Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما تداعيات سقوط الأسد على الحضور الروسي في أفريقيا؟

مخاوف لدى أنظمة دول الساحل من مدى صدقية موسكو كحليف استراتيجي

 بعد طردها القوات الغربية تحالفت دول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو مع روسيا (رويترز)

ملخص

ذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أن هناك مخاوف من أن تؤدي خسارة روسيا لقواعد عسكرية في سوريا مثل طرطوس إلى عرقلة خطوط الإمداد لعناصر مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية و"الفيلق الروسي" التي تنشط في هذه الدول الأفريقية.

بعد أيام من فرار الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، وتخلي روسيا عنه ثارت مخاوف في العديد من الدول الأفريقية على غرار مالي وبوركينا فاسو والنيجر وأفريقيا الوسطى من مدى صدقية موسكو كحليف استراتيجي للأنظمة الحاكمة هناك.

وذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أن هناك مخاوف من أن تؤدي خسارة روسيا لقواعد عسكرية في سوريا مثل طرطوس إلى عرقلة خطوط الإمداد لعناصر مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية و"الفيلق الروسي" التي تنشط في هذه الدول الأفريقية.

وبعد أن عرفت انقلابات عسكرية صعدت بأنظمة مناهضة لفرنسا والقوى الغربية، استعانت دول مثل مالي وبوركينا فاسو بشراكات أمنية وعسكرية مع روسيا التي نشرت قوات لها على الأرض.

ويعتمد المجلس العسكري في مالي بشكل كبير على "فاغنر" و"الفيلق الأفريقي" في مواجهته مع الحركات الأزوادية التي تنادي بالانفصال شمال البلاد، فيما يستعين المجلس الانتقالي في بوركينا فاسو بلواء "الدب" لتأمين المسؤولين وغيرهم.

مخاوف مشروعة

وبالفعل، لا يمكن للقوات الروسية التي تعد نحو 3000 عنصر الآن في الدول الأفريقية أن تعمل من دون خطوط إمداد بالسلاح والعتاد، وكانت روسيا أبرمت في عام 2017 اتفاقاً مثيراً للجدل مع الأسد يتيح لها استغلال قاعدة طرطوس الاستراتيجية لمدة 49 عاماً مجاناً، لكن من غير الواضح ما إذا كانت ستحتفظ موسكو بهذه القاعدة بعد سقوط حليفها الأسد أم لا.

 

الباحث السياسي في الشأن الروسي، ديميتري بريدجيه، قال إن "المخاوف حول مصداقية روسيا كحليف استراتيجي بعد سقوط النظام السوري تبدو مشروعة وواقعية إلى حد كبير إذا نظرنا إلى السياق العام للعلاقات الدولية والتحولات التي تشهدها المنطقة".

وأوضح بريدجيه في حديث خاص مع "اندبندنت عربية" أن "تحالف روسيا مع دول أفريقية مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر يعتمد إلى حد كبير على قدرتها على تقديم الدعم المستمر للحكومات أو الأنظمة الحليفة في وجه الضغوط الداخلية والخارجية".

وشدد على أن "تراجع الموقف الروسي تجاه النظام السوري السابق، الذي يُعد أحد أبرز حلفائها التقليديين في الشرق الأوسط، قد يثير تساؤلات بين الحلفاء الأفارقة حول مدى استعداد موسكو للالتزام بدعمهم في الأوقات الحرجة إذا حدثت ثورات ضد هذه الأنظمة".

طمأنة الحلفاء

ولا تخفي روسيا طموحاتها لملء الفراغ الذي يتركه انسحاب فرنسا من مستعمراتها السابقة على غرار مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لكن موسكو ليست الوحيدة التي تتطلع إلى ترسيخ موطئ قدم لها في أفريقيا، إذ تواجه منافسة محمومة من قوى مثل الصين والولايات المتحدة الأميركية وتركيا وإيران.

ومنذ أيام تعرضت القوات الروسية المنتشرة في مالي إلى نكسات متتالية بعد أن قضى العشرات من عناصر "فاغنر" في هجمات للحركات الأزوادية الانفصالية شمال مالي، ليزيد سقوط بشار الأسد من متاعب موسكو في القارة السمراء الغنية بثرواتها الباطنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال بريدجيه إنه "لا يمكن فصل هذه المخاوف عن طبيعة المصالح الروسية في أفريقيا، التي تعتمد بشكل أساسي على تعزيز نفوذها الجيوسياسي ومواجهة الهيمنة الغربية في القارة".

وأضاف المتحدث أن "روسيا ومن خلال الشركات العسكرية الخاصة مثل (فاغنر) وغيرها من الشركات الخاصة ورسمياً عبر وزارة الدفاع الروسية والتعاون العسكري والاقتصادي، تركز على تقديم الدعم للأطراف الحليفة بهدف تحقيق مصالحها الاستراتيجية".

واستنتج بريدجيه أنه "قد تسعى موسكو إلى طمأنة حلفائها الأفارقة عبر تقديم ضمانات إضافية وتكثيف دعمها، للتأكيد على أن تخليها المحتمل عن الأسد هو استثناء ولا يعكس تغييرات جذرية في سياستها الخارجية".

حال من الشك

وتجدر الإشارة إلى أن روسيا أنقذت نظام الرئيس بشار الأسد من الانهيار في عام 2015 بعد تدخل عسكري جوي وبري أنهك فصائل المعارضة والجماعات الإرهابية على غرار "داعش" في سوريا، لكن تخليها عنه شكل محور تساؤلات في أفريقيا لا سيما مع تكرر حوادث مثيرة.

ويرى المتحدث أن مقتل قائد "فاغنر" يفغيني بريغوجين صيف 2023 على سبيل المثال أثار تساؤلات في دول أفريقية في شأن علاقة هذه المجموعة شبه العسكرية بالكرملين ووزارة الدفاع الروسية.

 

من جهته، قال الباحث السياسي النيجري، محمد أوال، إن "هناك بالفعل حالاً من الشك في أفريقيا تجاه قدرة التحالف مع روسيا على الصمود بعد تكرر حوادث مثيرة للجدل وأبرزها التخلي عن بشار الأسد حيث هناك من يتحدث في نيامي أو باماكو عن أن انشغال موسكو بالحرب في أوكرانيا قد يجبرها على تجاهل حلفائها أو التخلي عنهم في صفقات مع الغرب".

وتابع أوال أن "هناك معطيات أخرى مهمة قد تسرع بنهاية شهر العسل بين الأفارقة وروسيا، وهي التوترات الحاصلة على سبيل المثال بين (فاغنر) والجيش المالي بعد الخسائر في شمال البلاد، إذ إن كل طرف يحمل الآخر مسؤولية الإخفاقات الميدانية ما يهز صورة القوات الروسية بشكل كبير".

بدائل محتملة

ويأتي ذلك في وقت تتصاعد التكهنات في شأن اتخاذ روسيا من ليبيا أو السودان منطلقاً جديداً لقواتها إذا ما خسرت قواعدها العسكرية في سوريا على غرار حميميم وطرطوس وهما القاعدتان اللتان تتيحان لموسكو منافذ لأفريقيا.

وسبق أن اتهمت إيطاليا على لسان وزير دفاعها، جويدو كروسيتو، روسيا بنقل قوات لها ومعدات عسكرية نحو ليبيا حيث تتحالف موسكو مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر هناك.

واعتبر أوال أن "روسيا قد تبحث فعلاً عن بدائل مثل ليبيا والسودان، لكن على الأرجح ستواجه مساعي غربية حثيثة لمنع تمددها هناك لأن ذلك يهدد بشكل مباشر المصالح الأوروبية بما في ذلك أمن الاتحاد الأوروبي، إذ قد تسعى موسكو من خلال تغلغلها في ليبيا إلى دفع المهاجرين صوب السواحل الأوروبية لذلك ستتحرك بروكسل في اعتقادي لمواجهة تعزيز روسيا نفوذها في ليبيا".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير