي ويسائل الحاضر. وثمة ما يمكن أن نسميه عند برادة "محاكمة الذاكرة" وعدم الانسياق وراء التراكم الثقافي الذي كرسته مراحل متعاقبة من التقليد. لقد كان رهانه من داخل السرد هو الانتصار لقيم الحداثة، إذ كان يرى أن الأدب قادر على أن يترك وقعه في الحياة العامة، ويسهم بالتالي في توجيه القارئ وتحريك عربة التحديث والتنوير في طرق تحفها كثير من العوائق الفكرية والاجتماعية.

تجديد الدرس النقدي

بالموازاة مع كتاباته السردية أسهم برادة في تجديد الدرس النقدي في العالم العربي، وشكل نقطة تمفصل مهمة بين النتاج النقدي الغربي والحياة الثقافية العربية، سواء عبر ترجمة رموز هذا النقد أو عبر تبييئ نظرياته في الأوساط الأدبية بالعالم العربي، من خلال ما كتبه ومن خلال محاضراته الجامعية وتوجيهه للدارسين والباحثين. ويحسب لبرادة وفق ما قاله جابر عصفور أنه هو من أدخل الرواية إلى الدرس الجامعي في المغرب. كما أنه أدخل مفاهيم ومعارف جديدة إلى الحياة الثقافية العربية. لقد كان التجديد رهانه منذ البداية، منذ أن بشر بأدب مغربي جديد في مقاله "كلاب الحراسة وصانع القيم" الذي نشره في مطلع الستينيات.

ونقل برادة إلى اللغة العربية أعمالاً نقدية وأخرى أدبية لميخائيل باختين ورولان بارت وبول ريكور وجان جينيه ولوكليزيو وعبدالكبير الخطيبي وعبداللطيف اللعبي والطاهر بنجلون وجمال الدين بن الشيخ وبونوا دوني ولوثي لوبيت بارالت وغيرهم. وأصدر كتباً مهمة في النقد والتنظير مثل "أسئلة الرواية. أسئلة النقد" و"لغة الطفولة في الحلم. قراءة في ذاكرة القصة المغربية" و"الذات في السرد الروائي" و"الرواية العربية ورهان التجديد" و"الرواية ذاكرة مفتوحة" و"تخييل الذات والتاريخ والمجتمع" وغيرها.

وحظيت رواياته بتقدير الأوساط الأدبية في العالم العربي وترجمت إلى عدد من اللغات. ومن بينها "لعبة النسيان" و"الضور الهارب" و"مثل صيف لن يتكرر" و"حيوات متجاورة" و"موت مختلف" و"رسائل من امرأة مختفية" و"امرأة النسيان".

وينتمي برادة إلى الجيل الذي آمن باكراً بأن المجتمعات العربية يجب أن تنشأ على أسس ثقافية إذا أرادت الانخراط في الحداثة والانتماء إلى العصر، وناضل من أجل أن تتحقق هذه الغاية عبر انخراطه الدؤوب ليس في الحياة الثقافية فحسب، بل في الحياة العامة خصوصاً في شقها السياسي. فكانت أعمدته الأسبوعية ومقالاته الفكرية المتعاقبة تسعى إلى بناء تصور جديد للحضور الثقافي في المجتمع، حضوراً فاعلاً ومؤثراً، بحيث توجد الثقافة في قمرة قيادة المجتمعات، لا في الهامش.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة