ملخص
قد تستخدم الولايات المتحدة دعمها للتحالفات الجديدة كوسيلة للضغط على إيران، إذ يسعى كل من هاريس وترمب إلى الحد من نفوذها الإقليمي، وإن كان من المتوقع أن تكون هاريس أكثر ميلاً إلى المسار الدبلوماسي عبر التعاون مع الشركاء الدوليين.
كتبت هذه المقالة عبر "تشات جي بي تي" وأجريت عليها تعديلات لغوية بما يناسب أسلوب "اندبندنت عربية"
يعد اختيار رئيس جديد للولايات المتحدة حدثاً ذا تأثير عميق في السياسة الخارجية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، التي تتسم بتعقيداتها السياسية وتنوع الصراعات فيها. سواء كان الفائز دونالد ترمب أم كامالا هاريس، فإن السياسة الأميركية تجاه القضايا الأساسية بالشرق الأوسط قد تشهد تحولات تؤثر في الصراعات الساخنة الحالية في غزة ولبنان والسودان.
في ما يتعلق بغزة تتسم السياسة الأميركية بالتركيز على أمن إسرائيل واستقرار المنطقة، إذ يعتبر الدعم الأميركي لإسرائيل ثابتاً عبر الإدارات المختلفة، على رغم بعض الاختلافات في أسلوب التعامل. الرئيس السابق ترمب، على سبيل المثال، نقل السفارة الأميركية إلى القدس، مما أثار توترات كبيرة مع الفلسطينيين وزاد من التوترات الإقليمية.
في المقابل قد تعتمد هاريس في حال فوزها نهجاً أكثر توازناً يدعم حل الدولتين، مما يخلق نوعاً من الضغط الدبلوماسي على إسرائيل لتخفيف التصعيد مع الفلسطينيين، ومع ذلك فإن الدعم العسكري لإسرائيل سيبقى قائماً، إلا أن هاريس قد تعمل على دعم الجهود الإنسانية في غزة ومحاولة تقليل معاناة السكان، كذلك قد تضغط الإدارة الجديدة، سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية، على الدول العربية التي وقعت اتفاقات سلام مع إسرائيل، من أجل لعب دور أكثر تأثيراً في التوسط بين الطرفين.
أما لبنان فهو ملف آخر حساس في السياسة الأميركية نظراً إلى وجود "حزب الله"، الذي تعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية، ودوره السياسي والعسكري الكبير في البلاد. في عهد ترمب كانت هناك عقوبات شديدة على "حزب الله" ومؤيديه، مما أثر في الاقتصاد اللبناني بشدة وزاد من عزلة الحزب.
إذا استمرت الإدارة الأميركية الجديدة على هذا النهج، فإن العقوبات قد تتصاعد وتزيد من الضغوط على "حزب الله" وحلفائه، لكن هذا قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية للبنان بأكمله. من ناحية أخرى قد تنظر هاريس في تقليل الضغط المباشر وتحفيز الحوار مع الحلفاء الإقليميين لإيجاد حلول للحد من نفوذ "حزب الله"، مما قد يدفع نحو استقرار لبنان ولكن بصورة بطيئة وغير مضمونة.
السودان هو مثال آخر على التأثير الأميركي في الشرق الأوسط، إذ أسهمت الإدارة الأميركية خلال السنوات الأخيرة في رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد إطاحة النظام السابق، ومع ذلك فإن الصراع الداخلي والانقلاب العسكري الذي وقع أخيراً أدى إلى تجدد التوترات.
الإدارة الجديدة سواء كانت بزعامة ترمب أم هاريس، ستستمر في تشجيع التحول الديمقراطي في السودان، إذ ترى الولايات المتحدة أن الديمقراطية هي السبيل لتحقيق الاستقرار والحد من انتشار الجماعات المتطرفة في أفريقيا.
من المرجح أن تفرض الإدارة عقوبات على القادة العسكريين في السودان أو تقدم حوافز لقيادة انتقالية مدنية إذا تحركت نحو الإصلاحات المطلوبة، أما إذا عادت القيادة العسكرية في السودان لسياسة الاستبداد، فسيزيد الضغط الأميركي عبر تحالفات مع الدول الأوروبية والأفريقية لاحتواء الوضع.
قد تشهد السياسة الأميركية في عهد الرئيس الجديد استمرارية لتحالفات إقليمية جديدة مثل "اتفاقات أبراهام"، التي أبرمت تحت إدارة ترمب وأسست للعلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. إذا فاز ترمب قد يسعى إلى تعميق هذه التحالفات وتوسيعها، بينما هاريس قد تستخدم هذه الاتفاقات كمنطلق للتوصل لحلول أكثر شمولية حول القضية الفلسطينية، وتحقيق التوازن في التحالفات.
وفي كلتا الحالتين، قد تستخدم الولايات المتحدة دعمها للتحالفات الجديدة كوسيلة للضغط على إيران، إذ يسعى كل من هاريس وترمب إلى الحد من نفوذها الإقليمي، وإن كان من المتوقع أن تكون هاريس أكثر ميلاً إلى المسار الدبلوماسي عبر التعاون مع الشركاء الدوليين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في جانب الاقتصاد وإعادة الإعمار بعد الحروب فالسياسات الاقتصادية الأميركية تجاه الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل التوترات والنزاعات، ستكون جزءاً مهماً من نهج الرئيس الجديد. قد تعزز الولايات المتحدة دعمها المالي للدول المتأثرة بالصراعات، خصوصاً في حال انتخاب هاريس، إذ يفضل الديمقراطيون عموماً تقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار للمناطق المتضررة، مثل غزة ولبنان.
أما في حال فوز ترمب، فقد يكون التركيز أكبر على التحالفات الاقتصادية مع دول خليجية رئيسة، لتمويل ودعم استقرار المنطقة بصورة غير مباشرة عبر دول حليفة، ومن المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في دعم المبادرات التنموية في المنطقة، لكنها قد تتبنى أسلوباً مختلفاً في تحقيق هذا الدعم بحسب الحزب الحاكم.
هناك لاعبون دوليون مثل روسيا والصين يعملون على تعزيز نفوذهم في الشرق الأوسط، مما قد يشكل تحديات إضافية للإدارة الأميركية المقبلة. فإذا فازت هاريس، من المتوقع أن تعمل على حشد تحالفات قوية مع الأوروبيين للحد من نفوذ هؤلاء اللاعبين في قضايا المنطقة، بينما قد ينتهج ترمب سياسة أكثر استقلالية ويركز على المصالح الأميركية المباشرة من دون الالتزام بتحالفات طويلة الأمد.
وتشهد منطقة الشرق الأوسط تزايداً في الحروب بالوكالة، إضافة إلى الصراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ستؤثر الإدارة الأميركية المقبلة في مسار هذه الحروب عبر توجيه الدعم أو فرض عقوبات، مما سيغير من موازين القوى.
هاريس قد تدعم بصورة أكبر الوساطات لحل النزاعات، بينما قد يكون ترمب أكثر ميلاً إلى فرض مزيد من العقوبات أو حتى تقديم دعم عسكري في بعض الحالات. لكن بالنظر إلى كلفة الحروب وعواقبها غير المتوقعة، فمن المحتمل أن تحاول أية إدارة أميركية جديدة تجنب التصعيد والدفع نحو حلول سياسية، ولكن بأساليب مختلفة.
أخيراً يعتبر اختيار الرئيس الأميركي الجديد لحظة حاسمة في تشكيل سياسة الشرق الأوسط، فبينما تركز إدارة ترمب على تحقيق مصالحها الاستراتيجية من خلال تحالفات مباشرة وضغوط اقتصادية، يرجح أن تتبنى هاريس مقاربة دبلوماسية أكثر توازناً تركز على دعم الحلفاء وتشجيع الاستقرار طويل الأمد.
ومع ذلك فإن القضايا الشائكة مثل الصراع في غزة والنفوذ الإيراني في لبنان وتحديات التحول الديمقراطي في السودان ستظل تحت الأضواء، إذ ستتجه الأنظار لمعرفة كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع هذه التحديات المعقدة في فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية.