Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتصار ترمب قد يدفع ميغان وهاري إلى الرحيل عن أميركا

فيما يصرح مطلعون بأن امرأة كاليفورنية من النخبة الليبرالية المتروبولية يجب ألا تصل إلى البيت الأبيض، لنمعن النظر بمن قد يرغب في البقاء خلال ولاية ثانية للرئيس المنتخب. ولعله أوان العودة إلى أوروبا

قد يعيد ميغان وهاري النظر في بقائهما بكاليفورنيا (أ ف ب)

ملخص

الموجة الشعبية التي حملت ترمب إلى الرئاسة مجدداً تتضمن ثقافة شعبية تبدي ارتيابها حيال الليبرالية والنخب السياسية والثقافية، وتميل نحو العنصرية. وقد لا تلائم تلك الأجواء دوق ودوقة ساسكس اللذين يروجان لليبرالية واسعة النطاق تنفر من ظلال العنصرية. هل يؤدي ذلك إلى عودة دوقي ساسكس إلى بريطانيا أم إلى أوروبا؟

في منتصف الليل، حينما تبدى بوضوح ساطع لا ريب فيه أن دونالد ترمب يكتسح الانتخابات لينال ولاية ثانية بعد انقطاع دام أربعة أعوام هرع مطلعون كثر إلى إعادة كتابة معتقداتهم، وثمة صوت ارتفع بصورة بارزة. وبوضوح صارخ استدعى المؤرخ دومينيك ساندبروك من تلك اللحظة حقيقة مضمرة على رغم انكشافها للعيون.

وبحسب شرح من ساندبروك فإن الأمر لا يقتصر على مجرد أن أصحاب الياقات الزرق [تعبير عن الطبقة العاملة] ليسوا مهيئين لتأييد وصول أنثى إلى منصب القائد العام، بل إن عدم أهلية كامالا هاريس لدور الرئيس مرده شيء أبعد من ذلك بكثير.

ووفق فرضية ساندبروك يبدي كثير من الأميركيين "ارتيابهم من أي شخص يأتي من المنطقة الساحلية ومن المدن الكبرى، ويكون في الوقت نفسه من النخبة الليبرالية المتروبولية". وبتعبير رجل الشارع إن سعيت إلى نيل فرصة لهزيمة ترمب (وقد أخفق الديمقراطيون بفعل ذلك بصورة استثنائية)، يجب عليك "ألا تختار امرأة هجينة الأعراق وآتية من كاليفورنيا".

أووف! إن الحقيقة جارحة، خصوصاً حينما تتمازج مع مجريات الحاضر عن واقع العنصرية والذكورية الكارهة للنساء. واليوم، يحس أميركيون كثر بالأذى من تلك الحقيقة، وفي الأقل ينطبق ذلك على تلك المرأة الكاليفورنية المتمازجة الأعراق، امرأة من مدينة كبرى، تلك هي ميغان (المولودة ماركل) التي تربطها أوجه شبه بكامالا هاريس بكونها تجسد النخبة الليبرالية المتروبولية. وثمة سبب وجيه سيدفع بتلك الممثلة، ثم الأميرة، لحمل الهزيمة الصارخة للديمقراطيين، على محمل شخصي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى غرار عديد من نجوم هوليوود، عبرت ميغان بوضوح عن ازدرائها المبكر لترمب. وفي عام 2016، ظهرت الممثلة التي اشتهرت في المسلسل التلفزيوني "سويتس" Suits، في برنامج حواري على الشاشة الفضية وتحدثت عما يخامر ذهنها حين تفكر بوصول ترمب إلى الرئاسة، "قد أكتفي بالبقاء في كندا".

وعقب ذلك بشهرين، تلاقت مع الأمير هاري في موعد غفل [موعد أعمى، حيث لا يعرف كل طرف من سيقابل]. وبعد خمسة أشهر من ازدرائها المعلن للمرشح الرئاسي، انتخب ترمب ليكون الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية. وفي المستطاع افتراض أن دخوله إلى البيت الأبيض عجل في حسم قرارها الزواج من الأمير والانتقال إلى بريطانيا.

وبحسب ما نعرف جميعنا، لا توفر هوليوود النهايات السعيدة دائماً. وحينما خرجت الأمور في "بلايتلي" [اسم راج في القرن التاسع عشر وبعد بقليل لإنجلترا وبريطانيا] تلقى دوقا ساسكس ضربة موجعة في مقاطعة "ساسكس" أمام الصحافة المتطفلة وجمهرة متجهمة الوجوه من آل وندسور، إضافة إلى النخبة السياسية.

ولقد أشار مسلسل "هاري وميغان" على "نتفليكس" إلى القوى العنصرية التي انفلت عقالها مع عملية "بريكست". وبحسب جيمس هولت الذي شغل حينها منصف المدير التنفيذي في "مؤسسة آرشويل"، أعقب الاستفتاء على "بريكست" تكون عاصفة كاملة أعطت صدقية للتطرف الوطني العدواني".

وقد رغب الثنائي في النأي عن هذا المناخ من العدوانية المكشوفة، حينما انتقلا إلى كاليفورنيا في 2020. وآنذاك، شددت ميغان على أن "الناس يتنبهون لعرقي لأن هناك من جعل ذلك قضية بارزة حينما ذهبت إلى المملكة المتحدة".

وحينها كان التغيير في أميركا يمضي على قدم وساق. وعقب فترة رئاسية عاصفة لترمب، شهد عام 2020 خوض المرشح الديمقراطي جو بايدن وذراعه اليمنى كامالا هاريس، غمار التحدي في السباق إلى البيت الأبيض. وكثيراً ما نالت هاريس مساندة من دوقة ساسكس [ميغان]. وحينما ابتدأت الأمور في التصاعد قبيل "ميغست" [مغادرة ميغان بريطانيا]، نشرت هاريس تغريدة جاء فيها "ميغان، نحن معك". ولم يتأخر دوق ودوقة "ساسكس" في رد الجميل، وظهرا في فيديو خلال حملة الانتخابات الرئاسية لبايدن وهاريس، وحثا الناس على التصويت.

وكثيراً ما أصر الأمير هاري على أن الأميركيين يجب أن "يرفضوا خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والمحتوى السلبي على الإنترنت". وفي تلك الآونة، تحرك قصر باكغنهام بسرعة كي ينأى بنفسه عن الدخول السياسي للثنائي، وأصدر ملاحظة ذكر فيها بأن تصريحات هاري "شخصية".

وثمة دلالة للصمت الذي ران على دوق ودوقة ساسكس أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة للرئاسة الأميركية. ولاحظ المعلق على الـ"بودكاست" الملكي كينزي شوفيلد أن أصدقاء دوقي ساسكس في "مونت سيتو" [ضاحية ثرية في كاليفورنيا]، على غرار أوبرا وينفري وكايتي بيري، ثابروا بجهد على الظهور في حملة هاريس، لكن ميغان بقيت غائبة عن ذلك المشهد على نحو ملحوظ.  

وبعد سنوات من تشويه السمعة والسخرية في بريطانيا وأميركا معاً، ربما أدرك الدوق والدوقة أكثر من معظم الناس، أن هاريس تحتاج إلى أكثر من رياح مواتية كي تنتصر على ترمب. ولا شك أنهما أيضاً كانا يحذران من ضغط ترمب عليهما عبر خطوط جانبية. وفي تصريح شهير، أفاد ترمب "أنا لن أحميه (هاري). لقد خان الملكة، وذلك أمر لا يغتفر. وإذا عاد الأمر لي، فسيكون عليه الاتكال على نفسه".

وفي ملاحظة لترمب عن مسألة حصول هاري على فيزا أميركية، أوضح أن إدارة بايدن "كانت رؤوفة معه رغم ما فعله [أي تهاونت معه]". وفي الشهر الماضي، صدر حكم قضائي لمصلحة دوق ساسكس، وقد أصر القاضي على اعتبار طلب الأمير للفيزا كشأن شخصي، على رغم مما ورد في مذكرات هاري عن تعاطي المخدرات. ولعل ذلك يكفي كي يضمن الأمر بقاءً مديداً في أميركا. وفي المقابل في السياق الأوسع للأمور، فإن السياسة الأميركية قد وجهت ضربة كبيرة لثنائي ساسكس.

كثيراً ما احتفظت الأسرة الحاكمة البريطانية بجاذبية لا تقاوم في نظر "الملكية" الأميركية المنتخبة، وتستهوي ترمب بصورة خاصة، وهو معجب مخلص

وتدق عودة ترمب مسماراً آخر في نعش المشروع التجاري لميغان الذي، لسوء الحظ، يحمل تسمية "أميركان ريفيرا أورشارد" [التسمية تشير إلى "الحلم الأميركي" والبلد المفتوح للجميع]، فيما يطاول شيء من التهديد نمط الحياة الأميركي الذي يروج له الثنائي، والمتميز بالانفتاح الواسع والتنوع الشامل.

ليس من المفاجئ، إلا قليلاً، أن يبدو دوقا ساسكس ميالين لوضع رهاناتهما على أوروبا. وثمة إشاعات عن شراء الثنائي منزلاً على الساحل البرتغالي قرب لشبونة هذا الصيف، مما ينطق عن تجدد رغبتهما في العثور على مكان للنيرفانا الليبرالية التي ينشدانها. وتتحدث تقارير عن أن قيمة الشراء تفوق 4 ملايين دولار (3.08 جنيه استرليني)، وتروج الصحافة أن الصفقة تشكل سبيلاً للحفاظ على العلاقات مع ابنة العم يوجين، من العائلة الملكية، وزوجها جاك بروكسبانك. ويحوز الأخير ملكية في "مليدس" قرب مجمع "كوستا تيرا" الفاخر. بالتالي، قد تضحى الصفقة بديلاً من العودة إلى بريطانيا.

إذا رأينا الأمور من وجهة نظر أميركية يحمل قرار الشراء في البرتغال إمكانية لأن يمثل خياراً أكثر ديمومة. ومنذ الولاية الأولى لترمب في البيت الأبيض، بدت البرتغال ملاذاً آمناً لليبراليين الأميركيين ممن يرغبون في الابتعاد عن أميركا متوترة سياسياً. ومنذ عام 2019، ارتفع عدد المهاجرين الأميركيين في البرتغال بـ239 ضعفاً، مع إشارة كثيرين منهم إلى جاذبية مجتمع أوسع أفقاً حيال العنصرية، وعنف السلاح والانقسامات السياسية السامة. ومع إعادة انتخاب ترمب، بات الرقم مؤهلاً لمزيد من الارتفاع، مع ظهور لشبونة على هيئة تذكر بمشهدية مدينة سان فرانسيسكو، فيما يمتدح ذلك البلد بمشاعره الميالة إلى الثقافة الأنغلوفونية.

وإذاً بالفعل، قد يقرر دوقا ساسكس هاري وميغان أن يفعلا أكثر مما يقتصر على غطس إبهامي قدميهما بمياه الأطلسي على الشاطئ البرتغالي. ومع إقامة محملة بملامح طول المكوث قرب بريطانيا، فقد يحدث ذوبان للجليد بين دوقي ساسكس والبلد الذي أدارا ظهريهما له.

وفي النتيجة الأشياء نسبية كلها. وفي هذه الأيام يدير الحكم في المملكة المتحدة رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر المتزوج من "السيدة الأولى" فيكتوريا التي لديها ضعف تجاه الفساتين الفاخرة؛ ووزير الخارجية ديفيد لامي فلديه سجل حافل بانتقاداته الصريحة لترمب أكثر حتى من عائلة ساسكس.

وينحو المزاج السياسي البريطاني إلى إيقاع أكثر تناغماً مع الأجندة الليبرالية الكوزموبوليتية المعلنة لدوقي ساسكس. وفي الوقت نفسه قد يرغب هاري في الاستزادة من رؤية أبيه العجوز المنهك. وفي المقابل إن شكلت الإطلالات المتزايدة التواتر لدوقي ساسكس بصيص أمل محتملاً (بالنسبة إلى البعض) في مواجهة غمامة عودة ترمب إلى البيت الأبيض، فالحذر واجب.

وستحتاج بريطانيا ستارمر إلى العمل مع أميركا ترمب. ويشمل ذلك [ملفات] الحرب الأوكرانية وأمن حلف شمال الأطلسي، والاتفاق التجاري المتعذر وكأنه سراب. وليست تلك الأمور سوى حفنة من قضايا محورية تتطلب علاقة وثيقة، إن لم تكن علاقة خاصة.

وعلى رغم أن رئيس وزرائنا التكنوقراطي والبلدوزر ترمب هما أبعد ما يكون عن شريكين سياسيين طبيعيين (الأول مدعٍ عام قانوني سابق، والثاني مدان بجنح). ثمة فرصة ذهبية سانحة.

وكثيراً ما احتفظت الأسرة الحاكمة البريطانية بجاذبية لا تقاوم في نظر "الملكية" الأميركية المنتخبة، وتستهوي ترمب بصورة خاصة، وهو معجب مخلص ليس للملكة السابقة وحدها، بل لمجمل جماعة آل وندسور، مع قصورها ومواكبها. وفي المقابل إن جلسة عابرة للأطلسي على كوب شاي، بين الملك والرئيس الأميركي الجديد المنتخب، يجب ألا تختلط بظهور برتغالي مفاجئ لدوقي ساسكس.

 * تيسا دانلوب، مؤلفة كتاب "إليزابيث وفيليب، قصة حب شبابي، وزواج وملكية"، دار "هيدلاين برس"، 2022.

© The Independent

المزيد من متابعات