ملخص
تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب كبير بين المرشحين للرئاسة الأميركية، دونالد ترمب وكاملا هاريس، وهو ما خلق تساؤلات حول احتمال تعثر حسم نتيجة الاستحقاق بسرعة بعد إغلاق صناديق الاقتراع كما حدث في 7 جولات انتخابية عرفها التاريخ الأميركي.
تمنح استطلاعات الرأي المختلفة كلا المرشحين للرئاسة الأميركية حظوظاً متساوية في الظفر باستحقاق عام 2024، لتجعل حسم النتيجة بين الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطية كاملا هاريس رهناً بالولايات المتأرجحة تارة والمجمع الانتخابي تارة أخرى، فيما يظن فريق ثالث بأن فارقاً ضئيلاً في النتائج قد يستدعي سابقة أو إعادة فرز الأصوات، أو حكماً قضائياً يفصل بين المتنافسين كما حدث خلال سبع مرات في تاريخ السباق إلى البيت الأبيض.
وكانت أول انتخابات رئاسية شهدت إشكالاً في حسم نتيجتها جرت عام 1800 بين آرون بور وتوماس جيفرسون، إذ حصل كل منهما على العدد ذاته وهو 73 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي، مما تطلب إجراء 36 تصويتاً إضافياً لحسم النتيجة لمصلحة جيفرسون، فيما ذهب منصب نائب الرئيس إلى بور الذي تفجر خلاف بينه وبين قائد الجيش حينها ألكسندر هاملتون، بعدما أقنع الأخير الفيدراليين في ماريلاند وفيرمونت بالامتناع من التصويت في المرة الأخيرة، مما أدى إلى تنصيب توماس جيفرسون كثالث رئيس للولايات المتحدة.
وفي عام 1824 كانت الأزمة بين أندرو جاكسون وجون آدامز، إذ فاز جاكسون بالتصويت الشعبي ولكنه احتاج إلى غالبية واضحة من المشرعين، وبعد جولات من اقتراع مجلس النواب لاختيار واحد من الفائزين في المراتب الأربع، حسمت النتيجة لمصلحة آدامز الذي عقد صفقة مع الفائز الرابع هنري كلاي وعينه وزيراً للخارجية في مقابل أصوات حزبه "الأحرار"، مما جعل جاكسون يتهم خصومه بالفساد، وسعياً إلى الانتقام فقد ترشح للرئاسة بعد أربعة أعوام وفاز بالمنصب بعد فرز الأصوات في استحقاق عام 1828.
وتكرر المشهد عام 1860 بين أبراهام لينكولن وجون بريكنريدغ حين فاز لنكولن بـ 40 في المئة من الأصوات، ولكن سبع ولايات جنوبية، وهي كارولينا الجنوبية ومسيسيبي وجورجيا ولويزيانا وفلوريدا وألباما، أعلنت انسحابها من الاتحاد الأميركي وتشكيل دولة مستقلة، خوفاً من إلغاء لينكولن قانون العبودية الذي أقرته المحكمة العليا قبل الانتخابات بأربعة أعوام، وعلى ضوء ذلك تفجرت حرب أهلية في البلاد دامت خمسة أعوام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بعد أكثر من 15 عاماً على اندلاع الحرب الأهلية وهزيمة الولايات الجنوبية لمصلحة الاتحاد الأميركي، فاز المرشح الديمقراطي صامويل تيلدن بسهولة على خصمه روثرفورد هايز خلال التصويت الشعبي عام 1876، وحصل على غالبية المجمع الانتخابي، ولكن جدلاً كبيراً وقع حول نتائج انتخابات فلوريدا وكارولينا الجنوبية ولويزيانا أدى إلى تعليق إعلان المنتصر في الاستحقاق الرئاسي، وبعد أشهر طويلة حدثت صفقة بين زعماء ولايات الجنوب والمرشح الجمهوري هايز، خسر على إثرها المرشح الديمقراطي.
أما في القرن الـ 20 فكانت انتخابات عام 1960 أول استحقاق رئاسي إشكالي، إذ فاز جون كينيدي على ريتشارد نيكسون الذي ظفر بأصوات أكثر ولكنه خسر في اقتراع المجمع الانتخابي، وفي تلك الانتخابات قيل إن والد كينيدي، المليونير جوزيف، دفع أموالاً لزعماء مرتبطين بالمافيا لضمان فوز ابنه في ولاية إلينوي، أما في تكساس فقد ضمن حليف كينيدي، عضو مجلس الشيوخ القوي ليندون جونسون، إدارة التصويت والفرز بعناية لمصلحته، وبخاصة في المقاطعات ذات الأكثرية من أصول لاتينية، إذ حث كثيرون حينها نيكسون على الطعن في نتائج الانتخابات، ولكنه تراجع عن ذلك في اللحظة الأخيرة بحجة "حماية الأمة" من الانقسامات.
وفي انتخابات عام 2000 أعطت نتائج المجمع الانتخابي الديمقراطي آل غور 267 صوتاً والجمهوري جورج دبليو بوش 246 صوتاً، ليبقى 25 صوتاً معلقاً في ولاية فلوريدا بسبب مشكلات في التصويت، وبعد إعادة فرز لأسابيع أعلنت الولاية فوز بوش بفارق 537 صوتاً، ثم حسمت المحكمة العليا الطعون المقدمة ضد بوش في الـ 12 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2000، وأقرت فوزه الذي لا يزال محط شكوك حتى يومنا هذا.
وبالنسبة إلى الانتخابات التي تنافس فيها الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطي جو بايدن عام 2016، فقد كانت آخر الاستحقاقات الإشكالية، إذ اتهم ترمب الديمقراطيين بتزوير النتائج في ولايات عدة، ودفع رفضه القبول بالهزيمة إلى هجوم أنصاره على مبنى الـ "كابيتول"، وتفجرت قضية كبيرة لا يزال المرشح الجمهوري يحاكم فيها حتى اليوم.