ملخص
يعد حي البستان جزءاً من بلدة سلوان الذي يقول اليمين الإسرائيلي إنها مقامة على أطلال "مدينة الملك داوود".
لم تمض إلا تسعة أشهر بين هدم السلطات الإسرائيلية منزل الفلسطيني فخري أبو دياب في حي البستان الملاصق للمسجد الأقصى، وإعادة هدمه مرة ثانية أمس الثلاثاء بعد إرجاع بناء جزء منه.
وكان منزل أبو دياب ضمن سبع شقق سكنية هدمتها الجرافات الإسرائيلية أمس في حي البستان حيث يقيم مئات الفلسطينيين داخل نحو 115 منزلاً، بعضها يعود بناؤها إلى ما قبل احتلال مدينة القدس خلال عام 1967.
ومنذ 20 عاماً يدور صراع قانوني بين الفلسطينيين وبلدية القدس التي تعد تلك المنازل "غير قانونية لأنها غير مرخصة"، على رغم محاولات السكان تسوية أوضاعهم.
"حديقة توراتية"
وتعتزم بلدية القدس التابعة لإسرائيل ويسيطر عليها اليمين الإسرائيلي المتطرف إقامة "حديقة توراتية" فوق معظم أراضي الحي، باعتباره جزءاً من "الحوض اليهودي المقدس".
ويعد حي البستان جزءاً من بلدة سلوان الذي يقول اليمين الإسرائيلي إنها مقامة على أطلال "مدينة الملك داوود".
ورفض الفلسطينيون المقيمون في الحي عرضاً سابقاً من بلدية القدس مقابل إخلاء منازلهم والإقامة داخل شقق تبنيها البلدية في جزء آخر من الحي، معتبرين أنه "خدعة".
وأشار نائب رئيس بلدية القدس أرييه كينغ إلى "أنه عرض على السكان الفلسطينيين نقلهم إلى مكان آخر للسكن فيه، لكنهم رفضوا". ولفت كينغ إلى أن "الروابط التوراتية بسلوان تجعل من البلدة موقعاً تاريخياً مهماً".
وعدَّ أبو دياب في حديثه إلى "اندبندنت عربية" وهو على أنقاض منزله أن السلطات الإسرائيلية "تغلف مشاريعها التهويدية بمبررات قانونية، مثل عدم ترخيص المنازل والذي ترفض توفيره"، مشيراً إلى أن حي البستان يقع في قلب بلدة سلوان وهو "أحد الدروع الحامية للمسجد الأقصى... لذلك فهو في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي". وأوضح أن الحي السكاني "يعوق إحكام سلطات تل أبيب سيطرتها على المنطقة المحيطة بالأقصى، وإقامة حديقة توراتية حول المسجد الأقصى".
ووفق أبو دياب فإن بلدية القدس "رفضت لأهداف سياسية قبل أعوام مخططاً هيكلياً قدمه أهالي الحي للحصول على تراخيص بناء". ونوه بأن الأراضي المقام عليها الحي مملوكة بالكامل لأصحاب المنازل، وبأنه "لا خلاف في شأنها مع السلطات الإسرائيلية التي تسعى إلى استخدام مبررات المصلحة العامة لهدم الحي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويجزم أبو دياب بأن إسرائيل "تستغل انشغال العالم عن القدس لتسريع مخططات الطرد القسري لأهالي الحي لاستكمال تهويده، بعد إقامة حديقة الملك داوود".
وحول أسباب رفض أهالي الحي صفقة مع بلدية القدس تقوم على هدم منازلهم وإسكانهم شققاً جديدة، أشار أبو دياب إلى أن تلك "خدعة إسرائيلية فنحن لا نثق بإسرائيل". ووفق أبو دياب فإسرائيل "تحاول الترويج أمام العالم لوجود خطط بديلة لسكان الحي، لكنها ستتراجع بعد الهدم كما تراجعت خلال مرات سابقة".
ورأى المتخصص في شؤون الخرائط خليل التفكجي أن حي البستان يقع داخل الحوض المقدس وهي منطقة تعدها الجمعيات الإسرائيلية مقدسة، وترتبط بالتاريخ اليهودي.
وعلى شكل قوس يلتف "الحوض المقدس" حول الأسوار الجنوبية للبلدة القديمة للقدس، وأقامت إسرائيل فيها بؤراً استيطانية عدة والحديقة الوطنية".
أضاعوا فرصة؟
وعلى مساحة كيلومترين مربعين تمتد مساحة الحوض، ويبدأ من منطقة وادي الربابة في بلدة سلوان مروراً بحي البستان ووادي حلوة في البلدة، ثم نحو منطقة طنطور فرعون والمقابر اليهودية في سفوح جبل الزيتون.
وأشار التفكجي إلى أن أهالي الحي "أضاعوا فرصة للحصول على شقق سكنية تقيمها إسرائيل فوق 30 في المئة من مساحة الحي، مشيراً إلى أن "التجربة مع إسرائيل تدل على صحة دعوته".
وتعتزم السلطات الإسرائيلية ربط "حديقة الملك" بعد إقامتها بالحديقة الوطنية التي أسستها في جزء من حي وادي حلوة، وتسعى إلى توسيعها.
وقبل أعوام أنشأت إسرائيل مركز "الزوار" داخل منطقة وادي حلوة في سلوان وسلمت جمعية "إلعاد" الاستيطانية مسؤولية إدارته، وتعمل على "تعزيز الرابط اليهودي مع القدس".
وأشار مدير مركز معلومات وادي حلوة جواد صيام إلى أن "أكثر من 65 في المئة من منازل الحي مهددة بالهدم بدعوى عدم الترخيص".
لكن "مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في بتسيلم يعد أن إقامة تلك الحدائق لها دوافع سياسية مثل الحفاظ على غالبية يهودية في القدس، وإنشاء تواصل مناطقي من دون سكان فلسطينيين من البلدة القديمة وحتى منطقة المستوطنات، وتكثيف الوجود اليهودي.
وقال المتحدث باسم "بتسيلم" كريم جبران إن تلك الحدائق "تعمل على منع البناء والتطوير البلدي في نطاق الحدائق بصورة شبه تامة"، وأشار جبران إلى أن إقامة الحدائق يستهدف تأميم الأراضي المقامة فوقها، وتحويلها إلى "إسرائيلية"، و"تقديمها للسياح الأجانب على أنها مرتبطة بالموروث اليهودي".