Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماسك وترمب... "مانهاتن العصر" يثير مخاوف الداخل الأميركي

وزارة "الكفاءة الحكومية" ستقدم المشورة لتقليص الإنفاق الصحي والاجتماعي وشركات الرجل الأغنى أكثر المستفيدين

روج ماسك للوزارة الجديدة بـ"دوج" كاسم مختصر في إشارة إلى العملة المشفرة "دوج كوين"   (حساب ماسك على إكس)

ملخص

يرى المتخصصون أن خطة الإنفاق المرتقبة قد تؤدي إلى إلغاء القيود التنظيمية وتغيير السياسات التي من شأنها أن تؤثر بصورة مباشرة في عالم شركات إيلون ماسك الذي كان يعاني مع الإدارة السابقة ضغوطاً ومشكلات تحد آفاق عمله، وتثبط إنهاء المشاريع في حدود الموازنة وفي الوقت المحدد.

كافح الرئيس دونالد ترمب وفريقه في ولايته السابقة لملء آلاف التعيينات الحكومية اللازمة لإدارة الحكومة الفيدرالية، وبدت المهمة صعبة وبطيئة بعض الشيء مع فشل الإدارة في العثور على أشخاص مناسبين، ويبدو وكأن إضافة الأسماء المطروحة اليوم إلى المعادلة يهدف إلى منع تكرار مثل هذا التباطؤ.

وفي مقطع فيديو نشر على منصة "إكس" بعد يومين من الانتخابات قال ترمب إنه سيعيد إصدار أمر لاستعادة سلطة الرئيس لإزالة البيروقراطيين المارقين، وإنه يريد تطهير الدولة العميقة، إذ يعمل الرئيس المنتخب على تزويد حكومته وطاقم البيت الأبيض بموالين يتمتعون بخبرة جيدة ويدعمون أجندته في شأن الهجرة والسياسة الخارجية وغيرها، وفي هذا السياق كان لإيلون ماسك حصة في خطاب النصر، إذ أمضى ترمب عدة دقائق في الثناء على شركته "سبيس إكس".

نصف ديمقراطي نصف جمهوري

وماسك، الذي أصبح مواطناً أميركياً عام 2002، بقي على الحياد لفترة طويلة، واصفاً نفسه تارة بأنه نصف ديمقراطي ونصف جمهوري، وتارة بأنه معتدل سياسياً وتارة أخرى كمستقل، وفي حين كان قد صوت سابقاً لمصلحة باراك أوباما وهيلاري كلينتون وعلى مضض لجو بايدن، وجميعهم ديمقراطيون، انحاز خلال السنوات الأخيرة خلف الجمهوري دونالد ترمب.

ومنذ تسجيله كجمهوري قبل انتخابات التجديد النصفي عام 2022 أصبح ماسك ينتقد صراحة موقف الحزب الديمقراطي في شأن عدد من القضايا، بما في ذلك الاقتصاد والهجرة غير الشرعية والسيطرة على الأسلحة وحقوق المتحولين، مندداً بعديد من سياساته زاعماً مراراً وتكراراً أن حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور ستكون مهددة مع حكومة ديمقراطية أخرى.

وأيد مسك ترمب رسمياً بعد محاولة اغتيال الأخير بولاية بنسلفانيا في يوليو (تموز) ليصبح أحد أبرز الداعمين والمؤثرين في حملته الانتخابية، إذ تبرع بعدما دعا ترمب عام 2022 لكي "يعلق قبعته ويبحر بعيداً نحو الغروب"، بأكثر من 119 مليون دولار لتمويل لجنة عمل سياسي تهدف إلى إعادة انتخاب ترمب، وأمضى الأسابيع الأخيرة قبل يوم الانتخابات لتشجيع الناخبين على التصويت في الولايات المتأرجحة، التي تضمنت توزيع مليون دولار على الناخبين في تلك الولايات.

إدارة الكفاءة الحكومية

ودفع ماسك باتجاه تخصيص وزارة للكفاءة الحكومية، ومنذ ذلك الحين عمل بلا هوادة على الترويج لها، مؤكداً الاختصار الخاص بالوكالة "دوج" Doge، وهو إشارة إلى اسم العملة المشفرة "دوج كوين" التي روج لها سابقاً، وخلال الحملة الانتخابية تحدث ماسك بصورة متكررة عن رغبته في الحد من الإنفاق الحكومي الفيدرالي.

وباعتبارها جديدة، فإن دور الوزارة لا يزال غير واضح، ولكن في بيان لترمب أعلن فيه تعيين كل من ماسك والمستثمر في مجال التكنولوجيا الحيوية فيفيك راماسوامي لقيادة الإدارة، وصف المسعى بأنه "مشروع مانهاتن هذا العصر" (مشروع بحث وتطوير جرى العمل عليه في أثناء الحرب العالمية الثانية لإنتاج الأسلحة النووية للمرة الأولى). وأضاف أن المكتب سيقدم المشورة والتوجيه من خارج الحكومة، وسيعمل بالشراكة مع البيت الأبيض ومكتب الإدارة والموازنة لدفع الإصلاح الهيكلي واسع النطاق وخلق نهج ريادي للحكومة لم يسبق له مثيل من قبل، مؤكداً أن الأمر المهم هو أن القضاء على الهدر الهائل والاحتيال الموجود في الإنفاق الحكومي السنوي البالغ 6.5 تريليون دولار.

 

ووفقاً لأحد الأبحاث فإن تسعة أعشار الإنفاق الحكومي كل عام يذهب إلى البرامج الفيدرالية، فيذهب ما يقارب ربع الموازنة (1.6 تريليون دولار) إلى برامج التأمين الصحي، ويذهب 21 في المئة (1.4 تريليون دولار) إلى الضمان الاجتماعي، الذي يوفر فوائد وميزات للعمال المتقاعدين، ويتم إنفاق 13 في المئة (820 مليار دولار) من الموازنة على مبادرات الدفاع والعمليات والصيانة والأفراد العسكريين وشراء الأسلحة، بحسب "بزنس إنسايدر".

هل سينجح ماسك؟

يتمتع ماسك بخبرة واسعة في خفض الإنفاق المؤسسي، إذ خفض عدد الموظفين في "إكس" بنسبة 80 في المئة بعد شرائها عام 2022، وهي الخطوة التي قال إنها منعت عجزاً بقيمة 3 مليارات دولار، فضلاً عن التركيز على كلف التصنيع في شركة "تيسلا"، وقد وعد بتقليص رواتب الموظفين الفيدراليين بالطريقة نفسها تقريباً، لكن تعيين ماسك انتقدته منظمة "Public Citizen"، وهي منظمة غير حكومية تتعلق بحقوق المستهلك وكانت تحدت عديد من سياسات ترمب في ولايته الأولى، وقالت رئيسة المنظمة في بيان إن "ماسك لا يعرف شيئاً عن الكفاءة الحكومية والتنظيم فحسب، بل إن أعماله الخاصة تتعارض بانتظام مع القواعد ذاتها التي سيكون في وضع يسمح له بمهاجمتها".

والحقيقة أن ما قد يقف في طريق ماسك هو قانون العمل، أحد أعدائه اللدودين، فـ"تيسلا" تعد شركة صناعة السيارات الوحيدة في الولايات المتحدة التي لا توظف قوة عاملة نقابية، ويريد ماسك أن يظل الأمر على هذا النحو. وعلى النقيض من ذلك، يتمتع موظفو الحكومة الفيدرالية بحماية قوية للعمالة من شأنها أن تعوق نهج ماسك في خفض الكلف، وربما تجعله مستحيلاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب "واشنطن بوست"، فإن "خفض الموازنة بصورة حادة من شأنه أن يتطلب تقليص مجموعة من الخدمات الحكومية، بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية ومساعدات الإسكان، وقد يؤدي إلى تآكل التمويل لعديد من البرامج من الدفاع إلى الضمان الاجتماعي".

"كما أن خفض تريليوني دولار سيكون مستحيلاً تقريباً، ما لم ينتزع ماسك المدخرات في مجالات كانت تعد مقدسة لفترة طويلة في واشنطن، بما في ذلك الإنفاق على البرامج العسكرية وبرامج المزايا مثل الضمان الاجتماعي، في حين اعترف إيلون ماسك الثلاثاء الماضي بأن تعهده بمساعدة ترمب في خفض الإنفاق الفيدرالي قد يؤدي إلى إطلاق العنان لاضطرابات اقتصادية شديدة وقصيرة الأجل".

عالم شركات ماسك

ومن الناحية العملية يقول المتخصصون إن تخفيضات الكلف هذه قد تؤدي إلى إلغاء القيود التنظيمية وتغيير السياسات التي من شأنها أن تؤثر بصورة مباشرة في عالم شركات ماكس ("سبيس إكس"، و"إكس"، و"نيورالينك"، وبخاصة "تيسلا") وحصتها السوقية وكذلك أعماله المفضلة مثل الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، فماسك الذي كان يعاني مع الإدارة السابقة ضغوطاً ومشكلات تحد آفاق عمله، يبدو وكأنه في طريقه للحصول على أقوى دعم حكومي في تاريخه، بعدما انتقد في وقت سابق لصيغة العقود الحكومية، والتي يقول إنها مثبطة لإنهاء المشاريع في حدود الموازنة وفي الوقت المحدد.

ومع وجود حليف وثيق في البيت الأبيض، يمكن لماسك الاستفادة بصورة أكبر من تلك العلاقات الحكومية من خلال ملكيته لشركة "سبيس إكس"، التي انتقلت إلى بناء أقمار اصطناعية للتجسس (spy satellites) وتهيمن بالفعل على أعمال إرسال الأقمار الاصطناعية الحكومية إلى الفضاء، في وقت يبدو فيه البنتاغون ووكالات التجسس الأميركية على استعداد لاستثمار مليارات الدولارات فيها.

المزيد من متابعات