ملخص
قطاع الأغذية البريطانية يطالب ستارمر بإبرام اتفاق مع بروكسل بعد تسجيل خسائر بالمليارات بسبب "بريكست" القيود البيروقراطية المستجدة
يظهر تقرير جديد أن مبيعات الأغذية البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي انخفضت بمقدار الخُمْس تقريباً منذ دخول "بريكست" حيز التنفيذ، في حين يدعو نشطاء السير كير ستارمر إلى تقليص عاجل للروتين الإداري الذي يعوق التصدير.
التقرير الصادر عن "مركز السياسة التجارية الشاملة" Centre for Inclusive Trade Policy (CITP) يبين أن المتطلبات الجديدة في مجال الضوابط المادية والمستندية والضوابط الخاصة ببطاقات الهوية تعقّد تجارة الأغذية بين المملكة المتحدة وأوروبا، ما يؤدي إلى انخفاض بنسبة 16.3 في المئة كل عام في الصادرات الغذائية إلى الاتحاد الأوروبي.
ويكشف التقرير أن الانخفاض يعني أن صادرات الأغذية خسرت في المتوسط ثلاث مليارات جنيه إسترليني (3.81 مليار دولار) في السنوات الثلاث التي تلت نهاية الفترة الانتقالية الخاصة بـ"بريكست".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتبيّن للباحثين معدّي التقرير أن معايير الأغذية البريطانية في معظم المجالات تنخفض مقارنة بمعايير الاتحاد الأوروبي، الذي أدخل معايير أكثر صرامة بما في ذلك، معايير الزرنيخ المتضمنة في أغذية الأطفال والتي لا تتبعها المملكة المتحدة. ويقتصر المجال الوحيد الذي طبقت في شأنه بريطانيا تشريعاً أكثر صرامة من تشريع بروكسل المقابل منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي هو معايير الرفاه الحيواني، وتشمل قوانين أكثر صرامة تتعلق باختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات وحظر تصدير الحيوانات الحية بغرض الذبح.
إميلي ليدغايت، أستاذة القانون البيئي في جامعة ساسكس، التي تستضيف "مركز السياسة التجارية الشاملة"، قالت: "وجدنا اختلافاً كبيراً في تشريعات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في شأن الأغذية الزراعية منذ ’بريكست‘. لا يقتصر الأمر على مجرد تنظيم جديد - ثمة أيضاً اختلافات في طرق وضع هذا التنظيم وإنفاذه. هذا الاختلاف يؤدي إلى زيادة التكاليف وتقليص التجارة مع الاتحاد الأوروبي".
يُذكَر أن السير كير وعد خلال الانتخابات العامة بإبرام اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي تتناول دور البيطريين الرقابي "لمنع تطبيق ضوابط غير ضرورية على الحدود والمساعدة في معالجة تكلفة الأغذية".
وقال رئيس الوزراء إن الخطة جزء من حملة تستهدف "هدم الحواجز غير الضرورية القائمة أمام التجارة" بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لكن في خضم عملية "إعادة ضبط" علاقات المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي الجارية منذ "بريكست"، لم يُحرَز بعد أي تقدم ملموس في شأن اتفاقية كهذه.
وحضّت السيدة ليدغايت رئيس الوزراء على السعي إلى التوصل إلى اتفاقية مفصّلة مع بروكسل، لأن اتفاقاً عاماً "لن يحقق نتائج كثيرة في مجال معالجة الحواجز القائمة". وأضافت أن تكلفة التوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً ستتمثّل على الأرجح في اضطرار بريطانيا إلى التوفيق في شكل أوثق بين معاييرها ومعايير الاتحاد الأوروبي وتعزيز ضوابطها الحدودية.
وقال الناطق باسم الحزب الديمقراطي الليبرالي حول الشأن الأوروبي جيمس ماكليري للـ"اندبندنت": "يقبع المزارعون البريطانيون تحت الحصار في السنوات الأخيرة. كان القطاع الزراعي يواجه تحديات كبيرة حتى قبل الاتفاق الفاشل الذي أبرمه المحافظون مع الاتحاد الأوروبي حول ’بريكست‘. وتفاقمت التحديات بسبب الاتفاقات الرديئة التي [أبرمتها بريطانيا] مع أستراليا ونيوزيلندا".
وأضاف "وتزيد الحكومة العمالية الجديدة الأمور سوءاً من خلال تطبيق إصلاحات غير مدروسة على ضريبة الإرث المفروضة على الأراضي الزراعية واتخاذ قرار بوقف [تمويل القطاع الزراعي] من برنامج المدفوعات الأساسية في وقت أسرع مما يجب".
وأضاف أن إبرام اتفاق براغماتي مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يوفر للقطاع الزراعي دفعة كبيرة، لكنه قال إن تراجع ثقة المزارعين في حكومة السير كير تعني أن على الحكومة "المضي قدماً وتقديم حلول حقيقية".
قبل تطبيق بريكست، وُضِع حوالي 90 في المئة من قانون الأغذية البريطاني في الاتحاد الأوروبي، وهذا، وفق التقرير، "دعم اعتماد المملكة المتحدة على أغذية الاتحاد الأوروبي وسهّل تطوير سلاسل إمداد متكاملة للغاية داخل كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وفيما بينهما".
وضعية بريطانيا المستجدة كـ"دولة خارجية" [ليست جزءاً من الاتحاد الأوروبي] خلق مجموعة جديدة من الحواجز التجارية، زادت إلى حد كبير العبء الذي يواجه المصدّرين إلى أوروبا.
مما لا شك فيه أن التقرير يزيد الضغط على السير كير قبل إجرائه مزيداً من المحادثات مع قادة الاتحاد الأوروبي أوائل العام المقبل وتجديد العمل بـ"اتفاقية التجارة والتعاون" التي تنظّم العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في وقت لاحق من عام 2025.
لكن رئيس الوزراء رسم خطوطاً حمراء صارمة حول العودة إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي أو الاتحاد الأوروبي نفسه.
قالت ليز وبستر، مؤسِسة حملة "إنقاذ الزراعة البريطانية" Save British Farming، للـ"اندبندنت" إن المزارعين البريطانيين "يتوقون إلى التحرر" من الروتين الإداري "الذي يكبّل التجارة بيننا وبين كبرى أسواقنا"، مضيفةً "بريكست رتب على المصدرين والمستوردين خسائر ولم يرتب أي مكاسب".
لكن السيدة وبستر شددت على أن التقرير يظهر صعوبة "التوفيق بين تناقضات بريكست"، فالمفهوم الوهمي للسيادة والاتفاقات التجارية الكبرى لا تتوافق مع قواعد سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة.
وشرحت "من الواضح تماماً أن البديل الأسهل والأكثر شعبية للمفاوضات المعقدة والصعبة حول معايير السلامة الغذائية يستلزم أن يتخلى كير ستارمر عن خطوطه الحمراء في شأن ’بريكست‘ والتي لا تحظى بشعبية وسلوك رحلة العودة إلى السوق الموحدة والاتحاد الجمركي. وأضافت "لقد حان الوقت للاعتراف بأن ’بريكست‘ تجربة فاشلة".
وقال مارك إنغلش، خبير السياسات في "الحركة الأوروبية في المملكة المتحدة" European Movement UK: " واقع ’ما بعد بريكست‘ يعني ضرورة التغلب على تعقيدات هائلة من أجل تحقيق تقدم ضئيل في مقابل المزايا الضخمة التي تترتب على عضوية السوق الموحدة والاتحاد الجمركي".
وأضاف "هذا التقرير المرحب به للغاية يوضح المزايا المحتملة لاتفاقية حول سلامة الأغذية وحدود تلك المزايا مع تسليط الضوء على التنازلات الرئيسة التي يجب النظر فيها خلال التفاوض على اتفاقية كهذه".
وأضافت الرئيسة التنفيذية لـ"لحركة الأوروبية في المملكة المتحدة" إيما ناغز: "زاد ’بريكست‘ من التكاليف، وأدى إلى إجراءات بيروقراطية لم تكن تخطر ببال من قبل، وأضر بالتجارة في شكل خطير".
وأضافت "تحتاج الحكومة إلى التفاوض على اتفاقية جديدة حول الصحة الغذائية مع الاتحاد الأوروبي تقلّل من الحاجة إلى ضوابط صحية وإشراك البيطريين، وتسهل التجارة عبر القنال الإنجليزي، والأهم من ذلك، تقلّل في شكل كبير من كمية الروتين الإداري الذي وقع على كاهل المصدّرين البريطانيين بعد دخول ’بريكست‘ حيز التنفيذ".
من جهته قال متحدث باسم الحكومة: "لقد أوضحنا أن اتفاقية بيطرية أو اتفاقية الصحة الغذائية يمكن أن تعزز التجارة وتحقق فوائد كبيرة لكلا الجانبين. الترتيبات النهائية قيد التفاوض ولكن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لديهما معايير عالية مماثلة".
© The Independent