Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كمال داوود... أديب الحوريات المنفي "بقوة الظروف"

حاز جائزة غونكور عن روايته "الحوريات" الخاصة بالعشرية السوداء في وطنه الأم الجزائر

الكاتب الفرنسي الجزائري الأصل الحائز جائزة غونكور الأدبية كمال داوود

ملخص

تعد "الحوريات" رواية سوداوية بطلتها الشابة أوب التي فقدت قدرتها على الكلام منذ أن ذبحها أحد الإسلاميين في الـ31 من ديسمبر 1999 إبان العشرية السوداء بالجزائر.

منح الكاتب الفرنسي من أصل جزائري كمال داوود اليوم الإثنين جائزة غونكور التي تعد أبرز المكافآت الأدبية الفرنكوفونية عن روايته "الحوريات" الصادرة عن دار "غاليمار"، وتتناول الحرب الأهلية في الجزائر بين 1992 و2002 المعروفة بـ"العشرية السوداء".

وقال الكاتب البالغ 54 سنة في مطعم "دروان" الذي أعلن منه اسماً الفائزين بجائزتي غونكور ورونودو، "أنا سعيد جداً. إنها عبارة مستهلكة، لكن لا توجد كلمات أخرى".

ونال داوود ستة من أصوات أعضاء أكاديمية غونكور الـ10، في مقابل اثنين للفرنسية إيلين غودي، وواحد لكل من مواطنتها ساندرين كوليت، والفرنسي من أصل رواندي غاييل فاي الذي حصل على جائزة رونودو، وفق ما أعلن رئيس أكاديمية غونكور الكاتب فيليب كلوديل.

وأوضح كلوديل أن "أكاديمية غونكور توجت كتاباً تتنافس فيه القصائد الغنائية مع التراجيديا، ويعبر عن العذابات المرتبطة بفترة مظلمة من تاريخ الجزائر، وخصوصاً ما عانته النساء". وأضاف "تظهر هذه الرواية إلى أي مدى يستطيع الأدب، في حريته العالية في معاينة الواقع، وكثافته العاطفية أن يرسم إلى جانب القصة التاريخية لشعب ما سبيلاً آخر للذاكرة".

رواية سوداوية

وتعد "الحوريات" رواية سوداوية بطلتها الشابة أوب التي فقدت قدرتها على الكلام منذ أن ذبحها أحد الإسلاميين في الـ31 من ديسمبر (كانون الأول) 1999.

وحرص داوود على أن تكون شخصية امرأة هي الراوية للحبكة، واختار لبداية القصة مدينة وهران التي كان يعمل فيها صحافياً خلال "العشرية السوداء"، ثم تجري الأحداث في الصحراء الجزائرية التي تنتقل إليها أوب لتعود لقريتها.


 

 

وهذه الرواية هي الثالثة لكمال داوود والأولى التي تصدر عن دار غاليمار، وسبق له أن فاز بجائزة لاندرنو للقراء في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ولا يمكن نشر "الحوريات" في الجزائر، إذ يحظر القانون أي مؤلف يستحضر الحرب الأهلية التي امتدت من 1992 إلى 2002.

حظر في الجزائر

يعرف الكاتب الجزائري الفرنسي كمال داوود الذي فاز بجائزة غونكور الأدبية بكتاباته الناقدة للجزائر التي اضطرته إلى مغادرة مسقط رأسه وهران إلى باريس، ولم تطرح روايته "الحوريات" الصادرة عن دار "غاليمار" التي حاز الجائزة عنها، للبيع في الجزائر، ولم تترجم إلى اللغة العربية.

وكما كتب المؤلف في روايته، يحظر القانون الجزائري أية إشارة في الكتب إلى الأحداث الدامية التي وقعت في "العشرية السوداء"، وهي الحرب الأهلية بين السلطة والإسلاميين بين عامي 1992 و2002.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول الكاتب "المنفي بقوة الظروف" في أغسطس (آب) في حديث لمجلة "لوبوان" الفرنسية التي يكتب فيها عموداً، "أنا أتعرض للهجوم في الجزائر لأنني لست شيوعياً ولا ملتزماً بمناهضة الاستعمار ولا معادياً لفرنسا".

حصل داوود على الجنسية الفرنسية، وذهب إلى حد القول، في إشارة إلى الشاعر غيوم أبولينير الذي ولد في بولندا وتجنس في ذروة الحرب العالمية الأولى، "أنا مصاب بمتلازمة أبولينير، أنا فرنسي أكثر من الفرنسيين".

وجعله ذلك في نظر قطاع كبير من الرأي العام الجزائري والوسط الثقافي، "خائناً" لبلده.

دعوة إلى القتل

في المقابل يبدي كثير من الجزائريين إعجاباً بكتاباته ومعرفته بتاريخ البلاد وإصراره على طرح الأسئلة الصعبة، ومنهم صاحب دار النشر "البرزخ للنشر" سفيان حجاج الذي أصدر له رواية "مورسو، التحقيق المضاد" في عام 2013.

وقال في تعليقه على النجاح الباهر الذي حققته روايته الأولى التي نشرتها دار "أكت سود" في فرنسا في مايو (أيار) 2014، إنه "اخترع طريقته الخاصة في الكتابة".

وكانت الرواية التي تعيد سرد حبكة رواية "الغريب" لألبير كامو، واحدة من أهم الأحداث الأدبية آنذاك، وبيعت منها أكثر من 100 ألف نسخة، ووصلت الرواية إلى المرحلة النهائية لجائزة "غونكور"، وفازت بالجائزة بالفعل للثانويين، من بين جوائز أخرى.

 

 

بعد تصريحات أدلى بها كمال داوود على قناة فرنسية، تعرض لهجوم عنيف من إمام سلفي دعا إلى تكفيره وقتله، وهو ما كان يمكن أن يكون فتوى لو كان صاحبها يملك شرعية إصدارها. ودانت محكمة الإمام في عام 2016 بالسجن ستة أشهر بتهمة "التهديد بالقتل"، قبل أن تقرر محكمة الاستئناف حفظ القضية.

الصحافة مهنة خطرة

ولد كمال داود، وهو ابن عسكري دركي، في مستغانم (شمال غربي الجزائر) في يونيو (حزيران) 1970، وكان الأكبر بين ستة أطفال. ترعرع في بيت جده المحافظ في قرية أصبح إماماً في ثانويتها، واختلط بالإسلاميين قبل أن يبتعد تماماً من الدين.

كان الوحيد من بين إخوته الذي درس في الجامعة، ثم اتجه إلى الصحافة. عمل أولاً في مجلة "ديتيكتيف"، ثم في صحيفة باللغة الفرنسية هي "لو كوتيديان دوران".

وكما أوضح أثناء الترويج لرواية "الحوريات"، أصبحت الوظائف في مجال الصحافة متاحة بعد الاغتيالات العديدة التي استهدفت الصحافيين خلال الحرب الأهلية. وكانت هذه المهنة خطرة وحساسة للغاية، إذ كان على الصحافي إيراد أعداد القتلى في المجازر التي أراد الآخرون إخفاءها أو التقليل من شأنها أو المبالغة فيها.

 

 

في تلك الفترة، اكتسب سمعته بالنزاهة في المهنة، وكان يندد في مقالاته بصراحة بكل ما كان ينخر المجتمع الجزائري، كالفساد والنفاق الديني ولامبالاة السلطة والعنف والتخلف وعدم المساواة.

وهو أب لطفلين، ترك الصحافة في عام 2016 ليتفرغ للأدب، جاء ذلك بعد جدل ساخن في فرنسا وخارجها بسبب إدانته في صحيفة لوموند "البؤس الجنسي في العالم العربي والإسلامي، والعلاقة المريضة مع المرأة والجسد والرغبة"، واتهمه بعضهم بتكريس أفكار عنصرية جاهزة.

لكنه أجاب في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية عام 2017 "لدي الحق في التفكير والدفاع عن أفكاري" و"ليس من الضروري أن يفكر كل جزائري مثلي".

المزيد من ثقافة