ملخص
تنحصر مجالات تدخل شرطة المياه في مراقبة استعمال الملك العام المائي والمسطحات المائية الطبيعية والعيون بكل أصنافها ومجاري المياه طبيعية واصطناعية، وضفاف مجاري المياه، والمنشآت المائية المختلفة.
تعيد مواسم الجفاف المتوالية على المغرب، ومنها هذه السنة التي تشهد بدورها شحاً في التساقطات المطرية إلى الواجهة أدوار ونجاعة جهاز يدعى شرطة المياه الذي يضطلع بمهام ترشيد الموارد المائية ومراقبة الممارسات غير القانونية التي تفضي إلى تبذير الماء، لا سيما في خضم معاناة عدد من المناطق من العطش خصوصاً في فصل الصيف.
وفي وقت تحاول شرطة المياه تفعيل وتنزيل المهام المنوطة بها بحسب القوانين المنظمة لهذه المهنة في البلاد، فإن عدداً من الانتقادات توجه إلى هذا الجهاز حتى من مؤسسات رسمية، ومن ذلك ضعف التأثير والنجاعة لأسباب رئيسة منها "قلة الموارد البشرية والوسائل اللوجيستيكية المرصودة لها"، وفق ما ورد أخيراً في تقرير المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة دستورية تعنى بمراقبة ومحاسبة الأجهزة العمومية).
مهام وأدوار
يزاول أعوان شرطة المياه في المغرب مهامهم بشروط وكيفيات حددها مرسوم حكومي يعود إلى عام 2018، وهم يتبعون لوكالات الأحواض المائية التي بدورها تخضع إدارياً لوزارة الماء.
وتفيد المعطيات المتداولة أن عدد أفراد شرطة المياه التابعين لوزارة الماء يتجاوز 184 شرطياً، 95 منهم يرتدون أزياء خاصة بشرطة المياه ويتوفرون على 28 مركبة.
وصارت شرطة المياه في المغرب تضطلع بأدوار حاسمة وضرورية بالنظر إلى أعوام الجفاف المتوالية أخيراً، الشيء الذي أفضى إلى حال معقدة من الإجهاد المائي في غالب مناطق المملكة، مما دفع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى دق ناقوس الخطر في شأنها بأكثر من خطاب.
وأحدثت الدولة شرطة المياه أساساً من أجل صون الثروة المائية العمومية للبلاد، وهو الهدف الذي يتأتى من خلال مراقبة وحسن تدبير الموارد المائية وحسن تسيير واستغلال الملك العمومي المائي.
ووفق القانون المنظم لمهام شرطة المياه يضطلع هذا الجهاز بمهام رئيسة عديدة، أبرزها ضبط مخالفات أحكام القانون 36.15 الخاص بالماء، وهو القانون الذي يرسم حدود تدبير الموارد المائية بغية ضمان حق المغاربة في الحصول على المياه، كما يحدد قواعد الوقاية من الأخطار المرتبطة بها.
ويمكن تلخيص مهام شرطة المياه بالمغرب، وفق المرسوم الحكومي، في الولوج إلى الآبار والأثقاب المائية وأي منشأة أو تجهيزات أخرى لاستعمال واستغلال الملك العمومي المائي، وأخذ عينات الماء وغيرها من المهام.
ويعاقب القانون من يمنع أفراد شرطة المياه من القيام بوظائفهم أو الولوج إلى مكان المخالفة لأي سبب كان، أو من يهدد سلامتهم أو من يرفض مدهم بالمعلومات التي يطلبونها بالغرامة المالية، وقد تصل العقوبة إلى الحبس.
وتنحصر مجالات تدخل شرطة المياه في مراقبة استعمال الملك العام المائي، والمسطحات المائية الطبيعية، والعيون بكل أصنافها، ومجاري المياه طبيعية واصطناعية، وضفاف مجاري المياه، والمنشآت المائية المختلفة.
القانون والتوعية
يورد حفيظ الزروالي مهندس من عناصر شرطة المياه، أن أدوار هذا الجهاز الحيوي تتوزع بين ما هو قانوني صرف حيث يعملون على تطبيق القوانين التي تنظم المهنة ويحررون محاضر المخالفات، وبين ما هو تحسيسي وتوعوي بيئي.
ووفق المتحدث ذاته، فإن الأدوار المنوطة به وزملائه شاسعة جداً تتعلق بالمجال المائي، خصوصاً ما يرتبط بسلامة وجودة هذه المادة الحيوية لحياة الإنسان والحيوان والنبات على السواء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتبعاً للمنتسب إلى شرطة المياه، فإن عملهم اليومي يستند على التكنولوجيات الحديثة التي يوظفونها من أجل جرد وتحديد وتحليل النظم والبيانات المائية في أرض الواقع، بالتجول في عدد من المناطق ومراقبة المسطحات المائية والآبار ومجاري المياه.
وأكمل المتحدث نفسه، أن أفراد شرطة المياه يراقبون من أرض الميدان، ولديهم الحق بقوة القانون في التدخل لضبط المخالفات وتحريرها، لكن من دون توقيف المخالفين، إذ تنحصر مهمتهم في تقديم محاضر المخالفات إلى النيابة العامة (القضاء).
واسترسل المهندس بأن هذا الدور القانوني والوظيفي الصرف ليس هو كل عمل المشتغلين في سلك شرطة المياه، بل هناك أيضاً دور يقوم على التوعية والتحسيس، وهو دور وقائي بالأساس"، شارحاً أن شرطي المياه مدعو لأن يوضح للمواطنين مهامه وأدواره، وأيضاً الأضرار التي تنجم عن تبذير أو استغلال الماء بشرط مفرط، خصوصاً أن البلاد في حاجة إلى كل قطرة ماء في خضم توالي مواسم الجفاف".
عوائق بالجملة
في المقابل أورد الباحث البيئي عمر بنحساني أن شرطة المياه كفكرة وضعت على أرض الواقع حققت بعض النتائج الإيجابية، غير أنها تظل ناقصة وفاقدة للنجاعة المنشودة، ولم تحقق كل الأهداف المرسومة لها.
وأكمل الباحث شارحاً أن هناك مشكلة كبرى تعرقل نجاعة هذا الجهاز تتمثل في نقص فادح بعدد أفراد الشرطة، علاوة على ضعف الوسائل اللوجسيتية التي تتيح لهم القيام بأعمالهم على أكمل وجه".
هذه الانتقادات الموجهة إلى أداء شرطة المياه أكدتها أيضاً تقارير رسمية، آخرها تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي صدر قبل أيام قليلة، ولخصها في قلة الموارد البشرية، مقارنة مع تعدد المناطق وكثرة مجالات التدخل.
ولفت التقرير الرسمي أيضاً إلى أن عدداً من مهام شرطة المياه يتم تكليفها لموظفين إداريين أو تقنيين لديهم انشغالات مهنية قائمة، الشيء الذي يحد من نجاعة الجهاز في إنجاز المعاينات والزيارات الميدانية.
ولم يفت المصدر ذاته الإشارة إلى عائق كبير آخر ينتصب أمام جهاز شرطة المياه، وهو تعقد مأمورية أفرادها عند رغبتهم في الحصول على المعطيات اللازمة لتحرير محاضر المخالفات، خصوصاً في ما يتعلق بالولوج إلى الممتلكات الخاصة، والتحقق من هوية مالكي أو مستغلي المنشآت والتجهيزات موضوع المخالفات.
هذه الانتقادات رد عليها وزير الماء نزار بركة، في جواب له تحت قبة البرلمان بقوله، إن "وزارته توصي بتعزيز الموارد البشرية والمادية لوكالات الأحواض المائية التي يعمل أفراد شرطة المياه تحت مسؤوليتها الإدارية، وبأن دورات تدريبية تتاح لأفراد الشرطة من أجل تعميق المعرفة القانونية وطرق التدخل".