Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سممت "الدعم السريع" مواطني الهلالية بولاية الجزيرة السودانية؟

مستشار "حميدتي" يتهم  "كتائب من الإسلاميين المتطرفين والقوات الخاصة بالتحرك لمهاجمة الأسواق والمنازل بالمدينة"

صورة متداولة لمصابين بالتسمم في الهلالية السودانية (مواقع التواصل)

ملخص

حصار وكوليرا وتسمم، الموت الجماعي الغامض يضرب الهلالية وسط السودان.

يواصل عداد الموتى في الارتفاع بمدينة الهلالية بشرق ولاية الجزيرة وسط السودان منذ أسابيع عدة، وسط جدل وتكهنات واتهامات بتسميم قوات "الدعم السريع" لمصادر المياه بالمدينة، في وقت يواصل مرض الإسهال المائي الحاد المصحوب بالقيء المتواصل حصد أرواح المواطنين من دون توقف، بينما تتبادل السلطات السودانية و"الدعم السريع" الاتهامات في هذا الشأن، ويُحمل كل طرف الآخر مسؤولية ما يحدث من موت جماعي هناك.

حصار الموت

وأوضحت مصادر ولائية بالجزيرة أن حصار "الدعم السريع" لمدينة الهلالية المستمر منذ أكثر من أسبوعين، أسفر عن وفاة ومقتل ما يفوق المئتي شخص من سكان المدينة، قضى بعضهم رمياً بالرصاص ومات آخرون بسبب تسمم المياه وانتشار وباء الكوليرا.

واتهمت "شبكة أطباء السودان"، قوات "الدعم السريع" بنهب وسرقة الصيدليات ومستشفى المدينة ومنع الكوادر الطبية من أداء واجبها في إسعاف المصابين، مطالبةً بسرعة التحرك الإنساني لإنقاذ المدنيين والمدينة من قبضة الحصار الذي تضربه تلك القوات عليهم.

وكان وزير الصحة الاتحادي، هيثم محمد إبراهيم، كشف عن وجود مصابين بالكوليرا ضمن النازحين من شرق الجزيرة نحو محلية البطانة ومدينة حلفا الجديدة بولاية كسلا، حيث استقبل "مستشفى الصباغ الريفي" 150 حالة مصابة بالمرض.

واستبعدت مصادر طبية أن يكون كل ذلك العدد الكبير المقلق من الوفيات التي شهدتها المدينة التي ربما تجاوزت 300 حالة وفاة في فترة وجيزة ناتجة كلها من تفشي مرض الكوليرا فقط وفق المؤشرات الطبية لهذا المرض.

وذكرت مصادر طبية أن عدد الوفيات بسبب التسمم المجهول بالهلالية في وسط السودان، ارتفع بشكل مخيف لأكثر من 300 حالة وفاة في فترة وجيزة جداً. وأضافت أن "الوضع يحتاج تدخلاً عاجلاً لتقصي طبيعة المرض المتفشي بسرعة من المنظمات الدولية المتخصصة لمعرفة حقيقة ما إذا كانت تلك الوفيات المتصاعدة ناتجة من تسمم مجهول المصدر الذي أودى بحياة المئات أم هو فعلاً وباء الكوليرا".


القمح والشكوك

وذكر شهود عيان من الفارين من المنطقة أن قوات "الدعم السريع" تمنع المواطنين من الوصول إلى منازلهم ووصفوا ما يحدث بأنه "قتل جماعي" بالحرمان من الوجبات والاحتجاز في المساجد، مشيرين إلى أن قوات "الدعم" قدمت للمدينة أكثر من 80 شوال قمح كنوع من المساعدة الإنسانية يُرجح أن تكون هي السبب وراء حالات التسمم.

ولفت الشهود إلى ظهور أعراض تسمم غذائي حاد أودى بحياة المئات بمدينة الهلالية، بعد إصابتهم بالإسهال المائي الحاد المصحوب بحالة تقيؤ، يستمران حتى الوفاة نتيجة الجفاف وفقدان الجسم لكل السوائل، مرجحين أن ما يحدث من وفيات لم يكن كله بسبب الكوليرا، كون الوفيات تحدث بسرعة شديدة، مطالبين بالتدخل العاجل لتقديم العون للعالقين المتبقين من أهلهم، والكشف عن ملابسات حالات الموت الجماعي للسكان.

اتهامات وتحركات

في المقابل، اتهم إبراهيم مخير، مستشار قائد قوات "الدعم السريع"، "كتائب من الإسلاميين المتطرفين والقوات الخاصة بالتحرك لمهاجمة الأسواق والمنازل بمدينة الهلالية وقطع الطريق النهري إلى المدينة، وممارسة السلب والنهب مستغلةً حالة الذعر والاضطراب والخوف الذي انتشر وسط السكان إثر وفاة أكثر من 40 شخصاً بسبب حالات من الاستفراغ والإسهالات كان الاعتقاد في البداية بأنها حدثت نتيجة لتسمم مصادر المياه بالمدينة".

وكشف مخير عن تحرك قوات حماية المدنيين التي أنشأها قائد قوات "الدعم السريع" (محمد حمدان دقلو) لتتصدي للمجرمين، "وتم بالفعل اعتقال أكثر من مئة من المتفلتين بالزي المدني، واعترفوا بانتمائهم للكتائب المساندة للجيش وتلقيهم أوامر بنشر الفوضى في المنطقة".

وأكد المستشار أن "تحاليل الوحدة الطبية بالدعم السريع أكدت أن سبب الوفيات هو انتشار وباء الكوليرا، وتم اتخاذ إجراءات تحوطية على وجه السرعة بغرض السيطرة على الوضع الصحي، بمراجعة تنقية المياه وعمليات تطهير التي قامت به بمساندة من وحدة الخدمات المدنية والجنود في الدعم السريع".

استهداف ممنهج

ويعتقد مخير أن "استهداف منطقة الهلالية بالإشاعات والاعتداء عليها من قبل المستنفرين جاء كرد فعل على رفض عقلاء المنطقة الاستجابة لنداءات البرهان وأعوانه للاستنفار والقتال إلى جانبهم، مشيراً إلى أنهم يستهدَفون الآن بالقتل أو بالقصف الجوي بوصفهم "متعاونين" مع "الدعم السريع" وهي منهج أصبح سياسة عامة يعاني منها المواطنون في كافة أنحاء البلاد بقصف المدارس والأسواق في تكرار لنفس مشاهد قصف الأسواق في حرب البوسنة والهرسك. وأعرب مخير عن أسفه لعدم تمكن المنظمات الدولية "التي ما زالت لا تستطيع إيصال المساعدات إلى المنطقة نتيجة تعنت نظام بورتسودان (الحكومة السودانية) ومنعه دخول قوافل الإغاثة كما أشار إلى ذلك المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو قبل عدة أيام مضت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


استيضاح أميركي

كذلك دعا مخير المجتمع الدولي إلى "عدم التساهل مع خروقات الجيش وحلفائه للقوانين الدولية، مستغلةً في ذلك مؤسسات الدولة لارتكاب أفظع الجرائم وتضليل الرأي الدولي".

من جانبه، طالب المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، بضرورة وصول الإمدادات والمساعدات الطارئة إلى مدينة الهلالية بشكل فوري. وقال في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس"، "إن التقارير التي تفيد بأن جنود قوات الدعم السريع سمموا مئات السودانيين في قرية الهلالية صدمت الضمير العالمي"، مطالباً "الجنرال حميدتي وجميع قادة قوات الدعم السريع بتوضيحات بحال ثبوت ذلك".

على صعيد متصل، انتقد صديق أحمد عثمان، رئيس الإدارة المدنية بولاية الجزيرة التابعة لـ"الدعم السريع" (بمثابة والي الولاية)، "عدم استجابة المنظمات الإنسانية الدولية لإنقاذ مواطني المدينة الذين يموتون على رغم النداءات المتكررة التي أطلقتها الإدارة".

إشاعات التسميم

وامتدح عثمان مسارعة أجهزة مؤسسة "الدعم السريع" التي سارعت لمد يد العون وتسيير قافلة دوائية لإنقاذ أهالي المدينة والجهود الكبيرة التي بذلتها الدائرة الطبية لمواجهة وباء الكوليرا المتفشي هناك.

واتهم رئيس الإدارة المدنية "كتائب البراء الإسلامية التي تقاتل إلى جانب الجيش بلعب دور واضح في الأزمة بالمدينة عقاباً لأهلها الذين رفضوا الاستنفار وحمل السلاح للقتال مع الجيش، حيث منعوا عن المنطقة كل المدخلات والمواد الغذائية وأغلقوا المعابر النهرية بوقف المراكب العاملة، فضلاً عن ارتكابهم لعمليات الترويع والنهب والسلب".

ونفى منتصر هباني، مشرف الإقليم الأوسط بالمجلس الاستشاري لقوات "الدعم السريع" في مؤتمر صحافي من داخل مدينة الهلالية "ما يشاع عن التسمم وحصار قوات الدعم السريع للمدينة"، مؤكداً أن "العدد الكبير للوفيات داخل المدينة سببه تفشي وباء الكوليرا".

وأكد هباني أن "الجهود الكبيرة التي بذلتها الإدارة المدنية مع مؤسسة الدعم السريع من تعقيم وتطهير أسهمت في انحسار انتشار الوباء وحالات الوفاة".

تهجير ونزوح

ومنذ 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تشن قوات "الدعم السريع" حملات انتقامية على قرى شرق ولاية الجزيرة إثر إعلان قائدها بالولاية أبو عاقلة كيكل انشقاقه عنها وانضمامه للجيش السوداني.

وأسفرت الحملات وفق منصة "مؤتمر الجزيرة"، عن تهجير سكان أكثر من 400 قرية من شرق الجزيرة بشكل كلي، ونحو 115 قرية أخرى تم تهجيرها جُـزئياً، بينما بلغ أعداد النازحين الذين تم رصدهم أكثر من 400 ألف نازح في ظل استمرار موجات الفرار والنزوح مع استمرار هجمات "الدعم السريع".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير