ملخص
يشمل مقترح مصر تصوراً حول اليوم التالي للحرب وفيه دول ضامنة للتنفيذ، هذا كل ما نعرفه عن المسودة التي يعمل عليها الوسطاء بعيداً من الأعين وقد يوافق عليها نتنياهو و"حماس".
بعيداً من الأعين والمؤتمرات الصحافية، تجري مصر حراكاً مكثفاً وراء الكواليس هدفه التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بدعم من جميع الوسطاء الأميركيين والقطريين والأتراك. ويشبه المقترح إلى حد كبير اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.
وبحسب معلومات "اندبندنت عربية" جرى تكليف الوسطاء المصريين من قبل إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، وفريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بالعمل للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس"، بدعم وتدخل مباشر من الوسطاء القطريين والأتراك.
عمل مشترك بين بايدن وترمب
يقول السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إن "الرئيس ترمب يريد تحقيق وقف إطلاق نار في قطاع غزة قبل دخوله إلى البيت الأبيض، ونعمل في هذه الفترة الانتقالية مع إدارة بايدن لإطلاق سراح الرهائن والحصول على وقف إطلاق النار".
وزار غراهام وأعضاء بارزون من إدارة بايدن الشرق الأوسط، والتقوا في السعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسافروا أيضاً إلى إسرائيل واجتمعوا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأوفد فريق إلى تركيا، كل ذلك من أجل الوصول إلى صيغة مقبولة لإنهاء الحرب الطويلة في غزة.
جهود الوسطاء
ومن ضمن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق في غزة، سافر رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى مصر، واجتمع في وزارة الخارجية والاستخبارات التركية مع قادة "حماس"، الذين يزورون القاهرة اليوم السبت من أجل الاطلاع على تفاصيل المقترح.
وأعدت مصر مسودة الاتفاق الجديد الذي يشرف عليه الرئيس بايدن، وما إن أصبح جاهزاً، حتى حمله وفد أمني مصري إلى تل أبيب لمناقشته مع المسؤولين هناك، وإطلاع نتنياهو عليه من أجل تعديله قبل طرحه على "حماس".
وتفيد المعلومات المتوافرة بأن مصر عندما أعدت المقترح أشركت الولايات المتحدة وجميع الوسطاء، من أجل صياغة مسودة مقبولة دولياً، واستنسخت كثيراً من نقاط اتفاق لبنان حتى يصعب على طرفي الحرب رفضها.
خطة اليوم التالي للحرب
يختلف المقترح الجديد كثيراً عما طُرح خلال أشهر الحرب الماضية، إذ تركز هذه المسودة على ترتيبات إدارة قطاع غزة في اليوم التالي لوقف إطلاق النار، وتشمل جوانب أخرى أبرزها التوصل إلى صفقة تبادل أسرى.
وبحسب ما علمته "اندبندنت عربية" عن المقترح، فإنه يبدأ بهدنة مدتها خمسة أيام متواصلة، تجمع خلالها "حماس" معلوماتها عن الرهائن الإسرائيليين الأموات والأحياء، إذ تقول الحركة إنها لا تعرف مصيرهم وعددهم بسبب القصف وتحتاج إلى وقت من أجل ذلك.
وبعد وقف إطلاق النار القصير تنتقل غزة إلى هدنة مدتها 60 يوماً، خلالها يجري تبادل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، وإدخال 200 شاحنة مساعدات إنسانية يومياً إلى القطاع.
إنهاء حكم "حماس" ووجود دولي
في تلك الفترة يُتباحث حول آليات إنهاء حقبة حكم "حماس" لقطاع غزة، ونشر قوات فلسطينية تساعدها بعثة دولية من أجل ضمان إزاحة "حماس" وعودة النظام المدني، وأيضاً دراسة كيفية الانسحاب الإسرائيلي.
وفي شأن اليوم التالي للحرب يقدم المقترح المصري تصوراً جاء فيه أن "السلطة الفلسطينية تشرف على الإدارة المدنية للقطاع، وتساعدها في تلك المهمة بعثة دولية أمنية مكونة من دول عربية وأوروبية وتركيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تشغيل معبر رفح
ويشمل المقترح تصوراً لإعادة تشغيل معبر رفح، وفق آلية تضمن إشراف السلطة الفلسطينية ومتابعة أوروبية لتشغيله، وكل ذلك سيكون ضمن رقابة إسرائيل، ودعمها اللوجيستي والعسكري. وسيكون من حق تل أبيب مراقبة عمل المنفذ من بُعد، وسيكون لها حق الاعتراض على الأسماء سابقاً قبل سفرهم إلى خارج حدود غزة.
وضمن المقترح أيضاً تتعهد "حماس" عدم السيطرة على المعبر، وعدم تنفيذ أية إجراءات أمنية على مسارات حركة القوافل أو الأفراد، وعدم السيطرة العسكرية على أي منفذ وعدم وجود عناصرها في محيط رفح. وخلال فترة الهدنة تتعهد إسرائيل إدخال المساعدات بصورة موسعة ومستمرة، بما يشمل المساعدات الطبية والأجهزة الضرورية وتقديم تسهيلات لعمل منظمات الإغاثة الدولية.
دول ضامنة
ولا يشمل المقترح بنداً يذكر انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، بل يتضمن بقاء القوات في المحاور الثلاثة داخل القطاع خلال فترة التهدئة الموقتة، ولكنه يتضمن إعادة انتشار الجنود في مناطق غير مأهولة بحيث يبقى التمركز في نقاط محددة.
وتطالب مصر وتركيا في المقترح بدول ضامنة للتنفيذ من دون معوقات، إذ ستُشكَّل لجنة برئاسة أميركية وبمشاركة أوروبية وعربية للإشراف على وقف إطلاق النار.
وتتولى واشنطن ضمان عدم حدوث أي اختراق، أما مصر فتتولى الإشراف على طرق تلقي وتوزيع المساعدات الإنسانية داخل القطاع، وإدارة معبر رفح، بينما تقع على عاتق تركيا مهمة مراقبة عمل اللجنة الدولية للأمن ومتابعة دور السلطة الفلسطينية، ولأوروبا مهمة الإشراف على معبر رفح ومراقبة عمل المنظمات الإغاثية.
مرونة في إسرائيل ولدى "حماس"
وأنيطت بنتنياهو مهمة الترويج للمقترح داخل حكومته، بعدما أيده علناً. وقال "قد أوافق على وقف إطلاق النار في غزة وليس إنهاء الحرب، ثمة فرق بين الأمرين، يمكن أن نشعر أن هناك شيئاً ما يحدث، الآن هناك فرصة للتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، ظروف التوصل إلى اتفاق باتت أفضل بقدر كبير".
أما على جانب "حماس" فإن الحركة تبدي مرونة كبيرة بهذا الخصوص، وتروّج إعلامياً لقبولها العرض. وقال عضو المكتب السياسي في الحركة موسى أبو مرزوق، "نزور اليوم القاهرة للقاء المسؤولين المصريين لنقاش ملف غزة، لا أستطيع الحديث عن التفاصيل الآن".
لا خيار سوى القبول
ويرى باحثون سياسيون أن "حماس" ستوافق على المقترح مجبرة أو برضاها، واعتبر الباحث السياسي محمد دياب أن "لا هامش للمناورة، فلا خيار أمام ’حماس‘ سوى القبول بالمقترح المصري، بخاصة بعد ذهاب لبنان إلى اتفاق وقف إطلاق نار وخروج هذه الجبهة من دائرة الإسناد". وأضاف أن "رفض ’حماس‘ المقترح المصري يفقدها دور القاهرة، إحدى أهم العواصم تأثيراً في الشأن الفلسطيني وفي غزة على وجه التحديد، وما قد يجعلها توافق على المسودة هو أن وجه إيران انكشف بأن ملف غزة ليس ضمن أولوياتها".
وأوضح دياب أن "رفض ’حماس‘ يعني خسارة الحركة شمال غزة الذي يشكل الثقل والنواة الصلبة لها، وهذا قد يدفعها إلى الموافقة على المقترح المصري لتجنب مزيد من الخسائر على مستوى بناها العسكرية والتنظيمية". ولفت دياب إلى أن "المقترح الحالي يشكل آخر مقترح يُقدم في ظل إدارة بايدن، ورفض الحركة له يعني أنها قد لا تحصل على أي مقترح بعد ذلك، أو أقل مما هو معروض الآن في أحسن الأحوال مع قدوم إدارة ترمب".