Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شبح الحصار التام يخيم على لبنان

يسأل اللبنانيون: لو باتت البلاد معزولة تماماً عن العالم هل تكفي المواد الغذائية والطبية والمحروقات لأشهر أو أسابيع؟

بعد أكثر من شهر على اشتداد الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" يتخوف اللبنانيون من أن يصبحوا محاصرين في بلدهم (ا ف ب)

ملخص

ما بين التطورات الأمنية المتسارعة والتحذيرات الإسرائيلية تبرز مجموعة أسئلة يطرحها اللبنانيون، من بينها هل نحن على بعد أيام أو ربما أسابيع قليلة من حصار تام، وماذا لو بات هذا الحصار أمراً واقعاً، هل تكفي المواد الغذائية والطبية والمحروقات لفترة محددة؟ وما الخيارات البديلة؟

لا شيء في الوقت الراهن لبنانياً يوحي بأن الأمور تتجه إلى التهدئة، بل على العكس، فلسان حال معظم المتابعين أنه لا وقف إطلاق نار قريباً بين إسرائيل و"حزب الله".

وفي التطورات الميدانية استهدفت طائرات إسرائيلية قبل أيام قليلة ثاني معبر أساس يربط لبنان بسوريا، وهو معبر جوسية - القاع، آخر معبر من البقاع الغربي إلى الأراضي السورية، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من قصف الطريق الدولية بين البلدين عند نقطة المصنع، مما أدى إلى إقفال المعبر هناك أمام السيارات والشاحنات، لكن بقي الناس يعبرون الطريق المدمرة سيراً على الأقدام متوجهين نحو الداخل السوري.

ومن شأن إغلاق معبر جديد بين البلدين أن يفرض مزيداً من التضييق على اللبنانيين والاقتصاد اللبناني، بخاصة لناحية تصدير واستيراد المواد الأساسية، كالمواد الغذائية والصناعية والمنتجات الزراعية من وإلى لبنان.

هذا لناحية المعابر البرية، أما لناحية مطار لبنان الوحيد، وهو مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، فلا يزال يشهد حركة طيران، لكن خجولة جداً تكاد تقتصر على شركة "طيران الشرق الأوسط" اللبنانية، فيما علقت الطائرات الأجنبية غالبية رحلاتها بسبب الأخطار الأمنية، بخاصة أن القصف الإسرائيلي طاول مناطق قريبة من المطار تبعد مئات الأمتار، مما يثير مخاوف جدية من استهدافه مباشرة أو توقف حركة الملاحة فيه تماماً مع تفاقم الوضع الأمني أكثر.

وأكد وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية أن "لبنان يتلقی خلال اتصالات دولية تشمل تطمينات من ناحية عدم استهداف إسرائيل مطار بيروت، لكنها لا ترقى إلى ضمانات"، وقال إن الحكومة تسعى إلى أن تبقى المرافق العامة براً وبحراً وجواً سالكة.

يؤكد متخصصون في مجال الملاحة والطيران أن الوضع في مطار بيروت غير مستقر تماماً، بخاصة أن الضربات باتت قريبة جداً من مباني المطار ومدارج الطائرات، كما أن عمل الطيران المدني في أوقات الحروب، يعتمد بصورة أساسية على تقييم يومي للأخطار تجريه شركات الطيران، لاتخاذ قرار الإقلاع أو الهبوط، بالتالي حركة الملاحة عرضة لأن تتوقف في أية لحظة.

كذلك ينوه متخصصون إلى أن غالبية الرحلات في مطار رفيق الحريري راهناً هي رحلات مخصصة لإجلاء أو إيصال المساعدات، وعادة ما يكون لهذه الرحلات ضمانات من المنظمات الدولية.

تحذير للشواطئ اللبنانية

في سياق آخر، حذرت إسرائيل مرتادي الشواطئ ومستخدمي القوارب في المياه اللبنانية من الوجود على شاطئ البحر، بداية "من خط نهر الأولي جنوباً"، مما أثار مخاوف جدية من احتمال إطلاق تل أبيب عملية بحرية قد تتضمن إنزالاً على الشاطئ، وربما فرض حصار بحري، مما يعني حكماً تعذر وصول البواخر إلى لبنان بالتالي تأثر عمل مرفأ بيروت واحتمال انقطاع المواد الغذائية والاستهلاكية.

وفي هذا الإطار قال رئيس مجلس إدارة ومدير عام مرفأ بيروت عمر عيتاني للوكالة الوطنية للإعلام في لبنان إن هناك خطة طوارئ واحتياط تحسباً لأي تعدٍّ إسرائيلي على المرفأ. وحول العمل في المرفأ في الوقت الراهن قال، "حركة الملاحة تأثرت بحكم المخاوف وارتفاع كلف التأمينات "لكن القدرة التشغيلية في مرفأ بيروت، ما زالت هي نفسها ولم تتأثر". وأضاف، "لا حديث رسمياً عن حصار بحري على لبنان باستثناء ما ذكر في الإعلام عن المحاذير التي طاولت نهر الأولي، وصولاً إلى الناقورة".

خوف من حصار تام

وما بين التطورات الأمنية المتسارعة والتحذيرات الإسرائيلية، تبرز مجموعة أسئلة يطرحها اللبنانيون، ومن بينها هل نحن على بعد أيام أو ربما أسابيع قليلة من حصار تام، وماذا لو بات هذا الحصار أمراً واقعاً، هل تكفي المواد الغذائية والطبية والمحروقات لفترة محددة؟ وما الخيارات البديلة؟

نقيب الصيادلة جو سلوم كشف في حديث إلى  "اندبندنت عربية" عن أن 80 في المئة من الأدوية مؤمن، وهناك تطمينات من وزارة الصحة ومن المستوردين أن هناك مخزوناً دوائياً يكفي لأربعة أشهر، كما أن هناك تطمينات بأن جزءاً من حركة الطيران مخصص لاستيراد الأدوية ونتأمل اليوم أن يستمر هذا الوضع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عن الأدوية تأتي إلى لبنان إما عبر المطار أو عبر مرفأ بيروت يضيف سلوم، "أما التطمينات ببقاء المرفقين يعملان بالحد الأدنى فهذا الأمر سياسي وليس تقنياً، وفي الحروب لا توجد تطمينات نهائية، واليوم نحن لا نثق تماماً بما قد يقوله الإسرائيلي ولا نعلم ما هو مخطط له في هذه الحرب".

أما بالنسبة إلى التهافت على شراء الأدوية، فكشف سلوم عن أن نقابة الصيادلة فرضت ترشيد إعطاء الأدوية منذ بداية الحرب، بالتالي إعطاء الأدوية يتم بحسب حاجة كل مريض، ولذلك لم يحدث تخزين للأدوية كما حصل في السنوات الماضية، حين تم تخزين الدواء ثم ذهب للسوق السوداء أو تم ترحيله إلى خارج لبنان. كما يكشف نقيب الصيادلة عن أن العامل الاقتصادي اليوم يحول دون القدرة على شراء كميات كبيرة من الدواء أو الغذاء، إذ إن القدرة الشرائية للبناني لا تسمح له الشراء بكميات كبيرة والتخزين.

ويؤكد سلوم أنه إن حصل الحصار التام الذي يتخوف منه اللبنانيون، وإن كان محكماً بالبر والجو والبحر، فهنا سنكون أمام خطر كبير في القطاع الدوائي وعلى المرضى، وكشف عن أن المصانع المحلية تؤمن 60 في المئة من الناتج الدوائي، لكنها بدورها تحتاج إلى مواد أولية من الخارج، بالتالي موادها الأولية أيضاً لن تصمد كثيراً.

أما نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون فأكد أن مخزون المستشفيات يكفي لشهر تقريباً، وأن الوضع لا يزال في هذا القطاع تحت السيطرة، لكن لا ضمانات بأن يبقى المطار والمرفأ يعملان. وأضاف، "ما رأيناه في قطاع غزة وكيف تطورات الأمور يؤكد لنا أنه لم تكن هناك محرمات بضرب المستشفيات هناك، ولدينا تخوف ليس فقط من إقفال المرافق العامة، بل من أن تستهدف المستشفيات، والتي تعد عنصراً من عناصر الديمومة والبقاء للناس، وبخاصة في حالة الحرب". وتابع مشدداً على أن الوضع مفتوح على كل الاحتمالات وأنهم يتخوفون من الحصار التام، فما يتوفر من مواد سينتهي بعد مدة معينة، وهناك أمور أساسية نحتاج إليها مثل المحروقات لإبقاء عمل المؤسسات الطبية وعلى رأسها المستشفيات.

بين المحروقات والغذاء

ممثل "نقابة موزعي المحروقات" في لبنان فادي أبو شقرا قال بدوره لـ"اندبندنت عربية" إن المحروقات مؤمنة وهناك مخزون في الشركات المستوردة، وهناك شركات لا تزال تأتي إلى المرفأ ولا توجد مشكلة في المخزون، ونتمنى أن يبقى البحر مفتوحاً حتى تصل البواخر، لأن المنفذ الوحيد فهو البحر، فلبنان ليس بلداً منتجاً للمحروقات بل مستورداً لها. وأضاف مؤكداً أنه لا يمكن أن نحدد كم يمكن أن يستمر المخزون الموجود، بل يمكن أن نقول إن هناك مخزوناً، لكن لا يمكن أن نحدد فترة محددة لأنه لا يمكن أن نعرف كيف سيكون السلوك الاستهلاكي للمواطنين في الفترة المقبلة.

أما نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي فكشف عن أن حركة الاستيراد مستمرة بصورة منتظمة باعتبار أن المرفأ والمطار لا يزالان يعملان، وأكد في حديث إعلامي أنه لا يوجد نقص في التموين مع استمرار وصول الشحنات وتوزيعها على معظم المناطق.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير