ملخص
"منذ عامين ونصف عام تقوم الحكومة العراقية بسلسلة دراسات واجتماعات لإعادة هيكلة الشركات الحكومية بخاصة في وزارات الإعمار والنقل والصناعة، إضافة إلى المصارف الحكومية".
تعتزم حكومة محمد شياع السوداني المضي قدماً في إعادة هيكلة عدد من الشركات الحكومية من خلال دمجها مع شركات القطاع الخاص الكبرى بعد أن شكل عدد منها عبئاً كبيراً على موازنة الدولة، وذلك لحجم المصروفات التي تشكلها من دون إحراز إنتاج يذكر. ومضت الحكومة في هذا الاتجاه من خلال إبرام شراكة بين مؤسسات وزارة الصناعة والقطاع الخاص وتوقيع عقود اشترط آخرها إنشاء ثلاثة مشاريع: مصنع لإنتاج الأسمدة النيتروجينية اليوريا في قضاء أبو الخصيب البصرة، بطاقة إنتاجية تبلغ مليون طن سنوياً، ومشروع تأهيل وتشغيل مصنع أسمدة بيجي / صلاح الدين، بطاقة إنتاجية تبلغ 672 ألف طن سنوياً، ومشروع توسعة مصنع الصودا والكلور في بابل، بطاقة تصميمية تبلغ 90 طناً يومياً من صودا كاوية، و80 طناً يومياً من مادة الكلور.
وجاءت فكرة الشراكة مع القطاع الخاص بعد أن لاقت فكرة خصخصة الشركات وبيعها، معارضة كبيرة من كثير من الأوساط السياسية والاقتصادية.
ولعل إعادة الهيكلة والدمج لم تقتصر على القطاع الصناعي وإنما شملت قطاعات حكومية أخرى منها شركات تابعة لوزارة الإسكان ووزارة النقل، للتقليل من الأعباء المالية التي تشكلها تلك الشركات على موازنة الدولة.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني شكل لجنة عليا في يونيو (حزيران) عام 2023 لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي، بما يتوافق مع دستور البلاد المقر عام 2005. وعقدت اللجنة اجتماعات عدة اتخذت فيها جملة من القرارات آخرها كان الأحد الماضي.
فيما شملت الخطة إعادة هيكلة المصارف الحكومية من خلال دمجها وإدخال المكننة الحديثة لتغير النظام الداخلي له، وقطع الصلة بين وزارة المالية وبينه، وتغيير مجلس إدارته وإدخال الحكومة الإلكترونية، وتم التعاقد مع شركة "إرنست أند يونغ" لهذا الغرض.
عوامل يجب توفرها
ويشير الكاتب والصحافي باسم الشرع إلى أن إعادة الهيكلة تتطلب عدداً من العوامل منها تغيير مجالس إدارة تلك الشركات وجعل القطاع الخاص شريكاً لها.
وقال الشرع "منذ عامين ونصف عام تقوم الحكومة العراقية بسلسلة دراسات واجتماعات لإعادة هيكلة الشركات الحكومية بخاصة في وزارات الإعمار والنقل والصناعة، إضافة إلى المصارف الحكومية العراقية، وأعلنت الحكومة سابقاً دمج عدد من شركات وزارة الإعمار مثل شركة (الفاروق والرشيد) وغيرها من شركات، ولكن العملية لم تنضج بعد لأنها تحتاج إلى دراسات وإلى عمل وجدية، وقد تحيل بعض العاملين في هذه المؤسسات إلى التقاعد".
الرواتب العالية
وبين الشرع أن "غالب الشركات الحكومية غير منتجة ومكلفة للدولة وتبلغ رواتب موظفيها مئات الملايين من الدنانير، فمثلاً وزارة الصناعة غير قادرة على تحريك الاقتصاد وأصبحت جامدة ويتقاضى الموظفون فيها رواتب ونادراً ما يعملون، وهذا ينطبق على بعض الوزارات مثل النقل وشركات وزارة الإعمار وغيرها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إيقاف التعيينات
واعتبر الشرع أن سياسة التعيينات المفتوحة أدت إلى تضرر بعض الشركات مما جعلها غير منتجة، لافتاً إلى أن الخطة الإصلاحية تتطلب خطوتين أساسيتين، إيقاف التعيينات وإعادة هيكلة تامة، وتشكيل مجلس إدارة جديد وجعل القطاع الخاص شريكاً.
وخلص الشرع بالقول "إذا لم تتم هذه الخطوات فإن أية محاولة لدمج الشركات لن تكون ناجعة، وإنما مجرد نقل الموجودات من شركة إلى أخرى من دون تحقيق الهدف المنشود".
هيكلة الشركات الخاسرة
ويشدد الباحث في الشأن الاقتصادي صفوان قصي على ضرورة أن تتم هيكلة بعض الدوائر والشركات الخاسرة، داعياً إلى إحداث توأمة مع شركات عالمية.
وقال قصي "حكومة السوداني جادة في تقليل حجم الاستيراد، فالعراق يستورد نحو 60 مليار دولار سنوياً لمنتوجات يمكن إنتاجها محلياً، فمثلاً شركات وزارة الصناعة العامة والخاصة تدرس احتياج العراقيين وتحاول تطوير أدائها والانتقال من البيع المفرد إلى التعاقدات الحكومية مع الوزارات والقطاع الخاص، ولذلك من الأفضل الاندماج مع شركات عالمية ليكون بالفعل ما تنتجه المؤسسات المحلية تطلق عليه تسمية صنع في العراق ليكون منافساً للمستورد من حيث الجودة والكلفة".
وأعلن وجود خطة حكومية لهيكلة شركات القطاع العام التابعة لوزارة الصناعة من خلال بيعها للقطاع الخاص لكن ليس كدفعة واحدة وإنما بصورة تدريجية، للحفاظ على قيمتها العادلة وتحريك الإنتاج بهذه المصانع، ويمكن أن يكون هناك اندماج بين هذه الشركات وشركات عالمية ليكون هناك منتج يستطيع المنافسة.
جهات معرقلة
وأكد أن هناك جهات تحاول عرقلة إحياء الصناعة العراقية لإيقاف الاستيراد، "هناك فاسدون يروجون لأن المصانع خاسرة وليقدموا بعدها على شراء هذه المصانع، فهناك فساد في إعادة الهيكلة والبيع وعلى ديوان المراقبة المالية أن يشرف على بيع تلك المصانع بمبالغ زهيدة".
اكتتاب أسهم الشركات
وبين أن مصانع القطاع الحكومي كبيرة وتحتاج إلى أموال طائلة قد لا يتمكن المستثمر من تأمينها، لذلك نحن نميل لأن يكون هناك اكتتاب للأسهم في سوق العراق للأوراق المالية من دون امتلاك جهة لهذه الشركة.
وخلص قصي إلى أن كل شركة حكومية تعتبر خاسرة لينا التفكير بإعادة هيكلتها من خلال الشراكة والاندماج والخصخصة التدريجية، ووزارة المالية عليها أن تتوقف عن تسديد رواتب وزارة الصناعة والشركات الخاسرة لأنها تسدد من إيرادات النفط بعيداً من التشغيل، ولا بد أن تفكر هذه الجهات بتشغيل المصانع بعيداً من الاستدانة من وزارة المالية.